القوات المسلحة و السياسة !! بارود صندل : المحامي

ماسة نيوز

ظلت القوات المسلحة منذ تاسيسها في قلب الصراع السياسي في البلاد ومع ذلك حافظت علي قدر كبير من الحياديةوالمهنية. تدخلت القوات المسلحة ثلاث مرات في انهاء انظمة عسكرية منحازة لمطالب الشعب في اكتوبر1964 وفي ابريل 1985 وفي ابريل 2019. ويحمد لها في المرة الاولي والثانية انها اعادت السلطة الي الشعب عبر انتخابات في فترة وجيزة وبذلك اثبتت قوميتها وحياديتها وانها كانت علي مسافة واحدة من القوي السياسية،،،وفي ذات الوقت ظلت القوات المسلحة صمام امان لسيادة البلاد ووحدتها كانت متماسكة ومنضبطة. .وبالمقابل سعت القوي السياسية كل القوي السياسية علي اختراق القوات المسلحة وتجييرها لصالحها وان الانقلابات العسكرية كانت وراءها القوي السياسية،،،انقلاب عبود بسعي من حزب الامة،،انقلاب نميري بتدبير من الحزب الشيوعي وانقلاب البشير بدعم من الجبهة الاسلامية،،،كانت هذه الاختراقات نقطة ضعف القوات المسلحة ورغما عن ذلك كانت قوميتها ومهنيتها وتماسكها حاضرة و محل احترام وتقدير الشعب بدليل الالتجاء اليها في كل مرة تدلهم الامور وتبلغ مدي لا بد من التغيير،،،وعقب اي تغيير تظل القوات المسلحة حائط صد ضد الاختراق الخارجي والتامر الداخلي،،،ذلك ان الموقع الجيوالسياسي للبلاد تدفع القوي الاجنبية العالمية والاقليمية الي البحث عن موطئ قدم في البلاد،،وفي غالب الاحيان ان هذه القوي الاجنبية تتسلل عبر الاحزاب والتي بطبيعتها اما احزاب ضعيفة البنيان الوطني وفاقدةلرؤية استراتيجية واما احزاب عقائدية مرتبطة بتنظيمات سياسية وفكرية خارجية،،
صحيح ان وضع القوات المسلحة ما كان مثاليا،،،خاضت القوات المسلحة حروبات داخلية متطاولة ارتكبت خلالها انتهاكات فظيعة لحقوق الانسان،،،وفي كل مرة تنجو من المحاسبة،،كما وان بنيانها وتركيبتها غشيتها العنصرية المنتنة،،،خاصة في العشرية الاخيرة من حكم المؤتمر الوطني ولولا الثورة العظيمة لشهدت البلاد اقتتالا جهويا عنيفا تهدد بذهاب ريحها،،،هذه الحقائق يجب الاعتراف بها ووضعها في الاعتبار عند اعادة هيكلة هذه القوات علي اسس جديدة،،،علي راسها القومية والمهنية والانضباط والبعد عن التدخل في السياسة،،،،الخراب الذي اصاب مؤسسات الدولة خلال حكم المؤتمر الوطني انسحب علي القوات المسلحة فبجانب الانتقائية في الانتساب اليها وحرمان مناطق واسعة من البلاد في الانتماء اليها،،،ذهب النظام البائد الي تهميشها والتقليل من شانها مخافة خروجهاعن الطاعة وحماية النظام،،،عمد النظام الي انشاء تنظيمات عسكرية موازية،،كتائب جهادية،،دفاع شعبي اكثر ولاءا للنظام واخيرا احتضن النظام قوة عسكرية خلقها واخرجها من رحم النزاع في دارفور وهي مليشيا اثنية واغدق عليها بامكانيات ضخمة واعتبرها قوة خاصة ضامنة لاستمراره،،،وكانت هذه العملية ضربة نجلاء في خصر القوات المسلحة وما عادت هي وحدها المالكة للقوة ومنوطة بها حماية البلاد والعباد،،،ولما كانت هنالك بقية من اساس متين لم ينهار بعد في بنيان الجيش استطاع قادتها لملمة اطرافهاوكفكفة القوات الموازية الخارجة عن سيطرتها والعبور بها والانحياز لمطالب الشعب في انهاء حكم النظام البائد ويحمد لها ذلك وسيظل التاريخ شاهدا لها انها احسنت،،،ويحمد لها ايضا انها تماسكت وحافظت علي كيان البلاد من السقوط الكامل، تكالبت كل قوي الشر علي البلاد وفي الداخل تنامت العمالة وتكاثرت بصورة كانت كفيلة بتفكيك البلاد صامولة صامولة ،،،كان