الانفلات القانوني!! بارود صندل رجب المحامي
تغشي البلاد هذه الايام موجة عارمة من الانفلاتات بكل انواعها واشكالها،،الانفلات الامني،،انفلات اسعار السلع،انفلات الدولار،انفلات الكورونا، انفلات التوافق،انفلات القانون ،،،،،وهلمو جرا،،،،
ونتناول بيت القصيد اليوم الانفلات القانوني ونحسبها اشدا خطرا في ذهاب ريح البلادوجعلها اثرا من بعد عين وتفرقا من بعد الوحدة ،،،وهذا الانفلات القانوني يتناقض مع الضلع الثالث من شعار الثورة،،العدالة،،ولا عدالة الا بحسن تطبيق القانون واحترام سيادته والمساواة امامه ،مع كفالة الحق في التقاضي،،،والانفلات الحاصل سببه السلطة نفسها،،،المنوطة بها تطبيق القانون في الدولة،،،،ومظاهر هذا الانفلات كثيرة ومتعددة يصعب حصرها في مساحة هذا المقال،،،،ونحاول الاشارة اليها وايراد امثلة حاضرة،،،،
خاطبت لجنة التفكيك ولاة الولايات امرة بتنفيذ قرارها القاضي باتخاذ اجراءات جنائية بواسطة النيابة وذلك في مواجهة كافة رموز المؤتمر الوطني المحلول وكوادره النشطة،،،واستجاب الولاة فورا،،،مخاطبين بدورهم المدراء التنفيذين بالمحليات ووكلاء النيابة بالمحليات ومدراء الشرطة بالمحليات،،،بوضع امر لجنة الازالة موضع التنفيذ فورا بالقبض علي عناصر المؤتمر الوطني،،.سارعت هذه الجهات بالقبض علي الاشخاص المعنيين،،،،وسبق ان اوضحنا ان قانون الاجراءات الجنائية حدد علي سبيل الحصر الجهات التي تملك سلطة القبض في الشرطة والنيابة والقضاء،،،وان الجهات الاعتبارية والاشخاص العاديين يجوز لهم القبض في جرائم محددة،،،مع التسليم الفوري للمقبوض عليه للجهات المذكورة،،،
الاوامر الصادرة من لجنة التفكيك استندت لعدد من القوانين والنصوص،،،المواد(13-14)من قانون ازالة التمكين،،،،والمواد(35-36-37)من قانون مكافحة الارهاب وغسل الاموال،،،والمواد(50-51)من القانون الجنائي،،،هذا فقد اضاف والي الخرطوم حمل بعير فهي ولاية كبيرة لا بد ان تتميز!! قانون مكافحة جرائم المعلوماتية،،،ما كنه هذه المواد،،،،المادة(13)عرفت افعال الفساد الواردة في قانون الازالةعلي انها الرشوة،،،امتناع الموظف العام عن الافصاح عن امواله،،،حوالي احد عشر فقرة،،،اما المادة(14)فتتحدث عن الجرائم والعقوبات،،،الجرائم التي ترتكب في حق عمل لجنة الازالة،،،مثل ان يعتدي او يضايق او يهدد او يسئ لاي من اعضاء لجنة التفكيك،،،او اعاقة عملهم او معارضته،،،او يرتكب اي فعل من افعال الفساد الواردة في المادة(13)من ذات القانون،،،،المواد’35-36-37)من قانون مكافحة الارهاب وغسل الاموال تعرف جرائم غسل الاموال وتموييل الارهاب والشروع والاتفاق الجنائي والاشتراك والتحريض،،،وواضح ان هذه النصوص لا تخول لا لجنة ازالة التمكين،،ولا لاي والي او مدير تنفيذي او مدير شرطةان يقبض،،،وان لجنة التفكيك لا تستطيع حتي تحريك اجراءات جنائية الا في الجرائم الواردة علي سبيل الحصر في المادة السابعة من قانونها،،،ويتم التحريك بطلب او عريضة للنيابة والتي تتولي فتح البلاغ بعد الاستيثاق من البينات ومن ثم تصدر امر القبض،،،اما قانون مكافحة الارهاب فلديه الياته الخاصة في انفاذه،،،،هنالك اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب و غسل الاموال،،،برئاسة وكيل وزارة العدل،،،اما ما يجري من القبض فالوصف الذي يناسبه هو الانفلات القانوني او البلطجة القانونية،،اي امر بالقبض يجب ان يكون مكتوبا،،،ويتضمن سبب القبض وبيان التهمة الموجهة ويوقع عليه ويختمه وكيل النيابة او القاضي!!فهل الاوامر التي صدرت والكشوفات المرفقة بالاشخاص المطلوب القبض عليهم تمت وفق ما يامره القانون؟من يراقب ويحاسب الذين يتجاوزون القانون بلطجة؟؟
اماالمادتين(50-51)تقويض النظام الدستوري،،،واثارة الحرب ضد الدولة،،فهي ذات المواد التي كان النظام البائد يستغلها في التنكيل بمعارضيه،،،وعناصر هاتين المادتين يتطلب تعريض استقلال البلاد ووحدتها للخطر،،،واثارة الحرب ضد الدولة،بجمع الافراد وتدريبهم وجمع السلاح والعتاد،،او جمع الجند وتجهيزهم لغزو دولة اجنبية او تخريب او تعطيل اي اسلحة او مون او مهمات او سفن اوطائرات،،الخ بقصد الاضرار بمركز البلاد الحربي،،،،ان تحققت كل او بعض هذه العناصر فان نيابة امن الدولة هي المختصة بتحريك الاجراءات،،
