_عقدين من :_ *المفاصلة و المقاومة* _انقسام الحركة الإسلامية/_أحمد الشين الوالي_

ماسة نيوز

بسم الله الرحمن الرحيم

~12 ديسمبر 2021 م~

*في ذكرى 12 ديسمبر*
_دروس و عبر_

بمرور هذا اليوم 12 ديسمبر _ كانون الثاني 2021م نكون قد سلخنا من عمرنا اثنين و عشرين عاما في مقاومة الانحراف ، و تحوير النصوص ، و تغبيش المعاني القرآنية . إن تجربة المفاصلة كانت ابتلاء و امتحانا في الثبات على أصول الدين الحق توحيدا للاعتقاد في الألوهية و الربوبية ، و وفاء بالعهد و الميثاق لا نقض الإيمان بعد توكيدها ، و قد جعلنا الله علينا كفيلا .
بدأ الانحراف مبكرا منذ الوثوب المتحفز اجتهادا إنسانيا بسبب الضرورة الملجيئة ، في يونيو 1989م . كان أولى قرارات حركة الإسلام الشامل في السودان التالية للتغيير فتح الحركة ، و توسيع صفوفها استقبالا لعضوية جديدة في كل المستويات ، القيادية و الوسطى و القاعدية ، لتكون 60% عضوية جديدة ، و ال 40% الأخرى هي العضوية الأصل السابقة للتغيير في 30 يونيو ، و تلك هي الحركة الإسلامية متجددة و متمددة .
كان ذلك التطور مرحلة جديدة في المسير ، و انتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر (جهاد النفس) . لقد تلقت قاعدة الحركة و مستواها الأوسط قرار الانتشار المتجدد برضى و امتنان ، بينما وجد القرار شيئا من الامتعاض و الملاواة في ركن قصي في المستوى الأعلى _ أدى لخسائر جسيمة في صفوف العضوية المنتسبة في صفوف المغتربين في بعض دول الجوار .
كان تجربة الانتقال ، في مطلع التسعينات ، أشبه ببدايات التكوين الأول في يثرب التي انتقلت هي أيضاََ للتسمية بالمدينة [مدينة الرسول] . كان عصر المدينة ، و عهدها ، صبر و مصابرة و مرابطة من جهة ، و مكر و تخزيل من جهة أخرى !
و مدينة الرسول ، مهما عظم شأنها أو كبر خطرها ، كانت نقطة صغيرة في محيطها الأعداء الكثر الألداء . و كان أول المخاطر و ابشعها ، في المدينة ، شهوة السلطة و تنازع السلطان ، و كان ثانيها هشاشة المجتمع المتعدد الولاءات _ الاثنية و القبلية و الدينية . و كان أخطرها و أخبثها مكر اليهود _ بنو قريظة ، بنو النصير ، و بنو قينقاع _ يزكون الفتن الظاهرة و الباطنة ، و ينفثون سموم الحقد و البغضاء لشق صف المؤمنين المتحد [أنصار _ مهاجرين] من جهة ، و من جهة أخرى يدعمون رأس النفاق و كهف المنافقين عبد الله بن أبي ابن سلول : ( *و من الناس من يقوم آمناء بالله و باليوم الآخر و ما هم بمؤمنين * يخادعون الله و الذين آمنوا و ما يخدعون إلا أنفسهم و ما يشعرون*) 2 : 8_9 ، و يعلمون الشرذمة القليلة أسس النفاق : ( *آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار و اكفروا آخره لعلهم يرجعون*) 3 : 72 .
كانت قرارت المفاصلة في 12 ديسمبر _ كانون الثاني 1999 م نكسة ، و ردة دون ردة ، و الردة ليست أمرا مستحيلا . و سماها السلطويون (قرارات الرابع رمضان)! إذن كانت قرارات شهر الجهاد _ رمضان تراجع عن ثوابت الدين في الحرية ، و الشورى ، و العدالة . و خروج على مواثيق نظام الحكم ، و إمرة النظام السياسي _ الجماعة ؛ فكان حل البرلمان المنتخب ، و إلغاء الدستور المستفتى عليه ، بغير حق . و حل الأمانة العامة ، و مصادرة مخرجات المؤتمر العام .
