بارود صندل المحامي – يكتب – الانقلاب الذي حرك المياه الراكدة!
ماسة نيوز :الخرطوم
مهما كان حقيقة هذا الانقلاب الذي تم اخماده سلميا،فان المحاولة في حد ذاتها جاءت بنتائج ايقظت الجميع رب ضارة نافعة ، هشاشة الاوضاع في البلاد وان مكونات السلطة الانتقالية تعاني من عدم انسجام بل من عدم توافق،،،رغم الحديث المكرر عن التناغم بين المكونيين العسكري والمدني،،اتضح الان ان الشقة بينهما واسعة،،،وان التراشق الكلامي بينهما مجرد تنفيس لما يعتمل في الصدور وبالتالي فان الذين يظنون ان لا تلاقي بينهما بعد اليوم وان طلاقا بائنا قد وقع ينظرون الي الامور بسطحية،،،،
واي محاولة للمكون العسكري بالقاء تبعات الفشل علي المدنيين تفتقر الي الحقيقة تماما بحسبان ان المكون العسكري هو الذي قبل التحاور والتفاوض مع قوي الحرية والتغيير فقط واقصاء فاعلين اخرين وهو الذي قبل ان يتقاسم السلطة والنفوذ مع المكون المدني،،وان اقصاء الاخرين تم بتدبير بينهما،،،
ونستطيع ان نؤكد ان المكون العسكري تماهي تماما مع شركائه اما بتاثير وضغط من المحيط الاقليمي او الدولي،،وفي الجانب الاخر استخدم العسكر مكرهم في الحفر للمدنيين وافشالهم وهم في ذلك بارعون ويستعينون في ذلك بما لديهم من اليات وخبرات وتجارب،،بسطوا السلطة للمدنيين فتنافسوها،،،محاصصة حزبية فاختل الميزان واختلف القوم وتفرقوا ايادي سبا او شذر مذر لم تعد قوي التغيير والحرية بذات الزخم يوم انتصار الثورة،،،تضعضعت تماما وكادت ان تذوب في السلطة كفص الملح في الماء،،قياداتها التي ولجت في السلطة اخذته بريقها،،،ابهة السلطة ونعيمها،،،،فانصرف الهم للحفاظ علي المكاسب الذاتية الشخصية والحزبية،،،علي حساب شعارات الثورة وهموم الجماهير،،،،بجانب انغماسهم في اكل المال اكلا لما،،،والعسكر يراقبون ويستنسخون ما يفعله شركاءهم،،،كفوا عنهم الرقابة والمحاسبة بحجب المجلس التشريعي،،وبحجب المفوضيات مثل مفوضية مكافحة الفساد وغيرها،،،وقع المدنيون في الشرك فاتبلوا تماما،،،فساد مكتب رئيس الوزراء،،،فساد شركة المعادن،،والفساد الاكبر في لجنة ازالة التمكين وهلموجرا،،،لم تحرك اجراءات تذكر لمكافحة الفساد الجديد،،ليس هذا فحسب بل الفساد الاداري،،تعينات الاقرباء والمحاسيب واهل القربي الحزبي،،،ما خفي اعظم،،لم يختلف الامر كثيرا عما كان عليه العهد البائد،،،والنتيجة تباعدت الشقة بين القيادات المدنية وبين شباب الثورة،،اهتزت الثقة تماما بعد افشال المحاولات البائسة لاصلاح المسار ما عاد المسار في خط الثورة انحرف تماما،،وتزامن كل ذلك بفشل الحكومة في احداث اي اختراق في اي مجال يشير الي ان تغييرا حقيقيا سيري النور،،ما عاد الناس يتحملون عبء الحياة ولا يرون مستقبلا قريبا يحمل الامل،،،اصبحت الحكومة معزولة عن نبض الشارع وهذا ما اراده تماما المكون العسكري،،الانقلاب المزعوم كشف ظهر المكون المدني لم يتحرك احد للتصدي للانقلاب،،،رغم مناشدات مبتورة من عضو مجلس السيادة محمد الفكي كان رد فعل الناس وخاصة الثوار للمناشدة صادما للمكون المدني لو قدر للانقلاب النجاح او حتي بعض النجاح لوجد تاييدا مقدرا علي الاقل ليس حبا للانقلابات ولكن ياسا من الاصلاح او كيدا للفاشلين،،،وهذا نذير للجميع،
