محاضرة الدكتور/ عز الدين عمر أحمد موسى عن جذور الأزمة السودانية باسيك، ولاية نيوجيرسي امريكا عرض وتعليق د/ عادل عبد العزيز حامد
ماسة نيوز
بدأ مقدم البرنامج حديثة بالتعريف بالمحاضر وعنوان المحاضرة:
. فاسمحوا لي أن أعطيكم نبذة مختصرة عن شيخنا الدكتور عزالدين عمر أحمد موسى ، فهو رئيس ومؤسس مركز العز بن عبدالسلام الثقافي وقد حصل على البكالوريوس في سنة 1962 ثمالدبلوم ثم الماجستير والدكتوراه في سنة 1975 في التاريخالإسلامي والاقتصاد ، و هو بالمناسبة يتقن اللغة العربيةوالانجليزية والفرنسية والاسبانية وهو معيد ومحاضر متفرغوأستاذ مساعد من 1969 حتى 2020 وهو في الجامعاتومراكز الأبحاث وهو أيضاً كان مديراً أو كُلِّف بمهام إدارية كثيرةمنها مدير مشروع بحث تاريخ شمال نيجيريا ورئيس قسمالتاريخ بالوكالة في جامعة أحمدو ، رئيس قسم التاريخ عضومجلس عمادة كلية الآداب، عضو المجلس الاكاديمي لجامعةأحمدو أبولو، عضو المجلس العلمي لجامعة نايف العربية، العميدمؤسس لكلية العلوم الاستراتيجية ، العميد المؤسس لمركزأخلاقيات التعليم العالي ثم هو عضو في لجان كثيرة جداً.
وهو مؤلف لما يزيد عن ستة وثمانين كتاب وبحث علمي، وتحتالطبع هناك أيضاً ستة كتب أخرى فهو حائز على جائزة الملكفيصل العالمية في الدراسات الإسلامية ووسام السودان الذهبيللعلم وإرادة ملكية أردنية بعضوية مؤسسة البيت ودرع إثنيةالشيخ عبد المقصود الخوجة ووسام الجدارة لجمهورية السودان.
استهل الدكتور محاضرته:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسولالله وعلى آل بيته الطيبين وعلى صحابته الأكرمين وعلى تابعيهمبإحسان إلى يوم الدين وإن شاء الله نكون معهم من الخالدين.
أشكر المركز الإسلامي في باسيك في نيوجيرسي وأشكر اللجنةالمنظمة من الإخوة السودانيين الذين حرصوا على تنظيم هذااللقاء الذي أحسبه منتدى أكثر من محاضرة والشكر أجزله لكمأنتم أيها الحضور هذه النخب الطيبة من وجوهها وبالحرص علىالحضور للعلم من العلوم عسى ولعل أن تجدوا فيه بعض فائدة، والشكر أولا وأخيرا لله سبحانه وتعالى على ما قضى ويسَّر، ونسأل التوفيق فيما سيجري ، أحسب أنكم جميعا مثلي تساءلتُ في بداية الأمر ما الضرورة للحديث عن الماضي في السودانوالسودان يشتعل ويحترق والناس قتلى وجرحى والنساء تغتصبوالأحرار يُسترقُّون والبيوت تنهب والأعيان تدمر والعمران يخرب، والناس قسراً أو رعباً يهجَّرون . وكنت قبل هذا الانفجار الكبيرالمعاش أظن أن حل المشكلة ميسور إذا قبل الناس بهوية سودانيةجامعة، وقدمت عدة أحاديث في الأمر وأخص بالذكر ما نثرتهيوماً هنا في نيويورك في عشرين مارس 2019 بعنوان رؤىوافكار حول الهوية السودانية، بيد أنه بعد هنيهة قصيرة جدانشبت ثورة شعبية عظيمة في جوهرها وشكلها ووسائلها ولم تلبثالا قليلا فاغتصبت ووئدت ولحقت بأخواتها في سلسلة عجيبةغريبة.
هكذا هو الحال في تاريخ السودان الحديث والمعاصر دون النظرإلى التحقيب الأوروبي لتحقيب تاريخ السودان اذ جعل تاريخالسودان الحديث المعاصر يبدأ سنة 1921 مع دخول الأتراك إلىالسودان. السودان كان سودان قمة مع المهدي ثم انتكاسة فيأواخر عهد الخليفة واستعمار ثنائي أناخ بكلكله وثورات متصلةخلال العقدين الأولين من القرن العشرين، وفي كل عام في تلكالفترة ثورة بخاصة في جبال النوبة والجنوب ودارفور وغيرهاوتوجت بثورة 1924 التي أُجهضت كذلك، وجاء مؤتمر الخريجينثم الانشقاقات أرهقت كاهله، ولاح بارق امل مع اتفاق 1953 وشانته ثورة في الجنوب بداية لثورات في الجنوب ضد الحكمالمصري في توريت وتعاظم الأمل مع الاستقلال وتبخر مثل ثلجفي يوم غائظ شمسه ولكن تتابعت الانقلابات فسموها ثوراتوذهب من الوراء إلى الوراء ثم أخيرا ضاع الترقب الكبير معديسمبر وثورته المجيدة الموؤدة ووقع الانفجار الكبير بعد ذلك وحلالبلاء العظيم والخوف الآن من الهلاك المبين إن لم نحسن التدبير.
