محاكمة مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو وموقف القانونين منها!!بارود صندل رجب/المحامي

ماسة نيوز

هذه المحاكمة اكثر من عادية،وهنالك سوابق قضائية راسخة لمثلها،،،،ولكنها اقامت الدنيا ولم تقعدها بعد،،،،
لا جديد تميزها عن غيرها من المحاكمات سوي ان غالب المتهمين كانوا في دست الحكم،،عسكريين ومدنيين اطاحت بهم الثورة،،،فما الذي جعلته تحظي بكل هذا الزخم؟
يري انصار النظام الجديد ان امد هذه المحاكمة تطاول باكثر مما ينبغي ويحملون وزرها لهيئات الدفاع،،،،ولم تسلم هيئة المحكمة نفسها من الهمز واللمز بالضعف مرة واخري بمجاراة الدفاع،،بل الجهر بالاتهام بالضعف والجهل بالقانون،،،مولانا سيف الدولة حمدناالله وهو بلا مراء قامة قانونية مثقلة بالعلم والدربة وقد ساهم من خلال كتاباته الراتبة في كشف الكثير المثير من الخراب الذي اصاب المنظومة العدلية ابان العهد البائد،،وتواصلت اسهاماته في الدفع باصلاح القضاء بعد الثورة،صحيح وبطبيعة الحال ليست كل اراءه محل اتفاق الجميع ولكنها اتسمت بالموضوعية والمعقولية،،الا فيما يلي هذه المحاكمة،،بعد الجلسات الاخيرة والتي انسحبت منها هيئة الاتهام وما تبعتها من طلبات للدفاع،،،خرج مولانا سيف الدولة عن طبعه المتزن والمتوازن الي شئ اخر واصفا الجميع بالجهل وقلة الفهم والعبثية،،،محامي الدفاع،المحكمة وهيئة الاتهام،،، طلبات الدفاع المقدمة بشطب الدعوي او حفظها في نظره، استهانة بعقل المحكمة،، وان الدفاع اقدم عليها مراهنا علي اعتقاد عبثي منهم مبني علي تقديرهم لحدود ما تتمتع به هيئة المحكمة من حصيلة ومعرفة بالقانون،،،،ومضي مولانا الي القول واصفا المحكمة بالجهل المطبق كونها رفعت الجلسة لدراسة طلبات الدفاع،،،في حين ان مثل هذه الطلبات يلزم الفصل فيه بالرفض دقيقة زمن واحدة من قاضي مبتدئ،،،وخلص الي ان ذلك دليل علي صحة الاساس الذي بني عليه الدفاع الرهان،،،ومضي شارحا متي وكيف يتم شطب الدعاوي الجنائية،،،وفق القاعدة المعروفة لدي تلاميذ القانون، ،،ومضي في احكام قاطعة بان ما يجري في القضية مجرد عبث من كل الاضلاع،،واخر فصول ذلك كان في قرار هيئة الاتهام بالانسحاب من القضية ذلك انه وعلي الرغم من وجاهة مسوغات الانسحاب الا ان اللجوء الي هذا السبيل فيه خروج غير جائز علي اصول وقواعد المحاكمات،،،وهكذا فان مولانا سيف الدولة،رمي الجميع بالجهل الفاضح للقانون،،،قضاة المحكمة الثلاث،،،،رئيسها قاضي بالمحكمة العليا،،،والعضوان قضاة محكمة الاستئناف وخبرتهم العملية في القضاء تفوق خبرة مولانا سيف الدولة فمن غير المستساغ رميهم هكذا بالجهل وبالضعف،،،اما هيئات الدفاع فغالب المحامين اصحاب خبرات مركوزة وغير قليل منهم يحملون درجات علمية بجانب خبراتهم العملية في القضاء ووزارة العدل والمحاماة وقد شهدت لهم ساحات العدالة بانهم من فرسانها،،،اما هيئة الاتهام فان ظهر عليها بعض الضعف فان مرده ليس الافتقار الي العلم والخبرة بل يعزي ذلك الي ان القضية نفسها مهلهلة ومقطعة الاوصال،،،وشهادة حق في زملائنا في هيئة الاتهام ونحن نعرفهم لا ينقصهم العلم ولا الخبرة ولكنهم يعانون من ضغط الجمهور الذين يرون ان المحاكمة تطاولت وكانوا يظنون انها لا تستغرق الا وقتا يسيرا يقلقهم ذلك ويخرجهم عن طبعهم،،اننا نعيب علي استاذنا سيف الدولة تجاوزه لما ينبغي ان يكون بين زملاء المهنة فمهما اختلفت مشاربنا الفكرية والحزبية فاننا ابناء مهنة الجبابرة نختلف بشرف ويعذر بعضنا البعض في ذلك والود محفوظ،،،
