كلمة السفيرة ليندا توماس غرينفيلد في جلسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول السودان

ماسة نيوز :وكالات

أود أن أشكر السيدة ووسورنو على دورها القيادي، والشكر أيضا موصول لمساعدة الأمين العام بوبي على إيجازها الصريح. وعلى الرغم من أننا ممتنون لمشاركة مساعدة الأمين العام، إلا أننا كنا نتوقع من الممثل الخاص للأمين العام بيرثيز أن يقدم الإحاطة للمجلس بنفسه. بالطبع نحن نعرف الآن أن الحكومة السودانية حذرت من أنها ستنهي بعثة الأمم المتحدة في السودان إذا شارك الممثل الخاص للأمين العام في هذه الجلسة، ولكننا نعتقد أن هذا الأمر غير مقبول.

أرحب بمشاركة مندوب السودان وأتطلع إلى سماع بيانه حول الوضع في بلاده، وبشكل خاص الجهود المبذولة لإنهاء هذه الحرب العبثية الدائرة هناك. كما أود أن أشكر المملكة المتحدة لعقد هذا الاجتماع المهم. السيدة ووسورنو، لقد لاحظت أنك ذكرت في بيانك قلّة التغطية الدولية للوضع في السودان، مما يسلط الضوء على أهمية عقد إحاطة مفتوحة مثل هذه.

لقد مر أكثر من مائة يوم منذ اندلاع المعارك بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وخلال هذه الفترة، تسبب العنف العبثي في معاناة لا يمكن تصورها. لقد أصبح الوضع – على حد قول طبيب من الخرطوم: “جحيما حيا”. جحيم حي: هذا ما قاله.

ملايين الأشخاص قد هُجِّروا. سمعنا الأرقام اليوم. قتل المدنيون في الشوارع، وتُرك الأطفال يتامى، بل أُجبِروا على التجنيد، وتعرّضوا للعنف. تعرضت النساء لاغتصاب وحشي. ومنعت المعارك وصول المساعدات الإنسانية من طعام ومياه ودواء والضروريات الأخرى من الوصول إلى الأشخاص المحتاجين بشدة.

وتتوافر تقارير موثوقة بأن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة قامت بارتكاب مجازر مستمرة وانتهاكات جديدة في غرب دارفور. جرى القتل بناءً على العرق وانتشر عنف جنسي واسع النطاق. حرقت المنازل ونهبت القرى. وجرى تهجير عشرات الآلاف من الأشخاص وأجبروا على الفرار إلى تشاد المجاورة وبلدان أخرى. التاريخ يعيد نفسه – بأكثر الطرق مأساوية.

تدين الولايات المتحدة – بأشد العبارات – المجازر الواردة في هذه التقارير التي تشكل تذكرة مرعبًة بالأحداث الرهيبة التي دفعتنا إلى التوصل في عام 2004 إلى القناعة بأن إبادة جماعية قد ارتكبت في دارفور. ونحن قلقون بشدة من خطر اندلاع نزاع آخر في شمال ووسط دارفور. على وجه التحديد، من خلال تقارير عن تكدس قوات الدعم السريع والقوى المرتبطة بها بالقرب من الفاشر، ما يشكل تهديدا للسكان غير العرب في المنطقة. نحن قلقون قلقا عميقا من تقارير غير مؤكدة عن وجود جهات مسلحة في السودان تمنع الناس من مغادرة مناطق دارفور بحثًا عن الأمان، بما في ذلك عبر الحدود إلى تشاد.

أيها الزملاء، مع اقتراب الذكرى السابعة والسبعين لإعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان، لدينا مسؤولية للوفاء بوعد هذا الوثيقة الأساسية. علينا ألا نقتصر على تمجيد حقوق الإنسان، بل أن ندافع عنها. ولذلك، فإن من واجبنا جميعا المطالبة بأن تتقيد الأطراف جميعها بالالتزامات المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي بشأن حماية المدنيين.