_كانت تلك أول سابقة في التاريخ نسمع فيها هزيمة للمسلمين في شهر رمضان !_
*الحرية*
إن الحرية مناط التكليف منذ نزول الوحي الأخير الخاتم . و مشيئة الله في خلقه أبدا تعني مطلق الحرية ، و حق الناس في اختيار المعتقد : ( *و قل الحق من ربكم ، فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر*) 18 : 29 . والإسلام دين حرية لا جبر فيه و لا عسف : ( *و لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين*) 10 : 99 .
*الشورى*
الشورى اصل الدين مأمور بها منذ لحظات الاستضعاف الأولى و مبتدأ العسف و الجور في بطحاء قريش في مكة الجاهلية . كان المؤمنون القلة المستضعفة في شتات نزوحا و لجؤوا هجرة يحذرون الفتنة في الدين _ بعضهم مع الرسول صبرا في مكة ، و بعضهم في الحبشة فرارا بدينهم ، و بعضهم في يثرب ، و حالهم : ( *و أمرهم شورى بينهم*) 42 : 38 .
كانت الشورى رسالة الله [الراسل] التي حملها لنا الرسول [المرسل] الخاتم بصدق في الابلاغ ، و عزيمة في التطبيق . فالشورى جاءت ملزمة للنبي الرسول ، و للجماعة المسلمة ، و لكل فرد من أفراد الجماعة _ مغمور أو مستضعف ، أو نافذ طاغية عالي مستكبر _ فنص الشورى فيه الزام للمؤمنين كلهم أجمعين . و كل مؤمن مكلف و مأمور بالإسهام في انجاح الشورى بما يفقه و يعقل .
كانت الشورى واجبة الالزام و النفاذ على النبي الرسول الكريم بأمر الله العزيز الحكيم : ( *و شاورهم في الامر*) 3 : 159 .
*الجماعة المؤمنة*
في الإسلام ، الدين الحق ، الجماعة فوق الفرد مهما كان عاليا متمكنا . و الجماعة _ و الأمة _ صاحبة الأمر في الولاية على نفسها _ لا الإمام الحاضر أو إلغائب ، و لا الفقيه العالم المجاهد ، و لا الحاكم العادل أو الظالم ، و لا السلطان الباغي المتغلب .
*العدل*
إن العدل اسم من أسماء الله الحسنى في القرآن الكريم ، و قيمة من قيم الدين يأمر به النص الخالد : ( *إن الله يأمر بالعدل و الإحسان*) 16 : 90 . و العدل يعنى المساواة في المكافأة إن خيراََ فخير و إن شراََ فشر ، و الإحسان أن يقابل الخير بأحسن منه و الشر بأقل منه . و العدالة لفظ يقتضى معنى المساواة . و أمرنا الله بأمره : ( *إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ، و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ، إن الله نعما يعظكم به ، إن الله كان سميعا بصير*) 4 : 58 .
*دستور 1998م*
كان دستور 1998م عملا عبقريا متقدماََ ، و كان إقراره عملاََ غير مسبوق إذ تمت إجازته في البرلمان _ المجلس الوطني المنتخب في 1996م _ ثم عرض لاستفتاء شعبي عام شارك فيه أهل السودان ، و أجازوه . إن دستور 1998م حمل في طياته كثير من الوثائق و المراسيم الدستورية في توزيع السلطة و تداولها ، و توزيع الثروة في عدل بين المستوى الاتحادي و الولائي و المستوى المحلي . و على ذلك بني النظام الاتحادي اللامركزي في هيكلته للحكم الاتحادي ، و الولائي ، و المحلي .
إن العدالة في الحكم تعنى المساواة في توزيع فرص الحكم انتخابا حرا مباشرا في كل المستويات _ من اختيار زعيم القبيلة إلى انتخاب والي الولاية و رئيس الجمهورية . و دستور 1998م اشترط في المرشح لرئاسة الجمهورية [ *أن يكون سودانيا يجيد القراءة و الكتابة*] عاقلا .
