رمضان النصر وبركات صيامه: الاستاذ : عبد المنعم ابوبكر

بسم الله الرحمن الرحيم

(١)
نبارك لشعب السودان  المسلم ، شهرالله رمضان الذي تتنزل عليهم  فيه  عظيم  المنن  والبركات من  توبة ،  ورحمة ،  ومغفرة ، وعتق  من  النار
إن شاء الله . وفيه ارتقى إلى ربه العفو الرحيم
أخونا العزيز الدكتور الزبير محمد الحسن ،تقبله
الله  شهيدا  عنده ، وألحقه  بعباده  الصالحين ، يحبر في أعلى جناته ، مشمولا  برضوانه الأكبر،
والعزاء  إلى أمته  وإخوته  وآل  بيته  وذريته، وجعل فيهم بركته ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
أما بعد :
فمن آثار رحمة الله وبركاته في شهر الصيام : ما أحيا الله به القلوب المؤمنة وأيقظت به همم النفوس الصادقة ، فلا غرو إن تفجرت  صحوة الشباب المسلم  بالسودان خاصة ، كما اشتعلت بها مشاعر أهل القبلةبالسودان كلهم رجالاونساء كبارا وصغارا ،بمختلف مدارسهم الفكرية وتنوع مناهجهم التربوية، ومذاهبهم العملية وجهاتهم ، وقبائلهم ، وألستنهم ، فكلهم يؤمنون بالله يقينا وينعقدإجماعهم تأكيدا،وتحقق طاعتهم تصديقا تحت  لواء  :
“لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت، وهوعلى كل شيءقدير ربا  خالقا  ورازقا ،  ومعبودا  بحق  ، ومشرعا ”
“وأن  محمدا ، صلى الله  عليه  وسلم ، عبدالله ورسوله ، هاديا ومبشرا ونذيرا ، وداعياإلى الله بإذنه وسراجا منيرا ،قائدا رائدا وأسوة  حسنة،
لمن اتبع النور الذي أنزل معه ،كتابا وسنة ،هدى للناس إلى صراط الله المستقيم ” .
*وكيف لا تصحو الضمائر فتثور مشاعر الشباب المسلم غضبا لحرمات الله المنتهكة حين ابتلى السودان بنظام حكم توشح بالضلالة ، وهوأشد فتكا بالقيم النبيلة وأعظم ظلما ،وأكثراستفزازا للقلوب المؤمنة من تجاوزات  حكم سلفه الغابر والذي أغضب  الناس  فثاروا  عليه  واسقطوه، فالحكم  الخالف اليوم  وإن كانر هو ثمرة  مرة لثورة الشعب المخطوفة فقد جاء أيضا :
* حكما يكفر بالله ورسوله ،كفرا بواحا ، يمقت
الإسلام ويحاربه ،تشريعا وأخلاقا ،ودعاة هدى ومعتنقي حق ، بل  وينتهك حرمات  الله جهرة  فيبيح الموبقات ويسن القوانين إغراءلمقارفتها.
*حكما اهدر كل القيم  السامية  التي  اكتسبتها  البشرية ، بعون الله وفضله ، ثم بكفاحها الدائب من إجل  الحرية  ، والعزة ، والكرامة ، والعدالة  والمساواة . وقيم   الأمانة،  والصدق ، والوفاء  بالعقود والعهود ، وقدانتهج نظام الحكم الكذب والخداع والظلم والإستبداد، محطماكل وسائل تحقيق العدالة ، واتخذ الإنتقام عنوانا للتشريد والإعتقال  بلا  ذنب  والسجن  ظلما  للإبرياء  وتعذيبا لهم  وتقتيلا .
