الجيش جيش السودان ما جيش الكيزان :عبدالعزيز يعقوب- فلادليفيا
ماسة نيوز
ayagoub@gmail.com
(١)
قال تعالي ” ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ وهذا يعني ان الحرب ضد طبيعة الانسان وهي شيء قبيح ومكروه وغير مستحسن للنفس وللانسان الطبيعي ولكنها تحدث لاسباب كثيرة متعددة. وهذه الحرب التي تدور رحاها في السودان وبين ابناء الوطن الواحد حرب لاتخدم بلادنا وتزيد من تعقيدات الوضع السياسي الراهن والخاسر فيها الشعب السوداني ودولته وموارده الاقتصادية والبشرية لان الذين يفقدون ارواحهم هم من الشباب وهم عماد المشروع النهضوي السوداني.
(٢)
عجت الوسائط الاعلامية بعبارات تجعل المؤسسة العسكرية وكانها مليشيا لشخص او لحزب اوكسانا او قبيلة غير الوطن (جيش البرهان -جيش الكيزان)وهو قول يمكن نقاشه من المعطيات التاريخية للجيش السوداني والحقائق التي لاتقبل التاويل وهي كالاتي
اولآ: الجيش السوداني ومنذ تاسيسه في١٩٢٤ كقوة دفاع السودان ومرورا بالسودنة كانت عناصر القوات المسلحة ضباط وضباط صف وجنود تمثل التنوع (diversity ) الاثني والقبلي والديني في السودان.
ثانيا: انحازت القوات المسلحة السودانية لصالح جماهير الشعب السوداني بالاجماع في ثلاثة ثورات ضد انظمة شموليه عسكرية رفضها الشعب السوداني بالتظاهر السلمي والعصيان المدني ( اكتوبر ١٩٦٤، ابريل ١٩٨٥، ديسمبر ٢٠١٩)
ثالثا: شهد تاريخ السودان الحديث اكثر من ١٤ انقلاب قبل ديسمبر ٢٠١٩ وكانت مكتملة الاركان شارك فيها ضباط من القوات المسلحة مع احزاب سودانية ونجحت ٤ انقلابات فقط هي انقلاب الفريق عبود واستمر ل ٦ سنوات، وانقلاب النميري واستمر ل ١٥ عاما، وانقلاب هاشم العطا ٣ ايام وانقلاب البشير واستمر ل ٣٠ عاما.
رابعا: كل الانقلابات اعقبتها ثورة شعبية و انحيازت فيها القوات المسلحة السودانية لصالح جماهير الشعب السوداني.
(٣)
ظل كل السياسين السودانيين يكررون نفس الاخطاء بركوب سرج الانقلابات العسكرية للوصول للسلطة باقصر الطرق، وظل افراد مغامرون من القوات المسلحة يتحالفون مع السياسين بغرض الوصول للسلطة.وظل ضباط القوات المسلحة يتاثرون بالواقع السياسي وتكون لهم ميول نحو افكار وتيارات سياسية وفكرية ومع ذلك ظلت تضبطهم المؤسسة الوطنية وقانون الخدمة العسكرية الذي لايقبل الانتماء السياسي وهذا طبيعي لكل المهنيين بان انتماءك و ميولك او افكارك هي ملك لك في غير مكان وظروف العمل ولا تعبر عن المؤسسة القومية او المهنية ( ونسال الله الا ياتي علينا زمان ويسالك الطبيب عن انتماءك السياسي ثم يحدد بعد ذلك ان كان سيقدم لك خدماته الطبية، ام لا) وبناء علي ذلك نورد هذه الحقايق عن تاثر القوات المسلحة بالفعل السياسي والفكري والاجتماعي وان افراد القوات يتاثرون كغيرهم بهذه المعطيات ويشكلوا مراّة للواقع السياسي والفكري والاجتماعي.
اولا: فترة الاستقلال وما بعده كان جل ضباط القوات المسلحة لهم ميول نحو الحزبين الكبيرين ( الامة والاتحادي) وكانوا متاثرين بالطرح الوحدوي مع مصر او الطرح الاستقلالي ومن اشهر الضباط انذاك الاميرلاي عبدالله خليل ( امة)وهو اول رئيس وزراء سوداني.
