هل تلقيتم دعوة للانضمام إلى كلوب هاوس؟
ماسة نيوز:وكالات
منذ بدء جائحة كورونا، توسعت الحياة الرقمية على حساب الحياة الاجتماعية بسبب إجراءات الحجر الصحي- الذي لم ينتهي بعد. تضاعفت أعداد التطبيقات العملية والاجتماعية التي نستخدمها يوميًا مع تزايد عدد الساعات التي نقضيها خلف الشاشة بين العمل والدراسة والتواصل مع العالم ووقت الراحة والترفيه، وأصبحت مقتصرة على شاشات بأحجام مختلفة تتساوى جميعها في جلب الصداع والأرق. اليوم، يأتينا تطبيق تواصل اجتماعي جديد وبقالب مختلف، حقق نجومية عالمية خلال الأشهر الأخيرة، ومن المرجح أن ينافس اللاعبين الكبار في سوق شبكات التواصل الاجتماعي.
محور الضجة حول كلوب هاوس
كلوب هاوس هو تطبيق قائم على المحادثات الصوتية المباشرة بين شخصين أو أكثر في “غرف” مفتوحة أو مغلقة تتدرج في مستوى الخصوصية والعمومية بحسب اختيار “المشرف.” عند استخدام التطبيق أول مرة، قد تبدو التجربة، كأنها مشوار في مقهى شاسع تجلس فيه للحديث مع اصدقائك بينما تستمر أذنيك في التنقل بين المحادثات الأخرى التي يخوضها الغرباء على الطاولات المجاورة من حولك -قد يكون بودك التدخل فيها أو التنصت عليها ولكن تمنعك الحواجز الاجتماعية من فعل ذلك على أرض الواقع. أو يمكن تشبيهه كذلك باجتماع زووم يضم أشخاصاً لا تعرف أيًا منهم بالضرورة ولكنك معني بأن تشارك بهذا النقاش.
تم انشاء التطبيق في أبريل الماضي ولم يكن تاريخ انطلاقته متاحً إلا لدائرة صغيرة من المستخدمين، قبل أن يقرر المطورون توسيع هذه الدائرة في يوليو تمهيدًا لتسهيل النسخة التجريبية من التطبيق. لا يمكن الانضمام إلى كلوب هاوس إلا إذا كنت من مستخدمي أجهزة الأيفون ومشتقاتها، والأمر يعتمد كذلك على تلقيك دعوة من أحد المستخدمين الحاليين للتطبيق. هذا يعني أن المحادثات على المنصة حصرية، ويبدو أن النسخة التجريبة تستهدف نخبة اجتماعية وثقافية معينة لتقيس على تفاعلها تجربة توظيف المحادثات الصوتية كوسيلة جديدة لتكوين المجتمعات الرقمية وتناول المعلومات والقضايا الحاضرة.
هذه الحصرية وبرستيج عضوية كلوب هاوس ولدت سوق سوداء لبيع الدعوات من أجل الانضمام إلى ما يتم وسمه بـ سوشيال ميديا المستقبل، يمكن شرائها من المتاجر الرقمية عالميًا وايضًا من أسواق الحراج الرقمي في الجانب العربي.
تجربة المستخدم لمن استطاع إليها سبيلًا
لا تزال المنصة غير قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من المستخدمين، ولكنها تستمر بالنمو السريع، حيث بلغ عدد رواد التطبيق في يناير ما يقارب مليوني شخص نشط. عند انضمامي للتطبيق في مطلع ديسمبر ٢٠٢٠ كانت المنصة تبدو مزيجًا بين تويتر ولينكد إن في قالب بودكاست حواري متعدد الأطراف، بمعنى أنه يمكن للمستمع كذلك المشاركة في الحديث من خلال اتاحة المساحة للمداخلات العامة واسئلة الحضور.
واجهة المستخدم تتضمن غرفًا متنوعة تظهر حسب نشاط المستخدمين والنوادي clubs الذي يقوم الشخص بمتابعتها ويمكن للمستخدم القفز من غرفة صوتية إلى أخرى بسلاسة. في البداية ظهرت الغرف أمريكية وبريطانية المضمون والتركيز بحكم شعبية التطبيق في هذه الدول قبل وصوله الى بقية المناطق. بدى التفاعل أقرب إلى شبكة تعارف وتبادل للخبرات العملية وفرصة للحصول على علاقات مهنية، تبدأ داخل الغرف وتنتهي بالتشبيك في منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، التي تسمح بمحادثات نصية خاصة كتويتر وانستغرام.
يمكن للمستخدمين ذوي الاهتمامات المشتركة إنشاء نوادي متخصصة بعد تقديم طلب والحصول على الموافقة من الإدارة، وهو ما يعني أن الأعضاء يستطيعون إطلاق غرف داخل هذه النوادي للتواصل مع أشخاص آخرين والانخراط في نقاش عن مصلحة مشتركة. تنقسم الغرفة إلى فئات بحسب مستوى الصلاحيات والمعارف التي يمتلكها المشارك، حيث يُنشأ الغرفة مشرف واحد أو أكثر، وهم الأشخاص الذين يتحكمون بسير النقاش وترتيب المداخلات، ولديهم كذلك ميزة اختيار المتحدثين وطرد المشاركين من الغرفة إن لزم الأمر. يسمح للحضور باستخدام ميزة “رفع اليد” للتحدث والمشاركة بالنقاش، كما يمكنك ترك الغرفة بهدوء متى أردت.
