مواقف ومشاهد : ماذا بعد تعليق المفاوضات
بقلم : عبدالله إسحق محمد نيل
بعد تعليق مفاوضات جدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع السودانية الي أجل غير مسمى تكون كل الإحتمالات مفتوحة وسيكون الصوت الأعلي هو صوت البندقية، والسبب في ذلك كله هو عدم توفر الإرادة السياسية للجيش السوداني الحالي، مما جعل المفاوضات محطة لإتخاذها كحصان طروادة وموقف تكتيكي لإلتقاط الأنفاس ومحاولة التسويف للقفز فوق كل الإلتزامات المتفق عليها لأن الجولة المنتهية لمفاوضات جدة الثانية كانت محدده إبتداء لتنفيذ جندين إثنين اللذان تم الإتفاق عليهما وهما توصيل المساعدات الإنسانية للمواطنين وتنفيذ إجراءات بناء الثقة، وحسبما هو متفق عليه في الجولة الأولي والإتفاق هو علي آلية مشتركة من قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع السودانية بقيادة الأمم المتحدة لتوصيل المساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين من الحرب والسماح بفتح المعابر لمرور وعبور موظفي الأمم المتحدة.
والبند الثاني تنفيذ إجراءات بناء الثقة بين الطرفين وذلك بإتخاذ الإجراءات الخاصة بالقبض علي الهاربين من السجون ووضع حداً لمثيري التصعيد ومؤججي مشعلي نار الحرب والتصعيد الإعلامي. ولكن الواضح منذ بداية الجولة الثانية حاول وفد الجيش إغراق المنبر بعناصر منتمية للنظام البائد هما السفير عمر صديق “الكوز” المعروف والعميد جهاز أمن والقاضي صلاح المبارك الذي يتولى إدارة العون الإنساني، بيد أن وفد قوات الدعم السريع المفاوض رفض وجود عمر صديق والعميد أمن صلاح المبارك وتمسك بموقفه وتسببت عملية الإغراق هذه في تأخر إنطلاق الجولة لأيام بعد “ملاواة” وافق الميسرون علي إبعاد الإثنين وتجريدهما من مناصبهما والإبقاء عليهم كخبراء من خارج قاعة المفاوضات المباشرة.
وبعدها وفي وقت وجيز وقع الطرفان على إلتزامات توصيل المساعدات الإنسانية وإجراءات بناء الثقة التي شملت أربعة بنود أساسية أهمها القبض على الهاربين والفارين من السجون ومشعلي الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية للمواطنين.
ولكن جاء التماطل وعدم الإلتزام من وفد الجيش أمام المسهلين حينما جاء بتنفيذ إجراءات بناء الثقة، ففي الأول تم تحديد مدة عشرة أيام للقبض على بعض المطلوبين الهاربين ولم يفعل الجيش ولم يتخذ آي أجراءات في مواجهة أي من المطلوبين الهاربين من السجون وهم معظمهم موجودين في بعض المناطق المعروفة تحت سيطرة الجيش ولكن لحاجة في نفس يعقوب لم يتم القبض عليهم حتي الآن وعلي حسب المعلومات أن كثير منهم يقودون حملات التعبئة والإستنفار لمواصلة الحرب واللعينة العبثية والخاسرة.
كل هذا حدث في وحول المفاوضات علي الرغم من أن وفد قوات الدعم السريع سلم الوساطة قوائم بكل أسماء المطلوب القبض عليهم في وقت مبكر بعد التوقيع لكن وفد الجيش طلب إمهاله فترة زمنية إستمرت لأكثر من أسبوعين لكنه لم ينفذ القبض ولم يلتزم وتعلل بأسباب واهية وبدأت قيادات قوات الجيش ممثلة في ياسر العطا والسيد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إطلاق تصريحات كان لها تأثير مباشراً إهتزاز إجراءات وإلتزامات بناء الثقة وبداء التصعيد الميداني والإعلامي من جديد وكأن شيء لم يكن مما يشير إلي أن هنالك محاولة من قيادة الجيش إرباك الوضع.
أما فيما يتعلق بالشأن الإنساني فقد رفض وفد الجيش دخول المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المتضررة وخاصة ولاية الخرطوم ودارفور والنيل الأزرق وكردفان والنيل الأبيض ورفض وفد الجيش فتح مطارات نيالا والجنينة والفاشر للإغراض الإنسانية وتمسك بإيصال المساعدات عبر مطار بورتسودان فقط وكذلك ورفضت الحكومة التي يتزعمها الجيش منح تأشيرات للعاملين في المجال الإنساني منذ بداية الحرب اللعينة وبعد التوقيع علي إلتزامات جدة بالسماح للعاملين في المجالات الإنسانية من المنظمات الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة من الدخول الي السودان ورفضت الحكومة السماح بإجراء تحقيق دولي بواسطة الأمم المتحدة حول الإنتهاكات التي حدثت في حقوق الإنسان علي الرغم من صدور قرار دولي وبهذا تكون كل إجراءات بناء الثقة والمسار الإنساني ضربت الحكومة عرض الحائط ولم تنفذ ولا بنداً واحداً ولم تدخل ولو شاحنة واحدة للمناطق المتضررة.
بالتالي تكون قيادة قوات الجيش ممثلة في السيد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بتحمل المسؤولية نتيجة لتراجعهم عن كل إلتزامات التي تم التوقيع عليها في الجولة الأولي الجولة الثانية وأثبتت قيادة الجيش عدم جديتها التفاوض بالتالي علي الشعب السوداني وكل شركاء السلام أن يعرفوا المتسبب في إنهيار المفاوضات وتعاليقها هو قيادة الجيش لأنهم متخندقين في الحضن الإسلامي ولا يريدون السلام ووقف إطلاق النار لينعم المواطنون بالأمن والإستقرار.
التعليقات مغلقة.