عزالدين القسام مسلم غيور وقيادي فذ :-عبدالعزيز يعقوب-فلادليفيا
ماسة نيوز : الخرطوم
ayagoub@gmail.com
بيير كورني أديب وكاتب مسرحي تراجيدي فرنسي، أستطاع جلب الدراما المأساوية والنفسية والعنيفة الى خشبة المسرح في فرنسا قال ان “الشهادة في سبيل الوطن ليست مصيرا سيئا ، بل هي خلود في موت رائع.”
كما قال الامام حسن البنا “إن الامة التي تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة ، يهب الله لها الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة .”
كأنما الرجلين يتحدثان عن الرجل الفقير الى الله محمد عزالدين القسام، الذي بلغت شهرته في العالم العربي شهرة أحمد عرابي و الإمام المهدي او عمر المختار وجميعهم قيادات فذة واجهت وقاومت الاستعمار الغربي بشقيه الانجليزي والفرنسي في الوطن العربي بعد إنهيار الدولة العثمانية.
محمد عزالدين القسام اخ لسبعة اخوة ولد في “جبلة”اللاذقية، غادر سوريا الى حيفا بعد إحتلال الفرنسيون الساحل الشرقي وثار ضدهم مع مريديه وتلاميذه. تلقي تعليم الكُتاب هناك لكن ذلك لم يلبي رغبته وطموحه الجامح فسافر الى مصرا مهاجرا في طلب العلم فدرس في الأزهر وكان حينها التدريس بنظام الحلقات وعمل في مصر في صناعة الحلوي ليكمل دراسته فيها.
قَدِم والده وشقيقه الي جبلة في سوريا من بغداد وكان والده مُقدما في الطريقة القادرية “الشيخ عبدالقادر الجيلاني، وكانت أسرة القسام اُسرة فقيرة لم تنل حظ من الثراء والسعة وتعيش على الكفاف والصبر ولكن نالت حظاً من السيرة الحسنة والتدين والسمعة الطيبة بين الناس، عمل عزالدين القسام حداداً واستاذاً بعد التخرج من الأزهر للاطفال والشباب ولمحو الامية بين الكبار وكان خطيبًا و إمامًا و مأذونًا ، لم تكن تعجبه احوال المسلمين في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر وتركيا التي زارها بعد التخرج من الأزهر وما رأى من مظاهر الجهل والفقر المدقع الذي يخيم على المسلمين في هذه المناطق، وكان يؤمن بان العلم والثقافة اكبر عامل في التغيير، فأنشأ مدرسة للصغار والشباب في الصبح والكبار في المساء وكان يقدم الدروس الدينية في أصول الدين والفقه والشريعة في المساجد، وأصبح مسجده قبلة للمسلمين يأتونه من أماكن بعيدة للدرس ولسماع خُطبه غير التقليدية التي كان يدعو فيها الي العمل الجاد والدؤوب وإتقان المهم ومحاربة الفقر وزيادة الإنتاج .
دعا الفلاحين والفقراء والمواطنين جميعا لدعم الثوار لشراء السلاح لمقاومة الاحتلال الفرنسي في الساحل الشرقي في اللاذقية بالعون المحلي البسيط وعدم انتظار الدعم والمعونات، ورتب أربعة مراحل لمقاومة الاحتلال الفرنسي أولها كانت التعبئة المعنوية والإعداد للشباب وثانيها بيع بيته وشراء السلاح وثالثها تدريب المتطوعين على أستعمال السلاح وفنون القتال ورابعها بدء العمل الجهادي و التعبئه ضد الاحتلال، وخاض ضدهم عددًا من المعارك واختار جبل صهيون ليكون قاعدته الحصينة مما أقلق مضاجع الاحتلال الفرنسي فعرضوا عليه ان يعود بلده ويصبح القاضي الشريعي ويكون مقربًا من السلطة فرفض ذلك وأبقي على فكرة الجهاد لطرد المحتل.
ضيق عليه الفرنسيين وعلى الفلاحين من أتباعه واتبعوا سياسة الأرض المحروقة فخرج الي بيروت وصيدا ليرفع بعض الضيق عن أتباعه ثم استقر به المقام في حيفا وبدا حملة الدعوة من جديد ضد الإنجليز فأسس المدارس لتعليم الصغار والشباب ومحو الامية وكون جماعة سرية باسم عصبة القسام واحيا فيهم قيم الكفاح المسلح والنضال ضد القهر وجذوة الجهاد لمقاومة الاحتلال الإنجليزي ، ووقف ضد “وعد بلفورد” بتكوين دولة في داخل الأراضي الفلسطينية لليهود، دعا القسام المسلمين لتوجيه كل طاقات المسلمين المادية للشعائر وكل ما ينفق للحج والزواج وعمارة المساجد الى دعم الجهاد لمنع إتمام “وعد بلفورد”وأعلن المناهضة وعدم السماح بقيام دولة لليهود في فلسطين.
