منبر المجتمع المدني الدارفوري: الموضوع : – تحذير من تداعي الاوضاع الأمنية في دارفور لكارثة
ماسة نيوز
التاريخ 9 من جمادي الاولى 3441 هجري / الموافق / 34 ديسمبر 0203 م
السيد رئيس وأعضاء مجلس السيادة الانتقالي السيد رئيس الوزراء الانتقالي السيد حاكم اقليم دارفور السادة ولاة ولايات اقليم دارفور المكلفون السيد النائب العام لجهورية السودان السيد مدير عام الشرطة السيد المدير العام لجهاز الامن والاستخبارات الوطنية السيد رئيس البعثة الاممية للسودان ( اليوناتامس ) السيد رئيس مكتب حقوق الانسان في السودان السيد مفوض المفوضية القومية لحقوق الانسان في السودان السيد مفوض المفوضية القومية للسلام أبناء وبنات السودان ابناء وبنات دارفور
السلام عليكم جميعا .
منبر المجتمع المدني الدافوري – مطلق هذا التحذير – كيان جبهوي نشأ من منظمات المجتمع المدني ، ومنسوبي القوى السياسية ، لمعالجة أزمة السودان في دارفور انطلاقا من بؤس معالجة النظام البائد لأزمة سياسية بتغليب القوة الغاشمة ، ما فاقم الاوضاع بحدوث كارثة انسانية كانت سببا للتدخلات الخارجية في السودان ، ومهادا للانقسامات الاجتماعية بذهاب الألفة بين المكونات على قاعدة الانتماءات
القبلية .
1
استنكف يومئذ النظام البائد من الاستماع للمنبر فأشكل عليه الحل ، وكانت الحرب في دارفور وضمن اسباب أخرى سبباً لانهاك ثم سقوط النظام . وكان الامل ان تستمع حكومة الثورة للمنبر فتستفيد من حهود حل الازمة بفهم تحليلي ، وتنهل من تجربة المنبرالمتراكمة ، معرفةً بجذور وحساسية النزاع ، وتقويماً لجهود المعالجات السابقة ، وتعبيرا أصيلا عن وجهة نظر المكتوي بنار الحرب . إلاّ أن من حادوا بالثورة ؛ لم يغيروا العقلية القديمة تجاه تفهم ومعالجة ازمات اللحكومات السودانية مع الهامش ، فاستمرت معاناة دارفور وصدقت على اهلها أنهم أوذوا من قبل الثورة ومن بعدما أتت الثورة ! فتعمقت لدى المواطنين الايمان بأن الدولة غير قادرة او غير راغبة في توفير الاحتياج الامني الضروري لهم ، وهي غير واعية ومدركة بأهمية وفاء هذا الاحتياج تلافيا للانهيار الامني الشامل في الدولة . فعيون الرائين للوضع في دارفور لا تخطئ رؤية مشاهد التطور المتلاحق للنزاع في الاقليم ، فالنزاع يتدحرج من قبلي الى إثني ، ومن نزاع على موارد الارض الخلاء بين الراعي والمزارع ؛ الى النزاع حول ما في باطن الارض وظاهرها من معادن ، ويتعاظم فيه دور الطرف الثالث في النزاعات لا بتجارة السلاح فقط ؛ ولكن بتجارة المخدرات ، وبمحاصرة دور الحكماء من العلماء ورجالات الادارة الاهلية وتحييدهم ؛ بتغلغل دور المختفين وراء الستار، صناعة للحرب وتحكما منهم عبر الطائشين على مستقبل البلاد من منفذ
دارفور . .
قصد النظام البائد صناعة الفرقة على اساس العرق ما بين مكونات الاقليم ، فكان الأمل أن تسعى حكومة الثورة الى معالجة منازعات المجتمعات السودانية المسلحة بذات الاهتمام الذي حظى به حل النزاع مع حركات الكفاح المسلح . ذلك أن استفحال النزاعات القبلية وعدم معالجتها كانت من الاسباب المباشرة للنزاع المسلح في دارفور عام 2002 م . وتضمنت اتفاقية السلام المعروفة بإتفاقية سلام جوبا ، بنودا كان تطبيقها قمينا بإعادة الألفة الاجتماعية ما بين مكونات دارفور القبلية . ولكن لا شيء يمكن إبصاره في نزع سلاح غالبه في ايدي ق ّصر ينهشهم الجهل المعرفي وغياب العقل بسبب تعاطي مسرف للمخدرات ، ثم فقر يدفعهم لأخذ ما في يد غيرهم بقوة ذلك السلاح الذي تملكوه . فالتفريق ما بين متلازمتي الأمن والسلام للمجتمع ومع الامن للنظام ؛ ستعيدنا بالضرورة الى بروز حركات جديدة ثم حرب جديدة ، فالقاعدة هي ( انه في وضع الحرب يحصل كل طرف في النزاع على أمنه بالقيام بتقويض أمن خصمه ) وفي كل حالات الحروبات الاهلية فإن ( الدولة تصبح بشكل تلقائي متهمة بالانحياز ضد طرف ، او لربما
اتهمت من الاطراف جميعا بالتحيز ) . فإذا أصبحت متهومة سقطت دعواها بالمشروعة . .
