(كردفان) … توهان وسط المسارات ..! بقلم : إبراهيم عربي
فاجأتنا حركة العدل والمساواة السودانية في مؤتمرها الصحفي الإثنين الماضي 12 إكتوبر 2020 بسونا ، فاجأتنا بتقديم آدم عيسي حسابو مسؤولا لديها عن قطاع كردفان ، وقالت إنها دافعت بشدة عن الإقليم وبل عطلت التفاوض بسبب مآلات شمال كردفان ، وغيرها كثر أوصلتني لقناعة بأن كردفان أصبحت سائبة وهاملة وأهلنا بقولوا (المال السائب يعلم السرقة) !.
لازلت عند تحفظاتي بشأن مسارات الجبهة الثورية والتي وقعت بموجبها إتفاق السلام في جوبا مع الحكومة الإنتقالية في الثالث من إكتوبر 2020 ، ويقال أن هنالك خلافات نشبت مابين (مناوي والتوم هجو وياسر عرمان) بسبب المحاصصات ، وليس ذلك مستبعدا وقلناها باكرا أن المسارات ستعقد المشهد في البلاد ، وقد تعقدت الأوضاع في الشرق ولا أعتقد أنها ستتوقف عند هذا الحد ، وليست لوحدها فقد ظهرت بوادر مطالب تقرير مصير الشمال فيما تتأهب كردفان لفاصل جديد بينما لا زال الوسط يزأر ويبرد وعن المنطقتين حدث فلا حرج .
مع الأسف وجدت كردفان نفسها أسيرة لأهواء الحركات المسلحة تتخطفها المسارات يمينا وشمالا ، تائهة بين هؤلاء وهؤلاء ، وقد فشل الجنرال محمد بشير سليمان باكرا أن يجد له موطئ قدم بينهم ليدافع عن حقوق أهله ، تماما كما تمسكت بها العدل والمساواة السودانية فتناطح بشأنها آدم عيسي حسابو والجنرال التوم حامد توتو الذي غادر مفاوضات جوبا مغاضبا وفي النفس شيئ من حتي ، والتوم يعتبر أبرز الناجين من حكم الإعدام ، وقد عفت عنه الحكومة السابقة بعد ان حكمت عليه بالإعدام وقد تم القبض عليه لابسا لامة الحرب في مناطق محلية البرام بجنوب كردفان .
وليس ذلك فحسب بل أصبحت كردفان (أسيرة غرام) لكل عاشق للسياسة ، ولذلك ليس غريبا أن تصبح مكانا للمساومات والتنازع بين حركات الكفاح المسلح (القوي يأكل الضعيف) ، وربما عقابا لها لأن يتفرق دمها بين المسارات فأصبحت جنوبها وغربها مكانا للتنازع بين أصدقاء الأمس أعداء اليوم في شقي الحركة الشعبية – شمال (الحلو وعقار) ، تماما كما تنازعهما الجبهة الثالثة (تمازج) التي جاءت (في اللفة) من طرف ثالث ، بينما لازال لواء الدبب في الميدان لا مكان له من الإعراب ، بينما هؤلاء يتنازعون فقد ظفر بها التوم هجو رئيس مسار الوسط غنيمة ففرض ياسين جعفر عثمان علي الكردافة رئيسا دون تفويض منهم ودون إتفاق ، ومع الأسف ذهب الرجل ذليلا متواريا خلف الابواب وحيدا ، فضاعت حقوق الكردافة ولا يعلمون ماذا حدث وكيف حدث ماحدث ؟ وهكذا أصبحت كردفان مجرد محطة للمحاصصات للوصول إلي كرسي السلطة .
ولكن ربما راجعت الجبهة الثورية موقفها بشأن كردفان فحسبت خطواتها ، عقب ما كتبناه بهذه الزاوية في يناير 2020 تحت عنوان (لا لتهميش شمال كردفان) وقلناها صراحة إن كان تهميشكم وإقصائكم لشمال كردفان (الغرة) وغرب كردفان ولاية البترول دون عداهما من الولايات غلطة ، فإنها ستكون مصيبة لن يغفرها لكم الكردافة ، أما إن كانت مقصودة فإن الكردافة لها وستظل نقطة سوداء يسجلها التاريخ .
وكان وقتها قد إنشغلت مكونات الجبهة الثورية بتقسيم الغنائم قسمة (الأسد والضبع والثعلب) ، إتفاق مؤسف بموجبه قسمت البلاد إلي مسارات أسمتها مسار (الشمال ، الوسط ، دارفور ، الشرق ، جنوب كردفان والنيل الازرق) ، وقد شملت كافة ولايات السودان ماعدا (شمال وغرب كردفان) ، في وقت صمتت فيه الحكومة الإنتقالية مغلوبة علي أمرها تماما (لا بتهش ولا بتنش) تماما كما صمت ووفدها المفاوض (الضعيف) وكأن كردفان لا تعنيهم أو إنهم كانوا يقصدون تهميشها عمدا وعقابا لها ، علي كل (البلد الما فيها تمساح يقدل فيها الورل) .
ولكن لا أعتقد الجبهة الثورية ، تكون قد تنكرت لمجاهدات ابناء الكردافة وأن دماء الشهداء (فضيل رحوم ، أحمد بشتنة ورفاقهم) لا أعتقد إنها تكون راحت سدا ، وهم ظلوا يقاتلون في صف العدل والمساواة تحت لواء الجبهة الثورية في وقت كانت هي أحوج ما تكون لهم ، ولا أعتقد تكون الحركة باعتهم هكذا بثمن بخس مقاعد وكراسي للسلطة عند المفاوضات .
ربما أرادت حركة العدل والمساواة السودانية معاقبة كردفان التي فقدت علي أرضها رئيسها الدكتور خليل إبراهيم شهيدا ، ولكن لماذا لا تراجع موقفها فيما فعلته بأهلنا الكردافة حينما نقلت إليهم الحرب بين يدي مفاوضات السلام وقتها بصورة مؤسفة في أبو كرشولا وأبو زبد وأم روابة والله كريم وودبندة وغبيش ، وهددت الرهد والابيض وشردت ما شردت من أهاليها ، مع الاسف لم تشفع لشمال كردفان مساهماتها المجتمعية الكبيرة وهي تحتضن علي أرضها أكثر من (مليون) نازح شردتهم حروب الجبهة الثورية من دارفور وجنوب وغرب كردفان وغيرها ، هل أصبحت كردفان هكذا مكانا للمساومة بين المتردية والنطيحة وما اكل السبع ؟!.
مع الأسف أصبحت كردفان تائهة تفرق دمها بين المسارات ، وأصبح أرضها مسرحا للتسابق والعسكرة والتجنيد ، وتظل تتقلب هكذا مابين الإقليم الواحد والوسط والمنطقتين وغيرها حتي يقول أهلها كلمتهم في مؤتمر نظام الحكم في مارس 2021 أي عقب (6) أشهر من الآن .
عمود الرادار … السبت 17 إكتوبر 2020 .
التعليقات مغلقة.