النذر والبشائر في مبادرة حمدوك – عرمان للوفاق الوطني من عوار إطار الاختصاص إلي خلل بنية التشكيل: هل تقوي مبادرة حمدوك علي الصمود؟!! د. فتح الرحمن القاضي

ماسة نيوز : الخرطوم

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يمكن الافضاء الي حكم قاطع حيال ما اصطلح علي تسميته ب (مبادرة حمدوك للوفاق الوطني ،أو مبادرة الطريق الي الامام) ما لم تتم الاحاطة بابعادها ومراميها الحقيقية ، ويصبح هذا الموقف محتماً سيما وأن المبادرة المذكورة قد لازمها قدر غير قليل من الغموض والابهام . ومن أجل هذا اثرنا ان نتريث قليلاً حتي تتكشف لنا لصورة الكلية ومن ثم نمضي الي حكم في شأن المبادرة إما لها أو عليها . الاعلان بالامس عن بعض ملامح المبادرة في المؤتمر الصحفي للسيد رئيس مجلس الوزراء، وان لم يفلح في ازالة الغموض والالتباس عن مرامي المبادرة وغاياتها المرجوة ، باستثناء التشكيل المعلن بالطبع ، الا أنه وضعنا في مرحلة تمكننا من اجراء تحليل اولي مصحوباً باحكام نرجو لها الا تكون متعجلة بشان المبادرة من حيث منشاها وغاياتها واطارها الهيكلي وعضويتها المعتمدة مما سيرد تفصيله لاحقاً.
فيما نحيل السادة القراء الي المقالة عظيمة المحتوي التي دفع بها الاستاذ صلاح شعيب للنشر حول الموضوع الذي نحن بصدد معالجته هنا ، وقبيل الشروع في اخضاع المبادرة علي طاولة لتشريح يلزمنا ان نتبين بكل شفافية فيما اذا كان للدكتور ياسر عرمان اي يد في اطلاق مبادرة الوفاق علي هذا النحو الذي جاءت به ام انه لم يكن له فيها يد علي الاطلاق. مبعث الاهتمام بدور محتمل لعرمان في صوغ المبادرة واطلاقها في هذا التوقيت بالذات يعزي الي ان هذه ربما تكون المهمة الاولي ، لا بل العظمي، التي يتقلدها السيد عرمان وهو يحتقب وظيفة المستشار السياسي لحمدوك وبالتالي فسوف يكون عرمان خاضعاً لاختبار صارم علي قدم المساواة مع حمدوك فيما يلي التصدي لاكبر تحد يواجه الفترة الانتقالية لحكومة الثورة الا وهو تحدي الوفاق الوطني وتلمس معالم الطريق الي المستقبل ، وهو تحد خطير اما أن يأخذه حمدوك وستشاره عرمان بحقه ويعبران بالامة السودانية الي الامام، أو يسجل الاثنان فشلاً ذريعاً يضاف الي قائمة الفشل المستشري الذي تشهده الحكومة علي المستوي التنفيذي؟!!.
أولاً: عندما نسمع بأن هنالك مبادرة للوفاق الوطني في طور التشكل فان اول سؤال جوهري يتبادر الي الذهن هو هل الدكتور حمدوك رئيس الوزراء معني حقاً باطلاق هذا النوع من المبادرات أم أن هنالك جهة أخري منااط بها تطوير هذه المبادرات ومن ثم إطلاقها ؟!!. ما يفهمه أي فرد منا ، بالبداهة، أن إطار إختصاص دولة رئيس الوزراء (Mandate) لا ينبغي باي حال أن يتجاوز الاطر التنفيذية الموكلة له من قبل الحاضنة او الحواضن السياسية التي تولت ترشيح حمدوك نفسه وحملته الي سدة رئاسة الوزراء وهذه هي مهامه واختصاصاته التي يخضع بموجبها للمحاسبة لدي الحواضن السياسية للثورة ، فاذا ما حاد عن اطار الاختصاص المعلوم لرئيس الجهاز التنفيذي فيجوز للحواضن السياسية أن تطالب بعزله والاتيان برئيس جديد في محله يحترم اطار الاختصاص ويرعي انفاذ السياسات المعتمدة بواسطة الحواضن السياسية . فإذا ما استشعر رئيس الوزراء او اشتكي من غياب او ضعف السند السياسي لقحت بشكل خاص او الافتقار الي السند الشعبي لحكومته بشكل عام فما عليه سوي ان يطلب من الحواضن السياسية أن تعمل علي تطوير مبادرة للوفاق الوطني والدفع بها الي مجلسي السيادة والوزراء ومجلس شركاء الفترة الانتقالية لاجازتها وتبنيها والعمل علي انفاذها بالتنسيق والتعاون مع شركاء الحكم بما فيهم