لا شك في أن أفضل طريقة لحماية المدنيين هي أن تنهي الأطراف المتصارعة هذا الصراع الوحشي – إلى الأبد. الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين والدوليين متحدون في دعوتهم للأطراف لوقف القتال فوراً. ونكرر نداءات البلدان في المنطقة، بما في ذلك البيان المشترك لسلطة التنمية الحكومية بين الحكومات في 10 يوليو/تموز، لمنع أي تدخل خارجي ودعم عسكري. هذا لن يزيد إلا من تصاعد النزاع وتمديده على حساب شعب السودان.

ونؤيد أيضا الجهود الدبلوماسية الدولية المنسقة من قبل الاتحاد الأفريقي، والسلطة الحكومية الإقليمية لشرق إفريقيا، وجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، وأطراف أخرى من منطقة القرن الإفريقي والشرق الأوسط. ولكن إلى أن تصمت المدافع، وطالما استمرت هذه الأزمة الإنسانية، فأمامنا مهمة عادلة، وهي دعم شعب السودان الذي تحمل الكثير من المعاناة التي لا داعي لها.

لا تزال الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدة الإنسانية لشعب السودان. نحن نعمل على دعم الملايين من النازحين داخليا، وما يقرب من مليون شخص عبروا إلى البلدان المجاورة للبحث عن ملاذ آمن.

يجب أن نعمل معا أيضا لضمان وصول المساعدة الإنسانية إلى الأشخاص الذين في حاجة ماسة، بما في ذلك الذين لا يستطيعون مغادرة منازلهم بسبب القتال، ونقص الوقود، أو ببساطة بسبب الخوف. أعاقت القيود البيروقراطية والعقبات الأخرى جهود تقديم المساعدة. هذا أمر غير مقبول أيضا. يجب أن يكون لدى العاملين الإنسانيين حرية القيام بما يفعلونه بأفضل طريقة: إنهم ينقذون الأرواح. يجب أن يتمكنوا من القيام بذلك دون عوائق أو تأخيرات.

ولذلك، ندعو السلطات السودانية لتسريع موافقات التأشيرات للعاملين في المجال الإنساني وتمكين حركة السلع والكوادر الإنسانية في جميع أنحاء السودان وتيسير استيراد السلع والمعدات الإنسانية.

مع تدهور الأوضاع في السودان، قامت الدول المجاورة بالترحيب باللاجئين. ونحن ممتنون بعمق لهذه الأعمال الإنسانية. وعلينا أن نشجع هذه الدول على ضمان حصول اللاجئين وطالبي اللجوء على الحماية اللازمة.

أيها الزملاء، يجب أن نعمل من أجل مستقبل يعود فيه السودان إلى طريق الديمقراطية. مستقبل السودان السياسي ملك للشعب السوداني. ونحن ندعم أعضاء المجتمع المدني والنقابات المهنية والعمالية ولجان المقاومة والمنظمات النسائية والشبابية الذين يعملون ببطولة لتلبية الاحتياجات الطارئة، والعمل من أجل تحقيق السلام، واستئناف التحول الديمقراطي المتوقف، بحيث يمكن للحرية والسلام والعدالة في السودان أن تتحقق.

في هذه اللحظة المحفوفة بالمخاطر، يجب على هذا المجلس أن يتحدث بشكل لا لبس فيه، وبصوت واحد، باسم السلام. لا ينبغي أبدا أن نستسلم للقوى التي تريد منع هذا المجلس من معالجة مسائل السلم والأمن الدوليين. وكما قال الراحل إيلي ويزل، أحد الناجين من الهولوكوست والناشط في مجال حقوق الإنسان: “الصمت يشجع الجلادين، وليس من هم تحت التعذيب.”

علينا جميعاً أن نحثّ القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على إنهاء إراقة الدماء وإنهاء معاناة الشعب السوداني. لا يوجد حل عسكري مقبول لهذا الصراع. ولا يمكن أن ينتظر السلام يوما آخر.

شكرا جزيلا لكم

التعليقات مغلقة.