*المؤتمر الشعبي* *خطاب المؤتمر الشعب* *بمناسبة عيد الأضحى*

ماسة نيوز

بسم الله الرحمن الرحيم

 

*من بعد اليالي ٍالعشر، بدأت تكبيرات الله وحمده تعطر سوح البيت الحرام والحرم الشريف،وتعالت صيحات الحجيج بتوحده لله من غير شريك، لا إله إلا هو، ولا نعبد إلا إيَّاهُ، مُخْلِصِين له الدين ولو كره الكافرون، ومن حكم الله على عباده رغم إختلاف السنتهم والوانهم، أن وحدهم الإزار والرداء والوجدان، في شعيرةٍ وعبادةٍ خالصة لله من كل رياء.*

*الله اكبر الله اكبر الله اكبر ولله الحمد.*

*ثم أما بعد :*
*إليكم جميعاً إخوتنا في الدين والوطن والإنسانية في هذه اليوم العاشر من شهر ذو الحجة، يوم الفداء يتوجه إليكم المؤتمر الشعبي بالتهنئة الخالصة بمناسبة عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعليكم وأمتنا الإسلامية باليمن والخير والبركات.*

*يعود علينا العيد هذا العام وبلادنا غابت عنها فرحتان من قبل، فرحة يوم الفطر من بعد رمضان مضى، وفرحة يوم عيد الفطر الذي إستقبله السودان وسكان ولاية الخرطوم على وجهة الخصوص، بأصوات المدافع وقعقعة السلاح، فتبدل الفرح إلى حزن عميق بما حل بالوطن من مصاب جلل، فكثير من البيوت أصبح عيدها على سرادق العزاء والحزن بفقد عزيز مضى إلى ربه بفعل الحرب اللعينة، وطال أمد الحرب في ظل الدعوات المتكررة لوقفها والعودة إلى الجلوس(حّلاً باللسان ولا حلّاًً بالسنان) ولكن لم تشفع كل النداءات هنا وهناك لتحكيم صوت العقل والجنوح إلى السلم، بل اخذت الحرب إتجاهاً واحداً بلا خيار آخر،مع الحرب أو مع الحرب، حيث لا مساحة فيها للحياد، وطالت الإتهامات والتجريم والتخوين كل دعوة لوقف الحرب، وهنا اجهضت كل مساع المبادئة والمبادرة لطرح رؤي لوقف الحرب حتى لحظتها.*

*الأخوة والاخوات.*

*ما شهدته بلادنا من فظائع، وآثار دمار هذه الحرب لم يسجل التأريخ له مثيل،من انتهاكات وترويع و قتل ارهاب* *وإغتصاب وتجويع وسرقة ونهب، والقتل الممنهج على الهوية مثل الذي حدث في حاضرة ولاية غرب دار فور الجنينة. ولم يسلم من الاعتداء حتى الحجيج الذين لبوا النداء طاعة لله تعالى امتثالاً لقوله:*

*(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (سورةالحج:27)*
*لم يسلموا من السلب والنهب وهم يشدون رحالهم لآداء هذه الفريضة*

*الإخوة والأخوات:*

*تأتي هذه المناسبة العزيزة وهي شعيرة تحقق معاني الوحدة والإخاء، و تتجلى فيها معاني التضحية والفداء، ووحدة الأمة وتحقيق المساواة، في وقت إفتقدت فيه بلادنا كل هذه المعاني، في أيام معدودة بعد أن تنامت المطامع وتكالب علينا الأعداء لتصبح بلادنا بصنع ايدينا أثرٌ من بعد عين، حيث تمددت ألسنة لهب الحرب اللعينة لتطال الأبرياء والعزل والشيوخ والأطفال في كل من الجنينة وزالنجي وكتم وطويلة ونيالا والفاشر والأبيض والدلنج وطيبة والدبيبات وكادت أن تصبح طامة كبرى تحصد البلاد والعباد، لو لا فضل الله على الناس، وتدخل بعض أهل الرأي والحكمة وصبر وإحتساب هذا الشعب الأبي العظيم،لتلاشى السودان من خارطة الوجود ولحقق الطامعون مرادهم.*

*الأخوة والاخوات.*

*ما أحوجنا اليوم إلى وقفة تأمل جادة، وتفكر عميق، وتدبر وتمعن، لنستذكر ونستشعر ونستحضر معاني وقيم السلام والتعايش السلمي، وأن يصبح الوطن والحفاظ عليه هو القضية والمقصد، لا المصالح والمطامع الشخصية أو الحزبية، إن ما افرزته هذه الحرب من تحديات هو ميلاد وطن يخلو من كل الامراض السابقة، وطن يسع الجميع ويحقق النهضة، وهنا يجدد المؤتمر الشعبي دعوته بإستمرار أن لا للحرب نعم للحوار والسلام.*

