(البشير) … قيد الإقامة الجبرية ..! بقلم : إبراهيم عربي

كشفت مصادر أن الرئيس اليوغندي يوري موسفيني  جدد طلباً سابقا ، تقدم به لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ، بوضع البشير قيد الإقامة الجبرية بدلا عن سجن كوبر ، وبرر موسفيني طلبه بأن البشير كان رئيسا سابقا وأحد القادة الأفارقة وجنرالا بالجيش السوداني ويتقلد أرفع رتبه (المشير) ، وقال لذلك يستحق معاملة كريمة تليق به كقائد ، المبادرة وجدت تعاطفا كبيرا لا سيما وسط قيادات عسكرية وسياسية ومجتمعية ، فيما إعتبرها البعض موقفا كريما ونبيلا من قبل الرئيس اليوغندي يوري موسفيني .
غير أن محاكمة البشير نفسها قد أثارت حفيظة الجيش فتقدمت قيادات سابقة بقيادة الفريق أول إبراهيم سليمان بمبادرة لذات الخصوص ، وقد أحدثت ردود أفعال واسعة وسط القوات المسلحة ، قبل أن تتكسر تحت أقدام عنفوان الثورة قبل إختطفاها من قبل جماعة تقاطعات المصالح التي حولتها لأغراضها ومكاسبها وأجنداتها السياسية وأخيرا باعتها بثمن بخس دراهم معدودة .
فيما لازال موقف الجيش السوداني حتي هذه اللحظة متصاعدا بشأن محاكمة البشير بصفته كان قائدا للقوات المسلحة ، بينما تعددت محاولات الإنقلابات الفاشلة علي ذات المنوال، ولازال البشير سجينا بكوبر منذ إعتقاله 12 أبريل 2019 ، ويقضي حكما بالسجن لمدة عامين منذ أن حكمت عليه المحكمة في الأول من ديسمبر 2019 ومن ثم حولته محكمة الإستئناف إلي دار للإصلاح الإجتماعي لتجاوزه عمر (70) عاما ، ولكنها محاكمة تباينت الرؤي حولها ، حيث إعتبرها البعض محاكمة سياسية تمّت وسط ظروف سياسية أيضا بعيدة عن العدالة والقانون .
ولكن لا أعتقد أنها المبادرة الوحيدة للرئيس اليوغندي موسفيني ، فقد سبق أن حملت المرحومة نجوي قدم الدم المستشارة الخاصة له ذات المبادرة العام الماضي ، تضامن معها الرئيس التشادي إدريس دبي ورئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد والرئيس الجنوب سوداني سلفا كير ميار ديت ، فيما وعد البرهان بدراستها غير أن الموت غيب نجوي قدح الدم في ملابسات وظروف غامضة وأدت معها الكثير من المعلومات والأسرار التي ظلت تحتفظ بها الفقيدة ، فيما لا زالت المبادرة تراوح مكانها .
غير أن مصادر أمنية وتقارير إستخباراتية وإعلامية لكُتاب ومحليين إقليمين وغربيين كشفت عن مبادرة قالت إنها لولي العهد السعودي محمد بن سليمان ، جاء يحملها الفريق طه الحسين المدير الأسبق لمكتب البشير والمسؤول الحالي للملف الأفريقي بخارجية المملكة ، يقال إنها جاءت أثناء مرافقة الرجل لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في زيارته للسودان في الثامن من ديسمبر الجاري ، عرض علي البشير طلبا لتلقي العلاج والإقامة الدائمة في المملكة ، قالت المصادر أن البشير رفض المبادرة رغم أن الترتيبات لها قد إكتملت ، غير أن مصادر أخري مقربة من البشير نفتها بشدة ، ربما تكون معلومات صحيحة ولكنها عالية السرية ، وربما تكون أمنية مقصود بها جس نبض الرأي العام ! .
وليس ذلك فحسب فقد سبقتها أيضا معلومات تم تداولها بذات الكيفية قبل إسقاط النظام ، قالت أن السلطان قابوس (رحمه الله) تقدم بمبادرة لتنازل البشير عن الحكم وإستضافته مكرما وعزيزا بسلطنة عمان وقالت أن الترتيبات قد إكتملت إقلميا ودوليا لذلك لتجنب البلاد الدخول في منزلق خطير ، غير أن البشير رفضها بشدة .
علي أي حال المراقب يجد أن عملية إسقاط حكومة البشير قد تمت بعناية وتدبير أمريكي وقد أقرت سوزان رايس المسؤولة الأمريكية وقتها بذلك وقالت في كتابها (Tuff love) بإنها أشرفت بنفسها علي إسقاط (نظام البشير) في السودان لأجل مصالح بلادها ، واعترفت إنها وراء طلب محكمة الجنايات الدولية لمعاقبة البشير ليتحمل ب(صورة شخصية) مسؤولية جرائم الإبادة في دارفور ، وجرائم الحرب ، وجرائم ضد الإنسانية ،وقالت رايس إنها إستعانت بكثير من العملاء والجواسيس في الداخل والخارج علي أن تكون محاكمة البشير خطوة جديدة نحو (إسقاط النظام) !.
وليس ذلك فحسب ، بل قالت رايس إنها وآخرين وراء إنفصال جنوب السودان وفرض العقوبات الأمريكية ووضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وليس ذلك بعيدا عن تقرير (CIA) الأخير في إكتوبر الماضي ، حيث كشف عن خطط أمريكية لتخريب الاقتصاد السوداني من الداخل وإفشال المشارويع الإقتصادية السودانية الناجحة عبر عدد من العملاء بالداخل ساعدتهم الوكالة ليتبوأوا أرقي المناصب الأمنية والقيادية بالبلاد سابقا وحديثا ، بناء عليه يتضح أن البشير راح ضحية مؤامرات دولية وإقليمية وداخلية تقودها أمريكا وبموجبها ضاع الشعب وضاع الوطن وما أشبه الليلة بالبارحة !.
علي كل لقد تعددت الرؤي وتباينت المواقف وتنوعت المبادرات داخليا وخارجيا بشأن البشير ورفاقه ، ومن ضمنها مبادرة مشايخ الطرق الصوفية وقيادات أهلية وسياسية ومجتمعية في ظل تعقيدات صحية سيئة وأزمات متعددة ومتصاعدة تمر بها البلاد ، ولكن هل ستنجح مثل هذه المبادرات في إخراج البشير من السجن ووضعه قيد الإقامة الجبرية ؟!
عمود الرادار .. الإثنين 21 ديسمبر 2020 .

التعليقات مغلقة.