كان يتلبسني في العقود الثلاثة الأخيرة خوف كبير من أن يصبححالنا مثل الأندلس أو فلسطين وكتبت عن الحالتين خواطر عديدةفي باب المنجَّم صيد الخاطر في صحيفة الخرطوم ثم نشرتها فيكتابي تأملات في النفس والناس والحياة من ستة أجزاء وتعمقهذا في تواجف قلبي واستجلَّى في دخيلة نفسي لا سيما معمشكلة الجنوب ولما استثيرت دارفور وما يجري الآن من بلاء كبيرويصور ابن الأبار البلنسي الأندلسي حالهم في الأندلس بالأمسوكأنه ينظر بعين الغيب إلى حال فلسطين أو السودان يقول:
في كُلِّ شارِقَةٍ إِلْمَامُ بَائِقَةٍ يَعُود مَأتَمُها عِندَ العِدَى عُرُسا، يفرح لها الأعداء وكل ما جاءت بارقة ذهبت وطلبوا في بلنسياوهي محاصرة النصر من المستنصر الحفصي ويناديه:
أَدْرِكْ بِخَيْلِكَ خَيْلِ اللَّهِ أندلُسَاً إنَّ السَّبِيلَ إلَى مَنْجاتِهادَرَسَا
وَهَبْ لهَا مِنْ عَزيزِ النَّصْرِ مَا الْتَمَسَتْ فَلَمْ يَزَلْ مِنْكَ عزُّ النَّصْر مُلْتَمَسا
وَحاش مِمَّا تُعانِيهِ حُشَاشَتهَا فَطَالَما ذَاقَتِ البَلوَى صَبَاحَ مَسَا
يَا للجَزيرَةِ أَضْحَى أَهلُها جَزَراً لِلحَادِثَاتِ وأَمْسَى جَدُّهَاتَعَسا
في كُلِّ شارِقَةٍ إِلْمَامُ بَائِقَةٍ يَعُود مَأتَمُها عِندَ العِدَى عُرُسا
تصوير عجيب ويهمني من هذا أنهم لم يدْرَكوا ولم ينقذَوا وهذهقضية كبرى في تاريخنا الحديث وفي سوداننا الحبيب أو حتىفي فلسطين قبلنا، فسقطت بلنسيا وتدريجيا سقطت المدن ورثاأبو البقاء الرندي الأندلس: “لكل أمر إذا ما تم نقصان فلا يقضبطيب العيش إنسان“. وشبه بذلك عندما دخل جحافل الحكمالتركي إلى سنار ورثاها السناري في قصيدة جارى فيها أبوالبقاء: ” آه على بلد الخيرات من منشؤنا أعني بذلك دار الفونجسنار“.
والدرس المستفاد هو إصلاح الذات قبل استنهاض الآخر، هذاالدرس المستفاد من تاريخنا الذي مضى وهذا نحن فيه شركاءوعجيب أن تكون غزة في نفس اللحظة التي يكون فيها السودانمستهدفا، وهذا أشار إليه شاعرنا الجليل وأستاذنا العظيم أحمدمحمد صالح يوم اتفاق السودانيين في عام 1953 على قضيةالحكم الذاتي ومن ثم الاستقلال فقال:
” إنا اتحدنا فكان النصر رائدنا وكان حظ سوانا الذل والرغما
وقد مشينا إلى الجبار في شمام نهز من عرشه فاندك وانهدما
جل الدليل يا قاعدة الرأي صونوا اتحادكم من كل شائبة تجر فيذيلها الإخفاق والندما
إلى أن يقول ولا تجعلوا للكراسي بينكم قيما.
إذن من هنا جاءت هذه المحاولة لفهم جذور أسباب الفرقةوالخلاف والتخلف والنزاع في سودان اليوم لاجتثاثها من جذورهاأقول إنما هذا السعي وقد أشار إليه أستاذي الكريم الأخ محمدإنما هذا السعي العلمي ضرورة وطنية ملحة لأن بغيره سوىأوقفت الحرب في السودان أو حسمت ستُنبِت تلك الجذورمأساة أشد وأعظم وأفدح إن ظل السودان باقيا لماذا؟ لماذا؟ وهذاما سنتناوله بالتحليل بعد قليل، أقول لعل مثل هذه المعضلة جاءالأمر الرباني القرآني ليتفرق طائفة من أهل العلم ليأتوا بالحلولالناجعة له يقول الحق سبحانه “وما كان المؤمنون لينفروا كافةفلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذرواقومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون” كما في سورة التوبة. ومثلمسعانا هذا اليوم ضرورة وطنية ملحة ومطلب شرعي تنفيذه لازموالمتأمل، لكيلا يقال لماذا نتكلم والجثث في الخرطوم في الشوارع، يجب الرجوع الى الجذور.
والمتأمل في الأزمة السودانية يلحظ أن لها جذور تاريخية متعددةومتداخلة ومؤثر بعضها على بعض ولعله من المفيد طرح هذهالقضية في خمسة تساؤلات أساسية وهي:
فإذا بدأنا بتشكل السودان أقول ما عرف السودان القطر الحديثالمعاصر دولة تربط اجزاءه ولا حضارة معروفة تجمع اشتاته بينماعرفت مكوناته باسم المجموعة البشرية وربما الاثنية التي قطنتهاوأطلق عليه القدماء لا سيما اليونان اسماء تعني السواد فيلغاتهم. واخذها التراث الجغرافي العربي الاسلامي في العصورالوسطى والبسها من الانساب اثوابا. وأرجعتها هذه الانساب الىجدنا حام ابن نوح، ولكن هذا التراث الاسلامي حافظ علىمعلومات مهمة عن تلك المكونات مثل النوبة والبجة والفور والمحسالى اخره. ولا اعرف وكثيرون مثلي ان المنطقة في تكاملها عرفتبالسودان الا انها مجهولة بغيرها ومضافة الى كلمتين ارضوبلاد، الارض السودان بلاد السودان مما ينفي عنها الخصوصيةكلمة السودان التي اعيت الشيخ حسن الفاتح رحمه الله في بحثهبين الوضعية والاسمية، ولعل الاستثناء الوحيد لهذا ما جاء عندالسعدي في كتابه تاريخ السودان والكعتي في كتابه الفتاشواحمد بابا التنبوكتي في مصنفه معراج الصعود في وجوب حكمالسود وجايلهم من جايلهم من المغاربة وذلك في القرن السادسعشر الميلادي. ولكنهم خالفوا في ذلك من سبقهم ومن جاء بعدهم.
