سياحة في أدب الحكم والسياسة وحدة المسلمين بقلم د . أمين محمود محمد عثمان

ماسة نيوز

بسم الله الرحمن الرحيم
تقترن الوحدة بالقوة ، فانبعاثها مصدر رضاء وعدمه في آن واحد بالنظر الى الأثر في محيط قياس القوة . فلا عجب أن يرى من لا يريد بالاسلام والمسلمين خيرا ؛ لوحدة المسلمين الشر المستطير الواجب وأده ونزعه كلية من عقل أي مسلم ، والسعي لتشجيع سياسة توهين صفهم بالفرقة . ففي التدافع المحتوم ما بين الحق والباطل ستُحاصر دعوات توحيد المسلمين بكل السبل حتى يتم تصويرها كرجس من عمل الشيطان .
وللوحدة حظ من عقيدة التوحيد لدى المسلم الذي يؤمن ان الاسلام ؛ اسلام الحياة لله الواحد الأحد المنزه عن الشريك . فالمسلمون يتوحّدون في الايمان والاسلام والاحسان ، وهي قواعد مهمة للسلوك البشري ، وكلما أُحدثت مفازات في الفكر تجاه هذه المعتقدات ؛ اختلفت وتباينت التصرفات والسلوكيات . لذلك فأن ينبوع الوحدة في الاسلام تكون في وحدانية الله ، فبعمق إيمان الناس ووحدانيتهم لله تتعزز وحدتهم في دروب الحياة . والناس يفتضحون بالنفاق حين يتسابقون على الشقاق .
ستُستغل ثقوب المعرفة بالاسلام في معظم العقول ، وستثار الشبه حول مرامي وغايات وحدة المسلمين ، وستُصوّر على انها محاولة لحشد قوة تُوجه في نهاية الأمر للاضرار بمصالح الغلابة الذين يراد استغلالهم ببعث حمية الدين ! فالمسلمون مُنساقون لتبعيض الدين بنسق تجريدي وتضليلي ، وقليلهم من ينتبه الى ان تعاليم الاسلام موجهة لجميع المسلمين سواء بسواء ، وأن الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق فرض عليهم ، فهو ليس مندوبا ليستسهلوا تحقيقه في حياتهم بالإمادة والتهاون .
المسلمون اليوم يُعلون قيمة الوحدة في أطر ؛ دويلاتهم الوطنية ، وتنظيماتهم السياسية الحزبية ، ومذاهبهم الدينية ، وطوائفهم ، وعشائرهم القبلية ، وجهاتهم الجغرافية بأكثر مما هم مسلمون ! ومن دون إضفاء أية صفة انتمائية ل ( مسلم ) . هم لا يدركون ولا يرغبون أن يتذاكروا أن كلمة مسلم محدد للهوية الجامعة التي يجب أن تفنى بها أية تصانيف آخرى مهما زينت بالمغويات لتبدو أشد قبولا وأكثر ألقاً . لأن المزينات لا تغني عن المحدد الأهم في الهوية ( مسلم ) الذي سمانا به إبراهيم عليه السلام ودعانا سيدنا محمد عليه السلام لتمثله قيما سنية عليا في حياتنا .
عندما ندرك معنى التوحد تحت اننا مسلمون ؛ سنحشد سواعد أكثر من ثلث سكان الكرة الارضية على صعيد واحد ، وسنكون بذلك أشد منعة من أن نضام حين نتفرق سنة وشيعة ، أو لو تحاجزنا في دويلات وطنية شعوبية بلا موالاة كمسلمين . فالتفرق بدعة معصوية ، تدفعنا لما هو أكثر وزرا في الدين ، نتنازع و نتباغض ونتقاتل ؛ وكأننا لم نعي تحذير نبينا في حجة الوداع من أن نعود بعده كفاراً يضرب بعضنا رقاب بعض !
منذ قرون واعداء الاسلام يستخدمون سلاحا واحدا لإذلال المسلمين والسيطرة عليهم ، وهو حرب المسلمين بمسلمين لتفرقهم ، وهم اليوم يقنعون ضعاف الاحلام فينا أن الدعوة للوحدة كمسلمين ملهاة ومستحيلة وبلا قيمة في الحياة العصرية ، فيما هم يلمون شعثهم بأحلافهم العسكرية والاقتصادية . وقادة المسلمين غافلون عن اعظم وظائفهم المتمثلة في جعل المسلمين اعزة وأقوياء بتوحدهم ، ففي أعين القادة غشاوة تعميهم إبصار مَن العدو ؟ فلا يعرفون اهداف عدوهم الذي يعمل لجعلهم مُتّبعين لملتهم و وادّين أن لو يكفرون . فبعد استلابهم الفكري لا يرى غلبتنا الجوانب المظلمة في حضارة الغرب التي جعلت الاهواء المضلة الهاً للناس من دون الله ، اعلامهم يزين القبيح ويزدري بقيم الفضيلة والفطرة السوية ، حتى جعلوا أتيان البهيميات ثقافة معروف بعد استحلال أتيان الذكران شهوة من دون النساء ! ثم هم يتشدقون بحقوق النساء . لا يتحرر المسلمون من عقدة تبجيل قاهرهم وتقليده حتى في وضاعته !
وحدة المسلمين تبدأ بتحسس آثار الفرقة على منعتهم وتقدمهم الحضاري امام الاعداء في كل المجالات ؛ سياسية واقتصادية واجتماعية وامنية ودبلوماسية . فتلك مكامن القوى التي تعصم الاعتداءات ، وتتقي مخاوف التربص المستديم ومحاذيرها وريبها المشككة . وبحوزها ستوجه الاموال لغير اهدارها كما الآن . ليتعزز الاستكفال والتعاون والاستثمارات حتى يصبح المسلمون في توادّهم وتراحمهم كمثلِ الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى . ايها المسلمون تذاكروا أمر وحدتكم في رمضان المبارك . تعبدوا بوحدتكم كمسلمين معتصمين بحبل الله كما أمرتم ، وانتهوا عن الفرقة والشقاق والنفاق

التعليقات مغلقة.