حركات الكفاح المسلح. أما أن يستقل حمدوك لوحده باطلاق مبادرة مهما كانت غاياتها تتسم بالنبل فان هذا الفعل لا يمكن فهمه الا من باب كونه نوع من الخروج الصارخ علي اطار اختصاص رئيس الوزراء وضرب من التجاوز البائن للحواضن السياسية للقوي الثورية التي انبثق منها مجلس الوزراء ، وبالتالي فان هذا النوع من المبادرات، بفرض توفر حسن النوايا ، لا يمكن أن يفسر الا في خانة التجاهل للحواضن السياسية بكل ما يعنيه من تجمع للسلطات السياسية والتنفيذية وتركيزها مجتمعة في يد دولة رئيس الوزراء وصولاً الي الاستحواذ الكامل علي القرار السياسي التنفيذي ؟!!,
ثانياً: فيما نري اعتذار العديد من الرموز المؤثرة علي المستوي السياسي والجهوي والقبلي لاسباب عديدة فان هذه الانسحابات لا تنبئ بخير بل تعد نذيراً لانهيار الالية المنشئة حديثاً قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به. ويتجلي بوادر الانهيار ونذره في اعتذار حاكم دارفور السيد مني اركو مناوي، والناظر محمد ابراهيم ترك ناظر عموم الهدندوة ، والناظر ابراهيم دقلل ناظر عموم البني عامر، وإذا ما افترضنا ان مناوي يمثل ثقلاً دستورياً وحركياً لا يمكن تجاهله دارفور ، علاوة علي كون الناظران ترك ودقلل يمثلان ثقلاً مناطقياً وقبلياً لا يمكن الاستهانة به فيمكننا أن نتخيل ان المبادرة ولدت مشلولة ولا يمكنها التحليق والطيران لافتقارها الي الجناح الغربي دارفور ، والجناح الشرقي في شرق السودان. وإذا ما اضفنا الي ذلك بيان حزب الامة الذي عبر عنه الاستاذ اابراهيم الامين متهماً فيه حمدوك بتقويض قوي الحرية والتغيير والاستعاضة عنها بحاضنة جديدة، وهذا يعد ثالثة الاثافي، فيمكننا ان نستنتج أن المبادرة تساق الي غرفة العناية المكثفة بعد أن ضربت في مقتل. إذاً فإن ظاهرة الانسحابات المتوالية فوق كونها تؤكد عوار منهجية تشكيل اللجنة التي لم يكلف القائمون عليها انفسهم مؤونة اجراء الاتصالات مع الزعامات الدستورية والسياسية والقبلية من اجل الحصول علي موافقتهم المسبقة لتفادي الاحراج الكبير وتلافي نذر الفشل الذي تعاني منه المبادرة حالياً ، فربما تغري ، فضلا عن ذلك، بمزيد من الانسحاب مما يعرض مهمة الالية باكملها للانهيار.
ثالثاً: في ظل استشراء هذه التعقيدات والتشابكات علي المستوي السياسي والتفيذي كان مأمولاً أن يلعب السيد عرمان بحكم كونه مستشاراً سياسياً لرئيس الوزراء دوراً محورياً في تطوير مبادرة الوفاق ورعايتها وسوقها بالقدر الذي يمكن اللاعبين الاساسين في المشهد الثوري من أداء أدوارهم في تناغم منسق ينتفي معه اي نوع من التضارب والازدواج ويشمل ذلك استصحاب اللاعبين الاساسيين من حواضن سياسية موالية للحكم ومجلسي السيادة والوزراء ومجلس شركاء الفترة الانتقالية فضلاً عن أطياف المعارضة التي تتبني خط التغيير مع كونها لم تتورط في شبهة فساد أو تعمل علي مناهضة الثورة. وفيما لم يتسن الوقت بعد للحكم علي مدي نجاح السيد عرمان او فشله في انجاز هذه المهمة المعقدة فان المؤشرات االمتوفرة بين ايدينا لا تشير بان قطار الوفاق الوطني يسير في طريقه الصحيح، وربما يجنح الي الهاوية اذا لم يتداركه الحادبون بالتقويم وهذا ما يصبو اليه هذا المقال المتواضع ضمن عدة مقالات ناقدة أخذت تتوالي في سياق ردود الافعال علي اعلان مبادرة حمدوك. والحال كذلك فان السيد عرمان مطالب ببذل جهود مضنية لاعادة تموضع مبادرة الوفاق في اطار منصحة صحيحة للانطلاق بحيث يتشاطر قاعدتها شركاء الحكم والمعارضة المذكورين والا حادت المبادرة عن مسارها الصحيح وضلت طريقها في دروب المشهد السوداني شديد التشابك والتعقيد.