فاذا هنا اسم السودان لم يطلق على المنطقة وانما أطلق علىغرب افريقيا فيها المنطقة باسم الدولة الحاكمة والاثنية الغالبة مثلغانا، مالي، الكانيم، بورنو او بلاد التكرور ومن المفيد الاشارة الىان مصطلح السودان في الحضارة الاسلامية يقصد بها اللونغالبا وليس الجنس ولا المكان انا حتى الآن ما دخلت في العميقبمهد ليكم في الكلام الصعب عشان تستقبلوا الكلام الحار الذيسأثيره.
ليه ما حصلنا لان البيضان من الرقيق في التجارة الاسلاميةأكثر من السودان. بل ان الجاحظ كتب فضل السودان علىالبيضان هذا باب كبير ولكني سأقف عند هذا الحد واقول اناسم الدولة السودانية الحديث اُعطي أساسا بشيء من ذلكعندما لم يقبل بشيء عند عدد من الناس منهم دكتور عبد اللهالطيب في كتابه النير والنور ولكنه عجز عن ان يعطي بديلا لهذاالسودان المتشكل المتوحد المقسمة لأجزاء، الا أن يجد نفسهمضطراً ان يرجع الى اسماء هي في أصلها ايضا تعني السواد.
ومن هنا يحق لنا التساؤل الى اي مدى كانت هناك امشاج تربطبين هذه المكونات في التاريخ والتراث في غياب الوحدةالسياسية؟ ان المتأمل في ذلك التاريخ لا يعجزه استبصار التباينبين تلك المكونات في التاريخ والتراث وضعف الامشاج فيها. وتجلى ذلك في أربع ظواهر:
الان نقف مع المدارس التي درست تاريخ السودان وكيف نظرتالى هذه التنشئة وهل أخرجتنا من البئر العميق ام انها حفرت لنافيه مزيد. ان قراءة التاريخ تختلف باختلاف المنظور وباختلافالطرائق والأساليب، ولهذا قالوا في المنهج الحديث للتاريخ لاتاريخ بلا مؤرخ. إذا كل قارئ للتاريخ يقرأ التاريخ بمنظوره هو، برؤيته هو، قد يصور هذا، وإذا قرأه زميله الاخر يخرج بأشياءأخرى.
اولا المدرسة الاستخباراتية البريطانية
وهي رديف المدرسة الاوروبية الاستعمارية ويقوم منظورها علىثلاثة رؤى رئيسية وفيها ما يقال حسب التالي:
يعني لا يأتي من داخلها.
ثلاثة رؤى ولكنها كما قلت فيها ما يقال ويكفي وحسبك من الادلةالمادية حضارات وادي النيل واثيوبيا وحفريات الصحراء الكبرىومنطقة السافنا ومنطقة السافنا في غرب افريقيا بخاصةنيجيريا، ومن الادلة الفكرية ما قام به انتو ديوب سنقاري فيدراسته للدولة وللحضارة الفرعونية واستشف واستكشف الآثارالافريقية فيها.
أولا: برنال الذي كتب عن أثينا السوداء، وأثينا نحن في تراثناالاسلامي هي مصدر الفلسفة عندنا والمنطق والاشياء هذه بنيالماذا قال؟ قال كثير من الحضارة اليونانية هي آتية من الجنوبمن شمال افريقيا وبوجه خاص من وادي النيل.
ثم اثبتت الدراسات الفيزيائية الأصول للأهرامات المصرية انهاآتية من المنطقة الجنوبية. اضيف لكل ذلك ان الهجرات فيافريقيا كانت تأتي أيضا. كما جاءت هجرات من الشمال كانتهناك هجرات كثيرة تأتي من الجنوب الى الشمال، مثل المرابطينالذين اسسوا امبراطورية اسلامية كبرى من السنغال الى جبالالشهوات في الاندلس.
ثانيا: يقول ابن فاطمة أحد الرحالة المغاربة في القرن الحاديعشر أنه حصلت هجرات من وسط افريقيا الى المنطقة السودانيةالراهنة، سماهم الدمادم في نفس الوقت الذي خرج فيه التتار مناوسط آسيا الى منطقتنا الاسلامية وأقصى وسلين هو الفونج فيالسودان، اساسا جاءوا من جنوب منطقة السودان الراهنة إذاهذه المدرسة والكلام الذي ساقوه فيه ما يقال وهو كثير ولكن معهذا الضعف اثرت تأثيرا بالغا على المدرستين المصرية والسودانيةفي كتابة التاريخ، فالمدرسة المصرية توكأت على المدرسةالبريطانية الاستخباراتية لأنها تماثلها في كثير في عهد محمدعلي باشا وطورت مقولة “السودان الحديقة الخلفية لمصر ” ولهذهالمقولة دلالات سالبة كثيرة مقسمة مفرقة وليست بجامعة.
ثالثا: المدرسة الوطنية الحديثة وهذه المدرسة لم تقف عند المنظورالا قليلا وبدرجات متفاوتة، واخذت بطرائق واساليب الدراساتالتاريخية الجديدة فنقضت معلومات وعدلت أخرى وأضافت ثالثةولكن ما كتبه الوطنيون السودانيون لم يهز روح النفرة والاستعلاءالتي كانت سائدة في الكتابات الاخرى.
رابعا: المدرسة اليسارية وقامت على منظور اجتماعي شامل فيدراسة التاريخ وخير ما مارسوا جهودهم ما كتبه نقد عن الرقوهذه قضية خطيرة جدا لا أنسي ثاني ولا بعد قليل. قضيةخطيرة الرق وابو سليم كتابته عن الارض والفونج، وايضا هذهالقضية مهمة بيد ان اهتمام هذه المدرسة الغالب كان بالتاريخالحديث ولهذا لم يبلوروا الازمة السودانية في اطارها التاريخيولم يُطلُّوا على الجذور جذور الازمة الذي نسعى ان نفعله اليوم.
المدرسة الخامسة المدرسة التقليدية وهيمنت عليها روح العروبةوالاسلام المتجلية في الانساب وتراجم الاولياء والصالحين. وعمقواروح النفرة ونهج الاستعلاء بان جعلوا العروبة لغير العربي كأنهاهي القمة التي يبقى ان ينظر اليها الناس.
