تنكب طريق الحل السلمي بشأن الأزمة الشاملة المستفحلة في البلاد:د فتح الرحمن القاضي
ماسة نيوز
بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة السودانية للدفاع عن حقوق الانسان
SUDANESE HUMAN RIGHTS DEFENDERS
اختلال معايير أجهزة الدولة السودانية في التعامل مع فرقاء الأزمة السياسية
ما انفكت المجموعة السودانية للدفاع عن حقوق الانسان ترقب أوضاع حالة حقوق الانسان ومآلات تطورها مستصحبة في ذلك المنهج المؤسس علي الحقوق تعزيزاً للمساعي الحثيثة التي تبذلها قوي الثورة لتجسيد شعارات الحرية والسلام والعدالة. ويلزمنا القول ، بلا مواربة، أن الجهود الوطنية التي تستهدف تعزيز الحقوق والحريات ما زالت تمر بتحديات خطيرة في ظل اختلال المعايير التي تتبناها أجهزة الدولة السودانية بإزاء الحق في حرية التعبير والتنظيم الامر الذي افضي لتفشي الانتهاكات الخطيرة في حق الشعوب في مختلف ولايات السودان.
هذا البيان ليس معنياً باجراء تقويم شامل لحالة حقوق الانسان بالبلاد منذ اندلاع ثورة ديسمبر حتي الان ، بيد أن المجموعة تقرع أجراس الانذار منبهة لخطورة المفارقات العظمي علي مستوي الفكر والسلوك في مضمار حقوق الانسان في ظل أزمة الوعي التي تعايشها العديد من الجماعات والنخب الامر الذي تسبب في الحاق اضرار جسيمة بمنظومة الحقوق والحريات علي امتداد القطر السوداني . ونحن هنا لسنا في مقام التذكير بكارثة فض اعتصام القيادة العامة التي لم يجد مئات الضحايا والمصابين جرائها أدني قدر من الانتصاف ، ولسنا بصدد التذكير باعداد القتلي الذي جاوز ال 120 شهيداً منذ 25 اكتوبر 2021 م وما حدث بينهما من خروقات جسيمة فما يزال القتل واهدار الكرامة الانسانية مستمراً مع اتساع دوائر الازمة وتراكم اثارها.
في ظل هذا الليل البهيم ظهرت بارقة امل تتمثل في انسحاب المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي ، وهي بلا شك فرصة سانحة يتوجب علي القوي السياسية بمختلف توجهاتها ومشاربها ، باستثناء القوي المستهدفة بالثورة ، اغتنامها لتطوير الوثائق والدساتير التي تحكم ما تبقي من الفترة الانتقاقية بيد ان التشاكس والصراع ما زال سيد الموقف مما ينذر باشنع المالات وأوخم العواقب علي سائر جماهير ااشعب التي تعاني من ويلات الجوع والفقر والمسغبة ؟!!.
في ظل هذا الاضطراب الذي يسم المشهد السياسي وما يصاحبه من استقطاب حاد بين مؤيد لخيار معين أو مناهض له تكاد قضية التسوية وفق معيار الحد الادني من التوافق تتبدد من بين ايدينا لينزلق الوطن بأكمله في صراعات عبثية دامية وهذا ما نشهده بام أعيننا في مختلف أنحاء البلاد. من الطبيعي أن يدفع كل طرف او فصيل بمبادراته ورؤاه الدستورية ومواثيقه السياسية للخروج من نفق الازمة ولكن المعضلة التي نحن بصددها هي التزام كل طرف بسياج منيع محصنا نفسه ضد سماع الراي الاخر مما يجعل من نجاح الحوار ضرباً من المحال، وهكذا لم يجد مشروع الدستور الذي تمخض عن مبادرة تسييرية المحامين فرصة للتعاطي الهادئ في حين يمكن التامين علي بعض ما جاء فيه من مرتكزات مع التحفظ علي اجزاء اخري لا تتسق مع قيم الامة السودانية ومعتقداتها ووضعه بين أقواس وادارة حوار بناء حول نقاط الخلاف من أجل التوصل لمشروع الحد الادني وهذا ما يجري العمل فيه في سائر الوثائق الوطنية والدولية موضع الخلاف وهذا مقتضي الرشد والمهنية الحقة، اما النزوع نحو الرفض المطلق لاي مبادرة كانت مع عدم تقديم البديل الملائم فلن يسهم بحال سوي اطالة امد الازمة ومفاقمة معاناة الشعب وآلامه. ومن هذا المنطلق تجدد المجموعة مبادرتها للمساهمة ، رفقة آخرين، في تجميع المبادرات المطروحة وتصنيفها واستنباط نقاط التلاقي والافتراق في مسعي لبلوغ الحد الادني من التوافق علماً بان الفروقات بين المبادرات المطروحة ليست بالكبيرة وربما كانت الاخلافات فيما بينها متوهمة اكثر من كونها خلافات جوهرية. ومن هنا تدعو المجموعة سائر الاطراف السياسية والمجتمعية الي نبذ دواعي الفرقة والاقصاء والتنادي الي وفاق جامع ، باستثناء الفئات التي استهدفتها جماهير الشعب بالثورة، من اجل التوافق علي اليات ومناهج حكم السودان خلال الفرة الانتقالية وصولاً الي انتخابات حرة يحتكم اليها اهل السودان .
