السكة الحديد وعمال الدريسة مع “الترولي”
بدوي ابوالخيرات
رؤية تعمق مفاهيم الادارة والمدرسة والعمل… لماذا التدريب ؟ ولماذا الدراسة ؟ أسئلة نتطرق إليها حول هذا المقام نعكس الحالة الإجتماعية والثقافية داخل هذه المؤسسة علي أن نتعرف كيف يعيش العاملون ومزايا العمل أذ يقومون به وذلك من خلال سلسة من الكتابات التوثيقية تعريفاً بام المصالح كما يطلق عليها قديماً برؤيتها ودعمها غير المحدود للمؤسسات والمتجمعات السكنية بمختلف مساراتها بببلادنا .
عمال الدريسة أكثر الفئات العميقة ترابطاً تشد بعضها بعض يعيشون في المدن والمحطات الخلوية علي طول شريط السكة الحديد ببلادنا يعملون علي هندسة السكك الحديدية وناخذ في هذا السرد مكانة السكة الحديد التي ربطت منسوبيها ربط إجتماعي وثقافي وقومي دفعت بدورها الي تبادل المعارف المتعددة في المعلمة وتوصيل ذلك بمفهوم العمل ومكونهم القومي ، فمنذ أن أنشأة السكة الحديد هدفت الي تقديم الخدمات الأساسية في نقل البضائع والمسافرين من انحاء البلاد كافة حققت إستقراراً وانشئت مدن علي مساراتها وقدمت خدمات التعليم والصحة والمياه اضافة الي انسانها فجعلت منه قوة مترابط دقيقة في التوقيت والعمل .
كانت صافرة التمام الصباحية دقيقة بحضور العمال للعمل وتنظيم الوقت حيث يعمل عمال الهندسة المدنية (عمال الدريسة في هندسة الخطوط الحديدية واصلاح التلف ، تتكون افرادهم من ثمانية الي ثلاثة عشر في المحطات الخلوية توكل اليهم الصيانة للخط الحديدي يقومون في الصباح الباكر بالتمام وعلي راسهم مسئول هندسة (حكمدار الدريسة) له إلمام تام بطرق العملية الهندسية للخط وإدارة أعمال وكتابة التقارير اليومية تبلغ بها رئاسة قسم الهندسة الذي يقع في رئاسة الإقليم وتبني عليها حركة القطارات وتحديد سرعات القطارات في بعض الأماكن التي لا تتحمل سرعات فائقة لتلافي الحوادث وهو قد تلقي دروساً عن الهندسة بمدرسة الحكمدارات بعطبرة أهلته ليقوم بصفة هندسية وإدارية يحمل جميع المسئوليات وتعلم من خلالها كتابة التقارير والإدارة .
بعد أداء عملية التمام اليومية يذهبون الي حدود محطاتهم لإجراء عمليات الإصلاح وتقوية جسور الخط الحديد يستغلون عربة “التر ولي” ذات الدفع الرباعي يدوياً يعمل علي قيادتها الجماعية أربعة أو خمسة من عمال الدريسة ويجلس حكمدار الدريسة وبجانبه عاملين آخرين من خلال سير “الترولي” يتعرف علي الأماكن التي تحتاج لصيانة فينزلون ويضعون أدواتهم ويبدأون في العمل الي نهاية الإصلاح ، وقد يتناولون وجبة الافطار بعد بدايات المقطوعيات بما يحملون من كور مربوطة بفوط ملونة أو مناديل كبيرة وهي وجبة قد أعدتها اسرهم في الصباح الباكر مختلفة الأطعمة من القراصة والكسرة ، عندما يعودون وفي تمام الساعة الثانية والنصف يضرب الجرس ثلاثة ضربات قوية تسمعها ربات البيوت وهو الميقات المحدد لوجبة الغداء فيقمن بتجهيز الماكولات وتتراص الصواني والصحون المغطاة في الضراء وهي سلوكيات تعودوا عليها وغدت سمة من سماتهم علي مدار الخط الحديدي في كل السودان ثقافة عمالية مرتبطة ببعض يودونها ويستقبلون الضيوف ويعدون الطعام لضيافتهم وتمتد جلسة الإنس وشرب الشاي والقهوة وقد ازال عنهم رهق العمل وجددت لديهم النشاط الاجتماعي .
سنواصل ما انقطع من حديث عن هذه المؤسسة الرائدة التي ضمت بجانب العمل رفع قدرات منسوبيها بمدارس الهندسة والإدارة والإتصال وواصلت بهم التمام العمل التدريبي برفع المهارات والانتاجية.
التعليقات مغلقة.