(السودان) … الوطن للجميع ! بقلم : إبراهيم عربي


وطنا ليس للبيع ، وبالطبع يسرنا ويسعدنا رفع إسم (السودان الوطن) من قائمة الدول الراهية للإرهاب الأمريكية والتي نراها غير عادلة وقد أضرت بالبلاد كثيرا إقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا ، تسببت فيها الحكومة السابقة ، ولكن من المؤسف الضرر الأكبر جاء نتاجا لمعلومات مغلوطة من قبل بعض بني جلدتنا من مكونات هذه الحكومة الإنتقالية من حملة الجوازات الأجنبية ، حينما سقطت عنهم الوطنية ، فربطوا مصالحهم الذاتية وخلافاتهم السياسية الداخلية والشخصية بقضايا الوطن الكبري ، فأصبح الوطن محبوسا تحت هذه القائمة الممنهجة .
هل نفرح لمجرد تغريدة لترامب يرهن مصير بلادنا (ادفع نرفع) أم تلك واحدة من أساليب الغش والخداع (سواقة الناس بالخلا) ، لإفشال المسيرات المليونية المعلنة 21 إكتوبر والتي تفيد المعلومات إنها مسيرات سلمية قطعت الإستعدادات لها شوطا متقدما وقد تباينت الدعوات بشأنها مابين الدعوة لتصحيح المسار وإسقاط حكومة حمدوك ، إنها بلا شك خطوة مزعجة لقحت وإلا لما أسهب إبراهيم الشيخ الناطق باسم  مجلس الحرية والتغيير (قحت) ورفاقه في مؤتمرهم الصحفي ، وقد تصبب جميعهم عرقا وعطشا ليأتوا بسلسلة من المبررات والتي تؤكد الإنهزام حيث كان الكذب باين علي وجوههم ، رمي هؤلاء بالفشل علي حكومة حمدوك والمكون العسكري مبرئين ساحة الحاضنة السياسية المتهالكة (قحت) منها ، وبلاشك إنها أس الفشل لترشيحها هؤلاء الكفوات من الوزراء الذين أوصلوا البلاد مورد الهلاك .
بلا شك أن المواطن فقد الثقة في حكومة الشراكة الإنتقالية بشقيها (السيادي والتنفيذي) مدنيا وعسكريا للفشل الكبير في إدارتها لدولاب الدولة ، وبل تعتبر حكومة غير مؤتمنة وغير صادقة وقد ظلت تطلق الأكاذيب والفبركات وتظهر خلافا لما تبطن ، لا سيما في إتفاقها مع صندوق النقد الدولي وقد رفعت الدعم قبل اكثر من شهرين وما كان المؤتمر الإقتصادي الفاشل إلا إخراجا ولكنها فشلت فيه ، ولازالت لم تعلن للشعب ذلك ولازالت ترسل تطميناتها تارة تنفي ومرات تدعي هيكلة الدعم ، فيما لازالت تنفي التطبيع مع إسرائيل وما يدور واقعا يؤكد ان التطبيع أصبح واقعا فقط في حاجة لسيناربو لإعلانه شرطا لرفع السودان من القائمة الامريكية السوداء .
في الأثناء جاء السيناريو من قبل الرئيس الامريكي دونالد ترامب ، حيث حبس الرجل أنفاسنا ساعات وساعات في إنتظار تغريدة منه لتكون جواز مرور لرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، في وقت خفقت فيه القلوب وشقت الجيوب وظهرب الثقوب ، فهل نفرح هكذا في ظل ألاعيب وسياسة وتكتيكات الإنتخابات الأمريكية والسباق المحموم مابين الديمقراطيين والجمهوريين ، وقد أصبحت بلادنا ألعوبة في يد نفر من الناس ومكانا للمساومات ، مثلما غرد السناتور الأمريكي روبرت مندنيس قائلا (مشروع قانون السودان لن يمر دون تسوية دعاوى المتضررين جراء أحداث 11 سبتمبر) .
بالطبع مثل تلك التغريدات نوع من الإبتزاز السياسي يلجؤ إليها هؤلاء لخدمة إغراضهم ومصالحهم ، فإنها حقا تزعجنا ولا تبشرنا خيرا وتلك هي السياسة الأمريكية دولة مصالح لكنها ايضا دولة مؤسسات ، فمن حق الرئيس ترامب أن يعلن رفع السودان من القائمة السوداء ولكنها تظل رهينة لقرار الكونجرس الأمريكي ويمكن إيقاف القرار بفيتو مشترك من مجلس النواب ومجلس الشيوخ معا، ولكنه أيضا يصبح ساريا خلال (45) يوما إذا لم يتم الإعتراض عليه ، ولذلك ربما يقوم النواب الديموقراطيون باسقاطه مثلما ذهب السيناتور مينينديز في تغريدته وبالطبع يخضع للتصويت عقب (6) أشهر ، ولذلك يظل القرار رهينا بموافقة الكونجرس الأمريكي بالموافقة رسمياً علي رفع أسم السودان من القائمة السوداء .
المراقب يجد أن مؤسسات الضغط الأمريكي واللوبي اليهودي ظلت تسيطر علي مآلات الإنتخابات الأمريكية التي تنطلق في الثالث من نوفمبر الجاري ، وتعتبر أي صفقات ماهي إلا مكاسب إنتخابية وتظل رهينة بالنتائج الإنتخابية الأمريكية ، ولذلك طالبت إدارة ترامب الحكومة الإنتقالية بالتطبيع مع إسرائيل جواز مرور لتكملة صفقة رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب .
غير أن التطبيع مع إسرائيل ليس ضمن المطلوبات لرفع إسم  السودان من القائمة السودان فكانت (خمسة) مطلوبات تتطورت إلي (ستة) وتتمثل في (السلام في السودان ، المساعدة علي إستقرار جنوب السودان ، قطع العلاقات مع كوريا ، قطع التعاون مع جيش الرب ، التعاون مع المؤسسات الامريكية بشان مطلوبات مكافحة الإرهاب ، حقوق الإنسان والحريات الدينية) .
وإعتقد الشرط السادس الأخير الذي تمت إضافته جاء مدروسا بعناية لمزيد من التنازلات وتطبيق الشروط الأمريكية الصهيونية من تحت التطبيع مع الكيان الصهيوني وتسخير ورهن موارد البلاد للأمريكان عبر الشركات والمؤسسات اليهودية ، وكل ذلك رهين بأن يدفع السودان (335) مليون دولار لمصلحة أسر الضحايا ، ؟، علي كل السودان وطنا للجميع (العضاه الدبيب يخاف جر الحبل) ، فهل حقا سيتم رفع إسم السودان من قائمة الإرهاب ؟ ام تلك مجرد مطلوبات (سواقة خلا) لشق صفوف المواطنين المستوية لإنطلاقة مليونيات (21) إكتوبر لإسقاط حكومة حمدوك ؟!.
عمود الرادار .. الثلاثاء 20 إكتوبر 2020 .

التعليقات مغلقة.