*مذكرة العشرة*
في 11 ديسمبر 1998م وزعت مذكرة دفع بها [ *دكتور بهاء الدين حنفي ، دكتور غازي صلاح الدين ، دكتور نافع علي نافع ، دكتور مجذوب الخليفة ، سيد الخطيب ، علي كرتي ، دكتور مطرف صديق ، بروفسور إبراهيم أحمد عمر ، دكتور أحمد علي الإمام ، و الأستاذ حامد تورين*] ، فعرفت بمذكرة العشرة [الأفراد المذكورين] ، و من دونيهم آخرين _ يبحثون لهم عن دور و موقع .
و المعروف و المتداول أن دكتور بهاء الدين حنفي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية كان على خلاف قديم ، منذ السبعينات ، مع دكتور الترابي . و كان سيد الخطيب في هيئة الأعمال الفكرية . و أما دكتور نافع علي نافع و دكتور مطرف صديق فقد أبعدا من جهاز الأمن بسبب تورطهما في جناية محاولة اغتيال حسني مبارك الفاشلة في أديس أبابا 1995م . و كان علي كرتي منسقا عاما للدفاع الشعبي . و كان كل من البروف إبراهيم أحمد عمر و الدكتور أحمد علي الإمام مشبعين بمفاهيم الأحكام السلطانية للماوردي و البغدادي ، و فكرة ولاية التغلب التي جاءت في زمن النكسة الكبرى . و المشهور عن بروفيسور إبراهيم أحمد عمر يرى أن بيعة الجماعة يجب أن تكون بيعة للرئيس ، بينما يرى المناوئون أن في عنق عمر البشير بيعة للحركة الإسلامية ، و مكلف من قبلها و مؤتمن على المهمة التي تولاها . و في التطور السياسي اللاحق لعب الشيخان ، إبراهيم أحمد عمر و احمد علي الإمام ، دور الكاهن الديني في معبد السلطان الطاغية صاحب الشوكة ، فكانت المكافأة أن صار الأول أمينا للمؤتمر الوطني الجديد ، و الثاني ممثلا للشق الديني في القصر الرئاسي مستشاراََ لشؤون التاصيل في دولة الكيان الخاص .
أما الأستاذ حامد تورين _ وزير التربية و التعليم _ فقد كان وجوده نشازا غريبا وسط هذه الثلة التي لا يربطه بها رابط في منطلقاتها ، و هو الوحيد الذي يختلف عنهم في انتمائه لغير جهتهم الجغرافية .
جاءت مذكرة العشرة في مرحلة تحول سياسي من البندقية و العمل العسكري إلى العمل السياسي المدني . كان التدبير يقتضي اخراج مجموعة من العسكر [أمن ، شرطة ، قوات مسلحة] بالاسم من الحزب السياسي _ المؤتمر الوطني ، بقوائم معدة سلفا . كانت المذكرة محاولة لقطع الطريق على الانتقال و التحول من المركزية إلى الفيدرالية .
لم تطرح المذكرة في اجتماع المكتب القيادي ، الاجتماع يناقش تعديلات في النظام الأساسي للمؤتمر الوطني _ السابق لاجتماع الشورى . في اجتماع الشورى _ الذي حضره في الطور الانتقالي نفر جدد حديثي عهد بالشورى _ أدخلت المذكرة عبر عناصر من جهاز الأمن دون المرور بسكرتارية الأمين العام ، و وزعت على الحضور في الاجتماع بقاعة الصداقة . كان الرئيس _ رئيس المؤتمر الوطني حاضرا اجتماع الشورى يلبس الزي العسكري _ يذكر العارفين بالامبراطور الروماني قسطنطين العظيم في زيه الارجواني ، و حوله بعض العسكر ، في مؤتمر نيقيا المسكوني عام 325م الذي انتقل بعقيدة التوحيد من قول المسيح ابن مريم الموحد : (يا بني إسرائيل، ربنا الرب الأحد) إلى فرض عقيدة الثالوث الأقدس [الأب ، الابن ، الروح القدس] .
كان أصحاب مذكرة العشرة على اتفاق بإبعاد الأمين العام أولاَََ ، ثم الرئيس لاحقاََََ ، و سمع من مفرداتهم [الديكتاتور أولاًَ ، ثم التور لاحقاََ] و [الرأس الكبير ، و الرأس الصغير] . كان بعضهم على خلاف مع الأمين العام ، و بعضهم همه السلطة . و فعلا نجحوا في إبعاد الدكتور الترابي _ الأمين العام . كانت مذكرة العشرة مؤامرة أكثر منها رؤية أو احتجاج .
