(الحلو) … الزول بونسو غرضو .. ! بقلم : إبراهيم عربي
(كوماندر) عبد العزيز آدم الحلو، أسمح لي أن أخاطبك اليوم عبر هذه الزاوية بشكل مختلف وبطعم مختلف ولون مختلف أيضا ، نخاطبكم بإسم السلام وإنابة عن أهلنا في جنوب كردفان / جبال النوبة بتعدد إثنياتهم ومختلف توجهاتهم ومشاربهم ، حديث داخل بطن البيت ، حديث الديوانيات والشارع ، حديث كل زول في جنوب كردفان (نوبة وعرب وغيرهم) ، حديث الكبار والصغار حديث كاكا وكوكو ، حديث زينب وحميدان ، حديث كلتوم وأبكر ، حديث فاطمة ومحمد ، حديث مريم وبطرس ، حديث الجميع وأشواق وآمال وتطلعات الجميع ، حديث السلام الشامل المستدام .
ولذلك ليس غريبا إن يغيب أكثرهم عن أفراح السلام أمس الأول الخميس الثامن من إكتوبر 2020 بالساحة الخضراء (ساحة الشهداء) والتي ضاقت بجموع أهل السودان عشاق ومحبي السلام ، سلاما هبوا إليه من كل فج وكل جهة وحدانا وزرافات ، سلام رقص وطرب له الجميع ، ولكنه سلاما منقصوصا لم يشعر أهلنا بطعمه ، فإن جعلت الفتنة بينكم ورفاقكم بالأمس أعداء اليوم لأن يتفرق السلام دما بين هؤلاء وهؤلاء لخلافات نحسبها فوقية وبالطبع لها تخوفاتها (الضاق عضة الدبيب بخاف من جر الحبل)، فإن أشواق أهلنا وأشواقنا جميعا السلام الشامل المستدام الذي يجمع ولا يفرق .
بلا شك أن الحرب في جنوب كردفان لها خصوصيتها ، فرقت بين المرء وزوجه ، فرقت بين الأشقاء والشقيقات ، والأصدقاء والأحباب ، حرب جعلت الأسرة الواحدة تقتتل في داخلها ، فالقاتل والمقتول جميعهم أبناء الأسرة الواحدة ، مع الأسف حرب طالت آثارها الجميع تقتيلا وتشريدا ، لجوء ونزوحا ، وهدما وتدميرا ، طالت آثارها البلاد قاطبة ازمات وأزمات عشعشت وتفرخت فأصبحت جزء من قفة الملاح في كل بيت .
(كوماندر) الحلو إنك الأدرى فإن الحرب ليست نزهة وقد طالت الأزمة أبناء المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان / جبال النوبة) بصورة مباشرة دون عداهم من أهل السودان ، وقد أوصلت أهلنا في جنوب كردفان خاصة لمرحلة من القلق والإشفاق تجاوزت توأمتها النيل الأزرق ، عاشوها حربا بينهم وتعايشوا معها علي مستوي تعدد وتقلبات الحكومات الوطنية وبل عاشوها بصورة خاصة وسطهم (35) عاما فأصبحت الولاية أرضا للمعركة ومسرحا للقتل والتشريد ، حرب أهلكت الزرع والضرع وإنتهكت حرمات إنسانها وبل أصبحت ارضهم مكانا للدمار والخراب بسبب حشد القوة والقوة المضادة والتي طالت الإنسان في نفسه وماله .
(كومرد) الحلو إنك رجل سلام وبطل سلام ، كيف لا ؟! فإنت (رجل المهام الصعبة) ، قائدا للجيش الشعبي ورئيس الحركة الشعبية ، ونحسب أنك قاتلت بشرف وعزة إنابة عن أهلك وليس من فراغ ، بل لأجل حقوق مشروعة لمظالم تاريخية (سياسية ، إقتصادية ، ثقافية وإجتماعية) ، وجميعها لأجل العيش بسلام شامل ومستدام ، فالسلام مهمة شاقة لا ينال شرفها إلا العظماء ، ولن يأتي ذلك دون تضحيات وتنازلات ودون ثمن ودفع إستحقاقات ، فلا غالب ولا مغلوب فالجميع كاسب كاسب .
