مضمون الشوري والعمل بالتزويير!!بارود صندل رجب/المحامي
ماسة نيوز
لا نستطيع ان نؤكد ان الشوري علي عهد الرسول صلي الله عليه وسلم قد خرجت من النطاق الفردي غير المنظم الي نطاق التنظيم المحكوم بمؤسسة من المؤسسات،،،
ولكن المؤكد ان تجرية الشوري في الدولة الاسلامية وبدلا من ان تعيش وتتطور الهيئة التي تكونت وتتطور بتوسيع قاعدة الشوري ذهبت بذهاب دولة الخلافة ونظامها وفلسفتها في الشوري،، فبانتقال السلطة من دولة الخلافة الراشدة الي بني امية،،تغيرت طبيعة السلطة وشكلها فطبعت بطابع الملكية الوراثية،،واستبدل مضمون الشوري بالجبرية والاستبداد،،،وهذه الجبرية اتخذت صور متعددة في بادئ الامر،،،ظهرت فئة تبرر انتقال السلطة لمعاوية بتزوير الاحاديث ونسبتها الي الرسول صلي الله عليه وسلم،،فنسبوا الي ابن عمر أنه قد روي عن الرسول صلي الله عليه وسلم قوله لمعاوية(يا معاوية أنت مني وانا منك لتزاحمني علي باب الجنة كهاتين وأشار باصبعه الوسطي والتي تليها)،،ومع تقدم الاستبداد وتراجع الشوري سلبت ارادة الامة تماما فلا مكان لاجتماع أهل الشوري كي يدور الحوار وتدرس القضايا وتؤخذ الاراء وهم مجتمعون،،،اصبحت البيعة الاختيارية جبرية،، اما ان تبايع او السيف علي رقبتك،،،
ظلت الشوري غائبة من الواقع وانحصرت الحديث النظري عنها عند بعض الفرق والجماعات زمانا طويلا،،دون ان تتخذ شكلا تنظيميا يجسد الشوري في مؤسسة،،،والي يومنا هذا يري الكثيرون ان تصور الشوري لا يتعدي ان يشاور من أتفق ممن عنده ثم يدبر امره كيف شاء الا ان يستانس بالرأي الآخر وباراء الناس او فئة من الناس،،اما الشوري المنظمة التي تنظمها اجراءات وترسم طريقها اليات معلومة فما زال الناس يختلفون حولها بل يخرجون عليها من دون ان يشعروا انهم نقضوا عروة من عري الاسلام،،،حتي تجربة الاسلامين في هذه البلاد لم تسلم من تزوير ارادة الناس،،،يقدم الرئيس علي حل البرلمان وهو لا يملك الحق في ذلك وفق الدستور المرسوم ولا يحس حتي انه خالف امرا ذا بال،،،بل يتمادي في الاستبداد وتزوير ارادة الناس الي حل تنظيمه السياسي الذي حملته الي السلطة،،سادت ظاهرة التزوير في كل شئي لا احترام للمواثيق والعهود المبرمة طوعا،،تحكمنا عقلية السيطرة والاستبداد،،،ففي سبيل الانتصار للنفس او تحقيق مصلحة نلتف علي النصوص ناولها تاويلات بائسة واضحة الخطأ ونصر عليها،،،نتجاوز الاجراءات التي تنظم ممارسة الشوري ونلتف عليها،،وفي ذات الوقت نتحدث عن الشوري وانها ملزمة وانها ضرورية وانها ركن الاسلام المتين،،الخ
الخلاف حول السلطة امر طبيعي ولكن تكمن المشكلة في طريقة ادارة الخلاف،،ولنا في التاريخ الاسلامي سوابق لو اتبعناها لاستطعنا ان نضع من المؤسسات الشورية التي تحسم اي خلاف دون اللجوء الي الاستبداد وتزوير ارادة الامة،،،عند انتقال الرسول صلي الله عليه وسلم الي الرفيق الاعلي حدث اول خلاف حول السلطة،،،اجتمعت الانصار في سقيفة بني ساعدة كي يتدبروا امرهم والامارة،،زعيمهم سعد بن عبادة حدثهم أن الذين أسلموا بمكة قبل الهجرة وفي بضع عشرة سنة هم نفر قليل كانوا ضعفاء لا يستطيعون الجهر بدينهم،،ومن ثم فان للانصار سابقة في الدين وفضيلة في الاسلام ليست لقبيلة من العرب،،وتحدث عن دور الانصار في نشر الاسلام وتأييد رسوله،،ثم خلص الي الغاية المرجوة فقال(فشدوا أيديكم بهذا الامر فإنكم أحق الناس وأولاهم به)ولقد وافق الأنصار جميعا سعدا علي رأيه بل واختاروه هو للامارة،،وعندما حضر ابو بكر ومعه عمر الي الاجتماع تحدث أبوبكر عن حق المهاجرين الاولين في هذا الامر وتقدمهم فيه علي الانصار دون أن ينكر فضل الأنصار وبلاءهم(فليس بعد المهاجرين الاولين عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وانتم الوزراء لا نفتات دونكم بمشورة ولا تنقضي دونكم الأمور)وتحدث عن إمتياز المهاجرين الاوليين بانهم اول الناس اسلاما وانهم عشيرة رسول الله وأشار الي ضرورة سياسية تجعل وضع الإمارة في قريش عامل توحيد للعرب اكثر مما لو وضعت الإمارة في غير قريش فقال لأننا(نحن أوسط العرب انسابا ليست قبيلة من قبائل العرب الا ولقريش فيها ولادة)وقد ذهبت كتب التاريخ ان الحوار استمر سجالا بين الانصار والمهاجرين،،فاقترح الانصار ان تكون الامارة بالتناوب بين الانصار والمهاجرين،،ولكن ازاء حجة ومنطق ومبررات المهاجرين انصاع الجميع لرايهم،،والعبرة من هذا الخلاف ان الطرفين لم يلجا الي اساليب فاسدة الترهيب والترغيب ولم يلجا الي التزوير،،بل احتكما الي الشوري والي المصلحة العامة بلا تخوين ولا اتهامات،،، لا سوق الناس هكذا اتباعا،،،
لسنا مثلهم فصحابة الرسول صلي الله عليه وسلم قمم سامقة ينحدر منها السيل ولا يرقي اليها الطير،،ولكننا نقتفي اثرهم ونهتدي بهم،،،
الشوري ليست ممارسة فحسب بل لها مؤسسات ومحكومة بقواعد واسس واجراءات لا يجوز تجاوزها تحت اي ذريعة كانت،،ولعل المؤمن او المؤمنون لا يلدغون من جحر مرتين علينا ان نتعظ من نتائج التلاعب بالشوري والاتكاءة علي الاستبداد وما اصاب المؤتمر الوطني ببعيد،،،والسلام
التعليقات مغلقة.