تجاوز الأمين العام _ الشيخ دكتور حسن الترابي _ الانقسام في الشورى بقبوله ما جرى من سحب لصلاحيات الأمين العام و إبعاده من قيادة المكتب القيادي و المجلس القيادي . و بذلك أصبح الرئيس عمر البشير رئيسا للمكتب القيادي و المجلس القيادي .
و يتحدث أنصار مذكرة العشرة عن ضعف الكوادر الذين أتى بهم الشيخ الترابي في أجهزة الحزب القيادية في الأمانة العامة و المكتب القيادي و المجلس القيادي . كانوا في الحقيقة يستهدفون أشخاصاََ فشلوا في استمالتهم لصفهم فحاولوا محاربتهم بوسائل أخرى . و من تلك الكوادر المستهدفة شخصيات واعدة من رجالات الحركة الإسلامية في جنوب السودان . كان الأخ *أوغستينو اريمو* الجنوبي الاستوائي _ امين أمانة الجنوب في الأمانة _ قد علق يوما في اجتماع المكتب القيادي عن سجال و دفاع مستميت من عراب المؤتمر الوطني الجديد عن خطوات الرئيس و مسيره هدى الطغاة ، فتحدث ناغما على الطرح الجديد فقرأ مستشهدا بالآية : ( *إن فرعون علا في* *الأرض . . .*) فغضب نائب الرئيس و طلب من المنصة أن يعتذر أوغستينو ، و أن يسحب من المضابط النص ( *إن فرعون علا في الأرض . . .*) من المضابط . و تدخل جنوبي آخر الأخ *منقو أجاك* معلقا يقول _إنها المرة الأولى التي يسمع فيها مسلما يطالب بسحب نص قرآني من المضابط_ .
*المؤتمر العام _ أكتوبر 1999م*
جاء انعقاد المؤتمر العام للمؤتمر الوطني _ الحزب الحاكم _ في أكتوبر 1999م على أعقاب مذكرة العشرة التي تلت الاستفتاء على الدستور في 1998م . كان المؤتمر العام مؤتمراََ للإصلاح ، و ضبط المسار ، و مقاومة التنازع مواجهة للفشل . كانت عضوية المؤتمر الوطني العام المنعقد في مبنى رئاسة الحزب _ النادي الكاثوليكي السابق ، في شارع إفريقيا قبالة مدخل مطار الخرطوم الدولي _ عشرة آلاف مؤتمر . و برز للمدقق كأنه رد على مذكرة العشرة [1000: 1] و هزيمة للثلة .
قرر المؤتمرون ال [10 ألف] ، في وضوح فوقية الجماعة _ القيادة السياسية _ على سلطة الحكومة ، و إلزامية الشورى لكل المؤسسات الحزبية . و أعاد المؤتمرون الأمين العام للمؤتمر الوطني لسابق وضعه رئيسا للمكتب القيادي و المجلس القيادي و بنفس المسؤوليات . و قرر المؤتمرون اختيار عضوية الشورى القومية بالانتخاب عبر الأجهزة _ لا التعيين الفوقي من المركز ، و أن يتم اختيار 75%من عضوية الشورى القومية من الولايات ، بنسبة عد تكون حسب العدد السكاني للولاية . و بقية نسبة ال 25% من عضوية الشورى القومية تكون من نصيب الأجهزة و الأمانات الحزبية القومية .
و قرر المؤتمر العام في دورة أكتوبر 1999م أن يكون اختيار الولاة انتخاباََ حراََ مباشراََ من جمهور الشعب في الولايات .
*الخروج على المؤسسية و الانقسام*
كان انعقاد المؤتمر العام للحزب الحاكم قد جاء عقب أحداث مهمة خطيرة منها : محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية عام 1995م . و منها نقض اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1995م مع الحركة الشعبية لتحرير السودان _ جناح القائد دكتور رياك مشار . و كان الاستفتاء و إجازة الدستور في 1998م . و منها لقاء الشيخ الترابي و الإمام الصادق _ رحمهما الله _ في جنيفا للاتفاق على الانتقال نحو الحريات و التوالي السياسي .
