حاضنة جديدة … New) (Look بقلم : إبراهيم عربي
نحسب أن الحرية والتغيير (قحت) تكون قد راجعت موقفها جيدا وأعادت الكرة مرتين وقد تبين لها الفجر الصادق من الكاذب ، ولعلها أدركت بكل وضوح أن السلام إرادة لا تقهر وبل جواز مرور لكسب قلوب الجماهير المليونية التي إحتشدت لإستقبال شركاء السلام من قيادات الجبهة الثوية بساحة الحرية (الساحة الخضراء) التي لم تشفع لأصاحبها نزلاء كوبر حيث يفتقدون للحرية (فك الله أسرهم) ، الإحتشاد المليوني بلا شك إستفتاء شعبي حقيقي لصالح السلام وبل قاطرة دفع لحاضنة جديدة (New Look) .
مع الأسف لقد أخطأت الحرية والتغيير (قحت) تقديراتها بشأن السلام (مرات ومرات) فعملت لأجل مصالحها ، رغم إنها أعابت علي النظام السابق فاتورة الحرب الباهظة التي تكلف الحكومة 70% من ميزانيتها ، ولكنها قد تجهل أيضا آثارها المجتمعية من تقتيل وتشريد ولجوء ونزوح وإفقار وهدم لمقدرات البلاد التنموية والخدمية ، لذلك جاء السلام ضلعا ثانيا في ثلاثية شعار الثورة (حرية ، اسلام وعدالة) .
بلا شك أن (قحت) قد أخطأت الرمي حينما تنكرت لحركات الكفاح المسلح واستنكرت دورها في إسقاط النظام السابق الذي سقط بجهود تراكمية ساهم فيه كل شركاء الثورة التي بذاتها أختطفت وبيعت بدراهم معدودة ، لم يشفع للجبهة الثورية أنها من المؤسسين لميثاق الحرية والتغيير (قحت) وان ظروفها العسكرية جعلتها لأن تكون خارج ارض الوطن ، فخانت (قحت) العهد وبل أخطأت فحولت العملية السلمية من مجرد مشاورات في أديس ابابا والقاهرة بين الشركاء الذين تنكر لهم احبابهم في نداء السودان ، فانقلبت تلكم المشاورات لمفاوضات إحتضنتها جوبا عاما كاملا ، وأن مياها كثيرة قد جرت تحت الجسر منها العذبة وفيها الآسنة للوصول لهذه المرحلة الجديدة .
لعل الحرية والتغيير (قحت) قد فشلت في تقديراتها ولم تقرأ المواقف بدقة حينما تنكرت للسلام بأديس ابابا والقاهرة وذهبت لولايات دافور بمكر وخبث تبحث لها عن مكاسب وعن موطئ قدم بين الجماهير ، تريد بها سحب البساط من تحت اقدام شركاءها في الكفاح المسلح ، ولكن خاب فألهم وانكشف أمرهم حينما هتف أهل السلام بصدق في أوجههم (السلام وينو .. السلام وينو)؟ فردتهم علي اعقابهم خائبين صاغرين ولولا عناية الله لحدث ما حدث !.
غير أن الحرية والتغيير (قحت) قد أعماها غرورها وصلفها وعنجهيتها ، فسدت بصيرتها فأخطأت تقديراتها دور شركاءها وأهمية السلام لدي جماهيره التي خرجت من كل صوب وحدب تهتف (حرية ، سلام وعدالة .. والثورة خيار الشعب)، خرجت ليس لأجل السفور والفجور وليست لأجل العلمانية ولا لأجل أهواء القراي ، بل خرجت لأجل السلام والتنمية والخدمات ومعاشهم المسروق .
مع الأسف لم تستبين (قحت) النصح وقد ضلت الطريق فتآكلت جدرانها وتناقصت عضويتها وافتقدت شعبيتها المجتمعية التي جاءتها تحمل السلام تفويضا في طبق من ذهب علي شيك من بياض ، غير أن تقاطعات المصالح أفقدت (قحت) دعمها المجتمعي وسندها الشعبي وقد تآكل رصيدها فتفرقت بذاتها أرض سبأ ، فما عادت الحرية والتغيير (قحت) حاضنة سياسية صالحة ، وما عادت الوثيقة الدستورية بذاتها صالحة لحكم الفترة الإنتقالية ، فلابد من حاضنة جديدة (نيو لووك) وتعديلات جديدة وشراكة جديدة .
مع الأسف لم تتعلم الحرية والتغيير (قحت) من أخطائها المتكررة ولعلها قد ادركت تآكل شعبيتها وإفلاسها فأصبحت بلا رصيد وبلا سند عندما هتفت أمس جماهير السلام في وجه الناطق بإسمها إبراهيم الشيخ معتليا المنصة فقاطعته الجماهير المحتشدة (أطلع بره مادايرنك .. كرهتونا .. جوعتونا) ، فخرج الرجل مكسوفا ، موقف زرف له النائب الاول لرئيس المجلس السيادي الفريق اول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الدمع مبررا ومبرئا مواقف الشيخ بأنه رجل سلام وقال أن (الصفوف تمايزت) ، أعتقد إنها رسالة في بريد الحزب الشيوعي ومن شايعهم من أعداء السلام الذين راهنوا علي إسقاط حكومة السلام قبل ان تتشكل .
بلا شك ان (سواقة الناس بالخلا) قد ذهبت بلا رجعة وأن فشل الحكومة ما عاد مكان خلاف ، وربما قرأ كل من رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك ، ورئيس المجلس السيادي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان الموقف جيدا ، وربما لذلك تخلف سلفاكير ونائبه وغابت مشاركات الدول العربية والأفريقية والشركاء والاصدقاء ، وبالطبع ماحدث في وجه إبراهيم الشيخ كان سيحدث في وجه حمدوك والبرهان لفشلهم في وعودهم (البخيت يشوف في أخيه) .
علي كل إنها (لحظات تتطلب بلع الامواس) التي دعت لها الجبهة الثورية ، وبلاشك إنها عبارة مهمة وذات معني ومدلولات وربما أيضا تلك مرحلة تتطلب (تصفير العداد) كما طالب مناوي الذي بذاته إستعصم بقيادة الجبهة الثورية صنوا للدكتور الهادي إدريس ليقول (الخشم حقي ولكن اللسان ما لساني) لتؤكد بذاتها تخوفاتنا وتحفظاتنا بشان مسارات الجبهة الثورية نفسها والتي لازال الجدل يدور حولها .
ولكنها بلا شك لحظات مهمة ومراجعات مهمة أيضا لأجل وحدة الصف الوطني ، فالوطن عزيز وغالي لا يدرك قيمته وأهميته أكثر من الذين إفتقدوه ، فاسألوا إخواننا الفلسطينيبن واهل الشام واليمن والعراق وليبيا والصومال ، وإنها رسالة للحلو وعبد الواحد نور وللجميع أرضا سلاح ووداعا للحرب ، وداعا لتلكم الصفحة السوداء من القتل والتشريد والهدم والخراب كما قالها حميدتي (أهلا بالسلام لنحول ثمن الرصاصة الي طباشيرة للتعليم) .
عمود الرادار … الإثنين 16 نوفمبر 2020 .
التعليقات مغلقة.