*رؤية:*# أسامة ميرغني

ماسة نيوز : وكالات

 

في العام ١٩٧٤م تقدم وزير المالية السيد إبراهيم منعم منصور (ود الناظر) بطلب ومقترح للاستفادة من إمكانيات الشركات الأمريكية التي أنشأت مدينتي الظهران والجبيل الصناعية، وعلى الرغم من أن السيد وزير المالية وجد حينها الدعم السياسي من رئيس الجمهورية نميري؛ لكن المشروع لم ير النور رغم تقزم وتضاؤل حجم الطلب ليصل إلى فقط دخول آليات البناء للسودان حتى يتمكن من تجهيز مشارع لمدن سكنية!.
وفي ١٩٧٠م أصدر الرئيس نميري قرار تأميم الشركات الأجنبية وبعض أموال رجال أعمال سودانيين، وعندما أصدر نميري لاحقاً قرار إلغاء قرار التأميم كانت قد اختفت شهادات البحث التاريخية لبعض العقارات والأراضي بالخرطوم، وأصبح من الصعب معرفة الملاك السابقين، وللأسف كان دور رئيس القضاء والذي أصبح رئيس وزراء، كان دوره سلبياً في الحرص على إرجاع حقوق الملكية العقارية، فنشأت جماعة من الملاك الجدد باسم “الجالية الإغريقية” -ظلت وإلى الآن هذه العقارات محل وضع قانوني يحتاج لمعالجة- كان ظاهر الأمر هو عدم القدرة على إدخال شركات البناء مع وضع قانوني شائك لهذه العقارات، وحقيقة الموضوع هو أن الإنجليز كانوا ضد دخول الأمريكان لسوق العقار السوداني، وكان هذا فقط بعد ثلاث سنوات من فصل العلاقة بين الدولار والإسترليني في ١٩٧١م ، وبعد استقلال ثلاث دول هي الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين من مسقط في نفس العام ١٩٧١م.
وأصبح السودان ساحةً لصراع عالمي بين الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني، وفشلت بالتالي وتعطلت مشاريع التنمية السودانية بإمتياز ، ولم ير النور سوى مشروع كنانة للسكر!.. ومع فشل السودان الرسمي برز السودان غير الرسمي للواجهة تحت مسميات ولافتات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، وكان للحزب الشيوعي مضمار منظمات المجتمع المدني وحقوق المرأة والطفل، والعمال، وللإخوان المسلمين منظمات كدانفوديو، والوكالة الإفريقية للإغاثة، والدعوة الإسلامية، والتنمية الإسلامية.
وأصبحت القوة الإقتصادية ما بين مسميات الشيوعيين، والأخرى تحت لافتات الإسلاميين؛.. كل هذا الواقع أشكل وتعقد أكثر بعد فشل حركة ٢ يوليو ١٩٧٦م، لكن ما أربك المشهد السياسي الإقليمي والسوداني أكثر، هو ظهور لاعب وفاعل جديد في المنطقة هو “الثورة الإيرانية ١٩٧٨م” ، واصبح الصراع بين شل/استرليني، وموبيل/دولار..
وعندما احتل الطلاب الإيرانيون مبنى السفارة الأمريكية فى طهران عثروا داخلها على ملفات تخص الحركة الإسلامية السودانية، ومن يومها لم تعد ايران تثق في قيادات الحركة الاسلامية السودانية، وعندما تسنموا السلطة في السودان لم تعتمد طهران سفيراً للسودان لديها باستثناء حامل الجواز الكندي “قطبي المهدي”… (ولنا عودة للكتابة حول هذا الموضوع).
المشهد الآن في بلادنا العزيزة معقد ومركب، فهناك إتحاد أوروبي مدعوم بمنظومة النيتو ضد أمريكا، -ولأول مرة لا تمثل إنجلترا قوة على الأرض في السودان – وبالمقابل هناك انقسام مجتمعي حاد وخطير في البلاد مع تصاعد وبروز القضايا المناطقية التي زادت المشهد السياسي تعقيداً.
كما أن للوضع الإقليمي آثار متبادلة وارتباطات ودلالات من الواقع السياسي السوداني، (خلافات الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ، وسد النهضة).
حسب برنامج الوصايا الخارجية على السودان فإن الإدارة الحقيقة يفترض أنها قد بدأت، إلا أن أمريكا لن تسمح بدور أممي في السودان، فمرحلة لا حرب ولا سلام التي سادت لزمن طويل؛ قد ولت بلا رجعة، كما أن البلاد الآن تعاني من الشد من أطرافها؛ الشرق، الغرب، وجنوب كردفان.
*لكن… أين الدور الوطني في هذا الواقع ؟!*
قطعاً لن يستمر الوضع السياسي الحالي طويلاً، فقد انعدمت كل مقومات وإمكانية الاستمرارية، ولابد من التعجيل بإيجاد رؤية وطنية لرسم خارطة طريق للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما أن أي مزايدات سياسية في هذا التوقيت ستهدد الأمن القومي للبلاد.
معاً لبناء السودان ..
معاً لإنشاء منابر الأغلبية الصامتة..
معاً للمشاركة في بناء منبر الشارع.

# أسامة ميرغني
١٧ يوليو ٢٠٢١م
جريده الجريده

التعليقات مغلقة.