جمال عبد العال يكتب. الحرب تدخل عامها الثاني ..

اليوم تدخل الحرب في السودان عامها الثاني وسط أكوام من الدمار والخراب وموجات من النزوح واللجوء، وآلاف الشهداء، وملايين من الذين أحتلت بيوتهم وسلبت ممتلكاتهم. تتمدد رقعة الحرب يوماً بعد يوم بدفع من تدخلات خارجية تمد الدعم السريع بآلات القتل والدمار.
إندلعت الحرب لأن قيادة الجيش سعت للتسلط على الحكم مستفيدة من أسوأ وثيقة دستورية في تاريخ البلاد، إستمر حكم التحالف بين العسكر والدعم السريع وقحت دون أن ينتقل الي أي تدابير إنتقالية تسلم السلطة للشعب بإنتخابات عامة.
تسلمت قحت وزارات ومؤسسات الدولة، وحولت تمكين الإنقاذ الى تمكين أحزابها، وسلم البرهان مراكز ووحدات من الجيش ومناطق إستراتيجية في البلاد الى الدعم السريع، ليبقى رئيسا، أما الدعم السريع فمدد وجوده المسلح وبنى أمبراطورية إقتصادية وعلاقات خارجية مكنته ليكون دولة موازية للدولة القائمة.
هكذا شارك الثلاثي في التمهيد للحرب، ولم تتأخر مجموعات المؤتمر الوطني التي تخطط للعودة للسلطة باي ثمن، ولو كان دمار السودان بأسره.
مع بداية العام الثاني للحرب، ولجمع ما تبقى من شتات السودان المجتمع والدولة، لا بد من وقف الحرب والعودة الى مقتضيات المرحلة الإنتقالية إيقاف الحرب خطوة أولى لوقف إزهاق الأرواح وسفك الدماء، تبتدأ بخروج المليشيات من منازل المواطنين وأعيانهم ومؤسسات الدولة والطرق العامة وإنتشار قوات الشرطة، لحفظ الأمن وإستعادة الحياة الطبيعية.
القوات المسلحة مكون أساسي للمجتمع السوداني، تحمي حدوده وتثبت أمنه عبر جيش مهني واحد وموحد يراعي التعددية ويحصر السلاح فقط في يد القوات المسلحة. ذلك يستدعي دمج كل التشكيلات العسكرية الاخرى بالبلاد ضمن الجيش القومي الواحد المهني او تسريحها. فالإصلاح العسكري والأمني أساسه خروج الجيش من الحكم والسياسة، يليه إصلاح فني مهني تقوم به مؤسسات القوات المسلحة بنفسها.
الخطوة التالية لوقف الحرب هي الإتفاق على تشكيل مؤسسات حكم مدنية من شخصيات وطنية مستقلة تتفق عليها القوي السياسية عدا رموز الموتمر الوطني، تدير البلاد خلال فنرة إنتقالية لا تتجاوز العام ترتب للإنتخابات العامة. يلتزم رئيس المجلس السيادي الحالي والمكون العسكري بذلك والإنسحاب من المشهد السياسي والتركيز على المهام العسكرية فقط.
لا مجال كذلك لإشراك الدعم السريع في اي تشكيلة حكم قادمة بذات مبرر إبعاد الجيش. ستكون القيادة العسكرية موضع التقدير إذا أوفت بالتزاماتها بتسليم السلطة الإنتقالية للمدنيين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.