سادسا: المدرسة الاسلامية الحديثة وهي لا تختلف عن التقليديةفي المنظور لكنها تتميز عنها باتباع المنهجية الحديثة في الطرائقوالاساليب وتوثيق المفردات، من الواضح ان هذه المدارس بصورةعامة رسخت صورة السودان المتجزئ عن قصد أو بدونه، ولذلكغاب عنده السعي نحو هوية جامعة لعناصره المقسمة له، فماتأثير هذا التاريخ المتجزئ على الواقع المعاش وهنا لب المشكلة.
ان السودان الحديث المعاصر بتاريخه المتجزئ لم تقم فيه هويةجامعة، هذه مشكلة كبيرة ولا تزال والحرب الدائرة الان والحروبالتي قامت قبلها كلها بشأن هذه المشكلة الهوية الجامعة وسادتفيه الانقسامات المدمرة من عناصر شتى مع ان الهوية في أصلهاتتكون من مجمل عناصر لا عنصر واحد.
الهوية دائما انا أذكر مثل في الحضارة الإسلامية الاسلام عندمافتح البلاد ما حول الناس الى الاسلام.
انا اطلع من موضوع السودان أذكر مثال لماذا؟ لان الاسلام يدعوالناس ولا يجبرهم ولا يغصبهم على الإسلام. ولا يجبرهم علىذلك فلذلك مثلا مصر دخلتها الخلافة الاسلامية منذ بداية القرنالاول الهجري، ولكن لم يكن الطابع الاسلامي غالب عليها كماعلمه ما درسه مارغوليوس من سجلات المحاكم ومن شواهد القبورالا في السدس الاول من القرن الثالث إذا حاجة بطيئة، وهذاسببه
ان الاسلام يدعو الناس بالحسنى ولا يقوم على ذلك فانا اقول هناان الهوية تتكون من عناصر متنافرة تجتمع على صورة ورؤيةواحدة ليعيشوا معا.
كما خلص بذلك امين معلوف في دراسته المفيدة الهويات القاتلةفما الذي منع ويمنع قيام الهوية الجامعة في السودان الحديثالمعاصر؟ يحتاج الكشف عن العوامل المعوقة واستصحابالقضايا التي اثرناها من قبل والظواهر التي وضحناها على بعثالمنسي حيا وعدم الخشية من الكشف عن المسكوت عنه وهذهحكاية خطيرة وانا اعرف أن المحاضرة سوف تأتي بوبال منالكلام، لكن هذه هي الحقيقة سكتنا عنها فكان الانفجار المسكوتعنه.
وبغير ذلك لن تكتمل الصورة لأسباب الازمة الراهنة ولا للعلاجالناجع كي لا نكون كما يقول المثل السوداني ونترجم للعربية بعدشوية والعربية الفصحى “ده البلف ويجي ثاني” يعني نعم نثورعلى الواقع ونتفاعل ونرجع نخذل وتاني نثور وهكذا دواليه.
مثل في الحالة السودانية، وبهذا وبغير هذا تنتج الازمة مرةومرات أخرى وقد نتجت عندنا مرات كثيرة كما ذكرت في بدايةالمحاضرة ويبدو ان أُس المعوقات يكون في دولة وثقافتهاوالحضور المتجذر لثقافة الرق. لا تغضبوا وبالمناسبة ابحثوا فيكل البيئة العربية ايضا كذلك الرق ليس الاسود فقط.
الرق الابيض كان أكثر وكانت المراكب تأتي بالرقيق من اوروباالى شمال افريقيا في القرن الحادي عشر في مراكب كبيرة فجاءجيش ابن غانية ليغزوا بوجايا الجزائرية، ففتحوا ابواب الميناءوكانوا يحسبون انها مراكب الرقيق بل قيل ويؤكد كما رواهالقبريري في كتابه بتاريخ بوجايا ان الرقيق الابيض سعره اقلمن سعر الرقيق الاسود.
الناس عندما تدرس يجب أن تدرس الحقائق وألا تخجل منهاوينبغي ان نقولها وإذا لم نقولها وستحدث كل مرة هذه الثوراتولا تأتي بجديد. ويبدو لي ان غياب الدولة نرجع للمرة الثانيةونعمقه تم مع انحلال دولة علوة وهي الدولة المسيحية التي أعقبتهاالدويلات الاسلامية في السودان، وانفرط عقد الامن والأمان وكاناللجوء الى القبيلة طلبا لهما وتوظيف لطاقاتها.
هذا علاوة على ان الفكر الاسلامي سيطر عليه فقه القوة منذقرون متطاولة باستثناء التصوف وفي هذا المكان قدمت محاضرةعن اعادة قراءة الفكر الاسلامي لنتجنب فقه القوة ونرجع الى قيمالاسلام الاصيلة. ان أكثر هذه المعوقات تجلت بصورة سافرة فيمواجهة الحملة التركية من السودانيين في الشمال لاستعمارالسودان.
اولا ظهرت في المقاومة لها وكانت متجزئة كتجزؤ السودان لكنمعركة كورتي كشفت عن التعانق بين الدولة وروح السيادة القبليةوثقافة الرق بوضوح حين رفض اهل كورتي وهم شوايقة. فأولمعركة لهم كانت ضد الشوايقة وليش؟ لأنهم رفضوا بقيادة ملكهمشاووش تسيلم خيلهم لإسماعيل باشا الغازي لأنها سلاحهمورمز سيادتهم.