*حكما تقوم أركانه على العمالةوالخيانةوإدمان الإرتزاق والمتاجرة  بدماء  السودانيين  خدمة للعدو والأجنبي ، مع اعتماد  التدمير والتشويه  قاعدة  لكل ما قد سبق  من إنجازات لغيره في  كافة المجالات  : من تعليم وصحة ومواصلات
و في  سائرالخدمات ، المياه ، والكهرباء..الخ وا بل وبالعجز  الشائن  والبين  عن إدارة  مرافقها ناهيك عن  القيام  بتأسيس   مثلها  أو تطويرها وفوق ذلك  فقد  درج  الحكم  أيضا على تشويه سمعة كل  خصم  سياسي ، اغتيالا لهم  بالكذب والتزوير ، في حين  أنه قد  الحق بالبلاد  جراء  إخفاقاته جوعا ومسغبةوغلاء فاحشا ، وملأها خوفا وفساداومضاعفةالخراب وتفشي الأوبئة
فكان خروج الشباب المسلم إلى الساحات بهذه القوة هو ضربا من  التحدي والإحتجاج ، وردا
مفحما لكل ما يدور  عنهم  من  لغط  الأكاذيب التي جرت وتجري ولاسيما إذا وافقت يوما من أيام الإسلام الخالدات التي غيرت في  التاريخ الإنساني  ، معركة  بدر الكبرى ، فما أعظمها من حدث ، يتذكره المسلمون بفرح وغبطة واعتزاز ولما فيه  من عبر وشحذ للهمم  وتجديد  للعهد والميثاق وحبالمن سبق بالإيمان من إخوةالتقى الذين منحوا حياة البشرية عطاء خالدا ومجيدا خاصة وأن  أمة  الإسلام  وشعوبها  هذه الأيام  تعيش وهي تعاني من تحديات  جسام ، منها ما يسعى حثيثا  وينذر  باستئصال  شأفتها ، فلولا إيمان بوعدالله الصادق بحفظهاالأمرالذي يجدد ويعضد من عزم كل مجاهدبأنه بإذن الله سينال أحدى  الحسنيين :نصرا من  الله  يشفي صدور المؤمنين ،وإما شهادةفي سبيل الله يرزقون بها فيرتقوا  إلى مواكب الذين أنعم  الله عليهم من النبيين  و الصديقين   و الشهداء   و الصالحين  وحسن أولئك رفيقا…..وزمرا إلى الجنة زمرا.
* لقد صاحب لغط كثير خروج الشباب المسلم  إلى الساحات  للإفطار  في  رمضان بين  مادح  وقادح ،سواء من أعدائهم أومن بعض إخوانهم المشفقين  حبا وإعجابا .
*فكان ذلك الخروج حدثامبهجاللنفوس الطاهرة الثائرة ،وكابوسا مخيفاللنفوس المرعوبةالخائرة فكان في الأولى  الحماسة  والتحدي  بالتصدي ومن الثانية الإنزعاج  والرعب والتعدي .
فمن هذا الإيمان والتوكل والإصرار والعزم
ومن ذلك التخبط والتهوروالإفلاس والندم
فما كان من الأعداء فهو محض حقد دفين وبغض وخيم . فقد بدا  ذلك واضحا في سوء  مقصدهم ، وظاهر رعبهم ، فإنهم كم  يتمنون أن لو خسفت بشباب الإسلام  الأرض فانقطع دابرهم ، وذهبت ريحهم وانطفأ بريقهم  الذي  ضاءت بنوره ظلمات السودان فوجودهم هذا أي الشباب المسلم –  حرا طليقا  يزين الحياة وجودا يغيظ العدا  ويسر  الصديق – فهو  هم مقيت ، وغم  مميت ، لا يطاق تصوره ويصعب  تجاوره فضلا عن تحاوره فالسبب واضح :

فالشباب المسلم كان ولا يزال ، هو سبب هلاك أعدائهم المعنوي وتلاشيهم الفعلي  فكرا وذكرا ، تقزموا  وتشرذموا  وتشظوا  سياسيا واجتماعيا فمهما  كان  مشربهم  وقبيلهم   وفصيلهم  فقد نبذوا ، سواء كانوا  مشركين  ملحدين ، كافرين منافقين  غافلين أو جهلاء  مطبقين، وسواء قد تمتعوابكل هذه النعوت جملةأوببعضهاأوبواحد  منها . فإنهم هم  ذاتهم  الشيوعيون العالمانيون البعثيون  الناصريون  الجمهوريون ، مقبوحين أينما ثقفوا  ذمهم  الشعب السوداني  وطردهم  فلم  يمنحهم  يوما ثقته ، فهاهم يحتالون عليه فيتسللون في غفلة من الزمن الرديء متوكئين  على أسنة  رماح  الجيش  متشبثين  ” ببوت ” العسكر، ومتجمعين تحت لوائه عسى ولعل ،أن يقهروا  هذا  الشعب  المسلم  والذي  قد  بذهم  شبابه  وعيا  وفكرا  وسما  عليهم  خلقا وذكرا ، وقد فاقهم إخلاصا وعملا وإبداعا ، ولذلك  كان كل أعداء الشباب يبغضون فيهم  إسلامهم .ولا يرقبون فيهم إلا ولا ذمة :
“ومانقموا منهم إلاأن يؤمنوابالله العزيزالحميد”
* فلذلك  قرر تجمع  الأعداء إقصاء الإسلاميين حتى ولو لمجرد إبداء الرأي . بل  ويسعى  أبدا إلى إفنائهم  إن  استطاع ، وإن  بقاءهم  أحياء بينهم  أمر  مرفوض  بل  يجب  على   الشباب المسلم أن يظل تحت وطاء أعدائه ذليلا خانعا، يستعان  عليه  بكل  شيطان  رجيم  من الإنس والجن، ومن كل سنخ في العالمين .
