(المشروع الوطني الجامع) … الوطن أولا ! بقلم : إبراهيم عربي

(المشروع الوطني الجامع) نظرة ثاقبة أعتقد جاءت في زمانها ومكانها الصحيحين لإنقاذ الوطن قبل فوات الأوان ، في وقت وصلت فيه البلاد لمرحلة إنسداد الأفق وغياب رؤية للحلول من قبل مكونات الحكومة وحاضنتها السياسية ، ولكن لا أدري هل تراجع رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك رئيسا قوميا للكل ؟ ام لماذا الإنكماش وسياسة دس المحافير مع تحالف قوي نداء البرنامج الوطني الذين جاءوا ليساعدوه؟ لحفظ البلاد من الخيارات الصفرية ، ولماذا تحفظ الرجل ولماذا غاب عن تدشين (المشروع الوطني الجامع) ؟ الذي أطلقه التحالف رسميا أمس السبت 17 إكتوبر 2020 بقاعة الصداقة بالخرطوم .
مع الأسف غاب رئيس الوزراء ، وغاب معه أيضا رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وغاب نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) رغم مباركتهما للمبادرة لشيئ في نفس يعقوب ! ، وبل غابت الحكومة بكاملها (مدنية وعسكرية) وأيضا غابت الحرية والتغيير (قحت) التي فشلت كحاضنة سياسية في تقديم عناصر ذات خبرة وكفاءة لإدارة الدولة ، وتفرقت بذاتها أرض سبأ وظلت تكيل الإتهامات لبعضها بعضا ، وبعضهم ظل متشبثا بكرسي السلطة من فشل لفشل بدون خطة وبلا تخطيط حكومة فاشلة وحاضنة فاشلة ربما تقود البلاد لخيارات صفرية .
مع الأسف لم أجد عذرا مقبولا لرئيس الوزراء ، وقد ظل الدكتور عبد الله حمدوك يذهب إلي الواقواق مشاركا بعض النشطاء حفلات الزواج الخاصة ، فلماذا غاب عن تدشين مشروعا قوميا ينقذ البلاد ويضع حلولا للتحديات الاقتصادية ومعاش الناس التي فشلت فيها حكومته ، مشروع وضع وصفة علاجية لكيفية إدارة الفترة الانتقالية بالبلاد بإستقرار دون إضطرابات ، في ظل حالات الاستقطابات السياسية الحادة بما يحقق ويدعم التحول الديمقراطي المنشود .
ياليت لو كان رئيس الوزراء حضورا ليسمع هتافات النسأء التي إنطلقت بصدق وهن يقاطعن الدكتور التجاني سيسي وهو يتلو مسودة المشروع (الجوع ، الجوع .. قتلنا الجوع) ، مع الأسف تلك حقائق غاب عنها رئيس الوزراء ، لقاء كبير جمع مكونات الشعب السوداني ضاقت بهم القاعة الرئاسية وتؤكد أهمية الحدث ، ومع الأسف الشديد تغيب تلفزيون السودان أيضا دون غيره من القنوات الفضائية المحلية والخارجية والتي شكلت حضورا أنيقا يؤكد مهنيتها ، مع الأسف غاب تلفزيون لقمان والرشيد وفيصل عن قصد وربما بتوجيه يؤكد إزدواجية المعايير ويؤكد بالطبع أنه ماعاد تلفزيونا قوميا يهتم بقضايا وهموم المجتمع .
فالمشروع الوطني الجامع الذي جاء شعارا تواثقت عليه قوي نداء البرنامج الوطني ،  مشروعا وطنيا يحكم الفترة الإنتقالية ، أطلقته قوي تحالف نهضة السودان قبل (تسع) أشهر، وقد ظلت منذ وقتها تمشي بين الجميع للم شمل المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والجميع تحت لواء المشروع الوطني لإيجاد مخرج آمن للبلاد .
