*برنامج التعافي الوطني الديمقراطي السوداني – ٣* عبدالعزيز يعقوب- فلادليفيا
ماسة نيوز
ayagoub@gmail.com
ارتبطت دولة جنوب افريقيا بالمناضل الافريقي نلسون مانديلا، فلا تَذكر جنوب افريقيا الا ويُذكر مانديلا ولا يُذكر مانديلا ولا تَذكر جنوب افريقيا. وارتبط اسم مانديلا “بالمناضل” كمتلازمة تعني النضال والتضحية التحرر ومناهضة العنصرية وسياسة الفصل العنصري في جنوب افريقيا.
الزعيم مانديلا من مواليد ١٨ يوليو ١٩١٨، قضي من عمره ٢٧ عاما في سجون الفصل العنصري الاثم، رسخ فيها معاني الثورات السلمية، او معاني الاعنف السياسي واصبحت هذه الفلسفة السلمية امتدادا عالميا لثورة المهاتما غاندي في الهند ومن ثم ظهورها مجددا في الولايات المتحدة بقيادة الزعيم الاسود مارتن لوثر كنغ، ولكن مانديلا اقر مضطرا الدعوة الي مواجهة المستعمر بالقوة، بعد العنف المفرط ضد السود.
اما جمهورية جنوب افريقيا تقع في الجنوب الاقصي للقارة الافريقية وهي تعتبر من اكثر الدول الافريقية تنوعا في الاصول السكانية، حيث توجد بها اكبر مجموعة سكانية ضخمة من اصول هندية ، ويوجد بها تجمع ضخم لسكان بيض من اصول اوروبية ” البوير” بريطانيين، وهولنديين والمان مهاجرين اضافة الي السكان من الاصول الافريقية حوالي ٧٥٪ من اجمالي السكان وهم اصحاب الارض. ويصنف السكان بقانون تسجيل السكان العنصري منذ الميلاد علي أربع فئات بيض، سود خلاسيون، وهنود. وقام نظام الفصل العنصري ١٩٤٨-١٩٩٤ بتخصيص حافلات ومطاعم وشبابيك تذاكر لدور الرياضة والسينما والحفلات وحتي الشواطئ للبيض وتم حظر الزواج المختلط وظل السود يحصلون علي تعليم ورعاية صحية وخدمات اقل من حيث النوعية والجودة عن بقية الاعراق.
يمكن اجمال مشاكل جنوب افريقيا وتحدياتها انذاك في الاسباب الاتية
1. سياسة الفصل العنصري segregation ونظام العنف القائم علي التصنيف العرقي ” apartheid s” بين السكان.
2. قوانين الفصل العنصري ” تسجيل السكان حسب المجموعات السكانية الاربع، قانون حجز الوظائف، قانون التعليم، وقانون الفصل العنصري الجنسي، قانون امتلاك الاراضي، قانون المرور والتوافد”
3. التهجير القسري للمواطنين السود الي الريف وتحديد حركتهم في البلاد الا باذن مسبق.
4. ازالة السود من قوائم الانتخاب والتصويت بقانون التمثيل المنفصل وقانون الحكم الذاتي الذي حدد ثلاث نواب فقط للسود وقام بحظر الاحزاب متعددة الاعراق.
5. اصدار حزمة من القوانين المقيدة للحريات لبعض الفئات السكانية “السود والملونين” وتتراوح العقوبات بين الحظر والسجن دون محاكمة.
6. العزلة الدولية التي تواجه جنوب افريقيا في المحافل الدولية.
استطاع سياسيو جنوب افريقيا وعلي راسهم نيلسون مانديلا والرئيس الابيض فريدرك دو كليرك انهاء حالة الاحتقان باعلان كليرك الاعتراف بحزب المؤتمر بقيادة مانديلا واضفاء الشرعية علي المعارضة السوداء وانه ان الاوان للتحول من الحالة السلبية وحالة الموت والفصل العنصري بانفاذ الاتي
1. الافراج عن المعتقليين السياسين وعلي راسهم نيلسون مانديلا الرمز في ١١ فبراير ١٩٩٠.
2. الغاء قوانيين التمييز الفصل العنصري بسلسلة من القوانين والتعديلات الدستورية التي وافق عليها الرئيس دو كليرك
3. اعد دو كليرك ومانديلا مخططا انتقاليا بانشاء لجنة الحقيقة والمصالحة وبدورها انقسمت الي ثلاث لجان:
ا. لجنة انتهاكات حقوق الانسان.