الاستهداف الاكبر من نصيب القوات المسلحة عبر تحميلها كل مشاكل البلادوشيطنتها تمهيدا لتفكيكها،،،صمد القوات المسلحة التي لم تجد الدعم والمساندة الا من الشعب و من بعض قواها الوطنية،،،انحنت القوات امام العو اصف العاتية التي هبت عليها من حدب وصوب،،،دخلت في شراكة مع شركاء متشاكسون بل بعضهم يضمر العداء السافر لها،وكان تقديرها خاطئا من كل النواحي،،،هذه القوي التي ادعت انها تمثل الثورة وهي سارقة لها، تفتقر الي البعد الشعبي بل تتبني افكار وقيم تتقاطع مع اصول الامةبجانب ارتباط هذه القوي بالخارج وتدخل الخارج دائما تدخل خبيث،،،حاولت القوات المسلحة تقاسم السلطة معها خلال الفترة الانتقالية فجاءت القسمة ضيزي،،،تمكنت القوي السياسية من السيطرة علي مفاصل البلاد،،السلطة التنفيذية بالكامل والاعلام والولايات ونصيب الاسد في التشريع،،والمؤسف عمدت القوي السياسية المتشاركة مع العسكر الي اقصاء كامل لتيارات سياسية لها عمق في البلاد وهي تيارات اصيلة وطنية غير مرتبطة بالخارج بل داعمة للقوات النظامية وليست عميلة،،وجدت القوات المسلحة نفسها تصارع للبقاء الي درجة التماهي مع القوي السياسية الحاكمة،،،كان ذلك خصما من رصيدها لدي الشعب،،،وبعد اكثر من عامين من الثورة ما زالت البلاد تترنح وفقدت الوجهة تماما اصبحت البلاد مسخا مشوها وتحول التغيير الي نقمة،،،قيادة القوات المسلحة المتمثلة في المكون العسكري في مجلس السيادة الشريكة مع القوي السياسية الثورية،،اصبحت فاقدة التاثير بل محل اتهام من شركائها،،،انظر الي الاعلام الر سمي لتدرك حجم الكارثة هذا الاعلام تحول بالكامل الي عداء سافر للقوات المسلحة يسلب قوميتها ومهنيتها ودورهاوفيما يلي الشعب يسعي الاعلام البائس الي زرع الفتنة والشقاق تمهيدا لتدخلات اجنبية،،،يستهدف هذا الاعلام الي نقض عري الامة وسلبها مكامن قوتها وتفكيك مؤسساتها،،ومعرفة هذا كله لا يحتاج الي درس عصر،والقوات المسلحة بما تملك من اجهزة الرصد والتحليل لا يفوت عليها ذلك،ولكنها ولاسباب غير معلومة تغض الطرف،،في خطابات قادة العسكر الاخيرة يلمس المرء ان الحال قد بلغ الحلقوم يشيرون الي ضرورة الوحدة والوفاق بين كل مكونات اهل السودان الا من كان سببا في الفساد والطغيان والبغي وفي ذات الوقت يتحدثون عن ضرورة وحدة قوي الثورة،،هذه الاجسام الهلامية هي التي سرقت الثورة وانحرفت بها عن مسارها وانها لا تزيد البلاد الا خبالا،،،انكشف ذلك للجميع للثوار،،وعامة الشعب،،،هل خفي علي القوات المسلحة؟هذا الوضع ينتقص من دورالقوات المسلحة وهي المؤسسة الوحيدة في البلاد الان تعد قومية الي حد ما ومنوطة بها الحفاظ علي استقلال البلاد وحماية سيادتها،،،ولا خيار امام قادتها وممثلوها في الحكم الا من اثنين ترك قيادة الجيش ان ارادوا الانخراط في الفعل السياسي انحيازا لتيارات سياسية سمت نفسها قوي الثورة والتماهي معها او حتي صناعة تيار خاص بهم ليخوضوا مع الخائضين وبالمقابل تتولي قيادات جديدة قيادة الجيش علي اساس قومي دون انحياز لاي مجموعة سياسية بل يمكن لها القيام بدور التقريب بين مكونات الشعب لتحقيق قدر من الوفاق،،،واما ان تعود قيادة الجيش الي عرينها مبتعدا عن التدخل في الشان السياسي وتسليم كامل السلطة للقوي المدنية انهاءا لحالة الجمع بين ضرتين،،،هذا هو الطريق والا سوف تشهد البلاد عدم استقرار ينذر بالخطر الماحق،،،اللهم انا لا نسالك رد القضاء ولكن نسالك اللطف فيه.
بارود صندل رجب/المحامي

التعليقات مغلقة.