(إتفاق السلام بجوبا) … سودان بلدنا وكلنا إخوان .. ! بقلم : إبراهيم عربي 

ليس غريبا أن يتغني رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (سودان بلدنا وكلنا إخوان) في جوبا التي عمل فيها وأحبها ، فإنما يربط بين جوبا والخرطوم شعب واحد في دولتين كنفدراليتين ، وعلي صعيد الفرقاء فأنما يربط بين المكونات السودانية أكثر عمقا ومصدر قوة ومنعة للوطن .
ولذلك ليس غريبا ان تكون كل من الخرطوم وجوبا ملاذا لأبناء الوطن الواحد سلما وحربا ، ولذلك نجح منبر جوبا أمس السبت الثالث من إكتوبر 2020 في طي صفحة مؤلمة من الإقتتال بين الحكومة والجبهة الثورية عقب مفاوضات ماراثونية طويلة تجاوزت (12) شهر وقد تحولت من مجرد مشاورات بين شركاء الثورة ، إلي مفاوضات بين الأعداء وتلك بسبب النظرة القاصرة للحاضنة السياسية الحرية والتغيير (قحت) .
غير أن بنود الإتفاق والتصريحات والكلمات التي تخللت الإحتفال تؤكد أن الوثيقة الدستورية التي تمسك به‍ا البعض ماعادت تلبي تطلعات السلام ، ولكنها ليست دستورا منزلا ، تماما كما أن إتفاق جوبا بذاته ليس شاملا ، وبالتالي ليس دستورا منزلا ، ويبقي في إنتظار عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور وآخرين ، ليكتمل السلام بدرا ، وبالطبع لكل منهما رؤيته التي يتطلب التوافق والتكيف معهت ، وقد كشف الأستاذ نبيل أديب رئيس لجنة فض الإعتصام ، كشف عن تعقيدات في الوثيقة الدستورية وقال إنها تتطلب الكثير ، وأعتقد لابد من تعديل المواد (70 ، 20 وغيرها) لإستيعاب قضايا السلام .
إتفاق جوبا يؤكد ما طالبنا به من قبل (حكومة مهام لأجل السلام وغيرها) ، فأشار الإتفاق إلي تعديل الفترة الانتقالية (39) شهراً تبدا من يوم التوقيع الثالث من أكتوبر2020 ، كما أشار لحل مجلس الوزراء وقد ثبتت الوثيقة  (20) وزارة حدد أتفاق السلام 25% منها للجبهة الثورية اي (5) وزارات .
وليس ذلك فحسب بل أشار الإتفاق إلي تعديلات في المكون المدني بمجلس السيادة (11) شخص فيما حدد أتفاق السلام إضافة (ثلاثة) أعضاء للجبهة الثورية و(75) عضو بالتشريعي بنسبة 25 % ، مع إلغاء نظام الولايات والإستعانة عنها (ثمانبة) أقاليم (دارفور ، الخرطوم ، كردفان ، جبال النوبة ، الأوسط ، النيل الأزرق ، الشرق ، الشمال) مع إعفاء الولاة المكلفين وتعيين حكام جدد للأقاليم ، ويتم بذلك بقرار رسمي بالعودة لنظام الأقاليم خلال مدة لا تتجاوز (60) يوماً ، وعقد مؤتمر نظام الحكم خلال (6) شهور من اليوم لمراجعة الحدود ومستويات الحكم وهياكل وصلاحيات الأقاليم .
ربما يتطلب ذلك إلغاء الوثيقة الدستورية نهائيا والعودة لدستور 2005 وربما العودة لدستور 1974 ، وعليه تحديد نسب المشاركين في صناعة الدستور من قبل مفوضية صناعة الدستور، ولكن من الواضح أن تطبيقات الإتفاق تمضي في إتجاه حل الحاضنة السياسية الحرية والتغيير(قحت) أوهيكلتها لتوسيع قاعدة المشاركة والتي قد تتجاوز شركاء الثورة لإضافة قوي سياسة أخري في إطار لم الشمل ووحدة الصف دون عزل لأحد (حكومة قومية تضم كل اهل السودان) .
وبناء عليه يصبح تمثيل مسار شمال ووسط السودان بنسبة 10% في ولايات (الشمالية ، نهر النيل، ولاية سنار، ولاية الجزيرة وولاية النيل الأبيض) ، 40% لمكونات مسار دارفور، 30% الحكومة الانتقالية ، 10% الحركات الأخرى الموقعة، 20% لأصحاب المصلحة .
أعتقد مطلوب من الجميع أن يشاركوا في الحكومة دون عزل لأحد ، ولكن حتي لايصبح إتفاق سلام جوبا مجرد إتفاق محاصصات ، لابد من مراعاة التجرد وليس بالضرورة من يحكم ولكن كيف تحكم البلاد ، ولذلك أعتقد أن المشاركة المقصودة بالرأي وليس بالضرورة أن يكون بالتوظيف او المحاصصة ، من تحت دوافع وسقوف الأنانية وحب الذات ، تطبيقا لما نادي به البرهان (سودان بلدنا وكلنا إخوان) .
ولذلك أعتقد ضعف المشاركة الإقليمية والدولية في إتفاق السلام بجوبا من أكبر المهددات ، حيث لا ترقي لمستوي تطلعاتنا لا سيما وأن غياب الرئيسين اليوغندي والكيني وهما من المؤسسين للإيقاد وغيابهما يترك تساؤلات ، تماما كما لم يجد الإتفاق إلتزامات أو تعهدات محددة بالدعم والتمويل (الدولي والإقليمي والمحلي) ، تجاه العملية السلمية والتي تتجاوز (50) مليار دولار وتعتبر بذاتها من أكبر مهددات الإتفاق ، ولذلك أعتقد لا يمكن ان يصبح هذا الإتفاق واقعا دون التعاون معه بجدية من قبل الجميع بتجرد (سودان بلدنا وكلنا إخوان) .
عمود الرادار .. الأحد الرابع من إكتوبر 2020 .‏

التعليقات مغلقة.