رؤية: اأسامة ميرغني

ماسة نيوز

 

لغه الواقع واضحة مسموعة لكل فرد، والكل متوافقون على أن كل يوم يمر على السودان؛ فإن اليوم الذي يسبقه أفضل منه!.
إن تبرير الفشل المستمر بحجة معارضة الدولة العميقة، هو أمر مستفز، فالمؤتمر الوطني المنحل كان يستمد قوته من السلطة والمال، وفقد الاثنين معاً ، وسقط الحزب من خلال الحراك الشعبي..
وكما قلنا فإن الإعتراف بالأزمة وتعريفها، هو أول خطوات طريق النجاة.
إن مؤسسات الدولة الآن بغير فعالية و الأدهى والأمر أنها تقبع في جزيرة معزولة عن هموم المواطن، وحتى اتفاق جوبا للسلام لم يحرك البركة الساكنة.
إن العصا السحرية في هذا الواقع المرير هي الحكمة و الإرادة، والتحجج المستمر بتأثير خراب ٣٠ سنة يضعف من الإرادة الوطنية، و يقدح في حكمة أهل السودان، وغياب الرؤية الوطنية والرواية الرسمية للأحداث؛ مهدد كبير للأمن القومي للبلاد.
بحسب الوثيقة الدستورية الحاكمة ، فإن شهر مايو الماضي كان آخر موعد لحصة العسكريين في رئاسة المجلس السيادي، وبالتالي تأخرت حصة قيادة المدنيين للسيادي، ويبدو أنها تأخرت بتفاهم واتفاق غير معلن!.. وهذا التأخير في الحصة المدنية ، سيضاف قطعاً لمجموعة ألغام المرحلة الانتقالية.
لا يكمننا صناعة بيئة جاذبة لاستثمارات أجنبية دون قوة الجيوش الوطنية ومن ثم الاستقرار السياسي.. بعد الأزمة الاقتصادية العالمية ٢٠٠٨م نشأ تحالف من ٢٠ دولة لتكون بديلاً للنظام الإقتصادي الإشتراكي والرأسمالي، وتم الاتفاق على معايير النظام الجديد، الذي سمي بالدول الأكثر تأثيراً في العالم، عسكرياً و ثقافياً واقتصادياً،
وصنفت تركيا من ضمن العشرين دولة الأكثر تأثيراً في العالم، وفي ذات الوقت لم تدخل دول تعتبر أكثر تأثيراً على الرغم من أن ناتجها القومي أضعاف الناتج التركي، إلا أن الجيش التركي هو ما جعل تركيا تصنف ضمن الدول الاكثر تأثيراً في العالم.
وبالمقارنة وللأسف فإن بلادنا العزيزة خارج حتى التصنيف الإئتماني العالمي منذ النصف الأول من العام ١٩٧٥م !.
فقد حدثت خلال تلك السنوات وقائع سياسية قاسية كانت غير مبررة ، من ضرب الجزيرة أبا وودنوياوي، وأحداث مقتل السفراء الغربيين في ١٩٧٣م ، وكلها كانت أحداتاً ممنهجة ومرتبة، ولم يخرج السودان من التصنيف الإئتماني إلا بعد إنقلاب ما يعرف إعلامياً “بإنقلاب المقدم حسن حسين ١٩٧٥م ” .. وصنف السودان ائتمانياً بأنه دولة (عالية المخاطر).
إن الجيوش الوطنية هي حجر زاوية الإستقرار السياسي في أي بلد.. والجيش السوداني (ابن السودان الشرعي) ؛ صنع خلال سنواته الطويلة عقيدة قتالية وطنية ظلت محل احترام حتى من أعداء السودان، وقاتل أبناء الجيش حتى في مناطقهم لصالح عقيدة الجيش الوطني وسلامة الوطن.. وقاتل ابن جبال النوبة ضد تمرد الجبال، وقاتل أبناء جنوب السودان ضد تمرد جنوب السودان، وأبناء الشرق والنيل الأزرق ضد التمرد مع الجيش الوطني.