هم سادة، هم حكام، ولم يرضوا منه أن يجردهم من أسلحتهمليعودوا فلاحين، والفلاحة عندهم لرقيقهم وعبيدهم شفت المرض؟ الأمر الثالث، فرضت الضرائب على السودان النيلي، أنا معذرةدخلت لكم في التفاصيل والتفاصيل لأنه بغيرها لا يمكن أن نفهمالكلام ونقوله في النهاية للحل. فرض الضرائب إسماعيل باشاعلى السودانيين واستوى في الأمر السيد الذاهبة سلطته وعبيدالأرض الباقي وجودهم وكان شعارها” عشرة في تربة ولا ريالفي طلبة” يعني عشرة في قبر يدفنون سيقاومون الضرائب دي، إذن مفهوم الدولة ما عندهم أساسا موضوع الضرائب، وتبع ذلكمقتل إسماعيل نفسه بن محمد علي، وجاء الدفتردار خلفا لهوأجرى مذبحة توصف بأنها كماء النيل فوقر في ضمير الناسبأن الدولة شيء وهم شيء آخر، ويعبر عنها مصطلح ميريبدلالاته المختلفة، ديل كلهم ما عارفين ميري دي شنو؟ لأنهم نشأوابعد الفترة بتاعة الميري. الميري أصلها لفظ جاء من كلمة أميريأي حكومي فالحكومة، فالميري عند السودانيين أصبح المالالسائب وعند الرجل الذي لا ينبغي أن يثق به، لأنه ارتبطت به هذهالمظاهر.
فأصبحت عندنا هنا كارثة كبرى في أن الإنسان السوداني بدأ لايشعر بأن الدولة دولته ولا يحترم الدولة وأنا أتذكر إحنا كنا فيالمدرسة الثانوية وكنا نشغل في سم الجراد، وسألت واحد منالجماعة يا أخوان أن أنا وجدت لي طرادة، (طرادة ٢٥ قرشبس)، سألت الزول قلت له أنني سأرجعها لهم، وقعت منهم، قاللي لا، هذا المال ميري، يعني المال السائب، فالدولة أصبحت لهاصورة مشوهة الآن تستطيعون أن تستبصروا ليه الثورات في كلمرة والحاصل لينا ده، ورسخت العصبية القبلية ذلك التقسيم، مانعة لأي وحدة جامعة مع أنسابها إلى الجد الخامس، لأن فيهممطلوبات شرعية للجد الخامس،
، إلا أنه بعد الجد الخامس في دراسات قمت بها وقدمت فيهامحاضرة لجالية نيويورك عن الأنساب القبلية بين الحقيقة والوهمووصلت إلى أن الأنساب فوق الجد الخامس هي علاقة اجتماعيةمتغيرة متبدلة مع الزمن ومع المكان، فإذن القبلية رسخت التجزئةوعدم وجود الدولة، فالقبلية زادت المشكلة وبالا على وبال.
ان البريطانيين كانوا أذكياء فاستغلوا القبلية في الحكم الإداريفي جمع الضرائب، يسموها العتب، والعتب للغرفة التي تسكنعليها ضريبة للبريطانيين، وإذا لديك بهيمة عليها ضريبة، و تركواشيوخ القبائل يقوموا بهذا الدور وأدخلوهم في النظام الإداريفي قضايا المشيخة للقرية والقبيلة، وأدخلوهم أيضاً في النظامالقضائي جزئياً ، البريطانيين يريدون السودان مقسماً، لكنحافظوا على القبلية واستثمروها وتركوها تقسم الناس، هذهالجزئية مهمة لكم يا إخوانا، طيب، أنا أقول أن هذا يتطلب وقفةمهمة مع ثقافة الرق بالمناسبة ثقافة الرقيق، هذه ثقافة خطيرة، أنالست من أصل رقيقي، ولكن أفعالي تدل على أنني أمتلك ثقافةالرقيقية ومتأصلة في نفسي كما في غيري، فما هي ثقافةالرقيقية؟ بالنسبة لنا في كل البلاد الإسلامية، دعونا نكونصريحين، وفي البلاد الأفريقية، هناك مشكلة كبيرة لنحلها.
يقوم الرق على وجود سادة لهم رقيق، يقومون لهم بالعمل وفيالسودان بطبيعته الزراعية، فإن خدمة أولئك في قطاعي الزراعةوالخدمة المنزلية، ومن ثم نمَّت ثقافة الرقيق عند السادة حبالعطالة وكراهية العمل، العمل يقوم به غيرك، حب العطالة وكراهيةالعمل، مع أن الرقيق قد انتفى منذ أول إلى القرن التاسع عشر، وهذه العطالة متفشية في المجتمع حتى في التصوف كيف؟ أناأقول هذه واضحة وبينة في العلاقة بين الشيخ والمريد، وصورهاأحسن تصوير شعر الشيخ محمد نور الدائم الذي أخذ المهديعنه طريقته والتي أشعلت ثورة السودان لما المهدي ثار علىالاتراك طلب الخليفة من الشريف محمد نور الدائم أن يهجوالمهدي، فهجاه بما رآه، فهو في ظنه لم يهجه وإنما ذكر أشياءهي فضائل المجتمع في ذلك الحين، ماذا قال؟ ويمكن فيالمناقشات نتكلم عنها، لكن ألخصها أقول، ذكر له خصالا هيبمعايير ذلك المجتمع فضائل، بما فيها من خدمة لشيخه من طحنوعوس واحتطاب وغير ذلك، كأنه عبد ، مع أن هذا الشخص الذييخدمه هو المهدي الذي يصلى الضحى
بوضوء الليل، الليل توضأ، لا ينقضه شيء ويعبد في الله إلى أنيصلي الضحى، وفضيلة أخرى وكان يختم القرآن في سنة الوتر، هذا التبادل بين الشيئين هذا يريك كيف أثرت ثقافة الرق علىمجتمعاتنا حتى بعد إلغاء الرق، فأثرت، فأصيب السودان فياقتصاده، العطالة وكراهية العمل، وأصيب المجتمع في بنيانشرائحه.