*الإخوة والاخوات.*

*يوجه المؤتمر الشعبي النداء لجيل اليوم أمل المستقبل، جيل التغيير وجيل الثورة التي مهرها الشباب بالدماء وهم أهل الغد المأمول، ونحن نقف بين يدي هذه الأيام* *المباركات، وانتم شهود على بلادنا وهي تمر بواحدة من أسوأ حقبها التاريخية،رأيتم إراقة الدماء البريئة في أماكن عديدة، والحرب تحصد الآلاف وشردتم مع أسرهم، من أطفال ونساء ورجال، بين اللجوء إلى دول الجوار والنزوح إلى الولايات، فإن مسؤولية الحفاظ على التراب الغالي تأتي من الاحساس بهذه المعاناة، وإنه لأمر مؤسف أن يشهد فلذات اكبادنا إنتهاكاً للشهور الحُرم بإراقة الدماء التي حذر منها الرسول الكريم قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام، وفي أيام مثل هذه الأيام وقف عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يخطب في الناس مذكراً إياهم بحرمة دماءهم وأعراضهم : أن “يا أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد.*
*صدق رسول الله*

*الاخوة الكرام:*

*منذ بداية هذه الحرب تعامل المؤتمر الشعبي معها بكل مسؤولية وواقعية وما زلنا نؤكد على وقف الحرب والجلوس للحوار وضرورة أن يكون للقوى السياسية دور أصيل يحقق الحل السوداني السوداني، حتى لا تتضاعف المخاطر فما نراه من قصر نظر وضعف تعاطي مع الازمة بمسؤولية، ينبى بفشل المساع لوضع حد لهذه الحرب اللعينة، وربما إستطال امدها أكثر، ومعها رويداً رويدا تتزايد الاطماع والتدخلات الأجنبية على البلاد، وقد مهدت لها سالفات السنين الاربع الماضية لكي يتوهط العدو الطامع في بلادنا وخيراتها وأصبح التدخل الخارجي وشيك بدعاوى حفظ البلاد وسلامة امنها، فسدّاً لكل هذه الثغرات والذرائع لابد من إضطلاع القوى السياسية بدورها الوطني فهي وحدها من يمكنها أن توصد الباب أمام الطامعين، بينما تواريها وغيابها عن الساحة وتقديم الحلول يضع الوطن لاعدائه لقمة سهلة في طبق من ذهب*.

*الأخوة والاخوات الكرام*

*في سبيل ذلك قدم المؤتمر الشعبي في يونيو ٢٠٢٣م مبادرة (كمسودة) تصلح أن تكون اساساً للحوار والنقاش، ويطمح أن تتعامل معها القوى السياسية بإيجابية لكونها تشكل فرصة للقوى السياسية يجب أن تغتنمها لتأسيس وضع إنتقالي حقيقي، يعبر عن ثورة الشعب السوداني وأمله في التغيير، بأن تتفق القوى السياسية بأسرع ما تيسر بعد وقف الحرب، وتتوافق على هيكلة أجهزة الحكم السيادية والتنفيذية الانتقالية بما يرسخ للتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، بإجراء الانتخابات في نهاية الفترة المتفق عليها*.

*الأخوة والاخوات*.

*ان ماقاد البلاد إلى هذا الدرك السحيق هو تدخل المنظومة العسكرية في الشأن الدستوري والسياسي عبر ماسمي بالوثيقة الدستورية التي مكنت للجنة الأمنية للنظام السابق من شراكة في العملية السياسية والدستورية واستحوذت على الفترة الأولى ثم انقلبت على ترتيبات الانتقال الضعيفة في الفترة الثانية في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م وبهذه المناسبة نؤكد أن الحل يكمن في سلطة مدنية بترتيبات إنتقالية جديدة تتولى إجراء مصالحات وطنية وإعادة تعمير ماخلفته الحرب من أضرار والسير في العملية السياسية والدستورية حتى بلوغ الانتخابات.*

*إن قبول الآخر هو من المبادئ التي تأسس عليها المؤتمر الشعبي في مفاصلته الشهيرة للسلطان الظالم، منذ ما يربو عن عقدين من الزمان،وإن ما نراه من تشاكس وتنافر، هو من قاد إلى انسداد الافق السياسي في الحوار وجعل الاتكاءة على ثقافة الانقلابات العسكرية هي الحل الأقرب، وهو مسعى مجرم لمن أراد المساهمة في تثبيت جذور التداول السلمي للسلطة ولذلك فإننا نأمل أن يكون الخطاب من بعد هذه الازمة، الفصل فيه جلي وواضح بين دور القوات المسلحة الوطنية وشأنها في البلاد،والعمل السياسي والحريات والانتقال السلمي للسلطة، وهذا له وسائله المتعددة من التعبير السلمي والاحتجاجات، والاعتصامات والتظاهرات وإلاضراب، فكلها آليات عمل ديمقراطي لحقوق أصيلة ندعمها ونسعى لحمايتها في ظل ممارسة رشيدة.*