رابعاً: معلوم بالضرورة انه لا بد أن يتوفر لاي مبادرة في عالم الفكر او السياسة او الاقتصاد ، ويشمل ذلك مبادرة حمدوك ولا يقتصر عليها وحدها، جملة من الاشراط الموضوعية التي تضمن نجاحها وفي هذا السياق لا بد من توضيح الاطار المرجعي للمبادرة فضلاً عن توضيح الاختصاصات والمهام التي ينبغي للمبادرة ان تتوفر علي انجازها في مدي زمني معلوم . ومن الملاحظ ان المبادرة لم تلق حظها من التوضيح حتي بعد نشر االمؤتمر الصحفي لراعي المبادرة الدكتور حمدوك مما يستلزم اعادة تعريف المبادرة وتبيان اهدافها وتوضيح الفائدة المرجوة منها وذكر الوسائل المعينة علي انفاذها والا اضحتت هذه المبادرة ضرباً من الاحلام والاماني العذبة لا يمكن تحقيقها في ظل عوامل التعارض القائم في البلاد …وما أكثرها.
خامساً: عدم وضوح الرؤية حول ماهية مبادرة الوفاق الوطني أدي بالضرورة الي بروز عوار بائن في تشكيلها بحيث لم يقتصر العوار علي حصر منصة اطلاق المبادرة في دولة رئيس الوزراء مع تجاهل بقية شركاء الانتقال وانما امتد الخلل والعوار الي حجم لجنة الوفاق وطريقة تشكيلها حيث جاء التشكيل قاصراً ومترهلا في ذات الوقت . اعلان تشكيلة لجنة الوفاق او بالاحري مجلس الوفاق بهذه االكيفية كشف بجلاء اختلال المعايير التي تم التاسيس عليها لانتقاء اعضاء اللجنة. لقد دلت التجارب العديدة علي تكوين لجنة خبراء او مجموعة عمل (Task Force) لا تتجاوز العشر اشخاص من مختلف التخصصات لكي تعني بوضع خطة عمل منسقة مع تحديد اطار اختصاص اللجنة فضلاً عن وضع المعايير التي يتم بموجبها اصطفاء رئيس ونائب رئيس اللجنة وتسمية اللجان الفرعية مع تحديد عدد الاعضاء ومواصفاتهم ورسم الهيكل التنظيمي وطريقة اتخاذ القرارات ومن ثم تضمين ذلك كله في لائحة شاملة يحتكم اليه في تنظيم أنشطة اللجنة وتسيير اعمالها . بيد أن ذلك لم يحدث حيث جاء الاعلان هكذا عن لجنة الوفاق عبر مؤتمر صحفي سيئ الاعداد وكانما دولة رئيس الوزراء في عجلة من امره يسابق سيل المبادرات التي باتت تنهال (وتنسل) الي العلن من كل حدب وصوب والكل يدفع بمبادرة للوفاق مما يعكس حجم الازمة التي يشهدها واقعنا السياسي.