من كل هذه الوقفات، من تاريخ السودان المعاصر وتراثه، يستطيعالمتأمل أن يبصر بعض الأسباب الرئيسية التي أنبتت، من هذهالدولة أنبتت روح الاستعلاء وتأصلت، وثقافة الإقصاء وتنامت، والكراهية وتعمقت، وتضخيم الذات وتعالت حتى جعلنا من أنفسناأصل البشرية، هذه الأيام عندنا مواقف في السودان غريبة، الدماء تسيل ويقول لنا أننا أصل الحضارة البشرية، أصلالحضارة البشرية وليس ذلك، وكمان أصل البشرية، أبونا آدمنفسه جاء عندنا هنا، هذا تضخيم الذات في معراج الانهيار، وتعمقت تضخيم الذات وتعالت حتى جعلنا من أنفسنا أصلالبشرية، ومهد الحضارة الإنسانية، ليس ذلك فحسب بل وأرضالأنبياء، بالمناسبة يتكلمون عن سيدنا موسى وغلامه يجعلونهمفي قريتي التي تجمع بين النيلين، الأبيض والأزرق(المحاضريقصد قرية توتى) ، يعني كلام محير، لأنه بعد شوية سوف أذكره، ونسينا أن نسأل أنفسنا، لماذا هوي إلى الردى، وإلى عمقسحيق، بل صرنا نفخر بأن أرضنا كانت في القديم لغيرنا.
هذه الأيام الدراسات الأمريكية الصهيونية الإسرائيلية، المعانيالنصرانية المستجدة، يعكفون على دراسات لهم لأكثر من قرن، ليجعلوا من أرض السودان أنها أرض التوراة، تمهيد ينتهي منغزة، ويأتي إلى مصر، ويجب أيضا أن يصلوا النيل، والسودانيجب أن يصلوا ما يمكنهم أن يصلوا إلى السودان، نحن أرضالأنبياء، في الحالة التي نحن فيها، نقتل بعضنا البعض، ويأكلبعضنا البعض، ولو نسأل أنفسنا من هذا العلو الشامخالحضاري والديني الشامخ، كيف هوينا إلى العمق السحيق، هذاتضخيم الذات الذي نتج عن كل الدراسة التي قمت بها الآن، بلصرنا نفخر بأن أرضنا كما قلت وأكررها، مهمة، كانت في القديملغيرنا، أحسن الفلسطينيين، الناس لا يقولون هذا ما أرضكم، بلعندما يصلوا إلينا، سيقولون ما أرضكم، هذا حقتنا نحن، قضيةكبيرة، وإن حدث وسألنا، تحكمت فينا ثنائيات متضادة مبيرة، مثل ماذا؟
مثل وهم الأبيض والأسود، عرب وزرقة، غرب وبحر، غابة وصحراء، أبداً لا يمكن أن تكون لنا اشياء كثيرة متعددة، لكي نحصل علىالصراع، هذه قضية مهمة، والسؤال الذي يثور الآن، هل أناذاهب بشكل صحيح؟ حسناً، هذا خاتمي، نعم، نعم، هل منطريق إلى مستقبل جامع؟ هذا السؤال، مع الفتنة الحاصلة، هلهناك طريق؟ نعم، هناك طريق، ما هو الطريق؟ أولاً، نلاحظ أنفي هذا التاريخ الذي سردته، وفيه نواقص ونواضب كثيرة، كانتفيه إرهاصات، لقيام دولة جامعة موحدة للسودان، الحديثالمعاصر، وقد سبقت الإشارة إليها، في مطلع هذا الحديث، وهناك ضرورة لاستصحابها الآن، بعد أن تبين الداء وعز الدواء، ليستبين طريق الشفاء، نعم، كانت هناك إرهاصات، للسودانالجامع مع معركة ود هاشم، سنة 1733، عندما غزا الأحباشالسودان، فتجمع أهل السودان شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وسطالفتنة، وبعده، بعد الانتصار، تخاصموا وتشاكسوا وتحاربوا.
الأمر الثاني، مع المهدية، من أعظم الثورات التي وقعت في العالمالإسلامي، هي الثورة المهدية، ولكنها انتكست في آخر عهدالخليفة، لأسباب داخلية وأسباب خارجية، وأيضاً، هناك إجماععلى استقلال السودان، سنة 1953، أجمعنا عليه، وفي سنة1955، قامت توريت للانفصال في الجنوب، وأخذنا الاستقلال فيسنة 1956، وفي سنة 1958، قام الانقلاب والثورة، وكرت السبحةإلى يوم الناس هذا، إلى أن وصلنا إلى الطامة الكبرى، والبلاءالأعظم الذي يجري الآن، وعادة ما نعزو فشلنا، إلى عواملالخارج، وفكر المؤامرة، دائماً موجود، مشيح حاضر، تبريرالعجز، لا الاعتراف دائما مصاحب، وتعمى الأبصار عن إدراكالدور الرئيس، لعوامل الداخل المتعاظمة، المتعاظم تأثيرها، فيالفشل الدائم، غافلين عن النداء الرباني، وفي أنفسكم أفلاتبصرون، قبل أن تنظر إلى غيرك، أنظر في نفسك، كما في سورةالذاريات، وفي التوجيه الرباني، إن التغيير يبدأ دائماً منالنفس،” إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرواُ مَابِأَنفُسِهِمْ” كما في سورة الرعد، ومثيلات لها في الأنفالوغيرها، وفي التاريخ المعلوم هذا، كله أمر بارز ومشهود، الفشلفي الذنب في النفس، والفشل في النفس يعود إلى انتكاساهموارتكاساتهم، هذا التاريخ، هذا الإنساني كله، ويتعاظم الأمرأهمية، ويزداد السعي فيه وجوباً، إذا علم أن القوى المهيمنة فيالحياة الإنسانية المعاصرة، تهدد البناء الداخلي في مجتمعالهامش الحضاري، من وجهتين أساسيتين، الأولى أن العالمأصبح غرفة واحدة ضيقة، وإعلامه ضغطه شديد، وفعله مخيف، الإعلام الحق ، الإعلام الفئة المهيمنة على العالم.