و تلك الوقائع و الجهد المبذول في حقيقتها أفعال و إرادات متناقضة بعضها يقتضي المسير نحو الانفتاح و العودة لخيار حكم البلاد بالدستور و القانون لا المراسيم و أعراف الطوارئ ، و أخرى متناقضة تنحو و تدعم الهيمنة و حكم البندقية و استدامة القبضة العاضة على السلطة دون مشاركة ، أو شريك ، حتى سمعنا هتاف الأغرار [ *بعد ما لبنت ما بنديها بغاث الطير*] !
كانت تلك هي الأجواء و الملابسات التي حملت الرئيس ، و من حملوه ، للانقلاب بقوة السلطة على حزبهم السياسي عقب انتهاء أعمال المؤتمر العام مباشرة في أكتوبر 1999م . فكانت لحظة تذكر بالعودة إلى الصيحة المجلجلة : [ *السلطة لمن غلب*] _التي نادى بها مروان بن الحكم شيخ بني أمية في القرن الهجري الأول !_
و الانقلاب الرئاسي الفوقي الذي جاء عقب انتهاء المؤتمر العام : حل البرلمان ، و ألغى دستور عام 1999م ، و أعلن الأحكام العرفية [الطوارئ] في البلاد ، و حل الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الحاكم بحجة مواجهة الازدواجية في حكم البلاد المتمثل في الأمين العام للمؤتمر الوطني _ شيخ الحركة الإسلامية الذي ينازع الرئيس السلطة و السلطان!
و بتلك الدعاوى انتقل الرئيس ، و من شايعه ، لفصل الدين عن الدولة : [جبروت] لهم سلطة الدولة و صولجانها ، و [كهنوت] فصلوا لهم هيئة في مقاس هيئة شؤون الأنصار و خلفاء الطريقة الختمية ، مهمتهم مباركة أنشطة الحزب العلماني . و أطلقوا على الفكرة البائسة تسمية الحركة الإسلامية [ *الكيان الخاص _ كخ*] تمييزا لها من الحركة الإسلامية السودانية المشتهرة .
و مضى الكهنوت يسعى في القيام بالمهمة في تفسير جديد لنصوص الدين ، حتى اشاعوا أن ( *الشورى معلمة لا ملزمة*) ، و _أن البيعة التي كانت للدين إن هي إلا بيعة للحاكم المتغلب لا للجماعة التي أتت به حاكما !_
إن قيادة [الحركة الإسلامية _ *الكيان الخاص _ كخ*] اليوم تجهد نفسها للخروج من أزمة الحزب المعرف بالإضافة و نعت *المحلول*. و قادة الكيان الخاص يفضلون الرجوع لوحدة الحركة الإسلام الأم التي بشتنوا حالها ، و ضعضعوا صفوفها ، و لحقوا حدها ، و زجوا في السجون آلاف من شبابها ، و كان القتل نصيب نفر منهم دون وجه حق _ فقط لأنهم قالوا هذا لا يجوز في الدين!
*مؤتمر الحوار الوطني*
بدأت أعمال الحوار الوطني في يناير _ كانون الثاني 2014 /أكتوبر _ تشرين الأول 2016م ، و بدأت جلسات الحوار في أكتوبر 2015م .
كانت أهداف الحوار الوطني تمثلت في : انشأء دولة عادلة و راشدة . التوافق على دستور و تشريعات تكفل الحريات و تحقق العدالة الاجتماعية . قيام انتخابات حرة نزيهة تحت إشراف مفوضية مستقلة .
و ضم المؤتمر العام للحوار الوطني 77 حزبا سياسيا ، و 37 حركة مسلحة موقعة على السلام مع الحكومة ، و 66 شخصية قومية . و المؤتمر العام هو السلطة العليا التي تجيز التوصيات ، و يترأسه رئيس الجمهورية . و اللجنة التنسيقية العليا (7+7) هي تحالف الحكومة و تحالف المعارضة ، و هناك 5 موفقين _ للتوفيق في القضايا الخلافية .
و كان للمؤتمر لجان ست ، تضمنها خطاب رئيس الجمهورية هي : لجنة السلام و الوحدة ، الاقتصاد ، الحريات و الحقوق الأساسية ، الهوية ، العلاقات الخارجية ، و قضايا الحكم .