ثانيا: الفترة التالية كانت بروز الفكر اليساري (الحزب الشيوعي والقوميون ) العرب تاثر المجتمع والفكر السياسي بالمناخ العربي والافريقي الذي كانت تسوده الافكار الماركسية والقومية وانعكس ذلك علي مراَه افراد الجيش في ميول افراد من ضباط القوات المسلحة فانتجت هذه الفترة انقلابين في مايو ١٩٦٩وحركة التصحيح يوليو ١٩٧١ المدعومين من الحزب الشيوعي والقوميون العرب بقيادة النميري وهاشم العطا.
ثالثا: الفترة الثالثة من فصول الانقلابات العسكرية كانت بعد انفتاح الاسلاميين علي المجتمع بتيار جبهوي كبير اصبح له تاثير علي المجتمع سياسيا وفكريا بشكل كبير وانعكس ذلك في مرآه افراد في القوات المسلحة وانتج انقلاب البشير يونيو ١٩٨٩.
(٤)
هذه الانقلابات الاربعة التي استولت علي السلطة السياسية في البلاد نتيجة لضعف و تشاكس الاحزاب السياسية في الفترات الديمقراطية وانعكاس ذلك علي احوال البلاد والاوضاع الاقتصادية عموما. وكانت الاحزاب الاكثر قوة وتاثير في كل فترة زمنية ان تؤثر علي باطروحاتها علي بعض افراد في القوات المسلحة لتقود تغييرا عسكريا للوضع السياسي وقتذاك علي ان تشكل هذه الاحزاب المشاركة حاضنة جماهيرية للانقلاب في كل فترة . وفي كل الاحوال يتنهي الانقلاب بثورة شعبية تطيح بالافراد المغامرين من القوات المسلحة وتضعف المكون الحزبي الذي شكل حاضنة جماهيرية للانقلاب.
النمطية في كل شي ابتداً بالاعداد والاعتقالات وتصفية الخصوم وحل الاحزاب ومصادرة ممتلكاتها ودورها ولكن الغريب ايضا ان القادة العسكريين دائما ما ينقلبون علي الزعماء السياسين وتقود هذه التحالفات القيادات السياسية للاحزاب مع مغامري الجيش الي نهايات ماساوية اما االاعدام او السجن (عبدالخالق محجوب، حسن الترابي)، وفي كل حالات التحالف الاحزاب و العسكريين عادةً ما ينتهي الي خلاف وصراع ، ولكن لم يحدث ان انحازت المؤسسة العسكرية الي جانب الاحزاب او زعماء هذه الاحزاب فلم تنحاز الموسسة العسكرية الي عبدالخالق محجوب في ١٩٦٩ او ١٩٧١ وانتهي به الامر الي الاعدام ولم تنحاز الي حسن الترابي انتهي به الامر الي السجن حبيسا. برغم الزعم بان الجيش جيش كيزان.
(٥)
كيف يمكن وصف الجيش القومي بانه جيش الكيزان او جيش اليسار او جيش الانصار او جيش الختمية ونحاول صدقا او كذبا ان نقول بان الامر لايعنيني لان الجيش جيش الكيزان وهذا صراع داخلي (ونحن الشعب)فالضباط والمهنيين يعملون موظفين وخدام لهذا الشعب يؤدون مهام و دكات نيابة عن الشعب ، وادائهم يقوم بتقديمه الشعب عبر النيابة البرلمانية والمؤسسات العدلية قبولا او رفضا ويحاسبهم عليه.
الشواهد والنمطية الواردة اعلاه تؤكد ان الاحزاب السياسية عبثت وغبشت الواقع السياسي قصدا بغرض الوصول الي السلطة دون استحقاق او تفويض و دون ايمان بقضايا الجماهير او مراعاة لقواعد العمل الديمقراطي ولم يبذلوا جهدا فكريا اتجاه توعية المواطنيين بضرورة التدوال السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وبالصبر علي الحريات واحترام رغبة الشعب وعدم ممارسة الوصاية والتضليل والكذب البواح لانفاذ اجندة احزابهم وان كانت ضد مصلحة الجماهير. والوطن. ويبدوا ان لا فكاك لنا من كل هذا العبث الا باعلاء قيم الدستور و حكم القانون و وتحقيق العدالة و ارتضاء نتيجة صناديق الاقتراع والصبر عليها وان خالفت هوي الاحزاب او الافراد وتجنب العنف والسلاح للوصل الي حكم البلاد. لان العنف يحقق انتصارات مؤقته لكنه لن يصنع سلاما دائما وتعافي واستقرار وتنمية وطمأنينة وازدهار. ودمتم ودام السودان بالف خير.
التعليقات مغلقة.