نعم كان فض الاعتصام بالقوة أمام قيادة الجيش خصماً على تاريخ ابن السودان الشرعي والوحيد جرآء خطأ سياسي عالي التكلفة، ولكن فلنجعل من حدث فض الإعتصام بالقوة أمام قيادة الجيش، سنّة لممارسة للنقد الذاتي.. ليس من باب التبرير لكن من باب السلام قبل العدالة، ولنتفق الآن على أنه لابد من دعم تطوير العملية السياسية في السودان.
وعبر السنوات في بلادنا كان هنالك ساسة صُنعت بهم شرعية واستمرارية تمرد جون قرنق، لإبعاده عن شبهة وقوفه ضد وحدة السودان، لأنه وبحسب إتفاق الأمم المتحدة ١٩٤٥م، فإنه لا يجوز الإعتراف بأي حدود سياسية إلا التي اعتمدت من قِبل الأمم المتحدة.
وقاتل قرنق الجيش الوطني بمنصور خالد وياسر عرمان والسيد محمد عثمان الميرغني ومبارك الفاضل والصادق المهدي والقائمه تطول ..
وانحاز الشعب السوداني الواعي في النهاية لمشروع سياسي لمصلحة الوطن، وقبِل فيه بمن قاتل ضد الجيش.. فلنجعل من ذكرى عيد الجيش الوطني مشروعاً سياسياً وطنياً..
والجيش السودانى يعد ضمن أفضل ثلاثة جيوش، ومن ضمن أفضل الجيوش الوطنية المنضبطة في إفريقيا، (الجيش السودانى والمصري والجزائري).
(الجيش جيشنا ونحن أهله ونستاهله)، ودعم المشروع السياسي هو من مهام الجيش، بعد حراسة الحدود والدستور وحماية العملية السياسية، في وجه أكبر معول هدم وضرب في في عمق السودان، وهو بناء منظومات سياسية بمراكز مالية غير معروفة، حولت الإقتصاد السوداني لاقتصاد عشوائي،
ولابد لهيئة أركان الجيش من معالجة هذه التركة الموروثة من النظام المخلوع، والأنظمة السابقة.
وأتمنى أن تكمل قيادة الجيش “ابن السودان الشرعي والوحيد” وأن تستعجل لتكملة من ما بدأته، فقد أرجع الجيش مؤسسة الحبوب الزيتية، تلك المؤسسة الضخمة إلى وزارة المالية الإتحادية، وللأسف لم تحظ هذه الخطوة بأي تغطية إعلامية!.
ولتوضيح الأمر فإن مؤسسة الحبوب الزيتية قد آلت للجيش عبر آلية خصصة القطاع العام، وحولت أسهم الحكومة ٤٥٪ لصالح منظمة الشهيد ، و ٥٥٪ كمساهمة عامة، و ملك ل ٢٥٤ مساهم، ولمؤسسة الحبوب الزيتية أصول تقدر بأكثر من ٤٠٠ مليون دولار ، كما تمتلك منصة شحن في ميناء بورتسودان.
وبكل أسف صرح وزير التجارة والتعاون بأنه قد تم إرجاع مؤسسة الحبوب الزيتية، دون أن يشير إلى أنه كان قراراً من هيئة أركان الجيش!، والأغرب أنه ليس لوزير التجارة و التعاون الأهلية لأن يكون مسؤولاً عن مؤسسة الحبوب الزيتية، فولاية المال العام هي مسؤولية وزارة المالية، إلا أن وزير المالية د.جبريل لم يدلِ وللأسف بأي تصريح أو رواية رسمية عن مؤسسة الحبوب الزيتية.

معاً لبناء السودان الجديد .

أسامة ميرغني
٣ أغسطس ٢٠٢١م

التعليقات مغلقة.