سادساً: ما عدا استثناءات قليلة يكاد يغلب علي التشكيلة المعلنة للجنة الوفاق ما يمكن ان يجري تصنيفه في مصلحة اتجاهات معلومة لا داعي لتسميتها ، والحال كذلك فان هذا يعدد خلللا كبيرا يكاد يجهض مولود اللجنة قبل اوان ولادته. أما إذا أخذنا في الاعتبار تصريحات السيد رئيس اللجنة التي أعلن فيها عدم استصحاب (الاسلاميين) فإن هذا التصريح يحكم بالفناء علي اعمال اللجنة قبل مباشرة مهمتها وينزع عنها الغرض الاساسي لتكوينها الا وهو تحقيق الوفاق الوطني ، اللهم الا اذا كان الغرض الاساسي من انشاء اللجنة هو إدارة ما يعرف (بحوار الطرشان) أو إجراء حوار مع مجموعات يفترض انها متالفة في الاساس (Like Minded Group) وموحدة خلف الحاضنة السياسية التي اصطلح علي تسميتها بقوي الحرية والتغيير. وإذا ما كان أنصار هذا الائتلاف وداعموه ما يزالون يعتقدون انهم متماسكون وموحدون ومكتفون ذاتياً وقادرون علي مواجهة التحديات الجسيمة االتي تواجه الامة السودانية خلال فترة الانتقال ولا حاجة لهم للانفتاح والحوار مع القوي التي لم توقع علي ميثاق قوي الحرية والتغيير فما الداعي لاقامة حوار وطني ، وطالما كانوا واثقين ان في مقدورهم العبور في غياب الاخرين فلم لا يجربوا المضي في هذا الطريق الذي ثبت انسداده ولنري الام يوصل ؟!!. وياتري لم يتعجل رئيس اللجنة في اصدار الاحكام التي تقضي باعتماد أقوام وعزل آخرين قبل التئام شمل اللجنة … هل يصدر الرئيس عن رايه الخاص أم يعبر عن ارادة جمعية لاعضاء لم يتسن لهم الجلوس اصلاً للتفاكر حول منهجية العمل ، وإذا كان هذا هو نهج رئيسها الذي يعتمده في إطلاق الاحكام فهل يكتب لآلية كهذه ان تحقق النجاح المرجو ؟؟!!.
سابعاً: لم يفت علي فطنة الكثيرين اشتمال تكوين الالية علي تناقض جوهري اذ سعت المبادرة الي تحشيد اصحاب مناسب دستورية رفيعة في مجلسي السيادة الوزراء ووضعتهم تحت امرة شخصيات حزبية وهذا لا يستقيم لا منطقياً ولا بروتوكولياً ، ولعل هذا أحد أسباب عزوف مناوي عن المشاركة والله أعلم ، وفي هذا ربما يجد موقفه هذا تعاطفاً من قبل الكثيرين من مختلف ارجاء السودان وليس مواطني دارفور الكبري وحسب؟!!. اشتمال اللجنة علي تناقض كهذا ربما يستدعي اعادة النظر في تشكيلة الالية بحيث يتم استبعاد الدستوريين في هذه المرحلة علي ان يجري استدعاؤهم في مراحل لاحقة اذا ما استدعي الامر هذا من جانب ثم ان احتشاد اللجنة بالوزراء والدستوريين لن يتاتي معه دعوتهم للانعقاد في ظل انشغال مفترض بتسيير اعباء الحكم والنهوض بمسئولياتهم الجمة علي مختلف الصعد والاتجاهات.
ثامناً:مهما كانت المالات المترتبة علي المبادرة فيحمد لواضعيها اختيار الاستاذ طه عثمان المحامي وهو من الشخصيات المفتاحية التي تعمل في صمت لصناعة التغيير في سودان الثورة. غير أن القائمة خلت من رموز بارزة حادبة علي الثورة كان ينبغي اصحابها لضمان نجاح مشروع الوفاق الوطني من أمثال اسماعيل التاج ، معاوية شداد الحاج حمد ، يوسف الطيب، نزار عبد القادر، محمد فول ، طارق الهد، ابوبكر همداي، أسامة مرتضي، عبد الهادي عبد الجبار ، عبد الباقي محمد اسماعيل ومن سواهم مما يحسن تداركة في ترميم عضوية اللجنة.
تاسعاً: إذا ما أمعنا النظر بشكل عام في تشكيل الالية التي احتوت علي نحو ستون عضواً أو يزيد فسوف نكتشف العديد من المفارقات الكبري التي نوجزها فيما يلي:
ضعف تمثيل النساء حيث لا تتعدي نسبة مشاركتهن 5% وهو خطا شنيع ما كان ينبغي لحمدوك او عرمان الوقوع ففيه ذلك أن مواثيق ثورة ديسمبر وادبياتها نصت في اكثر من موقع علي تخصيص نسبة مقدرة للنساء في الشان العام بحيث لا تقل عن نسبة ال 50% . اعتماد هذه النسبة االمقدرة للمراة لا تعد هبة ولا من’ يمتن بها الناس علي جمهرة االنساء لا سيما مع الادواار المشهودة التي لعبتها جموع الكنداكات في تفجير الثورة واكسابها االزخم المطاوب حتي تحقق االتغيير المنشود. هذا من جهة ويلاحظ ان القدر الضئيل من النساء الذي تم اختياره قد تخطي اسماء بارزة جديرة بالاستصحاب من امثال نوال خضر، نجوي عبد اللطيف، سامية محمد الحسن، نوال مصطفي، ايمان محمد توم ومن سواهن من النساء.
