محاولة الكتابة 3 في أمور شائكة حركة الإسلام في السودان ( ٣ ):الاستاذ:عبدالمنعم ابوبكر
ماسة نيوز
بسم الله الرحمن الرحيم
● المسلمون في السودان خاصة الصفوة والنخب منهم فلماذا لا يسارعون إلى الإلتزام بأصول دينهم فهي تدعوهم لما يحييهم !؟
أولا :–
أحكام بالأمر بالوحدة وجوبا في حق الأمة
والجماعة إذ يقول الله سبحانه في كتابه الكريم :–
*( وإن هذه أمتكم أمة واحدة ، وأنا ربكم فاتقون ، فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا ، كل حزب بما لديهم فرحون ) .
سورة المؤمنون ، ٥٢ ، ٥٣ .
ويقول سبحانه وتعالى :
*( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا…)
سورة آل عمران ، ١٠٣ .
*( فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به ، فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم
إليه صراطا مستقيما.)
سورة النساء ، ١٧٥ .
ثانيا ،:–
وأحكام بالنهي تحريما عن التنازع والتفرق في حق الأمة والجماعة، فيقول الله تعالى :–
*( ولا تكونواكالذين تفرقوا واختلفوا من بعد
ما جاءهم البينات ، وأولئك لهم عذاب عظيم ).
سورة آل عمران ، ١٠٥ .
*( وأطيعوا الله ورسوله ، ولا تنازعوا فتفشلوا
وتذهب ريحكم ،واصبروا إن الله مع الصابرين).
سورة الأنفال ، ٤٦ .
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
مؤكدا ومفسرا :-
*( عن أبي هريرة- رضي الله عنه – قال ، قال
رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :–
” إن الله يرضى لكم ثلاثا ، ويكره لكم ثلاثا ؛
يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ،
وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ،
وأن تناصحوا من ولاه الله عليكم ،
ويكره لكم ؛ قيل وقال ، وكثرة السؤال،وإضاعة المال “) .
رواه مسلم.
ثالثا :–
وإنزالا لحكم الله ورسوله ، من واقع النص الشرعي ، فيما هو جار بين أهل السودان المسلمين بواسطةكياناتهم الإجتماعيةوالحزبية السياسية ، فهم مخالفون ومعطلون ، لما هو واقع بين المسلمين من تنازع ومشاقة وتفرق فكأنهم راضون أو صامتون دون إنكار منهم وقد تساوى في ذلك علماؤهم وعامتهم . إذن فهم جميعا عصاة آثمون لأنهم لم يستجيبوا لأمر الله بوجوب الإعتصام بحبل الله المتين فتفرقوا . ولم يجتنبوا ما نهى الله عنه تحريما، وهو إثم التنازع ، حتى لا يفشلوا ، فعصوه عن علم ، فاقترفوه ففشلوا ، وذهبت ريحهم في العالمين .
ثالثا :–
فحكم العصيان لأمر الله بما يفرق صف الأمة المسلمة ويغري بين أفرادها العداوة والبغضاء بما يؤدي لإفشال هذه الأمة المسلمة التي هي خير أمة أخرجت للناس ، من أداء رسالتها، بل ويدمر وجودها في الأرض ، فهو حكم يعتبر التنازع والتفرق بين المسلمين هو من أعظم الكبائر الموبقات .
وإن ما تشير إليه كل هذه الوقائع التاريخية والحاضرة كلها تشهد على أن أهل السودان قد ارتكبوا هذه الموبقات فهو حكم تؤيده عشرات الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة وهو ما أجمع عليه علماء أمةالإسلام وفقهاؤها فقد أجمعوا أيضا أن الإختلاف بين المسلم وأخيه المسلم لا ينبغي أن يؤدي إلى تدابر ولا تباغض ولا اقتتال تسفك فيه دماء وتزهق روح المسلم لأخيه المسلم مثلما هو حادث بالسودان الآن ولعقود خلت .
و يقول الله سبحانه وتعالى :
(ومن يقتل مؤمنا متعمدا ،فجزاؤه جهنم خالدا فيها ، وغضب الله عليه ، ولعنه ، واعد له عذابا عظيما ) .
كما لم يقض بذلك أحد من قضاة الإسلام ولم يفت به أحد من علماء الأمة الربانيين فأمر بقتل مخالف في الرأي أو بنفيه حبساأو بضربه بل ولا حتى بتقريعه وزجره . وذلك إمتثالا لأمر الله .
