إنتفاضة “أنثى … ونص” نساء في … قبضة الأستوب

إستطلاع : نسمة ابوخماشة

قصص وحكاوي ومشاهدات وتصورات إحساس مخبأ داخل النفس يتشكل فيما بعد (رواية) تحدث مع كل فتاة ، واخرى للتتحول (عطراً وجواً ولوناً ) لتعود من زاوية آخري بمفاهيم تبحر وتتبخر داخل (دوزنة) عالم مليئ (بـالقصص والهمسات) التي تتساقط في جوف الحروف و”الونسات ” لتأتي عاجلاً على نواعم في”الخاص” لتعلن وتشعل مشاعر الخلاص والتي تمثل في أصلها النصف الآخر “آدم” ضنين تحمل المشاق والعذاب وما توجع ضميره شمسا من كفاح الأرزاق.
الدرب طويل والفوز بواحة اشبه بنصر الجلوس على استراحة محارب الطرق للمارة والأسفلت لا يرحم ! وما رسم على الجدران ونحت على شجر النيم حكاية تحولات وبداية نجاحات وثورة تؤكد بأنها قادرة ، وانتفاضة الحريات تعلن هتافاتها وصوت اقتحم توجسات المشهد يعلو وينخفض ويقول (تعيشي ابية ..لا مقهورة لا منهورة ) أو ليتخطى مساحات وهمية رسمها المجتمع وخطوط لا تمثلها ولا تمثل الكاتب (بتي البريدة مرتبة ..السقف داك والمرتبة ..أدتنا نحن مرتبا .. سددنادين دكان حسين.. واشياء اخرى كلها مداخل تعلن “سودان جديد ” خالي من النعرات أبطاله نساء.
* إقتحمنا عالم “البائعات المتجولات ”
من واقع الظروف والأيام تتوهج أشعة الشمس “حرارة الواقع” ونيران المعيشة وكفاح الإحتياج وشعاع الأمل وضوء البصيرة الذي ينطق ويقول “الأرزاق بيد الله ” ودوام الحال من المحال وبعد كل هذا العرق الذي تصبب من “الوجه والجبين ” لا يسعنا إلا أن نقول (يوم بكرة جميل) أو كما قال المغرد الشادي (الحوت) من الظروف ما تشيلي هم بكرة الزمن ليك “يبتسم”
بهذه القضية أستغلينا تفرد القضية وتراجيديا النغم الشعبي ناقلة إحساس تعابير فمعاً الى أصل الحكاية التي مثلت بطولتها نواعم في قبضة الأستوب.
* دمعاتك لسه على المنديل
“شيرين عادل” صاحبة القطعة البيضاء التي نسجت خيوطها في ذلك “المنديل” تتخلى عن رقتها في لحظة أرق وكفاح منهم من يرى ويأخذ ما تقوم به من عمل من باب “الشفقة ” وآخر يتفاعل مع بضاعتها من زاوية “عطف” إلا أنها في صميم نفسها ترى أن في العمل (راحة) وكأنما نزلت عليها أشعة الشمس الحارقة “برداً وسلاماً” ليشكل في دواخلها دفء وقصة كفاح تحمل في طياتها رسالة مفادها شابه عشرينية اطلقت عليها الظروف اسم “شيرين” وجدتها “انا” بأستوب “حدائق سته إبريل “وهي تحتضن (حزمة) مناديل وتنادي بصوت مبحوح أعياه الرهق وتقول : (مناديل ..مشكلة …كبيرة مشكلة) قلبها ولون منديلها (كبياض الثلج) تتعدى المارة بتوزيعه على أصحاب السيارات , وبروح ملائكية تتجلاها سعادة وهيام بحب وعزيمة وإرادة عمل وأخرى يتخللها عذاب وأرق وتعب كل ذلك يبينه شدة الازدحام ، هي نفسها الطرقات التي تؤدي الى سوق الله أكبر وتنحدر سخونة وحرارة على الأرصفة والأسفلت, التمست منها الحديث قليلاً, فكان في البدء رافضة خشية التصريح لشخص لا تعرف عنه شيئ إلا انها سرعان ما عادت متجاوبة مع طلبي و حديثي قائلة : “لدي وقت طويل قضيته في بيع المناديل أجبرتني على ذلك الظروف التي وقفت دون خيار غير ذلك، ولكن بمرور الأيام تحولت من متاعب الى مشاق كيف لا وهي مصدر قوتي وإيماني بها نبع من إكتشافي لدروبها وخطاويها، ولكنني ورغماً عن ذلك “باقية كالصمود ” وصابرة ـ(كالنخلة) التي بخلت عليها الطبيعة بالماء وعنادي ناتج من قناعاتي بأن أتحدي لأجل الإستمرارية والمحافظة على البقاء وما أسهل الدروب الأخرى أن إردت ذلك إلا أنها كرامة العيش وفخر التجربة والنضال صنع في دواخلي تحدِ وقوده المصاعب وثماره “الحمد لله يا ناس .والله لطيف بالعباد” هنا الناس، وكما يظن آخرون لهم أشيائهم ولكن بالإلفة وحسن التعامل وعشرة الشقاوة والعذاب أستطعت خلق قاعدة واناس باتوا يتعاملون معي باستمرار وأصبح لي زبائن يشترون مني المناديل على مدار ايام الأسبوع منهن فتيات عاملات وموظفين ورجال أعمال وبشر من عدة مناطق وبقاع) واسترسلت “شيرين”: بيع المناديل “لاعيب ولا حرام” رزق حلال ومشوار غير محال . لتواصل بنفس ابتسامه الأمل في سرد الجزء الآخر من حياتها 🙁 تزوجت وانا ابنه الـخمسة عشر ربيعاً اقدار الله توفي زوجى منذ سنوات ولاعائل لنا ذهبت وقتها لـ”ديوان الزكاة “وتشققت اطراف قدماي من الزحف فلم أجد شيئاً إلا عبارة (امشى وتعالي) بعدها فكرت وعملت على بيع الشاى إلا أن شبح “الكشات” لا يرحم وما ادخرته من رزق “الكانون” ضاع في كبابي العدة ومعالق الصبر التي صبرت حتى تصادرت، وأضافت : تركت بيع الشاى بلا عودة، وأتجهت لأرزاق العلامتين (الخضراء والحمراء) ومن هنا بدأت سوقاً آخر لا يحتمل وكأن شعاره “كل البشر زاحفة لا تتعاطف مع ساقط في الطريق ” والحمد لله !لاكشة لارشة وبعد كل ذلك مازال الخير في أمة السودان موجود لاغيرها. مكسبي من بيع المناديل يكفي حاجتي وابنائي وارباحي وسترة حالي ، فالظروف جعلت من أرباح يومي مبلغ يتفاوت ما بين (500 الى 800 ) جنيه وبياضا على المناديل .

