شوكة حوت _حاضنة البيض الفاسد _ياسر محمد محمود البشر
فى الثلاثين من يونيو من العام ١٩٨٩ أكملت الجبهة الإسلامية إختراقها لمنظومة القوات المسلحة السودانية وإستولت على السلطة فى صبيحة الجمعة بنفس التاريخ بعد أن قام العميد وقتها عمر حسن البشير ومعه بضعة عشر من الضباط وأعلنوا إستيلائهم على السلطة من حكومة ديمقراطية منتخبة برئاسة الصادق المهدى شفاه الله ومد لنا فى عمره وبعدها إستبانت ملامح النظام الجديد وأصبحت الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطنى حاضنة سياسية لحكومة عمر البشير والتى إنتهت بثورة ديسمبر بعد مضى ثلاثين عاما على سدة الحكم وحتى لا نذهب بعيدا فقد شكلت الحركة الإسلامية وحزبها حاضنة سياسية تحت مظلة عرابها الدكتور حسن عبدالله الترابى خلال العشرة سنوات الأولى من عمر نظام حكومة المخلوع عمر البشير وشهد العقد الأول حالة شهر عسل ما بين المدنيين والعسكر فى السلطة*.
*وسرعان ما إنتهى شهر العسل السياسى بينهما ووقع الطلاق بين عراب حكومة عمر البشير الدكتور الترابى حيث قام المخلوع البشير فى يوم الإثنين الموافق ١٢ / ١٢ / ١٩٩٩م الموافق الرابع من رمضان ١٤٢١هـ بإعلان حالة الطوارئ وتعطيل الدستور وحل البرلمان وعزل الدكتور حسن الترابى عن رئاسة البرلمان وعندما تمايزت الصفوف بين المدنيين والعسكر وأحكم العسكر قبضتهم على السلطة فقد إنحاز معظم الإسلاميين إلى صف العسكر وتركوا الترابى مكشوف الظهر إلا من القلة القليلة ومنهم من تراجع عن صفوف الترابى والعودة إلى حظيرة العسكر مجددا وقام الترابى بإنشاء حزب المؤتمر الشعبى ومن صلب المؤتمر الشعبى خرج الشهيد دكتور خليل إبراهيم مغاضبا وأعلن إنشاء حركة العدل والمساواة السودانية وكل قادتها من الإسلاميين*.
*ولو أمعنا النظر فى صفحة التاريخ الحديث نجد ذات السيناريو يتكرر اليوم فى الحكومة الإنتقالية الحالية وهى شراكة (يا تَدُرِى يا أكسر قرنك) وهى شراكة ولدت مشوهة حيث يتهم المكون المدنى المكون العسكرى بفض الإعتصام بالقيادة العامة ويتهم المدنيون بالمجلس السيادى العسكر ذات التهمة من دون الحديث بصورة واضحة لكنهم يتداولونه فى دورهم السياسية وللعسكر أيضاً تحفظات على المكون المدنى ويتعاملون معه بسياسة (لاَبِد لى وأنا شايفو) مما يجعل المشهد مهيأ لوقوع الطلاق السياسى بين المدنيين والعسكر تحت أى لحظة وخاصة أن الحاضنة السياسية للحكومة الإنتقالية قد إنقسمت فى مواقفها من عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتم تبادل الإتهامات من داخل المجلس السيادى ومجلس الوزراء وبين مكونات الحاضنة السياسية ولم يتوقع أكثر الناس تفاؤولاً من أن تكتمل الفترة الإنتقالية من دون حدوث فراق بالتى هى أحسن أو التى هى أخشن بين المدنيين والعسكر*.
*وفى حال حدوث أى صراع بين المكونيين فإن الغلبة ستكون للمكون العسكرى لا محالة وقبل أن نسترسل سيخرج علينا من يقول (إنت كوز) والحقيقة أن قول الحقيقة لا يحتاج إلى كوز أو بعثى أو شيوعى ففى حال وقوع طلاق بين المكونات الحالية المكونة للحكومة الإنتقالية وهذا السيناريو متوقع بقدر كبير سينحاز عدد كبير من قيادات قحت للمكون العسكرى ويغادر بعضهم البلاد ولا سيما حملة الجوازات الأجنبية ومن ثم يتشكل واقع سياسى بمعطيات جديدة وستكون المعادلة السياسية واحدة هى إجراء إنتخابات حرة خلال عام و(الحشاش يملأ شبكتو) وإلا سيقود هذا الصراع البلاد إلى مستنقع من الدماء والدموع والضحايا فالواقع المعيش لا يبشر بخير على المستوى القريب والعلاقة ما بين المدنيين العسكر علاقة تكتيكية وليست إستراتيجية بأى حال من الأحوال*.
نــــــــــص شــــــــوكــة
*أما الموقعون على إتفاقية جوبا مع الحكومة الإنتقالية سيكون موقفهم فى صف المكون العسكرى مع ضمان إستمرار بنود إتفاقية جوبا والإحتفاظ لهم بمكتسباتهم وعدم العودة إلى مربع الحرب مرة أولى ولا يستقيم الأمر أن تكون هناك حكومتان فى دولة واحدة فلابد من حكومة واحدة ورئيس واحد وقرار واحد*.
ربــــــــع شــــــــوكــة
*(التسوى كريت فى القرض تلقاهو فى جلدها)*.
yassir.mahmoud71@gmail.com
التعليقات مغلقة.