ثالثا :–
فإلى إخوة الإيمان والإسلام ؛ أولئك الذين تصدوا بحق لحمل راية الدعوة في سبيل الله ربهم ، بالحكمة والموعظةالحسنة ، ولا يزالون
فظلوا لعشرات السنين قائمين على الأمر ومرابطين . وقد سبقهم ألى ذلك الأسلاف الأبرار بجهادهم السلمي ، فصار أرثا ثمينا طيبا ومباركا إن شاء الله ، فعلى هذا النحو من الجهاد السلمي كان إنتصارا لقيم عظيمة دون بغي ولا عدوان :–
*فمنهم من اتخذ اسلوب التربية نشرا للإسلام بتكثيف العبادة بابداع صور من الذكر مختلفة وبتحفيظ القرءان الكريم ، وبسلوك نهج الزهد عن الحياة الدنيا ومباهجها بالإنكفاء إلى تزكية النفس دون مبالاة بما يجري حولهم ؛ وهم أهل الطرق الصوفية .
*ومنهم من أقام دعوته على محض تحقيق التوحيد في الإعتقاد ، ولم يهتم بأمر السلطان وشؤون الحكم وسلامة المعاملات بين الناس وذلك بإيكال كل تلك الشؤون إلى الحكام
— أولوا الأمر– كيفماكانوا ؛ أساءوا أم أحسنوا أنصار السنة المحمدية ، والسلفيون .
* منهم من يرى أن الأسلام شأن فردي لاعلاقة له بشؤون الحياة العامة ، جهلا منه وقصورا في الفهم ، على الرغم من قيامه بأداء بعض أركان الإسلام أمثال الأحزاب التقليديةالطائفية وكذلك تلك التي تدعى بالتحررية ” الليبرالية والعالمانية ” متأثرة في ذلك بثقافة الغازي المسيحي الغربي. فلم تكن الدعوة إلى تحكيم شريعة الإسلام أو العودة إلى ثقافة الشعب السوداني المسلم ، لم تكن من بعض همومها ولذلك تظل تراوغ بذلك حينا بعد آخر .
أما الأحزاب “الإسلامية” المعاصرة فهي أحق من توجه إليه سهام الإتهام بالتقصير في الأمر فقد أتت بدعواها العريضة بأنها هي من يدعو إلى حكم الإسلام لكونه دينا تاما كاملا وشاملا وأنه دين صالح للحكم في كل شؤون الخلق في هذه الحياة الدنيا وفي كل زمان ومكان فالأحزاب الإسلامية تكون صادقة فيما زعمته فلابد إذن – كما ترى هذه الأحزاب – من تحكيم شريعة الإسلام ، فعدم الإيمان بذلك مع عدم العمل بمقتضى الحكم ، فهو حتما قد يودي بالناس إلى خسران مبين ؛ لأن رفض الإحتكام إلى مبادئ الإسلام وعدم الإلتزام بتنفيذفحواها يعتبر عصيانا وفسقا وكفرا ونفاقا بل وشركا والعياذ بالله ، فقد صدقت الأحزاب الإسلامية أيضا ، فيما ذهبت إليه !