و قاطعت مؤتمر الحوار الوطني أحزاب اليسار _ ثمانية عشر [18] حزبا على رأسها الحزب الشيوعي السوداني ، بسبب عدم ثقتهم في الحزب الحاكم _ المؤتمر الوطني الذي ينقض العهود و المواثيق و لا يفي بالمعاهدات السابقة مع الأحزاب السياسية .
و لم تشارك الحركات المسلحة في جنوب كردفان و النيل الأزرق ، العدل و المساواة ، و حركة تحرير السودان بشقيها _ مني اركو مناوي و عبد الواحد محمد النور .
و خرج من الحوار ، بعد أن شارك فيه في بدايته ، كل من حزب الأمة القومي ، البعث السوداني ، المؤتمر السوداني ، حركة الإصلاح الآن ، بسبب عدم التزام الحكومة بانفاذ خارطة الطريق .
و قاطع ممثلو المجتمع الدولي الحفل الختامي الخاص بانتهاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني ، بحجة أن الحوار غير شامل و لا يحقق السلام .
كان المؤتمر الشعبي أقوى الفاعلين في الحوار الوطني و تمسك به حتى وفاة الدكتور الترابي المفاجئة في مارس _ اذار 2016م .
كانت خلاصة مخرجات الحوار الوطني الشامل [994] توصية : منها [36] توصية من لجنة السلام و الوحدة قبلت كلها بالاجماع . و [653] توصية من اللجنة الاقتصادية . و [69] توصية من لجنة الهوية أجيزت كلها بالاجماع . و [39] توصية من لجنة العلاقات الخارجية أجيزت كلها _ عدا واحدة تدعو لإنشاء علاقة مع إسرائيل نالت فقط 7% من الأصوات . و [84]
توصية من لجنه الحريات و الحقوق الأساسية فازت بالاجماع عدا [3] منها . و [108] توصية من لجنة قضايا الحكم و انفاذ مخرجات الحوار الوطني أجيزت منها [100] بالاجماع و [8] برأي غالب خضعت للتسوية داخل اللجنة التنسيقية .
و كونت لجنة مصغرة من داخل اللجنة التنسيقية لتسوية الخلاف الذي أثاره ممثلو المؤتمر الوطني في توصيات مهمة و حساسة هي :
١. مراجعة القوانين المتعلقة بالحريات و حقوق الإنسان و التأكد من عدم تعارضها مع الدستور ، و إلغاؤها أو تعديلها حسب الحال .
٢. قومية القوات المسلحة ، قوات الشرطة ، و جهاز الأمن ، و تطوير قوانينها مع استيعاب عادل لأبناء السودان .
٣. يتولى جهاز الأمن و المخابرات جمع المعلومات و تحليلها و تبويبها و تقديمها للأجهزة المختصة .
٤. يتبع جهاز الأمن و المخابرات لرئاسة الجمهورية ، و لا يخضع للمساءلة أمام البرلمان ، و لكن يقدم بيانات و تقارير عبر جلسات استماع أمام اللجان المختصة .
٥. يعين رئيس الجمهورية رئيسا للوزراء ، و يكون مسؤولا أمام رئيس الجمهورية و أمام البرلمان .
٦. الموافقة على أن تتكون حكومة وفاق وطني في مدى ثلاثة شهور من تاريخ إجازة التوصيات في المؤتمر العام للحوار الوطني .
كشفت أعمال و مخرجات الحوار الوطني الشامل أن السودانيين قادرين على الاتفاق و التوافق على حل مشاكلهم . كما أكدت النتائج بالأدلة و البراهين أن حب السلطة و الهيمنة قد تمكن من القيادة المهيمنة على البلاد ، و أن المصلحة الوطنية تأتي متأخرة بعد المصالح الذاتية الضيقة عند القيادات المتنفذة .
*رؤية للمستقبل*
_السودان لا ينقسم_
_الإسلام لا ينحسر_
إن حركة الإسلام في السودان كيان متضخم يغطي مختلف شعاب الحياة من منظور ديني _ دنيوي و أخروى _ طرق صوفية ، و جماعات سلفية ، و أخرى حركية ، و غيرها جماعات متعددة في فضاء الوطن الواسع همها نصرة قيم القرآن و بناء المجتمع السوداني على هدي الدين .