*والحقيقةالمؤكدةأن أعداءالإسلام في السودان
بل وفي كل مكان ، لا  يريدون  للإسلام  وجودا مؤثرا  في  الحياة ، بل  ويسعون  غاية جهدهم إلى استئصاله إن استطاعوا.وإن على المسلمين أن يقبلوا قهرا بحياة بئيسة ، ولن  يرضى عنهم إلا إذا اتبعوا ملل الكفر الباطلة متخلين أبدا عن دينهم الحق الذي يؤمنون به وقدرضيه الله لهم إذن فلا حرية ، ولا عزة ، ولا كرامة للمسلم في  وطنه ودولتهم يحكمها أمثال هؤلاء العالمانيين الملحدين .فلاحقوق للمسلم عندهم لأنه إرهابي حقير ، وهو ليس إنسانا . بل ولا حرية ولاكرامة ولا حقوق للناس جميعا،إن هم لم يذعنوا مطلقا لحكم وأهواء هؤلاء الملاحدة الظلمةالمستبدين
إن هؤلاء الملاحدة  لا  يدينون  بشيء في هذه
الحياة إلا  لأهوائهم ، وإن أهواءهم  لهي محض ضلال ؛
* فالشيوعية هي وهم وأحلام وخيال وخبال .
*والعالمانيةوثنيةوعبادة للإنسان، وإن الإنسان ” الإله ” نفسه عاجز حتى عن إدراك  كنه ذاته ، ومنتهى مصيره ، بله عن أن يفصل في مصير غيره من المخلوقات . أو يبتعدع  لها  منهاجا ونظما تهتدي بها .
*والبعثيةعنصرية بلا فكر ولا أهداف ولا غاية.
وهي كافرةبالله ربا مرسلا رسلا وموحيا ومنزلا إليهم كتبا ، وما  محمد ” صلى الله عليه وسلم ” إلا أديب عبقري من أدباء العرب ، و ما القرءان
” الكريم ” سوى  كتاب من  كتب  الأدب العربي إذن فما البعث العربي  سوى  نزغة من التعصب لعرق لا يمتاز بشيء  عن سائر  الأعراق  الأخرى
فهو عرق يتحد مع سائر  الناس إذ أنه من نفس آلذكروالأنثى ومن الشعوب والقبائل ولكنه عرق لا ينال  أي  فرد  منه  درجة  الكرامة  المميزة للتفاضل بين الناس لأن واضع “عقيدة البعثية ” المقلدتجاوز بها غلوا حتى واضعهاالأصيل الأول إبليس لعنه الله ، وذلك حين قال  مخاطبا ربه ، عاصيا: ” خلقتني من نار وخلقته من طين “.فقد
اعترف إبليس بالله ربا خالقا ،ولم يعترف البعثي
بالله ربا خالقا، إذن فالبعثي من زمرة الملحدين .
*والجمهورية ، نبوة  باطلة كاذبة  بلا وحي من الله ،بل هي وسوسوة شيطانية لغيبوبة عقلية.
* وكل هؤلاء  الملاحدة  اتخذوا  من الشعارات البراقة جنة : الحرية والعدالةوالمساواة والإخاء والمواطنة بغيرتمييز، واليمقراطية،والإشتراكية إتخذوها مساحيق تجميل خلب فوق وجه بشع قبيح . فهؤلاء أئمة الكفر لا إيمان لهم ، فوجبت مجاهدتهم بكل الوسائل المشروعةفي دين الله وبلا تردد أو مهادنة ، فلا رجاء منهم :
فهم مردة كذبة لا يصدقون .
وإذا عاهدوا  غدروا ، فلا يوفون .
وإذا ائتمنوا يخونون ، ومن كل غنم يغلون .