فها هنا تبدو ” الأحزاب الإسلامية” كأنها نشأت لتوحيد صف حركة الإسلام بالسودان ، وكأنها جاءت لتبعث الشعب السوداني المسلم فتعيد صياغته في أمة واحدة مسلمة لله رب العالمين ولتقيم للإسلام دولة بأرض السودان – أرض الإسلام لقرون غبرت ، إذ قامت فيها ممالك وسلطنات إسلامية متعددة . وقد سبق ذكرها
إذن فهذه المهمة الكبرى توجب على الأحزاب الإسلاميةوغيرها أن تكون هي موحدةفي ذاتها معتصمة بحبل ربها المتين ، غير متنازعة ولا
متفرقة متباغضة . لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
٦) ولكن وا أسفاه فقد كانت تلك الأحزاب قد أتت باسم حركة الإسلام دين التوحيد ، والأمة الواحدة جاءت إلى مسلمين صفوفهم مبعثرة
وكياناتهم متشاكسة متنازعة متفرقة ومعظمها عن دينها غافلة. وإن علية قومها بدينها جاهلة فكانت هي ، أي الأحزاب الإسلامية ،أن صارت من أشد الكيانات تشظيا وتفرقا ومتشاقةفي السودان . فأنظر إليها كيف أنها صارت إلى ما صارت إليه ؛ إن الذي حدث لها ليس هو مرحلة من مراحل النمو والتطور ، بل هو داء عضال من التمزق والتفرق ، فوق ما عليه من سوءالتباغض والتنابز والتدابر ، وأحيانا كثيرة
كبيرة التقاتل بين المسلم وأخيه المسلم فيريق دمه عمدا ويزهق روحه بغيا وعدوانا !!؟
فحركات “الكفاح المسلح” وكثرة اعدادها أكبر
دليل والجيش في مواجهتها وعشرات المعارك
وعشرات الألوف من ” الشهداء “خلال عشرات
السنين ولا تزال المعارك دائرة ، وإن لم تكن اليوم ، فستدور غدا . فالإقتتال صار هواية وتسلية ،
فإن كانت تلك الصفات تكادتكون سمة لمعظم الكيانات الإجتماعيةوالسياسيةالسودانية سبق ذكرها بما فيها أحزاب الحركة الإسلامية أليس من المدهش ،حقا أن تكون الأحزاب الإسلامية
هي ذاتها أشدوأكثر الأحزاب السودانية تشظيا وتمزقا وتنازعا كأن لم يكن لها من هدى يعصم وحدتها إذ هي المعنية أكثر من غيرها بقضية توحيد الشعوب السودانية المسلمة ، فتأملها وهي ماضية في متوالياتها الإنشطارية داء لا دواء ، غوايةلا عناية، بل صارالتمزق لها هواية وغاية ، فهؤلاء بعض من الأحزاب الأسلامية :–
(الإخوان المسلمون * والمؤتمرالوطني*وحزب العدالة *و المؤتمر الشعبي * والإصلاح الآن* والعدالة الأصل * والقانون والتنمية * حزب المستقبل* أنصار السنة * السلفيون * الطرق الصوفية وآخرون من قبلهم ومن بعدهم لم نحصهم عددا *) .
وهناك أفراد إسلاميون كثر ، قد انسلخوا من هذا وذاك ، ثانين أعطافهم ، عجبا بما لديهم من علم ، فهاموا على وجوههم سادرين لا متحرفين لقتال ولا متحيزين إلى فئة، إنما فقداستجابوا للأهواء ، وامتثلوا للضلال ! فما أسرعهم إذ يناوشون أسلافهم من عل تبخيسا لا تصويبا ، كأنهم لم يكونوا بالأمس معهم فهم إليهم لا يرجعون ! فلا يجهدون أنفسهم بحثاعن سبيل مستقيم لعل الناس قد ينقذون
وليت هذا التشظي هو غاية المأساة ، لا، فإن مابدر من بعض هذه الأحزاب كان عداءمحكما وظلما فاحشا ضد بعضها الآخر ، فتفاقم فطال إلى درجة التجريم والسجن والتعذيب والقتل والتشريد ومصادرة الأموال و حتى المحاربة وهما وجهلا لسبل الأرزاق . والسبب هو ، فقط، “خلاف في الرأي” ، من جهة ، يقابله خوف من ذهاب الجاه والسلطان ، وطمع في المزيد من متاع الغرور ، من جهة أخرى !
فماهي أصول هذا الخلاف الشرعية والمؤدية إلى هذا التشظي المتوالي ؟ أهواء ليس إلا.
ترى فمن منح هذه الأحزاب عذرا لتسقط بلا حرج فريضة الإعتصام بحبل الله المتين من وجدانها فتبيح لنفسها ارتكاب الكبائر من الذنوب وهي التنازع والتفرق ؟
أليست هذه بظاهرة مثيرة بأن يكون الدعاة
على هذا النحو من الغفلة ؟ حقا إنها لمصيبة تستفز ذوي الأحلام والنهى فتأطرهم أطرا ليتساءلوا على أي هدى من كتاب الله محكم جعل هذه الأحزاب تستسيغ أحوالها البئيسة إيمانا وفكرا فترضى بواقع مخز جعلها تجيز بلاحرج ترك الفرائض واقتراف كل موبقة مستحلة التباغض والتنابز ، كأنها تلقتها أمرا من الله العزيز الحكيم ، وبها إليه يتقربون .
