زفرات حرى. الطيب مصطفى. رحم الله فارس السيف والقلم المجاهد جعفر بانقا

 

ورحل في هدوء المجاهد الشهيد جعفر بانقا فجر الجمعة آخذا معه اكبادنا التي اوجعها ومزقها فقده الاليم.
رحل عن دنيانا ونحن في امس الحاجة الى قلمه المسدْد المُسعد لاولياء الله ودعاته المُرعب لأعدائه المحاربين لدينه وشريعته .. رحل ونحن لما نرتوي بعد من وجوده بيننا مؤازرا ومساندا ومصبرا ونافرا ومستنفرا ومطمئنا ، فواحر قلباه.
لعل الله عاذري إن جزعت فعلى امثال جعفر فلتبك البواكي وتثكل الثكالى ، ولكن هل نملك عند حلول مصيبة الموت غير التسليم بقضاء الله وقدره والرضا بحكمه ، سائلينه لحبيبنا جعفر الرحمة والرضوان في جنات النعيم وراجينه ان يبدلنا ويعوضنا خيرا ، فهو العليم بما خفي علينا واللطيف بعباده ومخرج الخير العميم من بين براثن ما يراه علمنا القليل شرا وبيلا؟
ارجو ان تتمعنوا ايها المفجوعون برحيله ، في كلمات بيعة الموت التي القاها جعفر بانقا امام مجاهدي الميل اربعين في الاستوائية في مارس1997 لتعلموا شيئا قليلا مما تميز به جعفر وانطوت عليه روحه الأبية:
*اقسم بالله العظيم ان اجاهد في الله حق جهاده صابرا محتسبا ، لا احدث نفسي بالتراجع ، لا اتحرف لقتال ولا انحاز الى فئة ، مندفعا الى الامام الى الامام حتى القى الله شهيد او منتصرا*
تلك كانت كلمات المجاهد جعفر بانقا التي القاها قبل احتدام القتال والتي رددها خلفه المجاهدون رافعا يده ببيعة الموت في سبيل الله او النصر المبين.. بيعة ترفض استخدام الرخصة القرانية التي منحها رب العزة سبحانه والتي تبيح للمقاتلين في سبيله الانسحاب من المعركة بمقتضى الاية القرانية :
*(وَمَن یُوَلِّهِمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ دُبُرَهُۥۤ إِلَّا مُتَحَرِّفࣰا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَیِّزًا إِلَىٰ فِئَةࣲ فَقَدۡ بَاۤءَ بِغَضَبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ)*
هكذا كان جعفر في كل شأنه يأخذ نفسه بالعزائم ابتغاء رضوان الله تعالى ، وتلك
كانت هي الروح التي فجرت الملاحم الجهادية التي قل نظيرها في التاريخ والتي اجتهد جعفر وصحبه في توثيقها كتابة وعبر برنامج *(في ساحات الفداء)* مسطرا للاجيال بعض ما انطوت عليه نفوس اولئك الفتية المجاهدين والشهداء الذين صنعوا من الامجاد ما حق للسودان ان يفاخر به العالم.
بعد محنة الهوانات الذين سرقوا ثورة ديسمبر انبرى جعفر معريا الباطل الجاثم على صدر بلادنا بصارم مسلول من البيان كاشفا زيف ما اقترفوه في حق بلادنا المنكوبة بعلمانيتهم الشركية وبحربهم على دين الله وبوطأتهم على شعبنا الصابر على فسادهم وفشلهم وجهلهم وعجزهم الذي اذاق الشعب من لباس الجوع والخوف اشكالا والوانا.
لا ازال استرجع كلماته عن الهالك المرتد محمود محمد طه وهو يصف ندوة تحدث فيها ذلك الضال المضل وكيف خرج منها مذموما مدحورا يجر ثياب الخيبة والذل والهوان.. تلك وغيرها من المقالات والفيديوهات والتوثيقات ستظل معالم في طريق الدعوة تصب في سجله الباذخ بالعطاء صدقة جارية الى يوم الدين.
رحل جعفر وفي قلبه غصة بين يدي محنة وابتلاء عظيم ومصيبة عمياء تعرضت لها بلادنا بتآمر اقليمي ودولي جثم على انفاس بلادنا وخرب عليها دينها ودنياها ويوشك ان يحيلها الى خراب ويباب.
رحل جعفر وانتقل الى دار الخلود التي نسال الله العلي الرحيم ان يثيبه فيها اعلى الجنان وانا لله وانا اليه راجعون.

التعليقات مغلقة.