وإذ لا يختلف إثنان أن جميع أهل السودان بمختلف آيديلوجياتهم السياسية وتعدد ثقافاتهم وتبايناتهم الإقتصادية والإجتماعية متفقون بأن قضايا الوطن لا مساومة فيها ولا تهاون عليها ، ولكنهم مختلفون حول طرق الوصول إليها ، ولذلك تأتي أهمية المشروع الوطني الجامع ، مشروعا للتوافق علي مبادئ لكيفية حكم السودان ، وليس بالضرورة من يحكم البلاد .
بالطبع لا يدرك أهمية الوطن أكثر من الذين إفتقدوه ، فاسألوا الاخوة الفلسطينيين عن أهمية الوطن ، وأسالوا الأخوة السوريين والليبيين والصوماليين واسالوا اهل اليمن الشقيق وغيرهم واسألوا أهل العراق فاسألوا شاعرهم الكبير كاظم اسماعيل حينما صرخ في قصيدته الوطنية (المضيع وطن) ، قال فيها (المضيَّع ذهب بسوق الذهب يلقاه ، والمفارق محب يمكن سنة وينساه ، بس المضيَّع وطن وين الوطن يلقاه؟) .
نحسب أن هذا المشروع الوطني الجامع سيمضي إلي غاياته مادام علي رأسه الدكتور التجاني سيسي بصفاته المتعددة وكفاءته وألقابه الجمة الإدارية منها والإقتصادية والسياسية والمجتمعية ومن خلفه عدة كفاءات وقيادات وقوي سياسية وطنية ظلت تضع الوطن في حدقات عيونهم ، وبلا شك أن قضايا الوطن لا تقبل التخاذل ، ولذلك لابد من المضي قدما بالمشروع لاجل جمع وحدة الصف الوطني .
وإنه من الفأل الحسن أن كثير من المبادرات تلتقي مع المشروع الوطني الجامع في أهدافه وعلي رأسها مبادرة الشيخ الياقوت التي اعلنت إنها أكملت هيكلها وإنطلاقتها ، ومبادرة أساتذة الجامعات السودانية ، ومبادرة علماء السودان ، ومبادرة حزب الأمة القومي ، فيما طرحت حركات الكفاح المسلح برنامجا وطنيا ومبادرة أيضا لإدارة الفترة الإنتقالية ، تماما كما دعت بعض مكونات تحالف (قحت) ، القوى السياسية لتحكيم العقل وإعلاء القيم الوطنية ونشر التسامي والتسامح بين كافة مكونات الشعب السوداني ونبذ الفرقة والشتات لإخراج البلاد من الأزمات المتعددة .
غير أن مبادرة المشروع الوطني الجامع مشروعا متكاملا لإدارة البلاد يرتكزعلى (4) محاور أساسية (تحقيق السلام الشامل ، العودة إلى دستور 2005 لتجنب المغالطات حول الوثيقة الدستورية ، إقرار الحكم الفيدرالي ، وإنشاء مفوضية الانتخابات) ، وقد توافقت علي المبادرة (33) من القوي السياسية وعلي رأسها مكونات تحالف نضضة السودان، إعلان الخط الثالث ، حزب المؤتمر الشعبي ، حزب العدالة ، مكونات تجمع النواب المستقلين ، الحزب الإتحادي الديمقراطي ، مكونات كتلة المشروع الوطني الشامل ، حزب حركة المستقبل للإصلاح والتنمية وغيرهم .
إذا المطلوب من رئيس الوزراء مراعاة محتويات المشروع الوطني الجامع قبل حل حكومته والتي كشف عن ترتيبات لحلها لفشلها ، غير أن المطلوب من المجلس السيادي التعامل مع هذه المبادرات بالجدية اللازمة والتشاور حولها ودمجها في مبادرة واحدة يسهل التعامل مها للتنفيذ لأجل الخروج ببرنامج  وطني موحد يحفظ البلاد من التمزق والخيارات الصفرية .
عمود الرادار … الاحد 18 إكتوبر 2020 .

التعليقات مغلقة.