عن ماذا يتحدث الناس على كلوب هاوس؟
يطغى رواد الأعمال على مساحة واسعة من النقاش ويرجح ذلك إلى الترويج الأولي للمنصة كملتقى لرواد الأعمال والمستثمرين في هوليوود التكنولوجيا -وادي السيليكون وما حولها. اليوم يكتسح العرب الصفحة الرئيسية ويتصدرها الجمهور السعودي بجدارة في نقاشات محتدمة لم أشاهدها سابقًا بين رواد مواقع التواصل.
يبدو أن هناك شعورًا بأريحية الحديث على المنصة بحكم أن جميع المحادثات تبث بصورة مباشرة وتختفي بمجرد انتهاء النقاش في هذه الغرفة، ولكن الشعور بالأمان وانعدام الرقابة أثرت النقاشات بشكل كبير، ولكن تبين أن ما يحدث في كلوب هاوس لا يبقى في كلوب هاوس، فقد شوهد تسجيل وتسريب للعديد من المحادثات من كلوب هاوس إلى تويتر بغرض التنمر أو المهاجمة، أبرزها كان نتيجة لاحتدام النقاش في أحد الغرف بخصوص السماح باستهلاك الكحول في السعودية وتم تسجيل بعض المقاطع من الحديث ومشاركتها بصورة تخرق مبادئ المنصة.
بالرغم من استمرار الجدل حول نخبوية كلوب هاوس، تبدو الجموع مكونة من أفراد ذوي رصيد كبير من الخبرات والتجارب التي يودون التحدث عنها ومشاركتها. ولكن المحتوى لم يسلم من انتقادات، ققد تم تقديم شكاوى عديدة تتعلق بكون التطبيق لم يفعل الكثير لحماية المشاركين من سوء المعاملة، وأشار البعض أن الطبيعة الصوتية فقط للتطبيق سمحت له بأن يصبح “مكانًا لنشر الذكورية والعنصرية والكراهية.”
فئات المستخدمين والمحادثات أكثر تنوعًا في الجانب العربي، النقاشات كثيرة ومتنوعة، من طريقة عمل الكنافة، والإجابة عن سؤال روبي لماذا يداري كده، لاقتصاد الشركات الناشئة، الصعود الى المريخ، صناعة الأزياء المستدامة، وقضايا الجندر والهوية الجنسية وغيرها. وطبعاً هناك من استخدم هذا التطبيق الحصري وحوله لـ خَطابة.
التواصل الاجتماعي عبر الصوت، إلى أين؟
لا شك أن شعبية السوشيال ميديا الصوتية تأثرت بأوضاع الحجر الصحي، حيث يقضي كثيرون منا أوقاتهم محاطين بالصمت وهبوط في الحد الأدنى للضجة الاجتماعية باستثناء مكالمات العمل والصفوف الرقمية، فتأتي هذه الغرف لتعبئة الفراغ بطريقة تبدو أكثر إِئْتِلافِيّة واقل مجهودًا.
ومع ذلك تحوم الكثير من علامات الاستفهام حول كيفية تنظيم هذه المساحة وحماية المستخدمين من خطاب الكراهية والتنمر والتحرش الإلكتروني وتفشي الأخبار والمعلومات المزيفة في ظل رفع القدرة الاستيعابية للتطبيق، والاستعداد لاتاحة المنصة لعدد أكبر. يقيم مؤسسي كلوب هاوس روهان سيث وبول دافيسون غرفة دورية تحت عنوان اجتماع الـ Town hall يحضرها ٥،٠٠٠ مستمع وهو الحد الأقصى للاستضافة في الغرفة الواحدة حتى اللحظة. يناقش الفريق المستجدات التي يتم العمل عليها حاليًا لتطوير التطبيق فيما يخص الإعدادات والميزات وكذلك تعدد الفعاليات الأكثر شعبية وحضور المشاهير على المنصة.
سوق التواصل الإجتماعي الصوتي يبدو حافًلا بالمنافسة، تويتر أعلنت عن خاصية Spaces التي تعتمد كذلك على المحادثات الصوتية المباشرة واطلقتها لبعض الحسابات، وتخضع حاليًا للتطوير. وبحسب نيويورك تايمز فيسبوك ستدخل المنافسة عن طريق تطوير منتج يعتمد على المحادثات الصوتية.
لا شك أن للتواصل الصوتي وقع مختلف على حواسنا، إنه أكثر ودية واوسع تأثيرًا، ولعل ذلك ما يجعله سلاحًا ذو حدين، في عصر المعلومات السريعة، هل تخضع التجربة الصوتية لنفس الانماط الاستهلاكية للمعلومات كما في منصات التواصل الاجتماعي الأخرى الكتابية والبصرية؟ قد يلزمنا أن نواجه مستقبلًا تحديات في التصدي لنماذج جديدة من التزييف والتهديدات لسلامة المساحة الرقمية وتبعاتها داخل وخارج الشاشة
التعليقات مغلقة.