قضايا الهامش …. سوء الإدارة وفشل الحكومات … بالسودان

بقلم : مني إسماعيل محمد

نعاني نحن كشعب سوداني من فشل في إدارة الدولة الذي وصف بالفشل الذريع، وأماك المواطن الذي يكابد بمشقة للحصول على المقومات الأساسية للعيش الكريم، بينما تملك دول أخري موارد أقل ولكن ليس في جدول أولويات مواطنها الحصول على الخبز ولا الماء ولا الكهرباء ولا السكن ولا غير ذلك من الضروريات الحياتية.

إن ما يملكه وزير الصناعة مدني عباس مدني بالسودان موارد كثيرة من شأنها أن تغني المواطن من مذلة الصفوف والهرولة وراء الخبز والغاز ففشل مدني يعني فشل الدولة ومجلس وزراءها المنوط به توفير العيش الكريم للمواطن هذا يعني أنه لا يملك الارادة الوطنية والفكر الثاقب لتجنب البلاد المواطنين هذه الذلة، بل ظل يتعامل باستهتار مفرط.

السودان الدولة الوحيدة التي لا تزال مواطنها يفتقر إلى أهم مقومات الكرامة الإنسانية، بينما العالم من حولنا تجاوز أساسيات الحياة إلى الإبداع والإبتكار. يقول البروفيسور التجاني عبدالقادر: “الشعوب لا تموت بسبب حصار من “الخارج”، وإنما يقتلها الحصار الداخلي الذي يجفف مصادر الإبداع ..”، وإذا كان المواطن السوداني مقهوراً ومهموماً بأساسيات الحياة، فأنى له بالتفكير والإبداع!! مَن لا يطور نفسه باكتساب قدرات ومهارات جديدة للمواكبة سيجد نفسه خارج الحلبة، وهو أمر ينطبق علينا كشعب سوداني تماماً.

على صعيد صناعة القرار، لابد من وجود أسس علمية لإتخاذ القرار في الدولة على ضوء مبادئ توجيهية تتأسس عليها سياسة الدولة وتوجهها بصورة عامة، الوضع القائم الآن في يدور حول الرئيس والنخب الحاكمة ومجموعة من الطبالين والزمارين، لذلك يكون القرار في الغالب مدفوعاً من جهة ما . أو جهات لها مصلحة ولها نفوذ على السلطة صاحبة القرار، لذلك نجد أن القرارات، تتغير وتتبدل في فترات وجيزة بعد أن تصبح نتائجها كارثية.

ولا يمكن الكلام عن إتخاذ القرار بدون إعتبار الرأي الآخر. الطريقة التي تتخذ بها القرارات في الدول المحترمة تقوم على خطوات معينة تضمن الإستماع لإيجابيات وسلبيات القرار بإشراف أهل الاختصاص مع إثبات أنه يخدم المصلحة العليا للبلاد استناداً إلى الواقع. ومن هنا يصبح الرأي الآخر البنّاء ضرورياً لأنه يعزز القرار ويوضح أي سلبيات قد ينطوي عليها ، بما يمكن السلطة المعنية من إتخاذ الترتيبات اللازمة لتلافي السلبيات المحتملة، ولهذا السبب يتم تخصيص ميزانية من الدولة لصالح المعارضة السياسية حرصاً على وجود الرأي الآخر.

إذن، تأسيس مفهوم الدولة السودانية على أساس المواطنة وإشراك المواطن السوداني في التفكير بعد تمكينه من امتلاك أسباب الإبداع والإبتكار من الأمور الكفيلة بإخراج الدولة السودانية من مأذقها الراهن إلى فضاءات أرحب تتجاوز هموم الشعب السوداني المغلوب علي أمره  من الأساسيات للّحاق بركب الأمم.

كثير ما يطل علينا رئيس الوزراء أو وزراءهُ معللين ومبررين فشلهم بعللٍ واهية ، مبررات لا يقتنع بها الشعب السوداني بل حتى هم أنفسهم، لأن وضع الخطط أو إستيرادها بات أمراً سهلاً ، لذا فإن فشلهم ليس لهُ سبب سوى سوء تنفيذ تلك الخطط (الإدارة).

لو كان هؤلاء يحسنون الإدارة ويجيدونها، لما كان ثمة فشل ولو إختاروا الإنسحاب وتسليم هذا الأمر (الإدارة) لأصحابها الحقيقيون، من أهل الخبرة والإختصاص، لنجحت مساعيهم جميعاً، ولما رأينا للفشلِ وجوداً ولا إحتجنا لمبرراتهم السخيفة.

(منذ سنواتٍ نظّمتْ إحدى جامعات بلجيكا، رحلةً لطلابها، وأثناء الرحلة قام أحد الطلاب بقتل بطّة، فاستقال وزير التربية والتعليم ! وعندما سألوه عن علاقته بمقتل البطة حتى يستقيل، قال: أنا مسؤول عن نظام تعليمي، أحد أهدافه أن ينتج مواطنين يحترمون حقّ الحياة لكلّ المخلوقات، وبما أنّ هذا الهدف لم يتحقق فأنا المسؤول) !.

لو حدثتْ هذه القصة في مجتمعنا السوداني، سيُوبّخ وزير التربية والتعليم المدير العام ، وسيوبّخ المدير العام مدير المدرسة وسيوبخ مدير المدرسة المعلم، وسيوبخ المعلم التلميذ، وسيوبخ التلميذ البطّة ! هذه هي عقليتنا الإدارية باختصار ، تحميل أسباب الفشل لمن هم تحت إمرتنا، فلا أحد يجرؤ أن يعترف أن نصيبه من الفشل هو بمقدار نصيبه من المسؤولية !.

هزيمة جيش ما هي فشل الجنرالات قبل أن تكون فشل الجنود ، وسوء شبكة الطرق هي فشل وزير المواصلات قبل أن تكون فشل البلدية، وسوء أحوال المستشفيات هي فشل وزير الصحة قبل أن يكون فشل الأطباء والممرضين، والفشل الأكبر طبعاً هو فشل من جعلهم وزراء، وعلى صعيد أصغر هذه كتلك، فإذا تردتْ أحوال البيت على الزوج أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب زوجته وأولاده، وعندما تتردى أحوال المدرسة على المدير أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب معلميه وطلابه، لأنّ المؤسسات أجساد والمدراء رؤوس، وإنه لا يستقيم جسد ما لم يستقِمْ رأسه.

خارج النص قضية اخيرة

يوسف عليه السلام في تعبيره لرؤيا الملك قد وضعَ أهمّ قانون في علم الإدارة، وهو أنّ الفشل يقع بسبب سوء الإدارة لا بسبب قلة الموارد! فهو لم يرشدهم إلى البحث عن موارد جديدة لتخطي السبع العجاف، كلّ ما فعله أنهُ أرشدهم إلى طريقة إدارة الموارد المتاحة بين أيديهم!

اتعلموا يا فشلة انا نسيت أنكم بعيدين كل البعد عن الدين الإسلامي أخبروا القراي أن القرآن الكريم هو خطط كل الحياة .

التعليقات مغلقة.