كلا ، ليس لهم من دليل أو مبرر سوى أنه الهوى المتبع والشح المطاع ، وكلاهما مضل
عن سبيل الله الذي يدعون أنهم بكتابه المجيد يمسكون .
إن كل الكيانات الإجتماعية والسياسية في السودان ، وقد سبق ذكرها ومن ضمنها أحزاب الحركة الإسلامية فهي على مختلف مناهجها في طرق نشرها للإسلام ، فهي كلها
لا تخلو من قصور بالمنهج والفهم أو لها أخطاء في الأداء أو خلل في الوسائل ، ولكن أخطرها هواتباع الهوى .فأما غير الهوى فهو من الأمور التي قد يمكن تداركها بالعلم والمعرفة وبالتطبيق السليم ، وبإحسان الوسيلة ، فأما من اتخذ إلهه هواه ، فمنذا الذي يهدي من أضل الله على علم؟!
فقدصار الشقاق والتفرق عوضاعن الإعتصام بحبل الله المتين.وقدأصبح التنازع والتباغض والتعاون على الإثم والعدوان ومعصيةالرسول عوض الإخاء والمحبة والتعاون على البر والتقوى ، فتلك قيم معكوسة واضح خطلها، ومعلوم من الدين بالضرورة فسادها، ولاتحتاج لجهد مجتهد ولا يسلكها إلا من هو قد ضل ضلالا بعيدا ، فكل العجب أن يكون ذلك نهجا لبعض أحزاب “الحركة الإسلامية” فيما بينها بل ومع غيرها .
فمتى تعودهذه الأحزاب إلى الله تائبة معتصمة بحبله المتين ، تجنبا لكل فشل؟ ومتى تجادل بعضها بعضا بالتي هي أحسن لتتمكن بالإتحاد من قيادة نظم الحياة المستقرة والآمنة في هذه البلاد ولتكون هي القدوة والأسوة ، وهي تعلم يقينا أنه لا يمكن أن ينتصر الإسلام إلا بكريم أخلاقه وسامي مبادئه وصادق الإتباع لرسول الله الكريم ذي الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم .فلعل هذه الأحزاب قد تهجر أقبح وأقذع التنابز بالألقاب فيما بينها ،أفرادا وجماعات علنا دون وقار من الصغير للكبير ولاعطفا من الكبير للصغير فما أبقوا لأدب مقدارا من قطمير !؟.
رابعا ؛
و في الختام ؛ يقول الله العزيز الحكيم :–
*( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ،فأصلحوا بينهما ، فإن بغت إحداهما على الأخرى ، فقاتلوا التي تبغي ، حتى تفيء إلى أمر الله ، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا ، إن الله يحب المقسطين * إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ، واتقوا الله لعلكم ترحمون .)
سورة الحجرات ؛ ٩ — ١٠ .
فما هو ، أمر الله ، الذي يجب أن تفيء إليه كل
عناصر الأمة — جماعات وأفرادا — إن لم يكن
هو سلامة وحدة الأمة المسلمة أو الجماعة ونجاة مكوناتها البشرية من التنازع والتفرق؟!
لقد أمر الله المسلمين بالإعتصام بحبله المتين
تمسكا بوحدتهم ونهاهم عن التنازع والتفرق، لأن عاقبتهما هي فشل المسلمين وخسرانهم للحياة الدنيا والآخرة معا .
إن وحدة المسلمين باتحادهم فريضة عظمى
تجب ملازمتها والحفاظ عليها ، ولو أدى الأمر
إلى مقاتلة المسلمين الذين هم قد يتسببون بما يهدد هذه الوحدة بأدواء التفرقة والتنازع فالإقتتال ، لأنها من كبائر الذنوب الموبقات.
إن على أحزاب حركة الإسلام في السودان أن تقلب النظر في مدى تمسكها حقا بأصول دينها ثم لتشرع فورا في التماس السبل التي
تمكن المسلمين من تجاوز المتاهات المظلمة
التي قعدت بالأمة الإسلامية لمدى قرون عدة ذاقت خلالها صنوفا من الإذلال والتخلف ومن أكبر مظاهر ذلك تفتتها وذهاب ريحها. فقد تسربت تلك الأدواء إلى شعوبهاجماعة وأفرادا
وما يحدث للأحزاب الإسلامية ليس بدعا. فلا يستهينن أحد بالأمر تبعا للأهواء فتضل الأهداف المرامةضلالا مبينا، إن اشعال النيران بالنزل ليس من وسائل اطفائها الصراخ بشتم مشعليها أو الإنتظار بلا مبالاة ، ومن يشعر بخطرها شمر وكافح ولو كان منفردا .
