(السودان – إسرائيل) .. شالوم بقلم : إبراهيم عربي
لا تستغرب أخي منذ أمس أصبحنا بموجب التطبيع مع إسرائيل نتحدث العبرية (شالوم) وغدا يمكن أن تجدها في منهج الدكتور القراي شرطا للعبور للجامعات الإسرائيلية وبل العبور إلي قلوب أحباءنا وأشقاءنا الجدد الإسرائيلين (شالوم) ، وبذلك إنتفت عبارة (كل الدول ماعدا إسرائيل) التي ظلت ملازما لنا في جوازاتنا دون دول العالم ، وانتهي بذلك الدخول لإسرائيل بالدس ، وبل إنتهت إسطورة وبطولة السودان (خرطوم اللاءات الثلاثة) بموت البطل عقب (53) عاما من الصمود والمواجهة والإستعداء وأحيانا الصدام لوحده إنابة عن الآخرين ، ولكن دعونا نحسبها صاح بحسابات السياسية (Win To Win ) ماذا كسبنا وماذا خسرنا ؟.
قال السودان وأمريكا وإسرائيل في بيان مشترك أن الحكومة الانتقالية السودانية أوفت بكامل تعهداتها وإلتزاماتها بشان مكافحة الإرهاب ، فدفعت (335) مليون دولار تعويضات للضحايا الأمريكان ، كما عملت علي بناء مؤسساتها الديمقراطية ، وتحسين علاقاتها مع جيرانها ، واستحقت بذلك قرار إزالة إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وبالتالي ان أمريكا وإسرائيل ستساعدان السودان للاندماج الكامل في المجتمع الدولي وتقليل ديونه الدولية ، وان أمريكا ستبذل خطوات لاستعادة الحصانة السيادية للسودان ، واتفق ثلاثتهم على بدء علاقات اقتصادية وتجارية وعلى رأسها الزراعة .
منذ وقتها إنقلبت الموازين في السودان وانقسم أهله بين مؤيدون للتطبيع مع إسرائيل ولهم حجتهم (البراغماتية) ، وبين من هم رافضون للتطبيع وأيضا لهم حجتهم ، بأن إسرائيل بلد مطعون في مشروعية وجودها في الأساس ، ولكن لا أدري سببا واحدا يجعل حكومتنا الإنتقالية بشقيها (المدني والعسكري وبحاضنها السياسبة الحرية والتغيير (قحت) تدفن رأسها في الرمال ! ، لتمارس معنا الغش والخداع لتخفي عنا التطبيع ، والتي سمعناها تصريحات من ساداتنا بالخارج .
مما تقدم إتضح جليا ربط ملفي الإرهاب والتطبيع مع إسرائيل ، ولن تقنعنا محاولات الزيف والتدليس تلك التي ذهب بشأنها وزير الخارجية المكلف المتأمرك عمر قمر الدين حينما قال أن أمر التطبيع مقيد بموافقة البرلمان السوداني الغائب ، فقد أصبح التطبيع واقعا وارتبط بملف رفع السودان من القائمة السوداء الأمريكية التي قاتل فيها قمر الدين بشدة لإبقاء السودان بالقائمة عندما كان ناشطا .
مع الأسف أصبح أمر السودان مكانا لسباق الإنتخابات الأمريكية ، فقد كسب ترامب الرهان مرة بتغريدة حبست أنفاسنا وأخيرا وقع ولكن ..! قال مستشار وزير الخارجية الامريكية براين هوك ل(الحدث) أن حكومته إجتهدت فأجبرت السودان لدفع هذه التعويضات للضحايا الأمريكان ولكن لا يمنع ذلك أسر الضحايا بالمطالبة بالمزيد او الضحايا الآخرين أيضا ، وقال أن الامر بذاته لازال بيد المؤسسات الأمريكية لتقول كلمتها خلال (45) يوما ، وهكذا يبدو أن الأمر مجرد دعاية إنتخابية محفوفة بالمخاطر في حالة سقوط ترامب وفوز منافسه براين وربما يطالب السودان بالمزيد من المبالغ المالية في كلتا الحالتين .
من الواضح أنما يحدث بشأن السودان (صراع مخابرات دولية) بسبب صراع المحاور وقد بادر السيسي بالتهنئة لأن الخطة تمضي في إطار خلق سيسي آخر حليف في السودان ، بينما تشير الأنباء إلي ان السعودية بادرت لدفع التعويضات لقفل الباب أمام إنتقادات براين بأن عملية التعويضات ماهي إلا إبتزاز لشعب فقيىر وضعيف ولكن إذا عرف السبب بطل العجب ، فقد كشف ترامب عن (خمس) دول جديدة في طريقها للتطبيع مع إسرائيل مرجحا أن تكون السعودية من بينها ، وبالطبع بدخول بلد (اللاءات الثلاثة) ما عادت هنالك مبررات للآخرين للبقاء علي عداء مع إسرائيل !.
علي الصعيد الداخلي السوداني من الواضح أن البلاد ستدخل في هزة سياسية عنيفة ربما تأزم الأوضاع المأزومة أصلا ، وربما تقود بذاتها لنهاية الحاضنة السياسية الحرية والتغيير (قحت) وتحدث تحولات جديدة وحاضنة جديدة ، ربما يخروج حزب الامة مثلما هدد الإمام الصادق المهدي (زعيم الوسطية) إن لم يراجع موقفه لحسابات سياسية (فن الممكن) ، وربما يخرج العروبيون والتقدميون وإن كنت أشك في ذلك للمكاسب التي تحصلوا عليها ، علي كل من الواضح أنما يحدث الآن أن هنالك تحالف حاكم جديد سيتشكل في الساحة بحواضن خارجية وقاعدة داخلية مختلفة وربما نظام سيسي جديد في السودان ، فلا أحد يحدثنا بعد اليوم عن لجنة نبيل اديب أو تسليم المطلوبين للجنائية الدولية ، ومتوقع ان تستمر المماطلات دون انتخابات حقيقية تسلم من خلالها السلطة لحكومة منتخبة .
علي الصعيد العربي والإسلامي سيواجه السودان بأسوأ عبارات التخوين والشكوك في عروبته والتي لم تصبح بذاتها (مسبة) ولن تكون ذات جدوي في ظل هذا الوضع لا سيما وأن السودان ليس لوحده فقد سبقته مصر والبحرين والإمارات ولن تتوقف عمليات التطبيع مع إسرائيل عند هذا الحد ، لا سيما وان ترامب ألمح ربما تنضم إيران إلى اتفاق مماثل وقال انهم ليس ضد الشعب الإيراني ويريدون مساعدتهم ولكنهم لن يسمحوا للحكومة الإيرانية بالحصول علي أسلحة نووية وتهديد إسرائيل ، وقالها ترامب إذا فاز في الإنتخابات سيتصالح مع إيران .
بلاشك ان كافة الخطوات تمضي لمصلحة إسرائيل لصالح مشروعها (الأمن القومي الإسرائيلي) ، وبالتالي تكون قد كسبت الرهان وبل كسبت السودان موقعا إستراتيجيا لها دون أن تدفع مليما كعادتها تماما كما فعلت مع إرتريا وجنوب السودان وغيرها فهي تكسب ولا تخسر (شالوم) .
عمود الرادار .. السبت 24 إكتوبر 2020 .
التعليقات مغلقة.