ونحن بين مصدق ومكذب لهذه الاجراءات التي لا تمت الي القانون بصلة بل تجانب العدالة،،،جاءت الطامة الي تفلق المرارة وترفع الضغط والسكري والكورونا،،،وتذهب ببقية من سيادة حكم القانون في البلاد،،،اعلان حالة الطواري في عدد من الولايات بواسطة الولاة،،من اين لهم بهذه السلطة،،،من الوثيقة الدستورية!!!ام من قانون تنظيم الحكم اللامركزي لسنة 2020!!المادة(’40)من الوثيقة نصت علي الاتي(عند وقوع اي خطر طارئ او كارثة طبيعية او اوبئة،يهدد وحدة البلاد او اي جزء منها او سلامتها او اقتصادها يجوز لمجلس السيادة بطلب من مجلس الوزراء اعلان حالة الطوارئ في البلاد او اي جزء منها وفقا لهذه الوثيقة الدستورية والقانون)النص واضح لا يحتاج الي درس عصر،،الجهة الوحيدة التي تملك سلطة اعلان الطواري هو مجلس السيادة وبناء علي طلب مسبب من مجلس الوزراء وليس حتي من رئيس الوزراء،،اما قانون تنظيم الحكم اللامركزي فلم يرد فيه ما يشير الي سلطة الوالي بخصوص اعلان الطوارئ في الولاية،،،،،اذن هذه الاعلانات عن حالات الطوارئ في بعض الولايات مجرد انفلالات قانونيةو بلطجة،،،الاسوا من هذا طناش السلطات العليا،مجلس السيادة والوزراء،،ووزارة العدل،،اين الوزير الهمام المستشار القانوني للحكومة و الذي من فرط نجاحهه وحسن تدبيره لسيادة القانون لم يشمله التعديل،،،،
بقليل من الاستشارة القانونية انه يجوز للوالي ان يصدر امرا يحظر او يقيد او ينظم بموجبه اي اجتماع او تجمهر او موكب في الطرق او الاماكن العامة مما يحتمل ان يؤدي الي الاخلال بالسلام العام،،،كما يجوز لضابط الشرطة المسئول ولوكيل النيابة ان يصدر امرا مؤقتا باغلاق المقاهي والاماكن العامة الاخري التي يرتادها الجمهور هكذا في قانون الاجراءات الجنائية،،،الامر اهون من ان تعلن حالة الطوارئ،،،كما يجوز للسلطة المختصة بموجب امر تصدره ان تحظر التجول في اي مكان في الولاية،،،،يجب كبح هذه التجاوزات اي كان مصدرها،،،يجب اخضاع الولاة والوزراء وكبار المسئولين لدورة تدريبية قصيرة قبل توليهم المناصب يقدم فيها خبراء القانون والادارة محاضرات عن سلطات وصلاحيات المسؤولين وكيفية اتخاذ القرار وادارة الحوار والمناقشات مع المرؤوسين وتقبل النصح والنقد،،وغيرها من اصول الحكم،،،،فمن غير المعقول ان يصبح الشخص واليا وهو لم يراس في حياته غير اهل بيته،،،،حتي ان بعضهم هو فرد،،كلالة،،،،فمهما اوتي الشخص من علم وفهم فهو في حاجة الي قدر من التجربة العملية فان لم تتوفر فلا بد من جرعة تدريبية،،قبل الجلوس علي الكرسي،لادارة ولاية في حجم دولة،،،معظم المشاكل الحاصلة في الولايات مردها سوء الادارة،،ان لم يكن الوالي وبطانته هم المتسببين فيها،،
ظللنا نصرخ بضرورة سيادة حكم القانون حتي بح صوتنا،،،وفقدنا الامل في المجموعة الحاكمة فهم ليسوا باحسن حالا من النظام البائد،،ذات العقلية شبرا بشبر وذراعا بذراع،،،والفرق ان هؤلاء يتلذذون بصراخ الشعب كل الشعب وليس خصومهم فقط،،،تعلق املنا بحركات الكفاح المسلح بعد ان تابعنا تصريحاتهم فور قدومهم البلاد،،،،ذلك بالرغم من خفوت صوتهم هذه الايام ،،،وظننا انهم سيلتفتون الي ما ندعوا اليه من العدالة وسيادة حكم القانون بعد ان تستقر اوضاعهم في الحكم،،،ونحمد للسياسي البارع صاحب القدم الراسخ في اهوال السياسة السيد ياسر عرمان،،،وهو يصدع بالحق،،،طالبا الوفاق والحوار الوطني،،،ومحذرا من اعادة انتاج تجربة النظام البائد بحذافيرها،،،منددا بتجاوز القانون،،،ليس مهما ان يعتقل رموز النظام السابق باي عدد مليون،،مليونان،،،ولكن الاهم ان يتم ذلك باجراءات ووسائل قانونية سليمة وفق الوثيقة الدستورية والقوانيين السارية،،،ليس حبا فيهم ولكن الا ننفضح امام العالم باننا اقصر اقامة من الثورة المجيدة التي جلبت لنا احترام وتقدير العالم،،،تصرفاتكم لا تشبه قيم الثورة،،التسامح،،،والبعد عن التشفي،،،والانتقام،،،ونشدان تعافي المجتمع،،،وتجاوز السفاسف،،
التعليقات مغلقة.