فهل صحيح أن اختلاف الأمة المسلمة رحمة ؟ وهي التي لا تجتمع على ضلالة ولكننا قد علمنا
من بشارات للمهتدين أنه :–
فبما مقاومة من أمةالإسلام لكل أسباب الشقاق والتفرق ؛ قد أكرمها الله سبحانه فضمن لها الرحمة ، وقد كتب لها صادق حبه سبحانه ، إن هي أصلحت ذات بينها بالعدل والقسط ، حتى ولو بمقاتلة الباغي منهم !
فعلى الذين يستاءون ممن هم قد “أفسدوا” من ” إخوانهم ” فصحيح أن الله لا يصلح ” عمل ” المفسدين ، ولكن “الفاسد” نفسه هو قابل للإصلاح :–
فعلاجه أن يذكروه بالتوبةالنصوح إلى ربه الله وألا يعينوا الشيطان على أخيهم . فقال التواب الغفار الرحيم :–
(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب
جميعا ، إن الله غفور رحيم ) .
نعم .فما جدوى الإسلام رسالة ورسلا إن لم يكن في منهجه ، كتابا وسنة ، ما يصلح به من أفسد من المؤمنين به ، أمة أوجماعة أو فردا ؟
“وإنما علة مسلمي السودان اليوم أنهم لم يرثوا تراثا من شعب موحد اجتماعيا وسياسيا ، ولم تكن لهم من وحدة تدعمهم إلا آصرة القبيلة.
وأن من عللهم كذلك أن صفوة ونخب هذا المجتمع السوداني المعاصر قد صنعت على عين المحتل الإنجليز ، ثقافة وأخلاقا واشربت قلوبهم حب الدنياوالتنازع على متاعها وغذيت عقولهم بأهداف تضلهم عن جادةأمتهم المسلمة بل وأوهمتهم أن لا نجاة لهم إلابسلوك نهج المحتل الذي يجعل دينهم الإسلام وراء ظهورهم منبوذا .
*وللأسف؛ فقد صارت عامة المجتمع السوداني المسلم أسرع استجابة لذوي القربى فتشدهم إليهم جواذب جاهلية فكان مصير العامة كالمستجير من الرمضاء بالنار .
وعلتهم كذلك تكمن في النخب والصفوة فهي أبدا فاشلة ، لما استحلت التنازع والتفرق.
فهل يمنح المتفرقون المتدابرون ومن هم للتشظي محترفون و من الذين هم كل حزب بما لديهم فرحون ، فهل هم يمنحون شعوبهم وحدة ووئاما ؟ .
*فعلى الأحزاب الإسلاميةأن تفرق بين المبادئ المحكمة والقطعية ، وبين الأحكام الظنية الإجتهادية . فما مدى موقفها من أمر الله بالإعتصام بحبل الله فهو أمر محكم ؟ فهل هو أمر للجماعة وأفرادها؟ أم لأفرادها ؟ وكذلك نهيه تعالى عن التفرق والتنازع ؟
وما أحسب الأمر والنهي إلا لكليهما ، أفرادا وجماعة . وللأمة المسلمة من قبلهم أيضا .
إذن فلتقلع الأحزاب الإسلامية عن هذا التشظي العبثي فورا ، ولتمض إلى وحدة شاملة جامعة مانعة ، ولتلتمس إلى ذلك كل الأعذار لبعضها بعضا مع الصفح الجميل .حرصا وكرامة ونكران
ذات ، أليست هي لله لا للسلطة ولا للجاه !؟
فيكون لهذه الأحزاب هم جاد عوضا عن هذا الإسفاف المتدني ، تعبيرا بالعنصرية والقبلية والجهوية مرة ، والرمي بالظنون مرسلا جزافا وهم يعلمون أن الظن لا يغني من الحق شيئا .
هدانا الله وإياكم للعمل بقوله تعالى ،:–
(والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة ، إنا لا نضيع أجر المصلحين) .
سورة الأعراف ، ١٧٠.
واستغفر الله العظيم من كل
الأخطاء جهلا مني لا تجاهلا
أوالإعتداء غفلة مني لا تغافلا.
.
التعليقات مغلقة.