هل من تسوية مع العسكر!!!بارود صندل رجب/المحامي

ماسة نيوز

اصبحت الاوضاع في البلاد تنذر بخطر ماحق يهدد البلاد في وحدتها وسيادتها وامنها،،اتساع الشقة بين مكوناتها السياسية والاجتماعية،،تباعد المسافة بين المدنيين والعسكرين خاصة بعد انقلاب الخامس والعشرون من اكتوبر فهذا الانقلاب كان كارثة علي البلاد ويكفي دليلا علي بؤسها عجز العسكر عن تعيين رئيس للوزراء لمدة تسعة اشهر ،،فقدت خلالها البلاد كثير من المكاسب التي حققتها منذ نجاح الثورة،،الدعم الاقتصادي،،الاندماج في المجتمع الدولي الاستقرار،،،الخ،،
ولا يختلف اثنان ان المقاومة للانقلاب استمرت كل هذه المدة وقد اثمرت في زحزحة العسكر والتضييق عليهم ومحاصرتهم فالبرغم من ضخامة التضحيات التي قدمتها استطاعت اسقاط الانقلاب بطريقة ناعمة،،اجبرت العسكر علي التنازل طوعا وكرها واستجاب لمطالب الشارع باعلان انسحابه من المسرح السياسي والتفرغ لمهامه الاساسية،،هكذا اعلن القائد العام للقوات المسلحة وتبعه نائبه في مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع،،هذا الانسحاب يلقي بظلال من الشك حول نوايا العسكر،،هل فعلا يريدون الخروج من معمعة السياسة والحكم؟ام ان تدبيرا محكما والتفافا علي الامر قيد النسج،،وما يدفعنا الي هذا التحليل ان العسكر اشترطوا لانسحابهم النهائي باتفاق القوي المدنية،،،،يعلم العسكر ان القوي المدنية تعاني من تضعضع خاصة الاحزاب السياسية وان توافقها تحتاج الي معجزة،،بجانب ان العسكر من قبل الانقلاب وبعده عملوا علي احتواء كيانات سياسية قائمة وخلقوا اخري،،تدور في فلكه وهذه الكيانات ستظل محل عكننة وشوكة حوت في عنق القوي المدنية تحول دون توافقها وبالمقابل تشرزمت قوي الحرية والتغيير التي كانت توصف بانها اكبر تحالف سياسي في تاريخ البلاد،،ما عادت قادرة علي ادارة نفسها فضلا عن قدرتها في لملمة القوي المدنية المقاومة للانقلاب،،لم تستفيد من الفرص التي سنحت لها في قيادة القوي المدنية في مواجهة العسكر،،،كما وان لجان المقاومة والتي ظلت تهيمن علي الشارع وتقود الثورة المستمرة عجزت هي نفسها في احداث اي اختراق من حيث هيكلة نفسها وتنظيمها،،وخلق رؤية لما بعد اسقاط الانقلاب،،بجانب انها تعاني من انشقاقات اخرها انحياز مجموعات من اللجان للحزب الشيوعي في تحالف جديد تحت قيادة الحزب الشيوعي،،كل هذه الاوضاع والتقاطعات تدفعنا الي القول بضرورة تنازل الاطراف كل الاطراف عن بعض مطالبها،،،والاقدام علي تاسيس فترة انتقالية جديدة تتسم بروح الوفاق وقادرة علي انفاذ مهام محددة يكون جسرا للعبور الي الانتقال الديمقراطي السلس،،،
هذه الفترة الانتقالية تحتاج الي حماية،،فبجانب حماية الشعب فان وجود قوات مسلحة واجهزة امنية مهنية محترفة تقف علي مسافة واحدة من جميع القوي السياسية يمثل راس رمح في نجاح الفترة الانتقالية وفي حمايتها،،،وفي تامين الانتقال الديمقراطي السلس،،،هذه القوات المسلحة وبكل فصائلها قد انغمست في الحكم واصبحت رقما يصعب تجاوزها،،لا تغرنكم بياناتها الناعمة التي تشير الي انسحابها من المسرح السياسي،،وعودتها الي السكنات،،،ذلك ليس بالامر السهل والهين،،تستطيع هذه القوات بما لديها من امكانيات وخبرات متراكمة اذا مكرت في افشال اي حكومة مدنية،،بل في تاخير الانتقال الديمقراطي،،تقتضي الحكمة ان تبادر القوي المدنية في رسم خارطة طريق تشرك القوات المسلحة في ادارة الفترة الانتقالية بما لا يتعارض مع مدنية الحكم كمبدا اساسي،،فبجانب المهام التقليدية للقوات المسلحة حسب الدستور والقوانين ذات الصلة فان تخويلها بعض السلطات المتعلقة بالعلاقات الخارجية،،واصلاح المنظومة الامنية وتوحيد القوات والترتيبات الامنية تحت اشراف وتنسيق رئيس مجلس الوزراء ضروري لخلق تناغم بين المؤسسات السياسية والعسكرية،،لا سيما ان الانظمة الاقليمية المحيطة بالبلاد وبعض الدول التي تمددت في تدخلاتها في شان البلاد لا تثق في الحكم المدني ولا تقبل استزراع الديمقراطية في البلاد خوفا من عدواها،،،فهذه الانظمة قد تطمئن وتهدي بالها وتروق في حالة وجود سلطة هجين تسمح بادوار ثانوية للعسكر،،،
اننا في حاجة الي تفكير يتجاوز التمترس بابعاد العسكر كلية من الفعل السياسي خلال الفترة الانتقالية،،لا سيما اذا كانت الفترة قصيرة ومحددة المهام،،،
وفي خضم هذا العراك السياسي يجب علينا الا نغفل دور المجتمع الدولي،،فهذا المجتمع الدولي وفي ظل الاوضاع الدولية المشحونة بالتوتر ليس بالضرورة ان يقف مع القوي المدنية ضد العسكر بل يبحث عن مصالحه فان ايقن ان العسكر اكثر التزاما بمصالحه فسيضرب بالديمقراطية والحريات عرض الحائط ولا يحزنون،،،وان تجربة الحكم المدني خلال الفترة السابقة ليست محل رضا المجتمع الدولي،،يريد المجتمع الدولي استقرار البلاد،، فانفراط عقد السودان يصيب الاقليم كله بالانهيار وان المجتمع الدولي غير قادر وغير راغب في تحمل تبعات ذلك،،،مزيد من الهجرة العشوائية،،مزيد من المساعدات الاقتصادية،،تمدد التدخلات غير المرغوبة،،خاصة من روسيا والصين،،
بلادنا تتلمس طريقها وسط الغام وعبور هذه الالغام بسلام يحتاج الي تضافر جهود كل المؤسسات وتناغمها،،وان القوات المسلحة علي ما اصابها من خراب هي الجهة الوحيدة التي تتمتع بقدر كبير من القومية والانضباط واحترام الشعب لها وبالتالي وجودها في كبينة الحكم بشكل من الاشكال ضروري لنجاح الفترة الانتقالية،،،
فهل تستطيع القوي المدنية تبني تفكير خارج الصندوق في ايجاد معادلة تبقي العسكر في دائرة المشاركة السياسية،،ام انها تصر علي ابعادها تماما وتتحمل ما ينتج عن ذلك من متاريس وعراقيل في طريق الانتقال الديمقراطي،،،والسلام

التعليقات مغلقة.