عبدالعزيز يعقوب _ فلادليفيا_ موت الاله عند نيتشة والضرورات لاقامة الدولة الحديثة
الاسئلة في الاصل دائما مشروعة وهي بالتاكيد تدفع الانسان الي التفكير واعمال العقل واستصحاب شواهد العلم والتاريخ ، وقد ظل الانبياء والمصلحون في الارض علي مر العصور يتعرضون للاسئلة الداعمة والرافضة لهم بحسب تقاطعات المصالح والقناعات ولكن تظل الحقيقة بوجه واحد وتتعدد الاهداف والمصالح.
اعتبر الفيلسوف الملحد فردريك نيتشه قبل قرن ونصف ان الاله قد مات بعد ان قتلوه في الثورة ضد الدين المسيحي في اوربا ولكنه ايضا سال محتارا في سؤالا “الا يجب علينا ان نصير نحن انفسنا الهة” وتساءل ايضا عن السبيل لذلك.
ولَم يكن يعني حينها بان الاله مات موتا سريريا فهو لم يكن يؤمن بالله اصلا بل كان يقصد بان الاله نفسه فكرة وهي التي ماتت ، وان الاله او الفكرة اكتسبها الانسان او الناس بالعقلانية والفكر ودلل عل ذلك بان الكون تحكمه علوم الطبيعة وقوانينها ولاتحفظه العناية الالهية.
وكان نيتشة معجبا بروايات الكاتب الروسي دوستوفيسكي وكان يعتقد بان جميع ابطال روايته مقتنعين بموت الاله. وكتب كثير من المحللين والفلاسفة بان نيتشة كان متشائم ولا يعتقد ان الانسان له قدرة علي العبور والوصول الا اذا استطاع ان يصل مرحلة الانسان الخارق بعد ان يتطور في الفردية المطلقة التي لا تقيدها قيود او قانون للوصول الي شكل من اشكال قداسة الالوهية الذاتية وقد اطلق عليها اسم “الانسان الخارق”.
ولكن مادا حدث في اوربا بعد نيتشة واستقرار الاوضاع وبداية عهد الحداثة بداء المفكرون والفلاسفة والقادة العمل في ترويض الثوار وخصوصا طبقة النبلاء وقادة المجتمع انذاك وهم من المقاتلين المفاخرين باستقلاليتهم ورجولتهم وفروسيتهم. فانبرت المسارح والصحف والفلاسفة والكتاب واالعلماء في تخصصات علوم المجتمع وعلم النفس في اعادة تهذيب وتشذيب ووضع اطار لصورة الانسان الذي يريدون و التاثير علي المجتمع وافراده علي تعديل سلوكهم باعلاء قيم اللباقة والحوار وتقديم والنصح الراي السديد للحاكم والمقدرة علي انتاج افكار .
استمر الفلاسفة في البحث عن سبل الرشاد واستخدم دراسات علم النفس في تهذيب سلوك البشر وطرقوا القيم والاخلاق ولكنهم كلما تحدثوا عن الاخلاق خرج اليهم من يردد مقولة نيتشه عن الاخلاق ” الاخلاق الصالحة في البداية هي اخلاق الاشراف سادة الحرب الذين يطيعون دون تردد نزوات الجسم الطبيعة ، ثم ثار ضد الاشراف رجال الدين الضعفاء والمرضي والحسودون والتجاوا الي الحيلة لاضعاف اسيادهم فلفقوا خرافة الضمير والمسؤلية ” اختزل الفيلسوف الملحد نيتشه ان محرك الاخلاق عند الانسان تحركه قوة الجسم والغرائز فقط . ويري ان القوة والعزيزة هي التي تحرك افعال الاقوياء وانفعال الضعفاء.
اما الدولة الحديثة.
نيتشه بعد اقام مراسم العزاء بدلالات موت الاله ومؤلفه غروب الاوثان تطور الرجل الملحد وبدا في في وصف لاطار لشخصية للانسان الحر من قيود الاخلاق والضمير والثقافة ولَم يكن حينها هو اول من كتب عن تلك الشخصيةًالمثاالية التي تتمتع بمواصفات خاصة فريدة ونتج ذلك لصعوبة ضبط المجتمع بدون قيم الاخلاق فخرج الكتاب والفلاسفة والمفكرين يتحدثون عن المجتمع الذي يغلب عليه السوء ومن المستحيل المحافظة عليه، فرفعوا الشعارات فنادوا بسقوط المجتمع وطالبوا بتدميره ولتصبح كل الجرائم ضده مباحة. بل ذهب الكاتب الروسي دوستوفيسكي ان علاج الانظمة القايمة سيكون طويلا وصعبا وعصيا ومكلفا فلابد من تدمير المجتمع وكنسه دفعة واحدة عندها تستطيع ان نبدا بناء كل شي من جديد والي حينها فليمتلي العالم بالدماء.
اعقبت تلك الحقبة ما دعي له الامام السيد الصادق المهدي رئيس الورزاء الاسبق وهي ضيغةًالعقد الاجتماعي للفيلسوف جون لوك مرورا ب جان روسو وقد توصلوا الي ضرورة ان يقدم الفرد وهو نواة المجتمعات ، والمجتمعات مجتمعة جزءا من حقوقهم وحرياتهم الشخصية لصالح الدخول في شراكة لنظام اجتماعي وعقد للمواطنة متوافق عليه يخدم اهداف المجتمع الكلية.
اختلف عدد من المفكرين والفلاسفة علي الصيغة النظرية لنظرية العقد الاجتماعي لانها يمكن مع مرور الزمن تقيد حرية الانسان المطلقة والحد من طاقته وكبح جماح شهواته بما يتفق واعراف المجتمع.
تجارب الانسان الماثلة توكد علي ان صيغ التعايش الاجتماعي السلمي والايجابي هي تحدد علاقات المجتمع ومساحات الفرد. فالانسان بطبعه ينشد المساحة الشخصية التي لاتحدها حدود وهذه المساحة تزيد وتنقص حسب الاعراف الاجتماعية والثقافة والتقاليد، ونجد الانسان اكثر بحثا عن الامن والسلم الاجتماعي الذي بدونه تضييق مساحات الحرية وتقييد حركة الفرد وتحد من طاقاته التي يعتبرها المجتمع سالبة ، وبما ان الانسان الفرد هو العنصر الاساسي لتكوين الدولة الحديثة فلابد وبل حتميا ان يبتكر هذا الانسان مساحات مشتركة يحفها الامن من الخوف والجوع. وتعم فيها ثقافة القبول للثقافة الاخري واللغات الاخري وان الانسان فيها عزيز بروحه وحريته التي لاتعتديعلي حرية الآخرين ويظل الانسان هو محور الدولة الاساسي مع محور الارض وطبيعة السلطة التي تدير الدولة لتحقيق التقدم والحياة الكريمة.
*المشروع السوداني القومي الوطني للتعافي ضرورة اخلاقية.
*اشاعة الوعي دحر للتخلف وفرصة للتقدم*.
*الحلول الصعبة تكون بالحوار وحفظ الحقوق وعقد المواطنة واستنباط القوانين من العرف والدين والقيم والاخلاق .
التعليقات مغلقة.