*الأخوة والاخوات الكرام:*

*يجب أن نصطف جميعا في هذا الظرف التأريخي في عمل دؤوب اليوم قبل الغد لوقف الحرب وأن ندعم فرص السلام، وتعضيدها وتصويبها وتحسينها، واصلاح اعوجاجها حتى تصبح عملية شاملة، وهذا يستوجب منا مخاطبة الذين جافوا منصات الحوار الوطني منذ فجر ثورة التغيير وحتى الآن، القائد عبدالعزيز الحلو والقائد عبدالواحد محمد نور للتجاوب مع نداءت السلام والمساهمة الفاعلة في وقف الحرب الجارية والمشاركة في أقرب منبر لتهيئة الظروف لحوار القوى السياسية وأن تتكامل جهودهم مع حركات الكفاح الموقعة على سلام جوبا من أجل التسوية النهائية والشاملة*

*يقول تعالى:*

*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (سورة البقرة:208)*

*إلاخوة الكرام وألاخوات الكريمات.*

*نحن إذ نخاطبكم قواعد وقيادات للمؤتمر الشعبي المنتشرة على طول البلاد وعرضها، نخاطب من ورائكم الشعب السوداني قاطبة، بذات المعاني لان الهم واحد والمصير مشترك، كما نخاطب كل البعثات الدبلوماسية والمنظومات الإقليمية والدولية والتي شهد تطور الازمة السودانية حتى انفجارها، منها اليونتامس والاتحاد الافريقي والايقاد والمبادرة السعودية الأمريكية وكل شركاء السلام والمسهلين للعملية السياسية في السودان ونحن إذ نرحب بهم خير ترحيب نؤكد لهم أن مواقفنا التي سبق أن طرحناها في تدابير الانتقال في ديسمبر ٢٠٢١م للتحول الديمقراطي ولقاءاتنا الثنائية معهم وغيرها، كانت كلها تصب في هدف وحدة السودان ووحدة أهله وأن لا يتمزق السودان، ونتمسك برؤيتنا الوطنية الخالصة لحل كافة مشكلاتنا مع مشاركة الآخرين في تيسير رؤيتنا الوطنية للحل من غير تدخل.*

*الإخوة الكرام.*

*مع إشراقات العيد السعيد ورغم عثرات الزمان، فإننا نسال الله تعالى أن يكون صفنا مرصوصاً، لا نفقد احداً، وأن يكون هذا هو دأبنا جميعاً، مستمسكين بهدينا القرآني،وبالسياسات التي يعمل عليها المؤتمر الشعبي، سائلين الله الا نضل او نتنكب الطريق، ومن هنا نترحم على كل الشهداء في البلاد وشهداء عضوية المؤتمر الشعبي الذين غدرت بهم هذه الحرب اللعينة وهم مواطنون عُزل، ونسأل الله الشفاء العاجل للجرحى وفك أسر المأسورين.*

*ونؤكد لعضويتنا في كل السـودان ونحثها على العمل وسط المجتمع لتخفيف وطأة الحرب وآثارها على الناس، وأن نسعى جميعاً بالتوافق والإصلاح ما إستطعنا إلى ذلك سبيلا، وأننا سنظل على إستمرار، وجد ومسارعة لإستكمال البناء التنظيمي القاعدي في القرى والفرقان والريف والمحليـات، والأحياء والمدن ،وصولاً للمؤتمر العام الذي يقرر فيه أهل الشعبي مسيرتهم وتوجههم وبرنامجهم في شوراهم الأعظم.*

*يقول تعالى: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (سورة البقرة:177)*

*الإخوة الكرام والأخوات الكريمات*.

*مهما طال أمد الحرب، فلابد من أن تضع اوزارها وهنا علينا أن ننظر لفرصة السودان في أن يقدم للعالم ومن خلال موارده الطبيعية وأراضيه الخصبة الممتدة المطرية والمروية حلولا متقدمة في إنتاج الغذاء الأساسي قمحاً وذرة لتوفير الطعام لأهله وللمنطقة بأسرها، ونحن بين يدي خريف نسأل الله أن يكون مبشراً، وأن تتضافر فيه الجهود وتتحسن السياسات الداعمة للمزارع الصغير والكبير،من أجل تحقيق النهضة الزراعية المطلوبة.*

*إن صبركم على شهور الحرب والعُسر وتغشفكم فيها لهو محفز أن يتحول الشعب السوداني إلى شعب صابر عامل و منتج يسهم بمواردة المتاحة في تحسين الدخل القومي وإرتفاع مستوى دخل الفرد.*

*الأخوة والاخوات الاكارم :*

*ختاماً، نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يعفوا عنا وعنكم وأن يجمعنا في وطنٍ نعض عليه بالنواجز بعد أن كادت تهوي به الريح في مكان سحيق، والسلام.*

*قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾*

*المؤتمر الشعبي*
*الأمانة العامة*
10 – ذو الحجة – 444ه*
*اول أيام عيد الأضحى*

التعليقات مغلقة.