السلطان دوسة عبدالرحمن فرتي،،وظلم التاريخ!!!بارود صندل رجب/المحامي
ماسة نيوز
تم تدشين كتاب عن سيرة السلطان دوسة من تاليف المهندس عبد الجبار محمود دوسة،،وقد تعذر علي حضور المحفل الضخم كما لم اطلع بعد علي الكتاب،،ولمعرفتي بالمهندس عبدالجبار فهو باحث مدقق وقد رفد المكتبة السودانية بكتابات ثرة اتسمت بالموضوعية والتزمت بمنهجية البحث في الاعتماد علي الوثائق والاحصائيات،،خاصة كتابه الموسوم(دارفور وأزمة الدولة في السودان)وعطفا علي ذلك فان كتابه عن جده لابد انه اعتمد علي وثائق لا سيما ان وجوده بالمملكة المتحدة يتيح له الفرصة للاطلاع علي الوثائق المفرجة عنها حسب القوانيين البريطانية،،ومع ذلك فهو غير محايد بطبيعة الحال كونه يتناول سيرة جده السلطان دوسة ،،ولكن تكمن قيمة البحث في انه يفتح المجال لباحثين مدققين للتنقيب عن سيرة السلطان دوسة ودوره في ارساء حكم البلاد،،،
هذا السلطان والذي ظل يتربع علي كرسي السلطة لاكثر من ستين عاما في منطقة حدودية تموج بالاضطرابات ولا تكاد تستقر علي حال،،منطقة تداخلت فيها اطماع الاستعمار وتقاطعت مصالحها،،الصراع الانجليزي الفرنسي،،،وداخليا تعددت النزاعات والصراعات علي السلطة بين الابعدين والاقربين أيضا ووسط هذه الامواج المتلاطمة تمكن السلطان دوسة بقدراته الذاتية ان يقود سفينة الحكم طيلة هذه الفترة ويؤسس سلطنة علي ضيق مساحتها تنافس سلطنات اكبر منها حجما وأعرق تاريخا ذلك ان دل علي شئ فانما يدل علي شخصية متفردة اكتسبت دربة في كيفية ادارة الحكم،،،
لم تحظ شخصية السلطان دوسة باي اهتمام رسمي من الدولة بل تجاهلت الدولة دورها في ترسيم الحدود والمحافظة عليها،،اما التاريخ فلا ذنب له فهو مجرد شاهد للشخصية ان احسنت وشاهد عليها ان اساءت،،ولكن الذين كتبوا تاريخ هذه البلاد وغالبهم اجانب لم يكونوا امينين ولا محايدين في كتابة التاريخ،،،وحتي قليل الوطنين الذين سطروا تاريخ هذه البلاد ربما بحسن نية او بغير حسن ركزوا علي مناطق بعينها متتبعين تاريخها وابطالها مدخلا ومخرجا واكثروا من تمجيد اشخاص لم يفعلوا عشر ما فعلته شخصيات من امثال السلطان دوسه وغيرهم كثير،،لم يجدوا موقعا يليق بهم وبعطائهم خرجوا من اي ذكر لهم في التاريخ،،،ظلت جهودهم منكورة ومنسية،،،لا يذكرهم احد حتي من باب التوثيق لتاريخ البلاد،،،هذه البلاد علي سعتها وتنوعها تسيطر عليها ثقافة واحدة في ظاهرة استلاب للثقافات المتنوعة والعريقة،،واظنني لا اجانب الحقيقة ان قلت ان هذا المنهج الاستلابي هو احد الاسباب الرئيسية لتخلف البلاد،،
ولان الدولة السودانية ما زالت في طور التخلق ، يجب ازالة الغبار بل الادران التي رانت علي سجلات شخصيات تاريخية لعبت ادوارا علي المستوي المحلي والوطني،،،
يستحق السلطان دوسة ان يكرم ويضم الي سجل القادة الكبار ليتبؤا مقعده بينهم،،ولو تجاوزنا دوره كحاكم وسلطان فان تاثيره واثره في البلاد ما زال قائما عبر انجاله الذين نالوا ارفع الدرجات العلمية وخدموا البلاد في الخدمة المدنية والقوات النظامية وفي القيادة السياسية،،،وزراء وبرلمانين وهلمو جرا،،،
اما احفاده وفروعه ان نزل فحدث ولا حرج،،انتشروا في اركان الدنيا وفي كل موقع لهم قدم التفوق،،،ولولا ان
بلادنا تفتقر الي معاهد ومراكز بحثية تدرس الظواهر الاجتماعية وتحللها،،،فان الاثر الباقي والممتد للسلطان دوسة فرتي يستحق عليه التكريم كونه لم يسبقه عليه الا نفر قليل،،،
لم يعد هذا السلطان ملكا خاصا لعشيرته وذريته ولكنه كنز وطني يرفع له الذكر،،،
لعل الكتاب يشجع الباحثين علي التنقيب في سير عظماء تجاهلهم كاتبي تاريخ هذه البلاد لا بد من انصافهم وان تاخر،،،التحية للاخ عبدالجبار علي جهده وسبقه في فتح هذا الملف الشائك،،،
التعليقات مغلقة.