*إن مقاومة  هؤلاء فرض عين ، على كل مسلم ومسلمة،كبيرا كان أو صغيرا، قادرا على الدفاع لأنهم غزوا  المسلمين في عقر  دارهم ، واعتدوا عليهم  أنفسا  ودينا  وأعراضا  وذرية  وأموالا ، ووطنا قد خانوه وأذلوه ورهنوا إرادته لأعدائه أرضا وإنسانا ، وخيرات ، ومصيرا .
*فمقاومةالملاحدة هي حرب مقدسة لتحرير الشعب السوداني من  قبضة  ظلمهم وقهرهم واستبدادهم .
* ولتكن أول المعارك  إبطالا لحجة العالمانيين العرجاء ، فإنهم  يدعون ، أن العالمانية  تحقق
الحرية  والعدالة والمساواة والديمقراطية بين جميع أفراد الشعب وعن طريق رضاهم  بإقرار مبدأ ” المواطنةبغيرتمييز” لا في النوع ،ولافي الأعراق ولا في الطبقات،ولا بالعنصريةوخاصة لافي الدين وهو أخطرها ،فكل تلك التفرقات ترسخ لمعاني التفرقةوالتعالي وتؤسس للتمييز والتفاضل والظلم بين أبناءوبنات الوطن الواحد.
والعالمانية تعترف بحرية الإديان  ولكنها  ” لن تسمح للدين ” بالتدخل في شؤون الدولة حتى ولوكان كل الشعب،أوأغلبيته الساحقةوبمختلف أعراقه يدينون  بدين واحد كالإسلام ،  وهو ما يعني “فصل الدين عن الدولة”. وعلى الرغم من أن الشعب السوداني لا يرضى عن دينه الأسلام دينا  بديلا  ليحكم  دولته ، مثالا . فلماذا  تصر شراذم  العلمانيين  السودانيين على حكم دولة الشعب  السوداني  المسلم  بالعالمانية  الكافرة بالأديان  كلها ،  والملحدة   بالله  رب  العالمين  بل وتصر على فرضها  فرضا ولو  بقوة السلاح ، فأين   حرية  الشعب  المتمثلة  في  حر  إرادته واختياره ؟  بل أين مبادئ  الديمقراطية، والتي يتغنى بها العلمانيون دائما، والتي تقتضي منهم النزول عند رغبة الشعب وإرادته، كما يعدون ؟
*إن الشعب  السوداني  المسلم  يرفض” مطلقا حكم  العالمانية  لدولته ، وسيقاومها ولو  بقوة السلاح ، و إنه لمستعد  لتقديم  آلاف الشهداء .
*فليستعد الشباب المسلم ، مستعينا بالله على جور هؤلاء العملاء  وغطرستهم ، الذين  باعوا
أنفسهم ، دينهم ، ودنياهم ، وأخراهم ، بأبخس الأثمان . وإذ يقول الله في أعمالهم :
* (بئسما اشتروا  به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل
الله ، بغيا بينهم ، أن  ينزل  الله من فضله على من يشاء من عباده ، فباءوا بغضب على غضب وللكافرين  عذاب  مهين ).
” البقرة – ٩٠ ”
* ( اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ، فصدوا عن
سبيله ، إنهم ساء  ما  كانوا  يعملون ) .
” التوبة –  ٩٠ ”
فليخوضوها شباب الإسلام  معركة  ضروسا ، وليقتحموا  عليهم  أوكارهم  مضيقين عليهم  طرقاتهم ، مبطلين  عليهم  حيلهم  وسحرهم   فاضحين  خبالهم  وعار  مخازيهم ، مسفهين أحلامهم ، ومبددين  أطماعهم ، وعلى أيديهم
،بإذن  الله  وعونه ، ستدول  دولتهم زوالا، أو سيحملونهم  على الحق  أطرا ، وسيقرعونهم  عن الباطل زجرا ، فإن لم يرعووا فسيلزمونهم  إنتزاعا و قهرا . إذ يقول الله سبحانه وتعالى :
*( فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة
الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل
أو يغلب ، فسوف نؤتيه  أجرا عظيما  *  مالكم لا تقاتلون  في  سبيل الله ، والمستضعفين  من الرجال والنساء والولدان ، الذين  يقولون : ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ،واجعل لنا من لدنك  وليا ، واجعل لنا من لدنك  نصيرا).
” النساء – ٧٤ – ٧٥ ” صدق الله العظيم ، وتقبل الله منا الصيام والقيام……آمين.

*يتبع….”٢”                                                                             ع المنعم أبوبكر
السبت :  أول/ مايو/  ٢٠٢١م

،

التعليقات مغلقة.