ان وحدة الصف المسلم في أرض الوطن هي رغبة و عاطفة و مطلب أساس لكل الناس . و إنزال تلك الرغبة و الأمل المرجو على أرض الواقع تطبيقا للهدف المشروع لا يكون إلا بتناصر الجماعات المؤتلفة على هدى الدين نصرة للمبادئ ، و تأييدا و دعما و حماية لأرض الوطن ، مهما تعددت الثقافات و تباينت المعتقدات ، و الناس كلهم سواسية في الحقوق و الواجبات في أرض الجدود على هدي الدين الذي لا يظلم فيه أحد من الناس او الجماعات .
كانت مذكرة التفاهم بين المؤتمر الشعبي و الحركة الشعبية لتحرير السودان في عام 2001م أول مهمة قام به المؤتمر الشعبي بعد مفارقته السلطان لمعالجة أزمة الوطن . و هي مهمة وقعها نفر من قيادة الشعبي في الخارج . و أدى التوقيع على المذكرة لردة فعل عنيفة ترتب عليها ملاحقة قيادة الشعبي و قواعده و دوره و صحيفته ، فملئت المعتقلات بالعضوية و صودرت الدور و الممتلكات . و اختفى كثير من الكوادر تحت الأرض ، و استمر الحال حتى أكتوبر 2003م .
ثم جاءت أزمة دار فور ، و استحرار القتل في أهلها ، فكان موقف المؤتمر الشعبي بينا مناديا بالتدخل الأممي لحماية أهل دار فور من الإبادة _ ما دام الطغاة لا يسمعون مناشدة أو رأيا ، فاعقب القرار عسفا و تهجما ، و تنكيلا بعضوية الشعبي .
و جاءت جولة بعد أخرى منافحة و مدافعة ، خلال انتخابات عام 2010م ، اللجؤ إلى خيار آخر مفضلين صندوق الانتخابات على صندوق الذخيرة ، و لكن السلطويون أخذوا صندوق الانتخابات ليكون بجوار صندوق الذخيرة .
~إن تجربة الانتخابات ، في 2010م ، كانت عملية شنيعة و مخجلة في تزوير فاحش ما سمعنا بمثله في الأولين و لا في الآخرين!~ و عقب الانتخابات في 2010م جاء الاستفتاء على تقرير المصير الذي جاء في صلب اتفاق السلام الشامل _ نيفاشا . و انفصل السودان في 2011م لدولتين 🙁 *و لكل أمة أجل*) و : ( *إنا لله و إنا إليه راجعون*) . و أعقب الانفصال عن حروب واسعة و اقتتال شرس في الدولتين!
و في محاولة أخرى ، جادة و جريئة ، لإصلاح الوطن اتجه المؤتمر الشعبي للالتقاء و العمل مع الأحزاب السودانية التي عرفت باسم [قوى الاجماع الوطني] و لكنهم أيضا وصلوا بنا لطريق مسدود في الوصول بما اتفقنا عليه من قضايا مهمة تنفع الناس ، بإنزالها لمستوى التطبيق .
و لا تزال التحديات جسام ، و لانجاح الشعار [ *السودان لا ينقسم و الإسلام لا ينحسر*] ، فإن أول المعاول الاعتراف بالخطأ ، و التوبة الصادقة النصوحة ، و الاستغفار العميق ، و المراجعة المستبصرة . و لا يكون الاعتراف بالخطأ و التوبة و الاستغفار مجرد تمايم و ألفاظ تقال بل عمل جاد مبنى طرق و وسائل غير تقليدية . تؤكد المصداقية و تراقب المسار و تكشف الخونة و ترصد المنافقين .
قال تعالى :
( *و اعتصموا بحبل الله جميعاََ و لا تفرقوا ، و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءََ فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناََ و كنتم على حفرة من النار فانقذكم منها ، كذلك يبين الله لكم أياته لعلكم تهتدون * و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر ، و أولئك هم المفلحون * و لا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ، و أولئك لهم عذاب عظيم*) _صدق الله_ _العظيم ._

التعليقات مغلقة.