(العين الضاب) … قطر العريس ..! بقلم : إبراهيم عربي
كثيرنا سمع وشاهد (قطر العريس) في مناسبات الزواج في ولايات غرب السودان عامة ودارفور خاصة في مناسبات الزواج المختلفة ، قطرا منوعا من المأكولات والمشروبات تسييره النساء أهل العروس إلي العريس في داره ، موكب فرح حافل بالزغاريد والروراي والبهجة والسرور، وقد شاهدنا مثلها مبادرات قطارات المأكولات والمشروبات لولايات دارفور بساحة الإعتصام بالقيادة العامة بالخرطوم دعما للثورة ، ومثلها كان قطر بارا محملا بالكنافة دعما للدورة المدرسية بالابيض 2015 ، وكذلك قطارات مكونات جنوب دارفور دعما للدورة المدرسية الأخيرة 2018 بنيالا .
إلا أن (قطر العريس) المقصود بالعين الضباب ليست زفة طالب عريسا أو طالبة تم زواجها في الإمتحانات ، بل مبادرة (قطر من المأكولات والمشروبات) سيرته كنداكات (العين الضباب) في وحدة إدارية جنوب الرهد في محلية الرهد في ولاية شمال كردفان ، مبادرة كرم وفرح دعما لمركز الإمتحانات هناك ، (تسع) قطارات من ألذ وأطيب المأكولات والمشروبات المتنوعه ، ظلت تحمله النساء علي رؤوسهن من داخل المدينة نحو مركز إمتحانات طالبات الشهادة السودانية بمدرسة (العين الضباب) علي مدي (تسع) أيام ، ظللن يقدمن وجبة الفطور كاملة بملحقاتها لكل شركاء مركز الإمتحانات من طالبات وأساتذة ومراقبين وعاملين وقوات أمن وغيرهم بطيب نفس وفرح وزغاريد ، ويقول مدير التعليم الثانوي بالمحلية الأستاذ حسن فرتاك إنها (مبادرة غير مسبوقة) تؤكد كرم هؤلاء النسوة الفياض ، نالت به نساء العين الضباب قدح السبق فوجدت المبادرة إستحسان الجميع حكومة ومجتمعا .
ولكن عزيزي القارئ دعونا نتعرف علي هذه المنطقة التي إستحق أهلها الإشادة (جبل الداير ، سدرة العين الضباب) ، إذ لا يكاد ينفصل مجتمع ثلاثتهم عن بعضهم البعض ، نسيجا إجتماعيا قويا متراحما ومتعايشا ، المنطقة تتبع لشمال كردفان في محلية الرهد وتقع جنوبها علي بعد (30) كلم تقريبا وذات علاقة وإرتباط مجتمعي مع جنوب كردفان ولذلك تأثرت كثيرا بالاحداث الإستثنائية والحروب فيها ، تقع المنطقة جنوب خور ابو حبل ، ومن المناطق التي حباها الله بأراض زراعية خصبة ، فيما جعلت منها عملية تقسيم الولايات أن تتبع لشمال كردفان .
ولكن المنطقة رغم شموخها كشموخ جبل الداير وأسبقيتها التعليمية والتي تعود للخمسينات من القرن الماضي بفضل تعاون مجتمعها ، فقد ظلت تعاني إنقطاع الطرق لا سيما في موسم الخريف وقد بذلت إدارة التعليم بالولاية هذا العام جهودا مضنية لتوصيل الإمتحانات إليها في (جبل الداير ، سدرة ، العين الضباب) بالطائرة سويا مع وحدة شركيلا الإدارية لأول مرة ، بدلا عن خطوة ترحيل الطلاب والطالبات في الاولي إلي الرهد ، وفي الثانية إلي أم روابة .