هذه المحاكمة يختلف الناس حولها اختلافا بينا،،،.ولكن علي خدام القانون وسدنته، ان نضع نصب اعيننا مسالة المحاكمة العادلة وهي من القواعد القانونية الدولية التي تطبق علي مرحلة المحاكمة وان هنالك قاعدتان اساسيتان،الحق في المساواة امام القانون والحق في افتراض البراءة الذان يحكمان اجراءات المحاكمة من البداية وحتي صدور الحكم النهائي،اننا نلحظ جنوح عدد معتبر من القانونين الي مواقف سياسية تؤثر بصورة تبعدهم عن المهنية وذات الامر ينسحب علي زمرة من القضاة بينما يجب علي القضاة الامتناع عن الانخراط في اي نشاط يحتمل ان يتسبب في التدخل في وظائفهم القضائية او يؤثر علي الثقة باستقلالهم،،،هذه المحاكمة من وجهة نظرنا شابها تجاوزات قانونية،،،اولها انها انشات محكمة جنائية خاصة في تعارض بين مع الوثيقة الدستورية التي نصت علي ضرورة مثول كل السودانيين امام محكمة طبيعية عادية،،،وثانيها ابطلت المحكمة ومن بعدها المحاكم الاعلي نص التقادم المسقط للدعوي الجنائية في قانون الاجراءات الجنائية بدعوي ان الجريمة تندرج تحت الدعاوي التي من طبيعتها الاستمرارية،،،هذه سابقة خطيرة جدا تلغي كل السوابق القضائية الراسخة في البلاد والتي قضت بعدم وجود تصنيف القضايا الي قضايا مؤقته،،ومستمرة،،،،اما ثالثها تغييب المحكمة الدستورية،،،المنوطة بها الفصل في دستورية القوانين وحماية حقوق الانسان،،عجز موكلونا في اللجوء الي المحكمة الدستورية طعنا في عدم دستورية نصوص في قانون الاجراءات الجنائية وهي النصوص التي تجيز لرئيس القضاء انشاء محاكم جنائية خاصة،،كما عجزوا من اللجوء اليها لحماية حقوقهم الاساسية حق المحاكمة العادلة،والمساواة امام القانون،،،،ما راي مولانا سيف الدولة في هذه الدفوع اليست قانونية،،ام انها ايضا عبثية وتنم عن جهل بالقانون!!
نخشي ان تجرفنا تيار السياسة والاعيبها بعيدا عن سيادة حكم القانون،،وعن الاجراءات القانونية السليمة،ونخشي ان ياتي اليوم الذي نحتاج فيه الي قانوني ضليع ومهني ومستقل ليتبؤ منصب رئيس القضاء او النائب العام او حتي رئاسة البلاد فلم نجده،،،لان المواقف السياسية لوثت الجميع بلا استثناء،،
سلمنا بالريادة لمولانا سيف الدولة وبلعنا اتهاماته لنا بالجهل وقلة الخبرة،،سؤالنا له ماذا تفعل المحكمة اذا تمترست هيئة الاتهام بالمقاطعة،،،؟هل تشطب الدعوي وتطلق سراح المتهمين،،،ام تحفظ الاجراءات وتطلق سراح المتهمين المحبوسين بالضمانة العادية؟ام ترفض طلبات الدفاع جملة وتوالي الاجراءات،،بسماع قضية الاتهام،،،وهذا الر اي هو الذي تبنته هيئة الاتهام علي لسان معز حضرة الناطق باسمها ففي تسجيل صوتي له يطمئن الشعب السوداني بان انسحابهم لا يودي الي شطب الدعوي بل ان المحكمة سوف تستمر في سماع قضية الاتهام وان البينات واضحة وقوية،،،هذا الراي فيه نظر بحسبان ان المحكمة لا يمكن ان تحل محل الاتهام،،لتجلب الشهود وتستجوبهم،،وعندها لا تكون المحاكمة عادلة،بحسبان وجود تحامل اجرائي لصالح طرف او اخر،اي لم يكن هناك تكافؤ في الاسلحة المستخدمة(العبارة المستخدمة في القضايا الأوربية)،،وكون ان القضية فيها حق عام،،،لا يعني ان يظل المتهمون تحت رحمة الاتهام لا سيما الذين ما زالوا بالحراسة قيد المحاكمة منذ عام ونصف،،،اي نصيحة يقدمها مولانا سيف الدولة لهيئة الاتهام لتجاوز هذه المعضلة،،وتعلن هيئة الاتهام انها لن تعود الي المحاكمة والتي وصفتها بالمسرحية في ازدراء للمحكمة يستلزم المساءلة،،،علي السلطة القضائية ان تحرك اجراءات جنائية في مواجهة هيئة الاتهام كما فعلت من قبل في مواجهة بعض اعضاء هيئات الدفاع،،،فيما اعتبرتها اشانة بسمعة القضاء وهي اقل بكثير مما صدر من هيئة الاتهام،،،
اعترف مولانا سيف الدولة بوجاهة مسوغات انسحاب هيئة الاتهام،،،نحن لم نقف بعد علي تفاصيل وحيثيات مذكرة هيئة الاتهام التي دفعت بها للسيد رئيس القضاء،،وان الهيئة لم تشاء الكشف عن تفاصيل المذكرة الا في وقتها،،،ولكن ربما اطلع عليها مولانا سيف الدولة كونه الاقرب الي هيئة الاتهام!!
فلا ضير من الكشف عنها،،،لاسيما ان الجميع علي علم بان المطلب الاساسي لهيئة الاتهام هو تنحية قضاة المحكمة الثلاث او رئيسها،،،،وان الهيئة واثقة تماما من ان رئيس القضاء سوف يستجيب لطلبها،،هذا هو مربط الفرس،،والقشة التي تقصم ظهر البعير،،،اي ظهر استقلال القضاء،،ننتظر لنري.

التعليقات مغلقة.