مشروع قانون صناعة دستور السودان!!!بارود صندل رجب/المحامي
ماسة نيوز : الخرطوم
ظللنا ننبه الي الخلل المنهجي في صياغة القوانين شكلا وموضوعا،،،ولكن لا حياة لمن تنادي غالب القوانين التي اجيزت في الفترة الماضية افتقرت الي الاسس الموضوعية لوضع القوانين،،،فلا غرو ان تعارضت هذه القوانين مع الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية او تقاطعت مع قوانيين سائدة وهذا عيب تشريعي مذموم،،،مشروع قانون صناعة الدستور،،،ويفهم ان هنالك قانون يصنع الدستور وهذا محال،،والصحيح ان القانون لا يصنع الدستور، يصنعه الشعب اما مباشرة عن طريق الاستفتاء اما عن طريق نواب الشعب المنتخبين،،،وان الراي السائد الان يري في الاستفتاء الشعبي اكثر الوسائل ديمقراطية في وضع الدساتير،،وعادة يعد الدستور بواسطة مجلس نيابي او لجنة وطنية ثم يعرض علي الشعب في استفتاء دستوري ليقرر الموافقة عليه او رفضه،،،وواضح ان معد هذا المشروع يجهل عمل لجان اعداد الدساتير،،وطريقة اجازة الدستور،،،مهمة اللجنة او المفوضية مهمة فنية بحته تقوم باستقراء راي مختلف قوي وفئات المجتمع والخبراء ومن ثم تقوم بصياغة نصوص الدستور،،تنتهي مهمة اللجنة بتمام اعداد المشروع ثم يعرض علي المجلس النيابي ويدور هناك نقاش مستفيض وللمجلس الحق في ادخال اي تعديلات علي المشروع وهذه المرحلة مهمة للمواطن العادي ليطلع علي الدستور ويقف عليه من خلال النقاش المفتوح في المجلس النيابي وفي النهاية يجيز المجلس الدستور في هذه المرحلة ويبقي مرحلة الاستفتاء هي خاتمة اجازة الدستور،،،والاستفتاء لا يكون علي النصوص بل علي مجمل الدستور اما الاجازة او الرفض،،،ما ذهب اليه الاستاذ تاج الدين بانقا في تعليقه علي المشروع هو التسلسل الاجرائي في اجازة الدستور،،،،اما مشروع وزارة العدل فهو بالمقلوب وهذا خطا لا يقع فيه كل من له ادني فكرة بصناعة الدساتير،،،لا ندري اين تكمن مشكلة وزارة العدل؟
مشروع صناعة دستور السودان،،والصحيح هو قانون مفوضيةصناعة الدستور والمرتمر الدستوري حسب ما هو وارد في الوثيقة الدستورية والاصح هو مفوضية وضع الدستور،،،حتي اسم الدولة ليس صحيحا،،،جمهورية السودان وليس السودان كما ورد في المشروع،،،ونزيد من الشعر بيتا،،،ان القانون الذي يصنع الدستور اكيد انه اسمي واعلي كعبا من الدستور وهذا ما لم يقله الا واضعوا هذا المشروع،،،
بحسبان ان الدستور هو اسمي قوانيين الدولة وهذا السمو يتجلي من الناحية المادية والشكلية،،،فاما السمو المادي فمرده الي ان الدستور هو الذي يحكم سائر السلطات في الدولةويضع اسس النظام السياسي،،،يحدد شكله وطبيعته ويحدد السلطات العامة ووظائفها وكيفية توليها وممارستها وانتقالها وعلاقاتها البينية كما يحدد ويحمي الحقوق الاساسية للمواطنين والحريات العامة ويتيح للشعب محاسبة حكامه ويوفر له الاليات اللازمة لتغييرهم عندما يتطلب الامر،اما السمو الشكلي فيستند الي مبدا تدرج النصوص فكما ان اللائحة لا تستطيع ان تخالف القانون لانه اقوي منها من الناحية الشكلية فان القانون لا يستطيع ان يخالف الدستور لان الدستور اقوي من الناحية الشكلية نتيجة تمتعه باشكال خاصة واجراءات خاصة في نشاته وتعديله وان كل قانون يخالفها يعتبر باطلا،،،وهذا ما نص عليه قانون تفسير القوانيين والنصوص العامة لسنة 1974بقوله(اذا تعارض اي نص في اي قانون مع اي حكم من احكام الدستور تسود احكام الدستور بالقدر الذي يزيل التعارض)وبالمحصلة فان الدستور هو راس اي نظام قانوني ومظلته،،،ضل القانون طريقه تماما فبدلا من ان يكون قانونا اجرائيا لاعداد الدستور اصبح هو نفسه دستورا يضع مبادئ تاسيسية ويحدد ما يجب ان تسلكه المفوضية ومن المفارقات ان المفوضية المنشاة بموجب هذا القانون هي التي تعرض المشروع علي الاستفتاء ثم تجري عليه التعديلات واعادة الصياغة في صورتها النهائية،،اما المجلس النيابي التاسيسي المنتخب فعليه ان يبصم بالعشرة علي الدستور حسب صياغة المفوضية!!!ولعل الوثيقة الدستورية ناقصة ولا تصلح لحكم الفترة الانتقالية ومع ذلك فهي تتحدث عن مهام الفترة الانتقالية،،،انشاء اليات للاعداد لوضع دستور دائم لجمهورية السودان،،،يعني ان المفوضية تقوم باعداد مشروع الدستور والتحضير للمؤتمر الدستوري القومي،وعند قيام الانتخابات التشريعية فان المجلس المنتخب هو الذي يتولي امر الدستور الدائم،،هنالك فترة انتقالية ثانية تبدا من نهاية الفترة الانتقالية الاولي القائمة الان وتنتهي عند اجازة الدستور الدائم وهذه الفترة اغفلتها الوثيقة الدستورية،،،
اما الحديث عن مبادئ فوق الدستورية فان كان المقصود منها هي الضمانات في صلب الدستور بان لا تجري الاغلبية في لحظة ما تعديلات من شانها النيل من حقوق الاقلية وجود مبادئ محددة لا تسمح لاي اغلبية استبعادها من الدستور لاحقا كما لا يجوز لها احلال احكام جديدة تخالفها وهذه المبادئ هي ما اصطلح علي تسميته مبادئ فوق الدستورية،،او يمكن تسميتها باركان وثوابت الدستور من مثل،،حكم البلاد وفقا لنظام اتحادي فدرالي لا مركزي،،،،اللغة العربية هي اللغة الرسمية في الدولة ويسمح الدستور بتطوير اللغات المحلية والعالمية الاخري،،،الاسلام دين غالبية سكان السودان ولهذه الاغلبية الحق فيج استصحاب وممارسة تعاليم دينها في حياتهم الخاصة وتشريعاتهم العامة بصورة لا تضر بحقوق المواطنين غير المسلمين،،،الخ
نحتاج اذن الي صوغ دستور ديمقراطي يحظي باجماع مختلف قوي وفئات المجتمع ويكون قادرا علي البقاء فترة طويلة،،،فهل تستطيع مكونات الفترة الانتقالية من اعداد هذا الدستور؟
التعليقات مغلقة.