ب. لجنة جبر الضرر واعادة التاهيل.
ج . لجنة العفو.
3. التحقيقات في ٥٠ الف بلاغ للحالات انتهاك حقوق الانسان للجنة التي عملت بجد علي تدوين البلاغات واكمال التحقيقات واعلان النتائج في خلال عام ، وتم فيها التحقيق مع الاحزاب السياسية والافراد والضحايا وتمت مقارنة الافادات.
4. تم انشاء وحدة للبحث وانشاء قسم لتحليل المعلومات الورادة في التحقيقات بواسطة متخصصين وقانونيين لتدوين الحقائق وحصرها وتقديمها الي اللجان المختصة كلجنة جبر الضرر وكيفية معالجة المشكلة.
5. طبقا للقانون فان العفو يناله طالبه بالاعتراف بالحدث المحدد للانتهاكات التي قام بها الفرد او المؤسسة وقد قامت وحدة الابحاث بعمل كبير للرد علي طلبات العفو التي فاقت ٧ الف طلب عفو
6. المحاكمات وقد شكلت محاكم خاصة وقامت بمحاكمة مسئولين وقد قامت نفس المحاكم بتبرئة مسئولين اخرين ودعمت في احكام اخري احكام العفو الصادرة من وحدة الابحاث وفقا للقانون
7. واصلت لجان الحقيقة والمصالحة العمل في التوعية الشعبية واسهمت مع الاحزاب السياسية في الحكومة والمعارضة
أ. المساواة في التوظيف
ب. المساواة في الاجور
ج . مراكز التاهيل والتدريب للحرفيين.
د. اعتماد ١١ لغة رسمية للسكان المحليين.
عوامل نجاح لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب افريقيا
1. توزان القوي في المجتمع واتفاق المعتدلين علي اعتماد الحوار والتفاوض والتمدن لانتاج الحلول السياسية توافقا دونما اقصاء انعزل لاي جهة او تيار.
2. نحجت القوي السياسية في انشاء التحالفات الداعمة للتحول الديمقراطي عبر المؤسسات الديمقراطية المتعارف والتي تم الاتفاق عليها باجل وموعد.
3. كانت لجنة الحقيقة والمصالحة لجنة مستقلة تمام والتاثير عليها من القوي السياسية وبكفاءات قانونية وادارية مجمع عليها.
4. توفر الدعم من المجتمع المدني الذي سئم الحرب والعنف والمجتمع السياسي الذي يسعي الي فك العزلة وتحقيق تصالح وتعافي مجتمعي.
5. تحصلت لجنة الحقيقة والمصالحة علي سلطات واسعة للتحقيق والاستدعاء للشهود والوصول الي المعلومات والمسئولين، كما ساهم الجمهور بمد اللجنة بالمعلومات.
6. توفر للجنة وقت ” عام ونصف” وموارد مادية وبشرية.
7. كانت التجربة واللجنة علي درجة عالية من الشفافية وقامت اللجنة بتنظيم جلسات استماع عامة وتلقائية للضحايا والشهود وطالبي العفو.
8. لجنة الحقيقة والمصالحة اسهمت اسهاما كبيرا بحكمة قيادتها في تحقيق الانتقال الديمقراطي وتماسك قوي المجتمع واسهمت في تعزيز قيم العدالة والديمقراطية.
اوجه الشبه في تجربة جنوب افريقيا في تطلع الشعبين نحو قيم الحرية والعدالة والسلام، ومن حق الجيل الجديد ان يعلم بان القيادة السودانية في عام ١٩٦١ قد منحت نلسون مانديلا جوازا سودانيا، عندما اتهم بمخالفة قوانين الفصل العنصري بشان السفر والتنقل بسفره الي دولة الجزائر للتدريب والتنسيق بين حركات التحرر الافريقي التي كان يدعمها السودان.
* التعافي الوطني لايتم بالامنيات فقط، وما تريد انت فقط.
* العدالة الانتقالية طريق نحو الحل السياسي.
* الحوار والتفاوض والتنازل ادوات العدالة الانتقالية
مصادر وهوامش
١. ما يمكن للولايات المتحدة وغيرها من المجتمعات ان تتعلمه من خطوة جنوب افريقيا لخلق ديمقراطية غير عرقية للكاتب محمود ممداني
https://aeon.co/essays/the-world-can-learn-from-south-africas-ideal-of-nonracial-democracy
التعليقات مغلقة.