رؤية في الوضع السياسي الراهن بالسودان
بقلم. الأستاذ المحامي/ جمال الدين رمضان
( ثورة ١٩ديسمبر بين التطلعات والتحديات ( ٢٥١) . ) . ( ماهي ملامح الوفاق الوطني الذي يجب أن يسود المشهد السياسي القادم ؟! ) . بادي ذي بدء يجب التفريق بين الوفاق الوطني الذي أضحي لسان كل النخب السودانية في الوقت الحاضر حيث أقتضته المصلحة القومية العليا للبلاد وذلك في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة والتي حبست أنفاس العباد والبلاد وحيث ألقت بظلال سالبة علي كافة مسارات الحياة بالبلاد . حيث يجب التفريق بين الوفاق الوطني الذي كان يدعو له النظام السابق وذلك من خلال مداولات ما اصطلح علي تسميته بمؤتمر الحوار الوطني حيث كان كل المشهد يجسد كلمة حق اريد بها باطل حيث عمد النظام من خلال قيام ذلك المؤتمر لتحسين صورته لدي الرأي العام السوداني باعتباره يدعو لتوسيع مواعين الشوري في المجتمع السوداني ولتمديد فترة بقائه في سدة الحكم .
لقد انقسم الرأي العام السوداني لثلاث اتجاهات في الإجابة علي السؤال المذكور اعلاه وذلك علي النحو التالي . الاتجاه الأول وهو يدعو الي اصطفاف وطني عريض يستوعب كل المكونات السياسية بالبلاد من أقصي اليمين الي اقصي الشمال بما في ذلك أنصار النظام السابق وكل القوي السياسية التي شاركت معه في مسيرة حكم البلاد خلال الفترة الماضية يدعم هذا الاتجاه الإسلاميين بكل مسمياتهم . الاتجاه الثاني يدعم هذا الاتجاه بعض النخب المحسوبة علي التيارات السياسية التي ناصرت ثورة ١٩ديسمبر حيث تولدت لديها قناعة بأن مسيرة البلاد لا يمكن أن تعبر الا من خلال بناء قاعدة سياسية عريضة تستوعب معظم المكونات السياسية السودانية حيث يفرق أصحاب هذا الاتجاه بين نوعين من الإسلاميين فالذين تلوثت أياديهم لا مكان لهم داخل هذا الوفاق اما الذين لم تتلوث اياديهم فبأب المشاركة مفتوح لديهم . الاتجاه الثالث وهو الذي يرفض فكرة الدعوة الوفاق الوطني شكلا ومضمونا ليس مع أنصار النظام السابق فقط وإنما مع كل المكونات السياسية التي شاركت معه خلال الثلاث عقود الماضية . حيث مازال هذا الاتجاه يراهن رغم المعوقات التي تحيط بالبلاد من كل حدب وصوب علي مقدرة الحكومة القادمة خاصة بعد مشاركة الجبهة الثورية في الحكم فإن المسيرة سوف تمضي في الاتجاه الصحيح . قناعتي بل هي قناعة الكثيرين في الشارع السياسي السوداني بأن الوفاق الوطني والذي ارتفعت أصوات المطالبة به من قبل بعض النخب السودانية يجب أن يكون له القدح المعلي في المشهد السياسي القادم .حيث اقتضته ضروريات الانهيار الاقتصادي الشامل والذي اضحي واقع يمشي علي قدمين والذي يأت يفصح عن نفسه بنفسه في الشارع السياسي السوداني وحيث يجب التأكيد بأن هذه الدعوة لاتشمل أنصار النظام السابق وأعوانه من القوي السياسية التي كانت تشاركه في مسيرة حكم البلاد من الانتهازيين الذين يسعون دائما المشاركة في رحاب أي حكومة قادمة حيث هؤلاء معروفين للرأي العام السوداني . ان الإسلاميين وبمختلف مسمياتهم يجب أن يتحملوا المسئولية التاريخية في كل الدمار والخراب الذي طال الساحة السياسية خلال الثلاث عقود الماضية . يخطي من يظن بأن الدعوة الوفاق تعني أن الثورة قد رفعت الراية البيضاء واستسلمت وحيث تراجعت عن أهدافها المعلنة في إزالة دولة التمكين ومحاكمة الفاسدين أو أن حكومة الثورة قد فقدت السيطرة علي قيادة دفة الأمور لبر الامان . هل تجد الدعوة للوفاق الوطني والذي فرضته المقتضيات القومية آذانا صاغية من السلطة السياسية العليا بالبلاد ؟! ننتظر!!.
التعليقات مغلقة.