أوروبا تلوّح بالعقوبات لدفع البرهان وحميدتي إلى وقف الحرب
ماسة نيوز : وكالات
بدأت أوروبا تتذمّر من استمرار الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، ملوّحة بفرض عقوبات مختلفة عليهما لدفعهما نحو وقف إطلاق النار عقب تسرب شعور بانسداد أفق مفاوضات جدة برعاية السعودية والولايات المتحدة، وعدم ظهور بوادر أمل في نجاح المبادرات الإقليمية.
وأفادت تقارير إعلامية الثلاثاء بأن الاتحاد الأوروبي يفكر جديا في وضع إطار عمل يستهدف فرض عقوبات على المتحاربين، ومن أبرزها حظر سفر وتجميد أصول وحسابات مصرفية.
وتبادلت الدول الأعضاء أخيرا مقترح وثيقة بهذا الشأن، وستناقش التفاصيل قريبا وسيتم الانتهاء من إطار العمل بحلول سبتمبر المقبل، ويمكن استخدامه بعد ذلك في إعداد قائمة تضم الأفراد والشركات المحظورة، كتحذير أخير لقادة الحرب في السودان.وكان الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس أشار مؤخرا إلى عدم ظهور بوادر للتوصل إلى حل سريع للصراع الذي “يهدد بالتحول إلى حرب أهلية عرقية”.
وفشلت جهود الوساطة -التي تقوم بها السعودية والولايات المتحدة من خلال جمع الطرفين المتصارعين في جدة لإجراء محادثات غير مباشرة بينهما- في التوصل إلى اتفاق يقضي بتثبيت الهدنات التي تمهد لوقف دائم لإطلاق النار في السودان.
وجاءت الإشارة إلى وضع إطار عمل أوروبي مخصص للأزمة السودانية كإنذار لكل من قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قبل الشروع في تدشين الخطوة، ومنح كليهما فرصة لوقف الأعمال العسكرية.
وذكر المحلل السياسي السوداني قصي مجدي أن العقوبات الأوروبية على طرفي الصراع، حال إقرارها فعليا في سبتمبر المقبل، لن تكون مجدية لأنها ستفرض على أنظمة قائمة، ولن تحقق أهدافها المرجوة، وما يحدث في السودان يشير إلى وجود فوضى عارمة في الخرطوم وإقليم دارفور، ويمكن أن تنتقل إلى أقاليم أخرى، ولن يكون باستطاعة الدول الغربية وقف حرب باتت السيطرة عليها عملية صعبة.
وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن “الاتحاد الأوروبي يتدخل بشكل غير مباشر في الأزمات التي تجابه السودان عبر وكلاء له في المنطقة، في حين أن بعض هؤلاء يحاولون التدخل بشكل مباشر، وهو ما يضعف قدرته على التأثير السياسي”.
ولفتت تقديرات المنظمة الدولية للهجرة إلى نزوح ثلاثة ملايين شخص بسبب الاقتتال، وفرار أكثر من 700 ألف إلى دول مجاورة، وبدأت تلوح في الأفق ملامح أزمة إنسانية مع عدم صرف المساعدات أو عدم وصولها إلى وجهاتها.
وتخشى دول غربية أن يؤدي استمرار الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى تزايد هجرة السودانيين، وتحديدا الهجرة غير النظامية التي صارت تهدد بعض الدول الأوروبية، وترى أن فرض عقوبات قد يكون وسيلة ذات فاعلية في حث الطرفين على الالتزام بهدنة طويلة المدى تمهد الطريق لوقف الحرب.
وأكد المحلل السياسي السوداني عبدالواحد إبراهيم لـ”العرب” أن “الدول القوية داخل الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا وفرنسا، وصلت إلى مرحلة تشبه اليأس نتيجةَ نداءاتها المتكررة لوقف الحرب دون الاهتمام بها، في وقت لا يملك فيه طرفا الحرب علاقات وطيدة مع دول الاتحاد الأوروبي تخول لهما أو لأحدهما فرملة التوجه إلى فرض عقوبات”.
وأضاف أن “التأثير الأكبر يبقى لصالح الولايات المتحدة والسعودية، وبقية الأطراف الإقليمية والدولية لن تكون قادرة على إحداث تغيير نوعي مماثل، وتحقيق الأثر من العقوبات الأوروبية يمكن أن يحدث إذا جرى ذلك بالتنسيق مع الجانب الأميركي من خلال متابعة ومراقبة الأموال الصادرة والواردة إلى الشركات التابعة للطرفين”.
ولفت إلى أهمية أن تشمل العقوبات الأفراد المؤثرين في هذه الشركات، متوقعًا أن يذهب الاتحاد الأوروبي إلى تعميم هذه العقوبات لجعلها عقوبات دولية من خلال التفاهم مع واشنطن على إعلان عقوبات جماعية، وفي هذه الحالة سوف تكون هناك تأثيرات كبيرة، ما يجعل التهديد الأوروبي الجديد “بالون اختبار” لطرفي الصراع إذا لم ينخرطا في مباحثات جادة تفضي إلى العودة للعملية السياسية، أو على الأقل وقف الحرب فورا.
ووقع الرئيس الأميركي جو بايدن أمرا تنفيذيا في مايو الماضي يضع الأساس لعقوبات محتملة بعد اقتناع واشنطن بأن الصراع من المرجح ألّا ينتهي قريبا، ومع التماس الطرفين “مصادر دعم خارجية”، وفي حال توفره سوف يزداد الصراع حدة وقد تمتد تداعياته إلى بقية المنطقة.
وقال بايدن في بيان “أعمال العنف الجارية في السودان مأساة وخيانة لمطالبة الشعب السوداني الواضحة بتشكيل حكومة مدنية والانتقال إلى الديمقراطية”.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في الأول من يونيو الماضي عن فرض قيود على التأشيرات على أفراد محددين في السودان بمن فيهم مسؤولون في الجيش وقوات الدعم السريع، وقادة من نظام الرئيس السابق عمر البشير، ومتورطون أو متواطئون في تقويض التحول الديمقراطي في البلاد.
وأوضح مستشار الأمن القومي جايك سوليفان أن بلاده ستفرض عقوبات اقتصادية جديدة وقيودا على التأشيرات بحق الأطراف التي تمارس العنف في السودان
التعليقات مغلقة.