الأبواب المغلقة مابين أبنتي نادين.. و صديقي عبدالله اسماعيل ..!! بقلم / محمد علي محمد
في كل مرة تعود لي أبنتي( نادين) بنكته تحكيها لي ضاحكة ، آخرها قصيرة تقول ( واحد عميان قال لواحد أطرش في زول براقبنا ).
أستحضرت هذه النكتة و أنا أتحدث عبر الأثير مع صديقي الأستاذ (فليب عبد المسيح ) عن تفاصيل بعض الندوات المملة كنا قد حضرناها معا و فليب معروف بسخريته الجارحة لبعض الرؤى و الإفكار .. (حديثه كالسياط عندما ينتقد أحد أو طرح ما) ..فضحكت ثم عدت بذاكرتي إلى ما دار في (الندوة المملة) عن أسباب تراجع المشاركة السياسية ، فأسترجعت النكته مرة أخرى ، ووجدت أنها تفسر إلى حد كبير شكل علاقة معظم( أحزاب قوى الحرية و التغيير) مع الشعب السوداني – التي هي نحن – التي هي أقرب إلى تلك المحاولة من التواصل بين أعمى و أطرش ، و هي محاولة لا تثير إلا الضحك في أفضل الأحوال ، أو الأسى في حالة الإفاقة .
و توضيحا لما أقصد ، فإن احزاب (قحت) أختارت، أو فرض عليها ، أو هذا هو حالها ، حالة العمى ، المتمثلة في عدم رؤية حقيقية الأشياء ، و عدم رؤية الشعب السوداني و احتياجاتها الحقيقية ، سواء كانت هذه الإحتياجات إقتصادية أو سياسية او اجتماعية ، و خلقت مساحة أشبه بالربع الخالي – أي احزاب (قحت ) و الشعب السوداني .
و في المقابل فإن الشعب السوداني من جانبه قد إصيب بحالة من الطرش .. عدم القدرة على سماع صوت أحزاب (قحت) أو التواصل معها ، و هذه الحالة من الطرش يمكن أيضا تصنيفها إلى حالين ، طرش اختياري و أخر عضوي و مرضي ، و الأمر الأكيد أنه ، حتى لو بدأ الشعب السوداني ، هذه الحالة من الصمم الإختياري – او( التطارش) – فإنه بالتأكيد يتحول فيما بعد إلى حالة مرضية عضوية جبرية ، تؤدي بالضرورة إلى إستحالة في التواصل .
حالة العمى التي أصاب أحزاب ( قحت) لا تقف فقط عند تجاهلها لمطالب الشعب السوداني ، و لكنها تتجاوزها إلى عدم القدرة على تحديد المخاطر القادمة ، حتى إذا تمكنت من تحديد هذه المخاطر ، فإنها بالتأكيد لن تكون قادرة على توصيل احساسها بالخطر إلى الشعب السوداني التي ترفض أن تسمع ، و لكنها قادرة على رؤية أن (قحت) لا ترى و لا تريد أن ترى ، فكيف تثق فيمن لا يراها أو لا يريد أن يراها ، حتى لو شاهدت الشفاه تتحرك متحدثة محذرة ، فإن حكمها على من لا يرى بأنه لن يستشعر الخطر القادم ، أو لن يتمكن من أن يواجهه وحده ، سيبدو ما ذكرت من قبل ، و كأنه حالة من السفسطة الفارغة من المضمون ، و قد يكون هذا صحيحا ، لكنه للأسف أقرب ما يكون إلى حالنا الذي هو أيضا يدور في دائرة من الشعور المسيطر بالعدمية ..
جميعنا نمر بأزمة ، شعبا و احزابا ، حكاما و محكومين ، من شكروا و من لم يشكروا حمدوك ، اسلاميين و شيوعيين ، مدنيين و عسكريين ، و الحديث طويلا عن التغيير و شعاراتها ( حرية – سلام – هدالة ) دون السماح بممارستها بالفعل لن يفيد، و لن تفيد دعوات التخوين و الإنتقام لبعضنا البعض ، و إصرار( قحت ) على الإستهانة برغبات الشعب السوداني ، و عن رؤية الإحتياجات الحقيقية لها ، و على الجانب الأخر لن يمكن تجاوز ذلك الخطر و عبور مرحلة الأزمة إلا إذا تخلى الشعب السوداني عن حالة الغياب الإختياري ، و تلك الحالة من الإضراب الصامت ، و فعلت من مشاركتها و حضورها العقلي و ليس (العاطفي ) ، و فرضت اللغة و الإسلوب و الموضوع الذي ينفي عنها تلك الحالة من الطرش الإختياري . لسنا في حاجة إلى مبادرات خارجية لعلاجنا من العمى أو الطرش ، نحن نملك – شعبا و احزابا -و كيانات إمكانية العلاج ، إذا امتلكنا الإرادة لذلك .
باب مغلق :-
الأخ و الصديق العزيز، الأستاذ الكاتب الإديب عبدالله اسماعيل دائم السؤال عن( الإبواب المغلقة ) هاقد فتحناها لحين .. فأنت يا صديقي صاحب نعمة : هي العقل الصافي و القلب السليم …سنعود و عبر عبوابنا المغلقة لنفتتحهها و نبين عمق علاقتي بصديقي ود اسماعيل .
التعليقات مغلقة.