وجدت الخطوة القبول والرضا والإستحسان من قبل اهالي هذه المناطق رجالا ونساء ، وبموجبها أصبحت العين الضباب مركزا لإمتحان طالباتها لاول مرة بعد أن تم ترحيلهن العام السابق والأول للمدرسة ، مما رفع سقف التحدي عند أهالي المنطقة لبذل المزيد من الجهود ويتوقع الجميع أن ينعكس ذلك نتيجة مشرفة علي الطالبات بعد أن تحصلت المدرسة العام السابق علي نسبة نجاح 100% نافست بها رصيفاتها في المركز الاول بالولاية .
(جبل الداير ، سدرة ، العين الضباب) منطقة رائدة في التعليم ، ، من بين أبنائها أكثر من (60) من الخبراء وأساتذة الجامعات وحملة الدكتوراة فضلا عن القيادات العسكرية والأمنية والشرطية والأهلية ، ومن بينهم الخبير الإقتصادي حسين يحيي جنقول محافظ بنك السودان الاسبق ، البروف احمد التوم حمدان خبير اللغات مدير جامعة موزمبيق ، والدكتور أحمد عمر كافي الاستاذ الجامعي وزير مالية سابق في شمال كردفان ومعتمد سابق لمحلية أم روابة .
وليس ذلك فحسب بل منهم الدكتور يوسف أودون أبو زايدة خبير التخطيط التنموي بوزارة المالية في شمال كردفان ، واللواء أحمد حجر المعتمد السابق ، والمرحوم اللواء كمال محمد سليمان ، والمرحوم الخبير الإقتصادي حسين سليمان وزير مالية سابق بالقضارف ، الدكتور العمدة إسماعيل اوجان والعمدة الورع مختار محمد حسين وآخرين كثر من قياداتها الأكاديمية والأهلية ، ولكن رغم ذلك لم تجد المنطقة حظها من التنمية والخدمات .
مع الأسف رغم سبق منطقة (جبل الداير ، سدرة ، العين الضباب تعليميا لكنها لازالت دون الطموح ، بها (28) مدرسة اساس منها (24) مدرسة مختلطة و(2) للبنين و(2) للبنات اساس و(ثلاثة) فقط مدارس ثانوية منها مدرسة واحدة للبنين و(اثنتين) للبنات من بينها مدرسة العين الضباب الثانوية عنوان المقال .
غير أن إمتحانات هذا العام الطويل (2019 – 2020) قد مثلت تحديا كما يقول الاستاذ عبد الواحد حمد النيل محمد مدير عام وزارة التربية والتوجيه بشمال كردفان ، حيث جلس لها (19972) طالب وطالبة وبلغ التسرب (1167) طالب وطالبة منهن (3) طالبات فقط بمدرسة العين الضباب بسبب الزواج المبكر والذي أصبح السمة الملازمة لطالبات المنطقة رغم تفوقهن مما يستوجب وقفة قوية لأجل مواصلة تعليم البنات .
وبل واجهت بعض المركز تحديا كما في إمتحانات العين الضباب ومثيلاتها من المدارس والمناطق ذات التأثير الكبير بسبب الأمطار وإنقطاع الطرق ، قال الأستاذ عبد الواحد تم التغلب عليها بتضافر الجهود الحكومية والمجتمعية ، بالمعينات وتذليل العقبات ، مشيدا بمجتمع العين الضباب خاصة رجالا ونساء لوقفتهم القوية ومبادرة النسوة (قطر العريس) وقال انهن حقا نموذجا فريدا يرفع سقوفات التحدي لمواصلة تعليم البنات للجامعات أسوة بالبنين لا سيما وان المنطقة زاخرة بالأكاديميين والخبراء .
وتوقع مدير عام التعليم إحراز طالبات العين الضباب نتيجة مشرفة ، وهكذا أصبح (قطر العريس) مبادرة نساء العين الضباب لدعم مركز الإمتحانات نموذجا مجتمعيا قابل للتطبيق والمنافسة ..
التعليقات مغلقة.