هدنة قصيرة تستهدف كسر دائرة العنف في السودان
ماسة نيوز : وكالات
الخرطوم – وافق طرفا الصراع في السودان الجمعة على هدنة قصيرة، وفق ما أعلنت الوساطة السعودية – الأميركية، وهي فرصة تستهدف كسر دائرة العنف، وقد تقود إلى تفاهمات من أجل إطلاق مفاوضات سياسية.
وتأتي الهدنة التي تدوم يوما واحدا بعد زيارة أداها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى السعودية استمرت ثلاثة أيام وجرى خلالها بحث الأزمة في السودان، وضرورة التحرك من أجل وضع حد لها.
ويرى متابعون أن الولايات المتحدة تخشى من تعقد الأوضاع الميدانية في هذا البلد، وهو ما سيفسح المجال لدخول أطراف خارجية منافسة على الخط، بشكل يصعب السيطرة عليه.
ومنذ بدء النزاع في الخامس عشر من أبريل بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أبرم الجانبان اتفاقات لوقف إطلاق النار، سرعان ما كان يتمّ خرقها.
في حال عدم التزام الطرفين بالهدنة الجديدة، فسيضطر المسيّران الأميركي والسعودي إلى تأجيل محادثات جدة
وأعلنت الرياض وواشنطن موافقة الجيش وقوات الدعم على “اتفاق وقف إطلاق نار في كافة أنحاء السودان لمدة 24 ساعة اعتبارا من الساعة السادسة من صباح يوم العاشر من يونيو 2023” (الرابعة فجرا ت.غ)، وفقا للخارجية السعودية. وعكست الرياض وواشنطن اللتان تقودان وساطة شملت مباحثات في مدينة جدة، خيبتهما من فشل كل محاولات التهدئة.
وأكدتا أنهما “تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدن السابقة، وعليه تم اقتراح هذه الهدنة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية وكسر حالة العنف والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين، مما يسمح باستئناف مباحثات جدة”.
وأعلن الوسيطان الأسبوع الماضي تعليق المباحثات بعد قرار الجيش الانسحاب منها واشتراطه خروج قوات الدعم من المنازل والمستشفيات. لكنهما حضّا طرفي النزاع على إبرام اتفاق جديد، وأكدا بقاء ممثلي الطرفين في جدة على الرغم من تعليق المفاوضات المباشرة.
وحذّر بيان الجمعة من أن “في حال عدم التزام الطرفين بهذه الهدنة، فسيضطر المسيّران إلى تأجيل محادثات جدة”. وكان بلينكن صرح خلال زيارته للسعودية بأن مساعي وقف النزاع لم تحقق “نجاحا كاملا”. لكنه أكد استمرار التعاون مع الرياض في الملف.
ويرى مراقبون أن بالرغم من أن الهدنة الجديدة قصيرة جدا، لكن هناك أملا في إمكانية صمودها، مع استشعار طرفي النزاع بصعوبة الحسم العسكري بعد نحو شهرين من الاقتتال.
ويلفت المراقبون إلى أن من المرجح أن تكون هناك استجابة أكبر هذه المرة خوفا من انتصار أحدهما في النهاية فيخسر الآخر كل شيء، وحتى الرابح فيهما سيكون معرضا لضغوط كبيرة لتسليم السلطة لحكومة مدنية.
وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح “أكليد”. لكن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح حوالي مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفا عبروا إلى دول مجاورة. وسبق إعلان الهدنة توتر إضافي بين سلطات الخرطوم التابعة للبرهان، والأمم المتحدة ممثلة بالألماني فولكر بيرتس، مبعوث أمينها العام للسودان.
وأعلنت الخارجية السودانية أن الحكومة “أخطرت الأمين العام للأمم المتحدة بإعلان فولكر بيرتس (…) شخصا غير مرغوب فيه، وذلك من تاريخ” الثامن من يونيو. وأتى ذلك بعد طلب البرهان أواخر مايو من الأمين العام أنطونيو غوتيريش استبدال بيرتس، متّهما إياه بتأجيج النزاع. إلا أن الأمين العام جدد في حينه “ثقته الكاملة” بمبعوثه.
وقال مصدر حكومي سوداني الجمعة إنه نظرا لعدم استجابة الأمين العام لطلب البرهان لم تجد الحكومة السودانية بدّا من اتخاذ هذا القرار. وتابع المصدر أن بيرتس “انحاز إلى أطراف سياسية محددة وشدد على أن تقتصر العملية السياسية على أطراف معينة وتستبعد آخرين”.
• للشعب السوداني كلمة لا يرغب في سماعها أحد
ويرى متابعون أن مطلب طرد المبعوث الأممي الحالي هو في الأساس يعود لقيادات النظام السابق، التي تعرف بـ”الكيزان”، والتي تسعى إلى العودة إلى السلطة بأي ثمن، ويحملها الكثيرون مسؤولية تدهور الأوضاع الحالية في السودان.
واعتبر الباحث في جامعة غوتنبرغ السويدية علي فرجي أن البرهان يسير على خطى الرئيس السابق عمر البشير الذي سبق أن طرد المبعوث الأممي يان برونك في العام 2006. وأضاف “كما في ذلك الحين، التركيز على بيرتس هو في المحصلة ملهاة عن الصور الأوسع: ما الذي سيمكّن الأمم المتحدة من أن تكون أكثر فاعلية في خضم ما قد يكون أزمة وجودية بالنسبة إلى السودان؟”. ومطلع يونيو، مدد مجلس الأمن الدولي لستة أشهر مهمة “بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان” (يونيتامس)، وعلى رأسها بيرتس.
وكانت البعثة أنشئت في يونيو 2020 لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان بعد الإطاحة بنظام البشير. ومددت مهمتها بشكل سنوي لعام واحد.
ميدانيا، تواصلت المعارك الجمعة في مناطق عدة، خصوصا في الخرطوم. وأفاد شهود عيان بسماع “أصوات اشتباكات قرب مصنع اليرموك” للصناعات الدفاعية التي كانت قوات الدعم السريع أعلنت الأربعاء سيطرتها عليه.
ويعدّ المجمع الواقع في جنوب العاصمة، أبرز منشآت التصنيع العسكري في السودان. وتعرّض في أكتوبر 2012 لقصف جوي اتهمت الخرطوم إسرائيل بالوقوف خلفه، وهو ما لم تعلّق عليه الأخيرة بشكل رسمي.
ويشهد محيط المجمّع منذ الأربعاء اشتباكات، رافقها اندلاع حريق جراء انفجار أحد صهاريج تخزين النفط في منشأة الشجرة للنفط والغاز المجاورة. وأكد شهود الجمعة أن سحابة الدخان الناتجة عن الحريق لا تزال ظاهرة. وتقع المنشأة على مسافة قريبة من المجمع العسكري مترامي الأطراف، وتحيط بها أحياء سكنية
التعليقات مغلقة.