تصاعدت أزمة الخبز بالبلاد كافة لأسوأ حالاتها ، فأصبحت ظاهرة الصفوف منظرا مألوفا ، وقد تقاصرت طموحاتنا وأصبح همنا لا يتجاوز الحصول علي قطعة رغيفة ، فيما أصبح السؤال عن الوزن والسعر والمواصفات (بدعة) تستوجب السخرية والزجر تماما كما فعل والي النيل الأبيض وراق مع رعيته معتبرا إياها (قلة أدب) ! ولكن أين المشكلة .
أصبحنا يوميا نزداد حزنا وهما معيشيا ، زاحفين بين الصفوف (الرغيف ، الوقود ، المواصلات ، الغاز وغيرها من السلع والخدمات) كلو بالصف ، ولكنني حزنت أكثر ليس علي نفسي بسبب حظي العاثر فحسب ، بل حزنت حقا عندما عاد عمنا فاروق الرجل الكهل ب(خفي حنين) نادبا حظه العاثر مثلي دون الحصول علي رغيفة رغم أنه حجز مكانه ودوره باكرا بالصف منذ صلاة الفجر ومثله عاد الأستاذ حسن وكذلك زميلنا بتلفزيون السودان محمد الزبير إسماعيل وعادت جواهر وغيرهن من ستات البيوت تماما كما عاد أطفالنا الامين ويوسف وعلي وزهراء وحواء وغيرهم ، عاد جميعهم بخفي حنين بسبب إنقطاع الخبز الذي أصبح الحصول عليه حدثا يستحق زغرودة من الكنداكات تماما كما يستوجب تبادل التهنئة بين الناس .
(أزمة الخبز) أصبحت (حالة مزمنة) تجاوزت ان نطلق عليها مجرد (ظاهرة) فشل دونها مدني عباس مدني ، بل فشلت فيها كافة المعالجات الحكومية والمجتمعية ، فقد تجاوز سعر الرغيفة في بعض الولايات (15) جنيه مع الحصول عليها بشق الأنفس ، ولذلك فشلنا مرارا وتكرارا أن نجد العذر للسيد مدني عباس مدني ، فقد أصبح الرجل مثالا للتشاؤوم والسخرية (وزير كج) ، ليس بسبب عين أو حسد ، وبالطبع ليس بسبب حظه العاثر مثلنا ، بل بسبب عدم كفاءته وتصرفاته الصبيانية وتصريحاته المستفذة وغير الموفقة .
ولذلك يظل تفاؤلنا لأي حلول في وجود مدني عباس مدني وزيرا للتجارة والصناعة ، يظل تفاؤلا مشوبا بالحذر لفشله المستمر في إدارته للأزمات والتي ترتبط بمعاش الناس ، وقدرنا أن أصبح معاشنا مرتبطا بمهام وزارته ، توقفت صادراتنا الزراعية في عهده ، تماما كما لازال مسلسل إعادة صادر الضأن السوداني مستمرا ، فقد أعادت السعودية أمس (باخرتين) جديدتين تتجاوز حمولتهما (25) ألف رأس مما رفع سقف الأزمة لإعادة (32) باخرة من الضأن .
وبلاشك جميعها تؤكد أن الرجل لازال لم يرتق لمستوي المسؤولية لقيادة وزارة حساسة ومهمة مثل وزارة التجارة والصناعة ، ونضم صوتنا سويا مع زميلنا عمار محمد آدم لنسأل الوزير (التفويض من منو.. ؟) ، ولذلك ليس مفاجئا أن يستغرب البروف موجها سؤالا لرئيس الوزراء لماذا لازال مدني وزيرا ؟!.
إرتبطت شخصية مدني في ذهنية المواطن السوداني بأزدواجية الأدوار ، ناشطا ربيبا للحكومة السابقة ومتكسبا قريبا منها وقياديا وناطقا باسم الحرية والتغيير (قحت) التي إختطفت الثورة ، وقد ترسخت شخصيته أكثر بتلكم المسرحيه السمجة حينما قد قميصه من كتف ليلة حادثة فض الإعتصام المشؤومة أمام القيادة العامة بالخرطوم ، فكانت بذاتها الدرجة المؤهلة لأن يصبح مدني وزيرا للوزارة المركبة (التجارة والصناعة) المتخصصة بإصلاح معاش الناس .
قدر الوزير مدني أن تكون أسوأ تصريحاته ، ذلكم الوعد الكذوب غير المدروس الذي أطلقه عبر قناة وتلفزيون السودان وفي معية رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك ووزير المالية السابق الدكتور إبراهيم البدوي الذي تصبب عرقا لتصريحات مدني حينما تعهد (بحل مشكلة الخبز نهائيا في خلال (ثلاث) أسابيع) ، مع الأسف مضت (تسع) أشهر ولاتزال الأزمة تراوح مكانها ، بل تراجعت الأوضاع لأسوأ حالاتها ، ولم يجد الوزير إلا إبتسامته الكذوبة الصفراء عندما فاجأته إحدي الزميلات الإعلاميات فقالت له (أنظر لقطعة الخبز هذه في حجمها) ، فبهت الذي كفر مندهشاً عاجزاً دون تقديم إجابة !.
مع الأسف الشديد جميعها حقائق تجعل فرحتنا لم تكتمل بوصول (2) من المخابز الحديثة المصرية الخرطوم أمس الثلاثاء 29 سبتمبر 2020 ضمن (10) مخابز جاءت بها الحكومة المصرية لمساعدة حكومة حمدوك في حل مشكلة صناعة الخبز في البلاد ، وقالت أن المخبز الواحد ينتج (2) مليون قطعة خبز في اليوم ، عليه نشكر أشقاءنا في شمال الوادي رغم مآخذنا الكثيرة عليهم !.
إذا أين المشكلة ؟ حاجة الخرطوم لوحدها من الخبز مابين (40 – 50) مليون قطعة يوميا وليست المشكلة في الخرطوم لوحدها (بلداياتها الثلاثة) ، بل تتجاوز حاجة الولايات ضعفها ، ولذلك فإن المخابز المصرية (العشرة) تمثل مساهمتها بنسبة (10 – 20%) من حل مشكلة المخابز والتي في مجملها اقل من 5% من مشكلة معالجة ازمة الخبز والتي يمثل الدقيق فيها 70% من المشكلة ، وبالتالي تكمن في كيفية توفير ما بين (100 – 150﴾ الف جوال دقيق يوميا بجانب مدخلات صناعة الخبز الأخري .
إذا المشكلة ليست في المخابز لوحدها والتي طار لها مدني فرحا لتوفير فرص من (اللغف) لشلته ، بل الحل في المطاحن ووضع خطط (طويلة ومتوسطة وقصيرة) الأجل لتوطين القمح وتوفير الدقيق بإعتبارها من السلع الإستراتيجية ، وبالتالي ليست من ضمن مؤهلات مدني ليتم تنفيذها وفق موجهات ومحددات معلومة بإعتبارها قضية أمن قومي .
عمود الرادار … الاربعاء 30 سبتمبر 2020 .
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.