بعد الثورة لم يتحقق شيئا من السلام الاجتماعي ، فالاعتداءات استمرت بدليل تسارع حدة ونطاق النزاعات القبلية المسلحة وتكراها لعقم منهج الحل ، فالمشكلة بين قبيلة واخرى قد تتكرر لثلاث مرات خلال السنة الواحدة ، وخلالها لا يتم محاكمة مجرم ضالع في تلك المواجهات المسلحة ما يعنى ان المشتركين ظلوا في مأمن من المساءلة القانونية . وبقيت آثار الانتهاكات الجسيمة ضد ضحايا حرب تمتد لاكثر من عقدين من الزمان بلا معالجة ، فالنازحون واللاجئون ومتضررو الحرب اللائذون بالمدن المختلفة ؛ دون مواساة ودون انصاف ، ولا توجد خطة قريبة او بعيدة لتأمين عودتهم الآمنة الى مناطقهم
التي ه ّجروا منها قسراً . فتلك خطوات كانت ستعين للانتقال لمراحل التصالح والعفو والرضى بالعيش معا
2
هكذا تزرع الحكومة اليأس والقنوط في نفوس ملايين الضحايا من استشراف اوضاع امنية مستقرة وآمنة داخل الاقليم ، ففي كل نزاع قبلي يموت الناس في لمح البصر بالمئات ، وتنهب وتتلف وتحرق الاموال والقرى ، والمجرمون يتباهون بقساوتهم وعدم انسانيتهم ويملؤون الوسائط الاسفيرية بصور ومقاطع الاجهار بانتهاكاتهم وبخطب الكراهية والتحريض على القتل بدوافع عرقية ، وتمضي كل هذه المشاهد بلا مساءلة للناعقين بالفتنة الهوجاء ! فأي مأساة أعظم مما يعيشها الانسان في دارفور ؟ فاستمرار غياب الامن أثر على مستقبل السلام بنظر العديد للسلام المبرم في جوبا وفي الدوحة وابوجا ، بأنها مجرد اتفاقيات غايتها توظيف ومكافأة من حمل السلاح ولا شأن لها بدافعي التضحيات الكبيرة وهم اهل دارفور ، لذلك يدفع عدم تغيير ملموس في أمن وسلامة المواطنين ، وعدم وجود اي تنمية مشهودة في دارفور ؛ الى عزوف الذين لم يلتحقوا بركب السلام عن السلام بحجة أن الاتفاقيات السابقة لم تجلب الخير للمواطنين الذين قدموا التضحيات الكبيرة طوال عقدين من الزمان . والى وصم الاتفاقيات بأنها جزئية
ومختزلة للقضايا .
ومما يخيف اليوم ؛ أن دارفور التي ظلت تدفع وباستمرار فاتورة علاقات السودان مع دول الجوار من امن واستقرار الاقليم ؛ فإنها تساق لدفع فاتورة جديدة ودون تدابير واقية ثمنا لاستقرار دول الجوار . فمنبر المجتمع المدني الدارفوري يبصر وجهة الجيوش المرتزقة التي ستبعد من بعض دول الجوار تلقاء السودان عبر بوابة دارفور ، وذلك في ظل حالة تاريخية من عدم اهتمام جل الحكومات التي تداولت الحكم في السودان لقضية التواجد الاجنبي وتأثيراته على البلاد عبركل المنافذ ؛ شرقا وشمالا وغربا وجنوبا ، فصارت هذه الهجرة المتدفقة على السودان معولا لهدم الامن ، ومنطلقا للاستنزاف الاقتصادي ، وطامسا
للهوية الوطنية السودانية ، وأداة للتراجعات القيمية للشعب السوداني .
