بارود صندل المحامي هل تعود المحاكم الخاصة السيئة السمعة للعمل بعد الثورة؟

 

اثبتت التجارب ان المحاكم الاستثنائية أوالخاصة لا توفر الضمانة الكاملة للعدالة التي يمكن توفيرها من خلال القضاء العادي المستقل الحيادي قانونا وعملا،

وتلجا الانظمة للمحاكم الخاصة سعيا لقهر الخصوم والمعارضين وقد سلك النظام البائد هذا المسك فاذاق الخصوم سوط عذاب،،وبالمقابل اصاب القضاء بتشوهات فاصبح في نظر العالم غير قادر وغير راغب في القيام بواجباته،،وبقيام الثورة المجيدة اشرأبت الاعناق الي دستور يقيم مجتمع ديمقراطي يسود فيه سيادة حكم القانون،،فكانت الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية وهذه الوثيقة علي ما بها من فتوق وقصور الا انها وضعت اساسا متينا لقضاء مستقل و عادل و طبيعي،،نصت في المادة(٥٢)علي الاتي(يكون لاي شخص تتخذ ضده أجراءات مدنية أو جنائية الحق في سماع عادل وعلني امام محكمة عادية مختصة وفقا للاجراءات التي يحددها القانون)هذا النص يقرر ان المحاكم من حيث المبدأ يجب ان تكون عادية طبيعية لانها صاحبة الولاية العامة والاختصاص الأصيل بحيث يتقاضي الافراد لديها ويكونون علي ألمام مسبق بوجودها وقانونيتها،،،وفي القضاء العادي الطبيعي يجوز أنشاء محاكم متخصصة مثل محاكم الطفل والعمل والمحاكم التجارية وينحصر اختصاص هذه المحاكم في مجال واحد من مجالات القانون اعمالا لمبدا التخصصية والخبرة،،ورغما عن هذا النص الدستوري،،وان الوثيقة الدستورية هي القانون الأعلي بالبلاد وتسود أحكامها علي جميع القوانيين ويلغي او يعدل من احكام القوانيين ما يتعارض مع احكامها بالقدر الذي يزيل التعارض،،كمنطوق المادة الثالثة من الوثيقة،،وعلي أثر كل هذه النصوص وروح الوثيقة،،اقبلت رئيسة القضاء علي تشكيل محكمة جنائية خاصة لمحاكمة متهمين معينين،،اي ان المحكمة انڜات خصيصا لمحاكمة اشخاصا بعينهم،،وهذا يتعارض مع مبدا حق المساواة،،المادة(٤٨)من الوثيقة والتي نصت علي الاتي(الناس متساوون امام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية القانون دون تمييز بينهم بسبب الأثنية او اللون او النوع او اللغة او العقيدة الدينية او الرأي السياسي او الاصل العرقي او الأثني او اي سبب أخر)وهذا المبدا يعتبر ان الناس جميعا سواء امام القضاء،وان تتم محاكمة أي شخص ارتكب فعل مجرم امام قاضيه الطبيعي وان يمثل جميع الافراد الي محكمة واحدة دون تمييز وتفرقة وبأجراءات موحدة،،وان القانون الدولي يحظر أنشاء اي محاكم جنائية تقوم علي أساس تمييزي بالمخالفة لمبدا المساواة امام المحاكم،،،وامام هذا الوضع المخالف للوثيقة الدستورية،،وامام اصرار السلطة القضائية المضي في هذا الطريق الخاطئ وهو ذات الطريق الذي كان يسلكه النظام البائد،،لجأنا الي المحكمة الدستورية والتي تختص بحماية حقوق الأنسان وحرياته الاساسية كما تختص برقابة دستورية القوانيين والتدابير،،وفقا لأحكام المادة(٣١)الفقرة واحد من الوثيقة الدستورية للفترة الانتقاليةلسنة ٢٠١٩والمادة(١٥)من قانون المحكمة الدستورية لسنة٢٠٠٥ولكن المحكمة الدستورية معطلة بأمر السلطة الأنتقالية والتي رفضت التجديد لقضاة المحكمة الدستورية الذين أنتهت  مدة ولايتهم القضائية ما عدا السيد رئيس المحكمة والذي تنتهي ولايته أيضا نهاية هذا العام،،والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تقدم السلطة علي تعطيل وتغييب هذه المحكمة؟وكيف اتفقت كل مكونات السلطة الانتقالية علي هذا الأمر،،في تقديرنا ان الامر ناتج عن تدبير محكم وممنهج،،ذلك ان السلطة تريد ان تفصل قوانيين علي مقاسات معينة تستهدف بها جهات بعينها انتقاما وتشفيا،،بل اقصاءا،،وغالب هذه القوانين غير دستورية وقابلة للألغاء بواسطة المحكمة الدستورية،،اذا كان هذا شان السلطة التنفيذية،،فما بال القضاء!!سلكنا طريق القضاء الدستوري لألغاء المحكمة الخاصة ولتقرير عدم دستورية نص المادة(٦)الفقرة (ه)من قانون الاجراءات الجنائية لسنة١٩٩١والذي اتاح لرئيسة القضاء تشكيل المحكمة الخاصة ومع ان رئيس المحكمة الدستورية قبلت الطعون من حيث المبدا الا انه لا يستطيع لوحده البت فيها،،طلبنا من المحكمة الخاصة نفسها  الامهال وارجاء موالاة السير في الاجراءات الي حين ميلاد محكمة دستورية جديدة والبت في الطعون التي امامها،،ولكنها رفضت  دون تسبب وهي تسرع الخطي  بل تهرول الي استكمال ما بدأتها،،تعاملنا معها بلطف ،قدمنا لها طلبا نطعن في اختصاصها في نظر الدعوي فهي محكمة خاصة غير شرعية،كما طلبنا رد أحد قضاة المحكمة لشعور  المتهمين بانه متحيز ضدهم،،فعندما يكون هناك ما يؤثر في حياد القاضي من خلال علاقة مودة او خصومة مع احد الخصوم،،فانه لا يستطيع الفصل في النزاع بكل موضوعية ومن حق الخصوم رده،،فهذا القاضي المعني له راي مسبق في المتهمين وقد جهر به،،وفي تقديرنا ان هذه الاسباب كافيه دستورا وقانونا وما جري عليه العمل في محاكمنا وفي سوابقنا القضائية،لتتنحي المحكمة عن نظر الدعوي،،وفي حالة اصرارها علي المضي في الاجراءات ضاربا عرض الحائط كل الطعون والطلبات،،فان محامي الدفاع سيضطرون الي الانسحاب من تمثيل المتهمين،،احتراما لوجهة نظرهم القانونية واحتجاجا علي تغييب مؤسسة دستورية هي الفيصل والمختصة في مثل هذه النزاعات،،اننا ننظر الي الامر بأسف شديد ان ينقض عري الوثيقة عروة من بعد عروة حتي قبل ان يجف المداد الذي كتب بها،،فبدلا من ان نسير الي الامام لنؤسس دولة سيادة حكم القانون نرتد الي الخلف نلهث وراء ماضي النظام البائد،،ما لكم كيف تحكمون،،،

ليس هذا فحسب بل ان عهد محاكم الطواري قد اطل براسه،،وان السلطة القضائية وافقت علي انشاء محاكم طوارئ اقتصادية وفق ما صرح به وزير العدل،،وكذلك النيابات الخاصة،،ما هذه الردة التي نشهدها،،تحول  الحديث عن استقلال القضاء الي استغلال القضاء لتحقيق مارب سياسية،،فمن يقف في وجه هذا التحدي والتعدي.

 

التعليقات مغلقة.