(كومرد) الحلو سرنا انك إلتقيت بجوبا (مدينة السلام) أخيك (حميدتي) النائب الأول لرئيس المجلس السيادي رئيس وفد التفاوض الحكومي لأجل السلام ، وبل سررنا أكثر عندما قلت من هناك (أنكم تجاوزتوا كافة العقبات التي أدت إلى تأخير مسار التفاوض بين الحكومة والحركة) وقد وجدت الخطوة ترحيبا وقبولا وسط الجميع ، ونحن نعلم أن لكم تحالفاتكم السياسية يمينا وشمالا وتلك خطوات لها تقديراتها وأغراضها وأهدافها وتكتيكاتها السياسية ايضا (لكل حرب ادواتها ولكل شيخ طريقته) .
كوماندر الحلو تألم أهلكم في المنطقتين لخلافاتكم الشخصية بصفتكم قيادات في الحركة الشعبية – شمال وذراعها الجيش الشعبي – شمال ، والتي بسببها تباينت توجهات أهالي المنطقتين والتي تفرقت إلي كويمات بينكم ، ونراها قد أضرت كثيرا بالقضية الموحدة لإيجاد الحلول الناجعة لها ، وكنا نعتقد ان هنالك متسعا من الوقت لمراجعات تراجع من خلالها الخطي حتي قبيل لحظات من توقيع إتفاق السلام بين (الحكومة والجبهة الثورية) ومنها رفاق الأمس أعداء اليوم ، غير أن الخلافات وصلت مع الأسف إلي مرحلة اللاعودة وجاءت الرياح بمالا تشتهي السفن ، ونعتقد لن يكون السلام شاملا مالم يتفق جميعكم علي رؤية موحدة لحلول مستديمة لأجل سلام شامل ومستدام .
ولكن أعتقد أيضا أن السلام لن يكن شاملا ومستداما في جنوب كردفان مالم تكن هنالك مراجعات وتصالحات مع الجميع ، تصالحات داخل الحركة الشعبية – شمال نفسها وتصالحات بين مكوناتها والتي تشظت إلي أحزاب وشلليات وجماعات ، وتصالحات مابين الحركة الشعبية – شمال والمكونات السياسية والعسكرية والأهلية في جنوب كردفان من جهة اخري ، وتصالحات من جهة ثالثة فيما بين القيادات العسكرية داخل الجيش الشعبي – شمال .
كوماندر الحلو الجميع في جنوب كردفان / جبال النوبة متفقون أن هنالك مظالم تراكمية وقعت عليهم وفي حقهم ولكنهم يختلفون معكم حول الوسائل والطرق لمعالجتها ، وإنك قائد للحركة والجيش الشعبي وبل كبيرهم وإنك أكبر من الخلافات الشخصية والمصالح الذاتية الضيقة ، وأمانة التكليف تقتضي منكم المبادرة ، فامدد يدك لرفاقك تلفون كوكو ودانيال كودي وآخرين كبارا وصغار اليوم قبل غدا فالكبير سيظل كبيرا .
غير أن كل ذلك يتطلب لأن يكون أهل جنوب كردفان (أصحاب المصلحة) جزء أساسيا في صناعة السلام وبالطبع جزء من تنفيذ السلام ، ولذلك نأمل منكم قيادة مبادرة يدعي لها الجمع (عرب ونوبة وغيرهم) لمزيد من التصالحات والمشاورات لاجل سلام شامل ومستدام .
عمود الرادر … السبت العاشر من إكتوبر 2020 .
التعليقات مغلقة.