*بيان من المُؤتمر الشَّعبيّ*
ماسة نيوز
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى ( لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ) صدق الله العظيم النساء (148)
تَمُرُّ بلادناُ بأزماتٍ متلاحقةٍ ومتسارعةٍ ضربتِ النَّسيجَ الإجْتِماعيّ وأوصلتِ الوضعَ الإقتصاديّ إلي حافةِ الإنهيار التّام فانفرط الأمنُ حتّي في حواضرِ البِلاد وبدل التّجاذُب السِّياسي والإستِقطاب الحَاد، بدّل حالاً سيّئاً بحالٍ أسوأ، أحبطَ الثُّوار والشَّباب من بعد آمال الثورة العراض وفتحَ المجالَ للتَّدخُّل الخارجِي وإمضاء مخططاتِهِ لتمزيقِ البلاد وتدميرِ مَواردِها. هذا الوضعَ المتسارع الخُطي نحو الدولة الفاشلة سيكتمل بالتّحول لديكتَاتُوريّة تهيمنُ علي السُّلطة والحُكم بتبريرِ فشلِ القُوي السِّياسيَّة المدنيَّة، وبالتَّالي نهاية الحلم للتحوُّل الدِّيمقراطِي والعودة للدورة الخبيثة باستيلاء العسكر علي السلطة وتقويض المرحلة الانتقالية لصناعة اجسام ومكونات تعبرعنهم بحيثيات تشرعن وجودهم .
في هذا الظرف السّياسيّ بالغ التّعقيد يأتي الحُوارُ الذي دعت إليه وتسهّلُهُ الآلية الثلاثيّة، والذي يرتبط نجاحُه بتوفُّر إرادة سياسيّة وعزيمة وطنيّة تقدّم مصلحة المُجتمع، وبحِرصٍ يتجاوز محطّات التنازع والإقصاء، وهو ما دفع المُؤتمر الشَّعبيّ لتصويب الجُهد نحو قضايا البِلاد الكليّة، فإنخرط في مشاورات مع القُوى السّياسيّة المختلفة أملاً في إحداث التوافق الوطني والتّحول الدّيمقراطي المنشُود وإشاعة الحريات ورد السلطة للشعب. نظر المُؤتمر الشَّعبيّ إلى هذا الحوار باعتباره فرصةً سانحةً لتحقيق وفاق سياسي يُفضي إلى تحول ديمقراطي تخرج به بلادنا من دوامة الدورة الخبيثة التي تطاولت فأهدرت أرواح الشّباب الثائر ورهنت مقدرات البلاد لِقُوى خارجيّة تتنازع في مواردها وتستعين بمفاصل من داخل الدّولة لتحقيق مآربها.
وبين يدي الترتيب للحوار الجامع يؤكد المؤتمر الشعبي أن دوّامة النزاع والاقصاء التي حولت البلاد الي حالة اصطفاف أيديولوجي وسياسيّ إنحرفت بالفترة الانتقالية فتحوّلت إلى فترة إنتقامية كُتِبت فيها وثيقة سياسيّة بين العسكر وأطراف سياسيّة، عُزل فيها السَّوادُ الأعظمُ من قوى المجتمع، وتمت محاكمات وعزل سياسيّ لهم. عملت الشّراكة السّياسيّة في الوثيقة الدّستورية على تصفية الرُّموز الإسلامية جملةً دون تمييزٍ، حتى المُعَارِض منها لنظام الإنقاذ، وتوجهت السهامُ والمكائد وطالت الإعتقالات قيادة المُؤتمر الشَّعبيّ، متجاهلة عمداً دوره ومساهماتِه الكبيرة كحزبٍ معارضٍ شارك بفاعلية في تأسيس وبناء مراكز قويّة للمُعارضة إبتداء من توقيع مذكرة التّفاهم ثم الاتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في العام 2000م وتالياً بتكوين تحالُف قوى الإجمَاع الوطني الذي يشمَل قُوى اليسار والوسط والإسلاميّين.