غياب تمثيل لجان المقاومة من جمهرة الشباب ذلك ان التمثيل يغلب عليه فئات عمرية كبيرة نسبياً مما يجهض فلسفة الثورة التي تعني باعلاء دور الشباب وتشجيع الاجيال الجديدة لكي تتولي حكم السودان وصزغ مستقبله مما يستلزم افساح المجال لقطاع الشباب وتشجيعه وتدريبه لكي يكون اهلا لتولي المسئولية حاضراً ومستقبلاً عوضاً عن كتم انفاس الشباب وتثبيطهم وتضييق المجال امامهم عن تولي مسئولية القيادة في سن عمرية مبكرة.
يلاحظ غياب تمثيل اسر الشهداء وابائهم وامهاتهم في الالية وهذا يعتبر اجحافاً في حق الشهداء والمصابين وعدم تقدير للتضحيات التي قدموها من اجل السودان ، وهذا ما جعل التغيير الذي يتفيأ الكثيرون ظلاله وينعمون بثماره من أعضاء قوي الحرية والتغيير والمتسنمين لمناصب الحكم الان ميسوراً وممكناً ، والحال كذلك ففلا بد من اسناد أدوار اكثر تاثيرا لذوي الشهداء. وما قيل في حق ذوي الشهداء ينسحب علي اسر المفقودين والمصابين الذين بترت اطرافهم من طلاب جامعة الخرطوم ومن سواهم من االمصابين . ونحن اذ نستحضر واقع هؤلاء المصابين نالم لحالة التجاهل والانكار التي تعتري القائمين علي امر الحكم وفو كان الامر عائد لنا لرفعناهم في مكان عل اعترافاً بالجميل ولأحسنا تمثيلهم في مؤسسات الثورة تمثيلاً يليق بالتضحيات التي قدموها لاجل الوطن والمواطنين .
اشتملت التشكيلة علي العديد من الرموز ، ولكن هل يستقيم أن تتجاهل المبادرة المجاهدات التي بذلها رموز بارزون في عهد الانقاذ لمجرد انتمائهم للتيار الاسلامي ؟؟ ويجدر بنا أن نذكر هنا أسماء من أمثال حسن مكي، غازي صلاح الدين، التيجاني عبد القادر،محمد محجوب هرون، أحمد كمال الدين، عبد الوهاب الافندي، المحبوب عبد السلام ،أحمد آدم سالم،عثمان الزبير، صديق محمد عثمان، فتح العليم عبد الحي، عبد الله عبد الصمد ، غاندي معتصم،لؤي المستشار، طارق محجوب، أسامة توفيق، امجد عبد العال وغيرهم كثر مع كونهم لم ييترددوا لحظة في الوقوف في وجه نظام الانقاذ في اوج صلفه وعنفوانه. ؟!!.
رغم اشتمال التشكيلة علي العديد من رموز الطرق الصوفية وزعماء التصوف الا انها خلت بالمقابل من رموز لا يمكن تجاهلهم علي الاطلاق ونحن ننشد وفاق مجتمعيا يستهدف توحيد كلمة اهل السودان .وعلي سبيل المثال فقد خلت التشكيلة من اسماء السادة عثمان الكباشي، المعتصم العجيمي، محمد علي سيف الدين ابو العزائم، الشيخ الفاتح البرعي، مولانا الشيخ الطيب الجد، خالد الشريف ومن سواهم من المشايخ وأئمة السلفية من أنصار السنة المحمدية وجماعة الاخوان المسلمين الذين لن يسعفنا المجال لذكرهم في هذا الحيز.
إذا ما طوفنا ببصرنا في القائمة المعلن عنها في التشكيلة المعلنة فسوف نكتشف غياب او ضعف تمثيل الطوائف المسيحية فاين يا تري العنصر القبطي والنوبي من الاعراب وقد شهدنا بام اعيننا شباب الاقباط في ساحة الاعتصام وهم يحتضنون الثوار ويقدمون لهم الماكل والمشرب ويحتفون بالتغيير الثوري الذي كان لهم سهم مقدر في انجازه ، والحال هكذا الا يتحق هؤلاء نوعا من الاعتراف والوجود المقدر سيما وان الثورة تطمح الي صياغة واقع جديد للتعايش الديني والسلام الاجتماعي في البلاد ؟؟!!.