ينبه المنبر لخطورة ايقاف السياسة المعلنة لجمع السلاح ، ويع ّدها من مفجرات النزاعات الحالية ، الاطفال يلتحقون بمن يحملون السلاح فيتركون الدراسة وينغمسون في تعاطي المخدرات التي لا شك انه نشاط استخباراتي اجنبي معادي ، اضف الى ذلك العطالة المتفشية والتشجيع على الانحرافات السلوكية وغياب وطغيان النعرات القبلية وعلو صوت من ينعقون بخطب الكراهية والتحريض على الفتنة ، وغياب سلطان الدولة فيما يشبه حدوث الفوضى العارمة . إلا أن المأساة الحقيقية ؛ أنما في غياب دور المصلحين العقلاء العاملين وسط مجتمعاتهم لمنع واحتواء النزاعات القبلية . فقد تم تحييد دور العقلاء من ابناء دارفور منذ عقود عندما صعب عليهم في خضم الحروبات القبلية تحديد من يعتدي ومن يدافع عن نفسه في هذه الفتنة ؟ المتعلمون يقفون إما غير مبالين بما يحدث او هم منغمسون مع اهليهم في النزاعات القبلية بحجة الدفاع عنهم ، ومحصلة هذه المواقف كارثية . وصدق من اسمى تحييد المثقفين
عما يجري في دارفور بتخصية الفحول !
منبر المجتمع المدني الدارفوري يستشعر ويستنهض بهذا التحذير الجهير الجميع ، ايمانا ؛ بأن هذا البلاغ سيترك أثرا مهما غشى الران القلوب ، ومهما تصلبت قساوة ، فسبل ادراك واستشعار مظاهر تردي الاوضاع الامنية وانجرارها نحو الكارثة ب ّينة وجلية ولا تحتاج لاكثر من تمعن كل واحد في نفسه لابصار
الآثار .
3
والهمس الرفيق ، والتعويل بعد الله ؛ إنما على ابناء الاقليم الذين يتولون السلطة في المركز وفي الاقليم ، فطموحاتنا السياسية المشروعة في تشارك السلطة قوميا ، ستعتمد في العملية الديموقراطية على شعب مساند،فلنعيأنتقويضالأمنفيالاقليماستراتيجةهاّدةللجموحالسياسي،وترياقهااستكمالمفهوم السلام ليتضمن السلام الاجتماعي وليعيد الثقة بأن مصالحنا جميعا كابناء وطن مصونة في يد من يتولى
امر بلادنا
الشعب السوداني وحكومة المركز ليسيا في مأمن مما يجرى من انتهاكات في دارفور ، الحروب تصنع اوضاعا مأساوية ، ولا أقوى من التبرير بالمأساة الانسانية للتدخل في شأن الدول لا للحد من المأساة ؛ ولكن خدمة للمصالح الاستعمارية . وكانت تكفينا تجربة التعامل الدولي مع كارثة دارفور في ظل النظام البائد لنتعظ ، وندفع بإرادتنا الوطنية حكومتنا الحالية بعدم التهاون بالنزاعات الاهلية في بلادنا ، علينا التحليل الجيد للاحداث بالتاريخ والجغرافيا والدراسة الاجتماعية الانسانية لنتفهم حساسية نزاع دارفور . نتعلم كيف ان الحرب التي نشبت في العام 2002 م انما تبررت بانهزام الدولة تجاه ظاهرتي النهب المسلح والحروبات القبلية تباعا . وليس بعيدا ان تفضي الاحوال الجارية اليوم في دارفور وفي بقاع اخرى من السودان الى حروبات ستخلف اوضاعا انسانية مأساوية بانتهاكات جسيمة ستجر الى محاكمات دولية ، وستكون منفذا لمصادرة استقلال بلادنا ، ولن يستسلم ضعفاء الحرب لضعفهم بل سيستقوون . .
.
منبر المجتمع المدني الدارفوري لم يرم بهذا التحذير رفع أقصى درجات اليقظة ، إدراكا بأن المحظور قد وقع . ولكنه يرمي الى استنهاض الهمم لفعل ما يوقف الاحتراب وما يوفر الأمان والسلامة لجميع المواطنين في كل المجتمعات القاعدية ، ويحث على مواساة الضحايا ازالة لآثار الحرب وتمهيدا للتصالح والعيش معا في سلام . ويسخر المنبر خبراته وقدراته المعرفية بالنزاعات لصالح إدارة ازمة السودان في
دارفور .
اللهم إنّا قد بلغنا فاشهد
منبر المجتمع المدني الدارفوري
الخرطوم في الثامن من جمادي الاولى 3441 هجري الموافق الثاني عشر من ديسمبر ٢٠٢١
التعليقات مغلقة.