الثانية أن الدول المهيمنة، رغم مصالحها المتضاربة، تهدفلاستغلال مجتمعات الهامش الحضاري، لأسباب استراتيجيةمتعددة مختلفة، فهذا قضية كبيرة جداً، وهدفها إضعاف تلكالمجتمعات الهامش، والسودان الحديث المعاصر من أهمها، حجمكم مشكلة الجنوب، ومشكلة دارفور، وأيضاً أخيراً هذه البلوةالكبرى التي وقعنا فيها، وليتعافى السودان، لابد له من اقتلاعمعوقات الهوية الجامعة، بصبر واناة وشجاعة وعزيمة وإصرار، وإلا كان الردى الذي يقود إلى الردى، فلابد من صنعاء وإن طالالسفر، وكسر العقبات وتعسر الجهود، فما الطريق؟ إن أولالطريق هو القبول بالسودان المعاصر بحدوده الراهنة، المنصوصعليها دولياً، وسكانه القاطنين فيه منذ الاستقلال، والتواثق علىالتقلب في النفوس والرؤوس، على الموروث المضاد للهويةالجامعة، لا بالسيوف.
لابد من عمل علمي جاد، ليسبق الفكر العمل، وهذه القاعدة مخالفكر الاستراتيجي، ودائماً نهتم ونرى ونسمع ونقرأ، والكلام كلهعن التخطيط الاستراتيجي، تخطط ماذا عندك هوية ما واضحة؟ التخطيط الاستراتيجي، بالذات السودانيين في هذه الأيام بكثرةجداً، أنا أقول إن التخطيط ولوازمه تأتي بعد وضع الاستراتيجية، والاستراتيجية أساسها الرؤية، ولابد أن نتواثق، على رؤية تقومعلى تكريم الإنسان، وتجعل تكريم الإنسان غاية، وهو منصوصعليه في كل الشرائع السماوية، بيد أنه من الضروري إعادة الفكرالإسلامي، على آيات حكمة خلق الإنسان في سورة البقرة، رباجعل، لوح كبير، من الصفحة الثلاثين إلى الصفحة الثمانيةوالثلاثين، وقد وصلت الإنسانية والبشرية إلى مثل هذه الفكرة، وبلورتها في المواثيق الدولية، إلى أن الكيل بمكيالين أضعفتتطبيقها وأفقدها معناها، وعلى ظهر هذه الحقيقة الكلية، تنطلقثلاثة قيم رئيسة تستوي والتطبيق اللازم، وهي:
أولا الحرية، وهنا ينبغي التذكير بأن مهمة الرسل، ومن ثمأتباعهم، أن يذكروا ويبشروا، وليس عليهم أن يسلم الناس أو لايسلموا، فحسابهم حسب ما عندنا في سورة الغاشية، حسابهملله وحده،
ثانيا: أن يكون العمل فريضة لازمة لكل الناس، وأنا أقوللأخواني السودانيين دائما، نحن في السودان نكسل عن العمل، لكن عندما نغترب تجدنا نشتغل 18 ساعة في اليوم، لو اشتغلنا18 ساعة في أوطاننا، لكانت أوطاننا غير الأوطان، فالقيمة الثانيةهي قيمة العمل، وقبل قليل تحدثنا عن المشكلة في الرق، وأنالعمل يكون معيار الرفعة الاجتماعية والسياسية، والدلالةواضحة، ما أقول شيئا، الدلالة واضحة لكم،
ثالثا: أن يقوم مجتمعنا على التعددية، والقبول بالآخر، نظامحياة وتعايش، لأنه سنة ربانية حاكمة لكل الأشياء في الكونوالحياة، تستحضرون صورة فاطر “وأنزلنا من السماء ماء فأخرجنا به نباتا مختلفة ألوانه، ومن الجبال جدد بيض وغرابيبسود، ومن الناس والدواب والأنعام كذلك، وقال إن ما يخشى اللهمن عباده العلماء، بأن التنصيص لم ترد في القران كله إلا فيهذه اللحظة، فإذا التعددية ربانية وطبيعة، ينبغي أن تكون بشرية، هذه نقطة مهمة، والسودان يحتاجها ليتجاوز التجزئة والتقسيموتنتج من كل هذه حقيقة واجبة للاتباع ونافذة تتمثل في مشاركةالناس في تسيير أمورهم وأسماها القرآن بالشورى ودورها فيالتطور مُعلِمة لا مُلزِمة، ربنا قال” وشاورهم في الأمر” إذاالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ماذا بعد ذلك. والنبي صلىالله عليه وسلم شاور الناس ولما أشار عليهم الجلوس في المدينةوعدم الخروج نزعوا لامته فخيروا قالوا له ما يكونلنبيهم أن يضع لامته ثم يرجع إليها. الشورى ملزمة ما فيكلام لكن الاستعلاء بتاع الشرائح الاجتماعية وغيرها والتمزق فيمجتمعنا هو الذي يجعلنا نسأل هل هي ملزمة أم معلمة لا هىملزمة أقول وأوشكنا للنهاية الحضارة الغربية أبدعت وسائللتحقيق هذه الشورى بمؤسسات وبديمقراطية هي أنجع الوسائل، فبمثل هذا تجاوزت المعوقات التي كانت عندنا وبمثل هذا نتجاوزالمعوقات فإن فعلنا وتجاوزنا كل المعوقات حدثت الوحدة العمليةوالنهضة الباذخة وساد العدل والمساواة والسلام وجاز لنا أننهتف مع الشابي” سأعيش رغم الداء والأعداء كالنسر فوق القمةالشماء” فقلنا نجعل هذا شعارنا وإذا حافظنا على النسروالدلالة مفهومة سلم الوطن وسلمنا ولله أقدار. شكرا على حسنالاستماع والسلام عليكم .
لقد قدم المحاضر سياحة فكريه راقيه فى التاريخ السودانىالقديم واستعرض هذا التاريخ وتوصل إلى أن السودان الحديثلم يكن كيانا سودانيا موحدا الا بعد حكم الإنجليز وعندما استقلالسودان فى ١٩٥٦ تسلمنا السودان بحدودة المعروفة حاليا وطرحعدة تساؤلات:
*هل هناك روابط تاريخيه وتراثيه بين أجزاء السودان المختلفة؟؟؟
* كيف تناولت المدارس التاريخية هذا التراث وماهو تأثير هذاالتاريخ على الواقع السودانى المعاصر .؟؟
* ماهو طريق العبور إلى مستقبل سودانى يجمع ولا يفرق ؟؟؟.