عاشراً: قضية تجسيد الوفاق الوطني في واقع سودان المستقبل ظلت تؤرق العديد من المفكرين السودانيين من امثال البروفسور التيجاني عبد القادر حامد الذي دعا مراراً في مقالاته المتميزة الي مناهضة ظاهرة الاستقطاب المدمر بين قوي اليمن واليسار في السودان وقد شايعه في ذلك كثيرون مما يدعونا لاطلاق مشروع للتعايش الديني وتعزيز السلام.
حادي عشر: جرياً علي ذات النهج فقد ظلت قضية مناهضة الكراهية من أكبر الشواغل التي تؤرقنا في المجموعة السودانية للدفاع عن حقوق الانسان (SUDANESE HUMAN RIGHTS DEFENDERS). وقد حملنا علي عاتقنا لواء الدفاع عن هذه القضية علي المستوي الفردي والجماعي في مختلف المحافل الاقليمية والدولية لا سيما اروقة المجلس الدولي لحقوق الانسان بجنيف. وفي هذا السياق لا يفوتني التنويه الي اللقاءات العديدة التي عقدها افراد المجموعة مع الناشط المعروف الدكتور ياسر عرمان حيث ادرنا حوارا مكثفا حول اهمية تجاوز المقابلات المدمرة في الساحة الفكرية والسياسية في السودان. كما ان محادثاتنا مع الاستاذ عرمان امنت علي اهمية تكوين مجموعات عمل مشتركة تتالف من مختلف الوان الطيف السياسي والفكري من أجل استنفار مراكز البحوث والدراسات واستنهاض الاحزاب والتيارات الفكرية والجماعات لمحاربة ظاهرة كراهية الاخر او ما يعرف بالزينوفوبيا (XENOPHOBIA) والاشكال المعاصرة للرق والسخرة في بلادنا مما يفضي الي بناء سودان الحرية والعزة والكرامة. ورغم أن الظروف لم تسعفنا لاستكمال هذا الجهد الطيب مع الاستاذ عرمان الا انه يلزمني التنوية بالورقة جيدة الاعداد التي توفر علي انجازها الخبير الدولي الدكتور طارق كردي ، والناشط المعروف عبد الباقي جبريل، والاستاذة مواهب محمد أحمد الحاج وشخصي الضعيف حيث تعالج الورقة قضايا التمييز وكراهية الاخر في السودان ، وهي الورقة التي نضعها بكل سرور علي منضدة السيد حمدوك وعرمان باعتبار كونها تمثل مساهمة متواضعة لارساء الوفاق الوطني وتعزيز الكرامة الانسانية وفق نهج مؤسس علي الحقوق (HUMAN RIGHTS ORIENTED APPROACH) .
ثاني عشر: ونحن اذ ندفع بهذا التحليل الذي يستهدف تقويم أمر الية الوفاق الوطني ووضعها في المسار الصحيح من خلال هذا النقدةالبناء (CRITICAL ANALYSIS) فاننا لا نستهدف التقليل من شان الشخصيات والرموز الذين وقع عليهم الاختياار ولا الاقلال من شان المبادرة وانما قصدنا استكمال النقص الذي اعتري التمثيل منبهين الي اوجه الخلل والقصور الذي واكب اعلان تشكيل الية الوفاق الوطني. كما اننا استهدفنا ، فوق ذلك، الارتقاء بالية الوفاق الوطني من مجرد اليه مرتبطة بشخص الدكتور حمدوك الي الية وطنية يتشاطر مسئولية تاسيسها وخدمتها اهل السودان اجمعين بحيث لا يترك احدهم في الخلف (NO ONE LEFT BEHIND) الا من أبي او ارتكب جرماً بائناً في حق الوطن والمواطنين . وفي هذا يسرني أن أعلن نيابة عن المجموعة السودانية للدفاع عن حقوق الانسان ان المجموعة تضع نفسها في خدمة المبادرة داعية الي اعادة صياغة االمبادرة وهيكلتها واعادة تسميتها وفق المقترحات المذكورة لكي تصبح (المبادرة القومية للوفاق : استشراف المستقبل) ، ونامل ان تتاح الفرصة للالتقاء بالسادة حمدوك وعرمان من أجل التعاون والتنسيق لانفاذ المبادرة في واقع السودان.

الخرطوم في 17 أغسطس 2021 م

Dr. Fath Elrahman Elgadi
Chairperson, Sudanese Human Rights Defenders

TEL: +249912219666
E – Mail: elgadi100@gmail.com

التعليقات مغلقة.