بدأت محاولات التصفية بإعتقال رموز الشعبي: الدُّكتور. علي الحَاج محمد، الشَّيخ. إبراهيم السَّنُوسي، والمهندس. عُمر عبد المعرُوف، في البلاغٍ الجنائي عن إنقلاب يُونيو، وهم عناصر مدنية لا عِلاقة لهُم بالمؤسَّسة العسكريّة، فالمُتهم الرَّابع الدُّكتور علي الحاج كانَ خارج السودان وقت وقوع الانقلاب. كما عُطّلت المحكمة الدَّستُورية ومجلسُ القضاء العالي ومجلسُ النيابة العالي، واستمرت الاجراءات غير القانونية، حتّى رَسَخَتْ لدينا قناعة بأن الجَّانب العسْكرِي من التَّحالُف الحاكم السَّابق كانَ سبباً رئيساً في إدخال قيادات المُؤتمر الشَّعبيّ في الاتِّهام واعتقالهم، وآخيرا طُلب الملف من قبل المحكمة العُليا، الأمر الذي سيُطيل استمرار حبسهم والذي تجاوز العامين.
إن الحُوارُ الذي دعت إليه وتسهّلُهُ الآليّة الثلاثيّة يأتي في ظرف سياسيّ بالغ التعقيد يحتاج تهيئة للمناخ السياسي ومتطبات مستحقة ومن ثم إرادة سياسيّة وعزيمة وطنية بعيداً عن الإقصاء. وكان من المأمول والمفترض إبتداءً أن تسعي الآلية لاطلاق سراح المعتقلين والمحبوسين السياسين جميعا دون إستثناء وأن يخرج رموز الشَّعبي من الحبس السِّياسي كما أُخرج المعتقلون السّياسيون الآخرون تمهيداً لانطلاق الحوار وإثباتاً لجدية المُسهّلين له، سعياً و أملاً في إنجاح الحوار الذي يُعتبر الفرصة الأخيرة لتحقيق وفاق سياسي يُفضي إلى تحول ديمقراطي.، إلا أن المؤسف أن قادة الشعبي ظلوا حبيسي الاعتقال حتى تاريخه رغم إخراج معتقلي القوى السياسية الأخرى وذلك أمرٌ غير مقبول على الإطلاق ويتطلّب خُطوات عادلةٍ وعاجلةٍ ومنصفةٍ وحاسمة ومتساويةٍ لكل القُوى السّياسيّة لتهيئة المُناخ وتضمن البعد عن استعمال الإجراءات الجِّنائية في القضايا السّياسيّة.
لذلك يعبّر ويُنادي المُؤتمر الشَّعبيّ بالصَّوت الأعلى بإطلاق سراح قياداته ووقف إجراءات المُحاكمة للمصلحة العامّة وهذا نصٌ في قانون الإجراءات ( المادة 58 – اجراءات) وقد عُمل به في سوابق قضائيّة مختلفة. وجود وفاعلية المؤتمر الشعبي لانجاح الحوار يتطلب ويرتبط بحرية الحزب وحرية قيادته وحضورهم بما لهم من حنكة ودراية ومواقف في تاريخ السودان.
كذلك يُطالب الشّعبي جميع القُوى السّياسيّة باتخاذ موقف واضح في هذا الأمر مُساند لتهيئة البيئة للحوار الحقيقي المفضي لنزع فتيل الأزمة في البِلاد والوُصول إلى الانتقال لحُكم ديمقراطي مُنتخب. وعلى الآلية أن تبرهن على حيدة مواقفها وثبات معاييرها تجاه جميع المعتقلين السياسيين بلا إستثناء.
وقوفنا اليوم في هذه القاعة بنوايا طيّبة لإنجاح الحوار، واستمرار المُؤتمر الشَّعبيّ في الحوار وبذل الجُهد السِّياسي لإنجاحِه مرهون باعتدالِ مسار الحوار وذلك بتحقيق هذا المطلب عاجلا ً. كذلك يُنادي المُؤتمر الشَّعبيّ بضرورة التَّواصل مع القُوى السّياسيّة التي تغيّبت عن الحوار في هذه المرحلة لأهميتها والسّعي الجّاد لعودتها للحوار.
المُؤتمر الشَّعبيّ
8 يونيو 2022م
التعليقات مغلقة.