والي ان يصار الي حسم الخلافات تري المجموعة ان من حق كل طرف ان يعبر عن نفسه وان يسمع صوته بلا عوائق الي متخذي القرار والشارع العريض علي حد سواء في اطار التمتع بالحق في التعبير والتنظيم وفق المواثيق الدولية والوطنية لحقوق الانسان وهذا امر مشروع، بيد ان المجموعة تنعي علي الجهات المنفذه للقانون فضلا عن مجلس السيادة اعتمادها لنهج تمييزي في التعامل مع مختلف الاطراف السياسية والمجتمعية الناشطة في الساحة فليس مقبولاً ان تسد المنافذ وتغلق الكباري امام طرف بعينه ، الحرية والتغيير ولجان المقاومة في هذه الحالة ، بينما يتم تيسير حراك الطرف الاخر ممثلاً في نداء السودان لدرجة تمكينه من الاحاطة بمقر البعثة الاممية، وهذا فوق كونه يعد نهجاً تمييزا معيباً فانه يضع الاجهزة المنفذة للقانون فضلاً عن وزارة الخارجية ومن خلفها مجلس السيادة في موضع تساؤل واستنكار واسع بازاء عدم الوفاء بالتزاماتهما تجاه اتفاقية فينا المنظمة للبعثات الدبلوماسية ، فضلاً عن تجاهل فيم الاسلام التي تحض علي احترام السفراء طالما كانوا بين ظهرانينا لا اشاعة خطاب الكراهية.
وفي الوقت الذي لا تري فيه المجموعة اي غضاضة في تطوير نهج مناهض بازاء البعثة الاممية ورموزها في السودان فانها في ذات الوقت تستنكر وتدين التعدي المباشر علي مقار البعثة الاممية او استهداف رموزها بخطاب اللكراهية او التهديد بالطرد . ومع جزيل تقديرنا لحرية الاطراف كافة في التعبير عن رؤاها تجاه البعثة الاممية الا اننا نود ان نذكر بان البعثة الاممية لم تاتي من تلقاء نفسها وانما تم استدعائها بطلب من حكومة السودان وما زال الطلب سارياً لم يتم الغائه حتي الآن، علماً بأن طلب الاستدعاء تم اعتماده وتعزيزه بواسطة قرار مجلس الامن الدولي تحت البند السابع، ثم ان البعثة الاممية لا تستطيع تجاوز اطار اختصاصها المتمثل في دعم الفترة الانتقالية علي المستوي السياسي والدبلوماسي والانمائي مما لا يتسني للبعثة انجازه مع انحلال مؤسسات الدولة الرقابية والتشريعية والتنفيذية ، فضلاً عن أن البعثة لا يمكنها الاضطلاع بدور الميسر مع عزوف فرقاء الازمة السياسية عن ادارة حوار هادف وبناء فيما بينهم لانجاز التسوية المرتقبة ؟!!. ومع ذلك فإذا ما أرادت بعض الطوائف السياسية إلغاء تفويض البعثة الاممية فان الاليق ان تتوجه مباشرة الي القصر الجمهوري مقدمة التماسها للفريق عبد الفتاح البرهان لالغاء مهمة البعثة الاممية بدلاً من توجيه المناصرين بالتوجه الي البعثة الاممية لتهديدها بالبطرد لان البعثة الاممية لا يمكن ان تلغي تفويضها بنفسها او تخالف اطار اختصاصها، ولعمري فما جدوي الطعن في ظل البعثة الاممية بينما تتحاشي هذه الفئات الطعن المباشر في فيل مجلس السيادة أي موضع القرار بالابقاء علي البعثة الاممية او الاستغناء عن خدماتها وانها تفويويضها ؟!. إن المجموعة لتعجب أشد العجب تجاه موقف وزارة الخارجية والاجهزة الامنية ومن ورائها مجلس السيادة الذي يتراس اللجنة الوطنية للتعامل مع الامم المتحدة في عدم التصدي لحماية مقار البعثة الاممية وتامين رموزها ضد خطاب الكراهية مما يوقعهم جميعا في مظنة الاخلال باتفاقية فينا الخاصة بالتعامل مع البعثات الدبلوماسية ومن ضمنها البعثة الاممية بالسودان وهذه رسالة واضحة تضعها المجموعة في بريد هؤلاء أولاً.
أما الرسالة الثانية فهي كيف يتسني لأجهزة انفاذ القانون أن تكون حريصة علي حماية مجلس السيادة للدرجة التي تفرض فيها اغلاقاً شاملاً علي العاصمة بكباريها وهي تهرع للحيلولة دون بلوغ المتظاهرين مدخل شارع القصر من جهة شروني مستخدمة في ذلك مختلف الوان القمع ، بينما تسمح لفئة اخري من المتظاهرين باقتحام الشارع المؤدي للبعثة الاممية وبث خطاب الكراهية الامر الذي يجعل مجلس السيادة يبدو حريصاً علي حماية رموزه من غضبة الثوار اكثر من كونه حريصاً علي حماية مقار البعثات الدولية ، وهذا يمثل قمة العيب.
وفي ظل الحيرة التي تكتنف القائمين علي امر الالية الوطنية في كيفية التعامل مع البعثة الاممية فان المجموعة تجدد تقديم تصورها القاضي بانشاء الية وطنية للبعثة الاممية وهو تصور شامل تم تقديمه من قبل ولكنه لم يلق اذناً واعية. وهنا تبدي المجموعة استعدادها للتعاطي مع أجهزة الدولة فضلاً عن البعثة الاممية ورئيسها فولكر بيرتس من اجل تمكين البعثة من الوفاء باطار اختصاصها بما يخدم الاجندة الوطنية بمعزل عن دعاوي الكراهية والتهديد.
الخرطوم في 30 أكتوبر 2022 م
د. فتح الرحمن القاضي، رئيس مجموعة المدافعون السودانيون عن حقوق الانسان
Dr. Fath Elrahman Elgadi, Chairperson, Sudanese Human Rights Defenders
TEL: +249912219666 / E – Mail: elgadi100@gmail.com
التعليقات مغلقة.