الوضع الان بل الكفة راجحة لصالح العسكر لا سيما ان الحراك في الشرق والشمال وجيوب هنا وهناك في طول البلاد وعرضها اقرب الي معسكر المكون العسكري،،،،لم يبق للمكون المدني كثير حيلة،،ربما ينظر الي الخارج ويستهويه البيانات التي تتري منددة بالانقلاب ومؤيدة للحكومة المدنية،،،،الاعتماد علي الدعم الخارجي اكبر خازوق،،،فقد اثبتت التجارب ان التعويل علي الخارج الاوربي والامريكي هو الخسران المبين،،،،الاستكبار العالمي لا يقف مع الحق ولا مع الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان هذه كلها مجرد بضاعة مزجاة،،،،يقف مع مصالحه ومع من يحقق تلك المصالح،،،والحكومات الشمولية التي تفتقر الي الشرعية هي الاسهل علي الترويض والاحتواء،،،،انتفاخ العسكر شنشنة نعرفها،،،وليست وليدة اليوم بل تتكرر باستمرار،،و
الجرعة الزائدة هذه الايام مجرد تنمر في وجه المكون المدني المتضعضع،،،،وان الحديث عن الوفاق والوحدة ولملمة كل قوي المجتمع ونبذ الاقصاء يقصد به دغدغة المشاعر والعواطف،،ومقدمة لانتزاع تنازلات لصالح العسكر،،وغدا ستسمعون التسويات تحركها جماعة باركوها وسماسرة السياسة والسفارات والاستخبارات،،،ويبررون ما حصل انها مجرد سحابة صيف عابرة وان التناغم ما زال سيد الموقف،،،وسيبدي المكون المدني والحاضنة السياسية استعدادها لتقديم تنازلات جوهرية حتي لو تبقيها تمومة جرتق مقابل بعض فتات السلطة،،،
هذا السيناريو هو الاقرب ولكن علي حساب التحول الديمقراطي والاستقرار والاصلاح وبالمحصلة تحجيم للثورة بل تقويضها ،،،ستصبح مفاتيح البلاد بيد العسكر علي غرار ما حصل في شمال الوادي،،،وما يخطط له في بلدان المشرق العربي،،،،اذن ما الحل للخروج من هذا المازق؟هنالك بصيص امل ان تتوافق القوي السياسية المنضوية تحت مظلة قوي التغيير والحرية،،،والقوي المعارضة،،والممانعة،،بدون استثناء،،،علي برنامج للفترة الانتقالية محددة باجالها مرسومة بالياتها،،مبينة لمهام الاجهزة الامنية والتي يجب ان تعمل تحت قيادة السلطة التنفيذية المدنية،،هي معادلة واضحة،،،تحفظ هيبة الدولة وتحترم المؤسسات الامنية التي تسهر علي امن البلاد والعباد وتكف عنها الشيطنة والشتم والتهوين واعادة الهيكلة( اسم دلع) للتفكيك،،،هذا هو الطريق السالك لاصلاح مسار الثورة،،،فمن يبتدر،،،رئيس الوزراء ام قوي الحرية والتغيير ام احزاب المعارضة!!!!
اما الدسدسة والغتغتة فتقود البلاد الي الهلاك والدمار،بالمناسبة اين هي حركات الكفاح المسلح الموقعة علي اتفاق سلام جوبا؟هل منشغلة بالاعداد للاحتفال بذكري مرور عام علي التوقيع؟ما الذي جعلته الغائب الاكبر عن المشهد هذه الايام،،لا هي في العير ولا في النفير،،،،
بارود صندل رجب/المحامي
التعليقات مغلقة.