في عام ١٩٢٩ علم بأن هناك مجموعة من المسلمين قدمت طلبًا الى الحكومة الإنجليزية لحماية المسجد الكبير من اليهود الذين كانوا يُدبرون للهجوم على المسجد، ففي خطبة الجمعة صعد المنبر وقال ” إن جوامعنا ومساجدنا يحميها المؤمنون منا، إن دمنا هو الذي يحمي مساجدنا لا دم الآخرين” ثم اخرج سلاحا كان يخفيه في جلبابه فوق المنبر مطالبًا المسلمين باقتناء السلاح ليكونوا جاهزين للدفاع عن دينهم وبلادهم وممتلكاتهم واسرهم.
اعاد إنشاء عزالدين القسام عصبة القسام السرية في حيفا بمراحل اكثر سرية ودقة وتنظيم وصرامة في أختيار عناصر التنظيم وذلك لخصوصية المواجهة والمخاطر المحتملة مع المحتل ولتفادي عملهم المضاد الذي كان المحتل يستخدم الترغيب بشراء الذمم وتارة اخري بالترهيب والسجن والقهر .
وبعدها تمدد الي القرى والمدن المجاورة وخلق شبكة كبيرة من العضوية وأصبح يعمل معهم على الدراسة والتعلم ونشر الوعي والتميز والاهتمام بالاسر المحتاجة والفقراء وإنشاء المدراس ومراكز محو الامية والتوعية بالانتاج وتجويد العمل، وصاحب ذلك بدء التدريب البدني الشاق والتدريب علي السلاح بسرية الي ان تنادي اليهود الي حائط البراق ١٩٢٨ وتدافعوا اليه مما أثار حفيظة المسلمين و عضوية العصبة وطالبوا الشيخ عزالدين القسام بالانتقال من مرحلة العمل السري الي العملي والعلني ، فزاد جرعات التدريب على السلاح وفنون القتال النوعي وتمارين التحمل بطرق مختلفة وزاد الانفتاح على المدن الاخرى والتواصل مع زعماء القبائل والعشائر الذين اكدوا الدعم والحماية. ، وفي ذلك الوقت مارست السلطات الإنجليزية الكثير من الضغط على المزارعين بالضرائب والقوانين الجائرة وأجبرت الكثيرين على البيع واستطاعت سلطات الاحتلال ان تُهجر أعدادًا كبيرة من اليهود الى فلسطين وتملكهم الاراضي في عملية إزاحة وتهجير قسري للمواطنين وإبدالهم بالمستوطنين الجدد وفي العام ١٩٣٥ كتب المندوب السامي للاحتلال البريطاني بان خمس القرويين اصبحوا بدون أراضي .
حينها بلغ التجهيز ذروته من حيث الاستعداد والترتيب مع كامل عضوية واصدقاء عصبة القسام في المدن والحضر والريف، صعد الشيخ عزالدين القسام المنبر وخطب فيهم”أيها الناس، لقد علّمتكم أمور دينكم حتى صار كل واحد منكم عالماً بها، وعلّمتكم أمور وطنكم حتى وجب عليكم الجهاد، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد، فإلى الجهاد أيها المسلمون، إلى الجهاد أيها المسلمون” وخرج من ذلك المسجد الى بعبد بالقرب من جنين وتابعته عيون الإنجليز وعملاءهم لتقع معركة معه في جنين مع عشرة من أصحابه و أبلوا فيها بلاءا حسنا الى ان استشهدوا جميع في تلك المعركة دون ان يقبلوا بالاستسلام وكان لهم السبق في قيادة اول حملة جهادية في العصر الحديث، وكالعادة منع الإنجليز تشييع جنازته في موكب وان تقتصر على أهله ، وعندما علم الناس بعد ذلك بنبأ استشهاده قفلت المحال وتقاطرت الوفود وتداعى عصبة القسام واصبحت مدرسة تخرج المجاهدين وتتداعى لاعمال البر و الخير.
التحية لكتائب القسام التي تدافع عن التهجير القسري للشعب الفلسطيني واحتلال أرضه على مراى ومسمع من اللبراليون ودعاة حقوق الانسان والامم المتحدة وعلى مسمع من الحكام العرب وشعوبها المنهزمة نفسيا.
النصر لكل دعاة التحرر والواقفون ضد العنصرية واضطهاد الشعوب.
المصادر
1. تاريخ فلسطين الحديث عبدالوهاب الكيالي
2.
https://sasapost.co/who-is-ezzeldin-alqassm/
التعليقات مغلقة.