وقد أوضح المحاضر أن بعض مناطق السودان مثل البجة والغربوالجنوب كان فيها شيء قليل من التاريخ المكتوب ولكن منطقةالنوبه فى شمال السودان حظيت بمختلف حقب من التاريخوالحضارات المتصلة منها حضارة كوش وكرمه ومروي.
وأوضح أن المدرسة الاستخباراتيه الاستعماريه البريطانية كانترؤيتهم للسودان تنحصر فيما يلى:-
وقد اثبتت الدراسات التاريخيه الفيزيائية أن أصولالأهرامات المصرية اتية من المنطقة الجنوبية وكانت هناكهجرات كبيرة تأتى من الجنوب للشمال مثل دولة المرابطينوغيرها.
ماهى المشكله فى السودان؟؟؟؟
يؤكد المحاضر أن المشكلة الكبيرة فى السودان عى مشكلةالهويه الجامعة…
فما هى هذه الهويه؟؟؟
انا اقول ان الأمر الواقع والعمل والذي يجب أن نعترف بهجميعا بأننا مهما كانت الادعاءت وأوراق النسب وروحالاستعلاء التى يتحدث بها البعض يجب أن نعترف جميعابأننا شعب هجين بين العروبه والزنجيه تزيد هنا وتقل هناكوهذا ما يمكن أن نطلق عليه السودانيه أو السودانويه بمعنىأننا سودانيون فى المقام الأول. وإن نعض على هذا الفهمبالنواجز.
ويمكن أن نستقل موقعنا الجقرافى الاستراتيجي لأن نكونالجسر الذي يربط بين افريقيا شمال الصحراء وأفريقياجنوب الصحراء وإن نربط بين دول الخليج وبين دول القرنالافريقى
ونحن حقا مؤهلين للقيام بهذا الدول ومقبولين لمعظم هذهالدول
يجب أن نبعد أنفسنا عن التيارات المتضادة::
*ابيض واسود
*عرب وزرقة
*غرب وبحر
*غابة وصحراء.
يجب أن نعلم جميعا أن عموم الشعب السودانى ثقافتهوهويته وعادات وتقاليدة تقوم على الفطرة السليمه وهذهالفطرة السليمه أساسها الدين الاسلامي والذي انتشربالآثر الصوفي من خلاوي ومساجد وشيوخ وطرق مختلفةولكن أساسها
ومشربها واحد.
فيبقى أن نجمع هذه الاضداد ونتعايش معها
وإن نقبل بالآخر ونعطيه مساحة للتفاعل مع المجتمعبمقتضى تعاليم هذا الدين الحنيف والذي يؤكد أنكم لادموآدم من تراب و الا فروقات بين الناس الا بالتقوي وهذهالتقوي العالم بها هو الله سبحانه وتعالى.
يجب علينا أن نتواضع لله سبحانه وتعالى و نترك الاستعلاءالقبلي والعنصري على الآخرين ونتحترم أنفسنا ونعلى منقيم العمل ونزرع هذه القيم فى أولادنا وبناتنا لياتى جيلجديد يحترم هذه القيم والمثل ويعمل بها وبهذا نكون قدصنعنا التغيير المطلوب ( لا يغيير الله ما بقوم حتى يغيروا مابانفسهم)
إذن يجب أن نطهر أنفسنا ونلتزم بما يلى
ونزرعه فى اطفالنا اليوم وهم غدا عماد المستقبل وقواد حركةالتغيير والنهضة:-
*القبول بالآخر.
* القبول بالسودان المعاصر بحدودة الراهنه المنصوصعليها دوليا ومكانه الحالى منذ الاستغلال.
* العمل على قبول الهوايات الاخري والبناء عليها.
* التوافق على رؤية تقوم على تكريم الإنسان فى كل أنحاءالسودان.
* إلزام الحكومات القادمة بإقامة مشروعات التنميهالاقتصاديه والاجتماعية فى كل السودان لتنمية المواطنالسودانى فى كل أنحاء السودان.
* إقامة دولة المؤسسات ودولة المواطنه والقانون بدستور دايميضمن حرية وكرامة الإنسان السودانى
* إقامة الفدراليه الموسسية التى تعطى الأقاليم الحريهبحكم نفسها وفق إطار الدوله السودانيه الموحدة.
أورد المحاضر أنه فى سنة ١٧٣٣ من الميلاد عندما عزاالاحباش السودان تجمع كل اهل السودان من كل أنحاءالسودان وتوصلوا حتى تم لهم الانتصار على الاحباش.
والان نجد مثالا لذالك فى هذه الحرب القايمه حاليا فقدتوحد كل السودان بكل قبايله من مختلف نواحي السودانمع الجيش وعن طريق النفرة الشعبيه الآن الشباب يقاتلمع الجيش لحمايه البلاد ةللعمل على بقاء دولة السودان. وعليه يجب أن نتخذ الجانب الإيجابي من هذه الحرب والتىجعلت من الأمة اتحادا للتقدم إلى الأمام وتحقيق دولىالمواطنه التى تسع الجميع. التى تتيح كل الفرص للجميعويجب أن نقدم المصلحة الوطنيه على المصلحة الخاصةوالهم العام على الهم الخاص.
كل هذا يحتاج إلى صبر ومصابرة وعزيمة قوية وشجاعةووعى كبير.
وكما يقولون إن من المحن ما تأتى بعدها منحا ودايما ماتولد الدول من جديد بعد الحروب والقتل والتدمير… فهلياتري نري سودانا جديدا معافيا من كل أمراض الماضىوهل ياتري نستطيع ان نبنى السودان الجديد يابان افريقياوننتظر غدا مشرقا سعيدا. . ؟؟
نأمل فى ذالك بإذن الله تعالى .
التعليقات مغلقة.