تصريحات السفيرة ليندا توماس غرينفيلد في فعالية رفيعة المستوى بشأن السودان شاركت الولايات المتحدة في استضافتها
ماسة نيوز : وكالات
شكرا جزيلا. صباح الخير للجميع.
اسمحوا لي أن أبدأ بتوجيه الشكر للمحكمة الجنائية الدولية على شراكتها في هذه الفعالية الهامة. لقد لعبتم دورا رئيسيا في التأكد من استمرارنا في المشاركة بنشاط في هذه القضايا. وأود أيضا أن أشكر الدول التي شاركتنا استضافة الفعالية، وهي المملكة المتحدة والنرويج وكندا وغامبيا. وشكرا لمنسقنا ولكافة المتحدثين لكشفهم الحقيقة اليوم.
لقد سافرت إلى تشاد في وقت سابق من هذا الشهر للقاء اللاجئين السودانيين والمنظمات الإنسانية التي تساعد من فروا من دارفور بحثا عن الأمان. لذا بدا لي أنه سبق أن سمعت عن تلك الأمور، أي ما سمعتموه للتو من أمل. وقمت بالرحلة عينها في العام 2004 وكانت رحلة هذا العام مماثلة لها بشكل مخيف. وكأنني أقابل الأشخاص نفسهم. وكانت التجربة مؤلمة بالنسبة لي كما كانت في العام 2004. لن أنسى ذلك يوما. لقد طاردتني تلك التجربة في العام 2004 وتطاردني التجربة عينها اليوم.
لقد شاهدت العشرات من اللاجئين السودانيين يعبرون الحدود إلى تشاد ولم يكن بحوزتهم سوى ما تمكنوا من تعبئته في حقيبة واحدة في عربة يجرها حمار. رأيت أطفالا صغارا مع جداتهم وبدون والديهم يجلسون بهدوء على تلك العربات. لم يكونوا يبتسمون. لم يكونوا يرقصون. لم أر في عيونهم أي بريق.
ورأيت بعد ذلك أطفالا صغارا في مستشفى تديره منظمة أطباء بلا حدود، وكانوا يعانون من سوء التغذية الحاد. كانوا ضعفاء إلى درجة لا يستطيعون فيها الكلام أو البكاء. وعادة عندما نرى أطفالا صغارا معا في مكان واحد وحتى في الظروف الصعبة، نراهم سعداء لأنهم لا يعرفون ما يجري حولهم فعلا. ولكن لم يكن ثمة سعادة في تلك القاعة.
وفيما نظرت إلى طفلة صغيرة ظننتها حديثة الولادة لأكتشف بعدئذ أن عمرها ستة أشهر، قال لي أعضاء أطباء بلا حدود أن حالها قد تحسن. قالوا إنها لن تموت لأنهم تمكنوا من جلب ما يكفي من المساعدات للتعامل مع سوء التغذية الحاد الذي تعاني منه، مما سينقذ حياتها. بدا لي أنها على شفير الموت، لذا كانت تلك التجربة مؤلمة أيضا.
التقيت بشابات وقعن ضحايا لفظائع لا توصف ولا يمكن تصورها إلى حد أنهن فقدن كل أمل. وقالت لي إحدى الشابات إنها فقدت طموحها.
حضرات الزملاء، الصراع غير المبرر الدائر في السودان مستمر منذ نحو خمسة أشهر، بل أكثر. وقامت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في خلال هذه الفترة بارتكاب فظائع تلو الأخرى. تم حرق المنازل ونهبها. وقتل مدنيون بالرصاص في الشوارع. وتعرضت النساء والفتيات للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي المرتبط بالنزاع.
العنف هو نتيجة سنوات من الإفلات من العقاب، بل التقاعس كما سمعتم. لم يقم المجتمع الدولي بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم السابقة، لذلك يعتقد هؤلاء أنهم قادرون على إعادة الكرة. لم نؤمن العدالة لشعب دارفور، وينبغي تغيير ذلك على الفور.
تؤيد الولايات المتحدة إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المزعومة المرتكبة في دارفور خلال القتال الحالي قد تخضع لتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية وأن مكتبه قد بدأ تحقيقات مركزة على الأحداث الأخيرة. الفظائع التي تم الإبلاغ عنها في دارفور هي بمثابة تذكير مشؤوم بالأحداث المروعة التي دفعت الولايات المتحدة إلى اتخاذ قرار في العام 2004 بشأن وقوع إبادة جماعية في دارفور. ولا ينبغي لنا أن نترك الوعد “بألا يحصل ذلك مرة أخرى” مجرد وعد أجوف.
أود أن أحث المجتمع الدولي بأكمله اليوم على المطالبة بإنهاء القتال في السودان ودعم جهود التوثيق والمساءلة وزيادة المساعدات الإنسانية للمنطقة.
وبينما نقترب من الذكرى السنوية الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يجب علينا أن نرتقي إلى مستوى المثل العليا المنصوص عليها في هذه الوثيقة التأسيسية. ويجب أن نطالب الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين.
ما تقوم به الولايات المتحدة ليس بديلا عن المساءلة، ولكنها ستواصل اتخاذ إجراءات لاستهداف أي طرف في النزاع مسؤول عن ارتكاب الفظائع المستمرة. وأعلنت أثناء وجودي في تشاد عن فرض عقوبات على عبد الرحيم حمدان دقلو، وهو قائد كبير في قوات الدعم السريع، لصلته بالانتهاكات ضد المدنيين، بما في ذلك العنف الجنسي المرتبط بالنزاع وعمليات القتل على أساس العرق. وأعلنت أيضا عن فرض قيود على منح التأشيرة الأمريكية على جنرال قوات الدعم السريع وقائد غرب دارفور عبد الرحمن جمعة لتورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
اسمحوا لي أن أوضح أن طرفي الصراع قد حرضا على أعمال عنف لا هوادة فيها تسببت بالموت والدمار والمذابح في مختلف أنحاء السودان، أي في دارفور والخرطوم والعديد من المناطق الأخرى. وسنواصل بذل قصارى جهودنا لمنع ارتكاب الفظائع الجماعية والرد عليها. أعدكم بذلك.
حضرات الزملاء، عيون العالم علينا وعيون التاريخ علينا وعلينا أن نتوحد ونلتزم بالعدالة والمساءلة والسلام للشعب السوداني.
شكرا جزيلا.
التعليقات مغلقة.