قطعة سكر ونكهة موز
لعلها بائعة أطباق الفاكهة والموز “نجوى” على غير المألوف والعادة تقف مترجلةاستوب شارع الـ (60) وهي تحمل (قفة فواكه مشكلة) من “برتقال وعنب موز وقريب فرت كمان” اعطاها الله نعمة لفت الأنظار بقفة فاكهتها التي تلمحها عن قريب وبعيد، اعين المارة بالأستوب مع وجود كثيرون للبيع هناك، احد زبائنها قال خلال حديث لـنا إن اكثر ما يميز الفكهاني “نجوى” هو تكوينها الروحي ومتعة التعامل معها فهي “شخص مرح وتتمتع بجاذبية وقبول وترحاب عالِ من من هم حولها واخرون، تمتاز مبيعاتها بجودة وسعر أرخص، وزاد أن سألوني عن نفسي افأنا تارك للسوق عامة وآتي قاصداً الشراء من فاكهه نجوي، فهي كما وصف جمال تعاملها ” وكأنها أشبه بالرحيق وحقول البرتقال” أو كما يحلو لعشاق الأدب الصوفي أن يطلقوا عليها (بعد الرحيق انا والبرتقاله أنتي) فضلاً عن أنها اكثر خبرة في البيع وادراك الجودة. بأستمرار كنت أستقل الإشارة الحمراء و الفاصل بيني و”نجوى” كان توقفها وكأنه لقاء لا يحتمل إلا الرصيف والأستوب أقف واستمع لحديثها ادردش معها وأنتعش بما قالته وأبتدرته (بـانا من ام روابة)اعمل فى الأستوب منذ “أشهر” رغماً عن الظروف وأحلم بأن أكون “مذيعة” تماديت في ذلك إلا أن واقع الظروف اجبرني بترك مقاعد كلية “الطب” بعد أن عجزت عن سداد الرسوم وكان المبلغ ليس فى مقدورى أن ادفعه وتركت الدراسة لهذه الأسباب، فلم أجد عملاً يرضي “طموحى” وقتها وانا استقل عربة “مواصلات” رايت الأطفال الصغار يبتاعون الفواكه في الطرقات والشوارع فأحيا في دواخلي نداء بان أضع نفسي بمكانهم بالأخص انني كنت “اعشق” الفاكهه “بجنون” ومنذ ذلك الوقت بدأت بتحضير “ترابيز” لعرضها وبعض “الكراتين ” ومقعد لراحتى والى هذه اللحظات جل نظراتهم لا تفارق “زاوية الشوف” وانا في ركن الفاكهه وزادت “اعمل من الساعة السادسة صباحاً حتى المساء ولعل الوجهه الآخر لي أنني هاوية “الرسم” وأمنياتي بمتسع على أن احقق ما عجزت عن تحقيقيه من آمال وأحلام ونحن نتعشم ظل حكومة جديدة أطلقوا عليها ثوارها (المدنية) التي قطعاً ستسير بناء الى المستقبل المضيئ بالأمال وتحقيق الوصول .وجه من رزاز المطر
“موية ..موية …موية” برد جوفك وطلع زوقك نداء سبقتها عليه أخرى وابتدرته (فاطمة) المرسومة ملامحها على وجه “مبتسم وبرئ” وكأنه طفل أكثر شغفاً برزاز المطر ولبسة العيد قالت إن بيع الماء يزداد الإقبال عليه فى فترة الصيف مضيفة : “ممكن أشتغل ستة بكت في اليوم هذه الأيام لأن الناس بتكون عطشانة وعايزة تشرب وفى فترة الشتاء أعمل بائع “مناديل” واحيانا “قماش الفوط” . وذكرت أنها من الأفضل العمل فى الأستوب لبيع الماء عسى أن تسهل عليها مراراة الحياه التي تذوقتها من “جرجرة” البحث عن “وظائف”. وما زال البحث جارياً عن مستقبل وحلم ووعد جديد .

التعليقات مغلقة.