*رؤية:*# أسامة ميرغني الحسين

ماسة نيوز : الخرطوم

بناء الدولة يكون بالإرادة الوطنية المجردة _ المعيار الوحيد هو مصلحة الوطن والمواطن _ ولابد للطليعة الحاكمة من أن تتجرد من حظوظ النفس، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة _ القاسم المشترك بين الحقب السياسية المختلفة منذ الجلاء إلى الآن هو دائماً هنالك حلقة مفقودة في في الممارسة السياسية، فالخطاب السياسي غير موحد حتى في فترات الحقب الثورية، وكمثال في فترة الإنقاذ ؛ لو أنك استمعت لقيادي في المؤتمر الوطني المنحل تتكون لديك فكرة لكنها سرعان ما تتغير حين تستمع لرأي من قيادي آخر في نفس التوقيت ونفس التوقيت!، وكذلك الحال على مستوى القطاعات، ففي قطاع واحد كالإقتصادي مثلاً، تجد خطابات وزرائه غير متجانسة، وعلى مستوى عالٍ من التضارب.
وتشير دلالات الواقع الأليم إلى أن هنالك قوة متحكمة في صناعة القرار واتخاذه فى السودان… قوة مخضرمة وفي كل العهود “ماكلنها تركية ومهدية”.
وكانت من سمات عهد الرئيس المخلوع عمر البشير؛ تلك الخطابات السياسية غير الموحدة، والتي دائما ما تجيئ دون التحديات، وكذلك لا يختلف الحال بينه وسلفه السيد الصادق المهدي، وأيضاً فترة النميري… هنالك دوماً مراكز قوة متعددة، ومنابر لا تمثل أهل السودان …
الذي نريد الإشارة إليه هو *من يحكم في السودان؟!!* ..
وحتى لا تخوننا الذاكرة نستشهد بقوة الدفع الثورية المعجزة التي كانت في ثورة ديسمبر المجيدة، لكن الذي يحدث على الأرض ليس له أي صلة بتلك الثورة العظيمة.. فالرئيس المخلوع يحاكم بقضية حيازة عملة أجنبية!، وهو المسؤول الأول عن فساد مؤسسات الدولة لمدة ٣٠ عاماً؛ من إنهيار اقتصادي، وتعليم غير مجد، حتى أن محصلة أصحاب التخصصات لم تعد تلبي سوق العمل لا داخل البلاد و لا خارجها! ، وهل هنالك في عموم إفريقيا قضية مثلت خطراً على الأمن القومي الإفريقي أكبر من انفصال جنوب السودان ؟!..
وعندما كانت تجري محاكمة مدبري انقلاب ١٩٨٩م المنقولة على التلفزيون القومي؛ كان ذات التلفزيون يمجد انقلاب ١٩٧١م وانقلاب ٢٨ رمضان !، ولكن يبدو أن الفرق بين الإنقلابات يكمن في نجاحها أو فشلها !.
تنحى قاضيان عن محكمة انقلاب ١٩٨٩م لأن القانون روح وليس نصوصاً جامدة منقطعة عن الواقع… في كرة القدم لابد من كابتن للفريق يمثله، وإن أراد مخاطبة الحكم أثناء المباراة؛ عليه أن يعقل يديه خلف ظهره، حتى لا يصنع موقفاً يؤثر على قيم الفكر الجمعي في الاستاد، فكيف لقاضٍ أن ينظر في قضية انقلاب على نظام دستوري، وأجهزة الحكومة الإعلامية الرسمية تمجد في نفس الوقت انقلابيي ١٩٧١م و ٢٨ رمضان!.
وللأسف فإن لدى كابنت القيادة العليا في الحكومة قناعة بأن العمل التنفيذي لمجلس الوزراء لا يشبه ثورة ديسمبر المجيدة، بمعنى أن الشاشة الإعلامية الرسمية لا تمثل روح الثورة ولا تمثل الساحة الاجتماعية ولا الرياضية، وللأسف من كانوا في سجون النظام البائد بجنح جنائية، وتهم الاحتيال والدجل والشعوذة، هاهم يحاولون بناء تاريخ جديد لهم بإدارة أندية لها قاعدة شعبية مقدرة !، وذات المشهد قبل ثورة التغيير سنه بعض رجال المال لبناء تاريخ جديد وإعادة إنتاج شخصيات انتهازية مصنوعة إما لحزب سياسي أو لرجال النصب والاحتيال و الشعوذة.
إن الصفة الجامعة في خطابات د.حمدوك منذ أغسطس ٢٠١٩م إلى الآن؛ أن ما يقوله لا يمكن أن يكون برنامج عمل أو يلبي طموحات المواطن، على الرغم من أن ما جاء بحمدوك هو إرادة الشارع الثوري.
وجه د.حمدوك للشعب وعلى غير المعتاد أربعة خطابات خلال أقل من سبعة أسابيع، وخلصت لتكوين مجلس لا يختلف عن المجلس الذي أعلن عنه رئيس مجلس السيادة، والاختلاف هو أن الأخير الذي يتبع د. حمدوك ضم أعضاء من المؤتمر الوطني المنحل!.
ومن المخاطر الكبيرة على المرحلة الانتقالية الهشة؛ أنه وبعد مرور عامين على تعيينه وزير وزراء، جاء حمدوك ليعلن عن مبادرة !، رجل يحكم عامين بحكومة تغيير ثورية يتحدث الآن عن مبادرة _ فقط لربط الموضوعات؛ كان المخلوع عندما تزداد الأزمات السياسية في البلاد ؛ كان يلجأ لتكتيكات تشغل الرأي العام لمدة وجيزة ثم يصطدم المواطن بحقائق مريرة.
وتبدأ عمليات تبديلات وتعيينات وزارية جديدة، لكن لا القادم يعرف لماذا ومن الذي أتى به ، ولا المغادر يعرف من الذي صنع قرار مغادرته!، وفقط بطل الرواية هو الثابت وغيره متغير، والأدهى عندما تستمع لأحد المسؤولين، تجد نفسك في حيرة وتساؤل؛ بأي معيار يتم تعيين هؤلاء؟!.
نسب للسيد ياسر عرمان أنه صاحب براءة اختراع الحدوتة الأخيرة بتكوين مجلس تحت لافتة لا تعبر من تطلعات المواطنين…
ولتنشيط الذاكرة السياسية نذكر بأن السيد ياسر عرمان كان من قبل مرشح الحركة الشعبية لمنصب رئيس الجمهورية ضد المخلوع عمر البشير، وقبل بداية الاقتراع سحبت الحركة الشعبية ياسر عرمان من ميدان سباق الرئاسة ضد البشير، على الرغم من أن الحركة الشعبية كانت تحكم كل الجنوب ونصف الشمال، وهذا يشير ببساطة إلا أن السيد ياسر بعيد من تهمة براءة اختراع مبادرة حمدوك، ليس من باب أن حمدوك أعلن عنها قبل تعيين عرمان مستشاراً سياسياً؛ ولكن لأن هذا الفعل لا يشبه الرجل.
المؤكد هو أن آخر كرت رمى به السيد حمدوك هو المبادرة التي لن تغير الواقع القاسي؛ لكن تسارع الأحداث الإقليمية والعالمية هي ما سيخبرنا *بأن الحفلة واطاطا أصبحت*.

معاً لبناء السودان الجديد.

١٧ أغسطس ٢٠٢١م

التعليقات مغلقة.